أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 696 - إغتيال الكونت برنادوت: الرصاصات التي أسست لإرهاب الدولة في إسرائيل















المزيد.....

طوفان الأقصى 696 - إغتيال الكونت برنادوت: الرصاصات التي أسست لإرهاب الدولة في إسرائيل


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

2 سبتمبر 2025

في مقاله المنشور بتاريخ 31 أغسطس 2025 في منصة مؤسسة الثقافة الإستراتيجية، يسلط الباحث الروسي ديمتري نيفيودوف الضوء على جذور المأساة الفلسطينية من خلال إستعادة جريمة إغتيال الكونت برنادوت، الوسيط الأممي الذي دفع حياته ثمنًا لمحاولته صياغة تسوية عادلة. ما يجعل هذه القصة أكثر إيلامًا أن دماء الوسيط الدولي الأول للأمم المتحدة ما تزال تصرخ دون عدالة حتى اليوم، وأن الدوامة الدموية في غزة وباقي فلسطين تذكّر بما كتبه نيفيودوف: «الوضع الحالي في غزة … يشبه إلى حد كبير الوضع في الشرق الأوسط في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات».

برنادوت: الدبلوماسي الذي سبق زمانه

الكونت برنادوت لم يكن رجل سياسة عاديًا، بل شخصية إنسانية بارزة في الصليب الأحمر السويدي. خلال الحرب العالمية الثانية، قاد مبادرة "الحافلات البيضاء" التي أنقذت آلاف الأسرى من معسكرات النازية. لكن بصمته الكبرى جاءت في فلسطين، حين طرح تصورًا للتسوية يقوم على العدالة وحق العودة. وهو ما عبّر عنه بقوله: «لا يمكن أن تكون أي تسوية عادلة وكاملة إذا لم يتم الإعتراف بحق اللاجئ العربي في العودة إلى المنزل الذي طُرد منه بسبب مخاطر وإستراتيجيات الصراع المسلح بين العرب واليهود في فلسطين».
هذه العبارة ظلّت بمثابة شهادة دولية مبكرة تثبت أن جوهر الصراع ليس حدودًا أو سيادة فحسب، بل حقوق شعب طُرد من أرضه.

الاغتيال: حين تُقتل العدالة بالرصاص

في 17 سبتمبر 1948، قُتل الكونت برنادوت بست رصاصات على يد منظمة «ليهي» (عصابة شتيرن) الصهيونية. اللافت أن السلطات الإسرائيلية لم تحاول إعتقال المنفذين، فيما وصف مجلس الأمن الجريمة بأنها: «عمل جبان، إرتكبته مجموعة إجرامية إرهابية في القدس، بينما كان ممثل الأمم المتحدة يؤدي مهمته السلمية».
لكن الأخطر من الجريمة نفسها كان غياب المحاسبة، وهو ما وصفه نيفيودوف بدقة: «جريمة قتل الكونت برنادوت لا تزال دون عقاب».
هذا الإفلات من العقاب شكّل سابقة خطيرة، وأرسل رسالة بأن العنف يمكن أن يفرض نفسه على حساب الشرعية الدولية.

إرث برنادوت: مشروع عادل سبق أوانه

خطة برنادوت تضمنت رؤية متوازنة:
•عودة اللاجئين أو تعويضهم ماليًا.
•ضبط الهجرة اليهودية بشروط محددة.
•تدويل القدس وإدارة مشتركة للمرافق الحيوية مثل ميناء حيفا ومطار اللد.
•بناء ميناء في غزة يمنح الفلسطينيين متنفسًا إقتصاديًا (لم يُبنَ حتى اليوم).
لكن هذه الرؤية المتوازنة وُوجهت برفض صريح من الطرفين، إذ رآها العرب تنازلاً، بينما إعتبرتها القيادة الصهيونية تهديدًا لمكاسبها العسكرية.

من «ليهي» إلى الدولة: صعود القتلة إلى السلطة

لم يكن إغتيال برنادوت مجرد عمل إرهابي عابر، بل جزءًا من سياق. فالمنظمة المسؤولة عنه، «ليهي»، كانت تمارس الإرهاب ضد البريطانيين والعرب، وأحد قادتها إسحاق شامير أصبح لاحقًا رئيس وزراء إسرائيل. نيفيودوف يذكّر بهذه المفارقة: «إن مخطط إغتيال برنادوت … حقق مسيرة سياسية ناجحة، وتولى منصب رئيس الوزراء مرتين، متفاخرًا بـ"إنجازاته"».
إنها صورة صارخة لكيف يتحوّل العنف إلى سلطة، والإرهاب إلى شرعية سياسية.

غزة اليوم: الكاروسيل الدموي بلا تاريخ إنتهاء

حين نقرأ الواقع الراهن في غزة، من حصار وحروب متكررة، نجد أن التاريخ لم يغادر مكانه. ما زالت مشاريع «إعادة الإعمار» تُطرح من قبل أطراف دولية (بلير، كوشنر) بنفس المنطق القديم: تكريس الإحتلال تحت غطاء التسويات الإقتصادية.
وهذا ما عبّر عنه نيفيودوف بوضوح: «يمكن التكهن بثقة بفشل محاولتهم الجديدة هذه، والتي تهدف في الواقع إلى تكريس إحتلال الأراضي الفلسطينية بشكل دائم».

خاتمة

إغتيال الكونت برنادوت لم يكن فقط قتل رجل، بل قتل فرصة لتسوية عادلة مبكرة. ومع غياب العدالة وإستمرار الإفلات من العقاب، تحوّلت فلسطين إلى مسرح لدوامة دموية بلا نهاية. إن إستحضار إرث برنادوت اليوم يذكّرنا بأن أي تسوية حقيقية يجب أن تبدأ من الإعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، لأن التاريخ أثبت أن محاولات القفز عليها محكوم عليها بالفشل.
اغتيال برنادوت لم يكن نهاية رجل، بل كان بداية حقبة. رصاصات «ليهي» أسست لإرهاب الدولة، حيث يصبح القاتل زعيمًا، والجريمة «إستراتيجية»، والقانون الدولي ورقة تُلقى في سلة المهملات.
وحتى تُفتح ملفات تلك الجريمة، وحتى يُعاد الإعتبار لكلمات برنادوت عن حق العودة، سيظل الدم الفلسطيني يدور في الكاروسيل نفسها: بلا تاريخ انتهاء.

*****
هوامش
▪️منظمة ليهي (المعروفة أيضًا بـ"عصابة شتيرن") كانت تنظيمًا صهيونيًا مسلحًا متطرفًا تأسس عام 1940، نفذ عمليات اغتيال وتفجيرات ضد البريطانيين والعرب في فلسطين. عُرفت بتبنيها الإرهاب كأداة سياسية، ومن أبرز عملياتها اغتيال الكونت فولكه برنادوت عام 1948.
▪️أبرز قادة وأعضاء منظمة ليهي (عصابة شتيرن) كانوا:
•أبراهام شتيرن: مؤسس المنظمة وقائدها الأول حتى مقتله عام 1942.
•إسحاق شامير: أحد أبرز القادة بعد مقتل شتيرن، أصبح لاحقًا رئيس وزراء إسرائيل مرتين.
•ناتان يلين-مور: قائد سياسي للمنظمة بعد الحرب العالمية الثانية، انتُخب عضوًا في الكنيست.
•إسرائيل إلياهو ويهوشع زايتلر: من القادة الميدانيين المسؤولين عن عدة عمليات.
•يهوشع كوهين: المنفذ المباشر لاغتيال الكونت فولكه برنادوت.

▪️قائمة موجزة بأشهر عمليات منظمة ليهي (عصابة شتيرن):
1. اغتيال اللورد موين (1944)
وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في القاهرة، قُتل على يد اثنين من عناصر ليهي، في رسالة مباشرة ضد السياسة البريطانية.
2. تفجيرات في القدس وتل أبيب (1944–1947)
سلسلة هجمات بالقنابل والسيارات المفخخة ضد مواقع بريطانية، مراكز شرطة، وخطوط سكك حديدية.
3. اغتيال الكونت فولكه برنادوت (17 سبتمبر 1948)
الوسيط الدولي للأمم المتحدة في فلسطين، قُتل بالرصاص في القدس لأنه اقترح عودة اللاجئين الفلسطينيين وتدويل القدس.
4. الهجوم على قطار حيفا – القاهرة
نسف قطار كان ينقل جنودًا بريطانيين، وأدى إلى مقتل وجرح العشرات.
5. التعاون مع إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية (1940–1941)
محاولات لعقد إتفاق مع موسوليني وهتلر ضد بريطانيا، وهو ما سجّل على ليهي كأخطر تنظيم متطرف في الحركة الصهيونية.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا خسر الغرب رهانه في أوكرانيا؟ عشرة عوامل حاسمة
- طوفان الأقصى 695 - حرب الإستنزاف في غزة وتحوّلات المشروع الإ ...
- طوفان الأقصى 694 - غزة تمزّق «الميركافا»: حين تحوّلت أسطورة ...
- وزارة الخارجية الروسية تدين التصريحات -المشينة والصارخة- من ...
- طوفان الأقصى 693 - غزة بين «عجلات جِدعون» ومشاريع التهجير
- طوفان الأقصى 692 - نتنياهو و-فكرة إسرائيل الكبرى-: عودة شبح ...
- طوفان الأقصى 691 - إسرائيل تفتح «أبواب الجحيم» في غزة
- ألكسندر دوغين - ترامب الذي صنع التعددية رغمًا عنه: حين يسخر ...
- طوفان الأقصى 690 - لم يتبقَّ سوى الإبادة: نتنياهو يغامر بلعب ...
- طوفان الأقصى 689 - لماذا تبدو الحرب الثانية بين إسرائيل وإير ...
- من يزعج الدب في عرينه؟
- طوفان الأقصى 688 - التحولات في صورة إسرائيل عالميًا - في ضوء ...
- ألكسندر دوغين - نجاح ألاسكا… لكن ماذا بعد؟ (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 687 - سوريا بين فوضى الجهاديين وجرائم إسرائيل
- طوفان الأقصى 686 - قمة ألاسكا والشرق الأوسط
- ألكسندر دوغين مفكر الكرملين يحذر من الكارثة: التفاوض قبل الن ...
- طوفان الأقصى 685 - الصهيونية هي ما تفعله
- مقابلة لافروف مع التلفزيون الروسي - المقاربة الروسية لأزمة أ ...
- طوفان الأقصى 684 - إنقاذ نتنياهو بين وهم -ما بعد الحداثة- وا ...
- قمة ألاسكا وتحوّلات الخطاب الروسي: قراءة في ثلاثة مقالات لأل ...


المزيد.....




- ترامب يؤكد: -لست ديكتاتورًا-.. لكن مؤشرات -الحكم السلطوي- تت ...
- -مكسب حقيقي-! - شتوتغارت يتعاقد مع المهاجم المغربي بلال الخن ...
- يختبئ أياما بخيمة ليلتقط صورة واحدة.. ما قصة المغربي عبد الغ ...
- هل تريد إسرائيل ضم الضفة أم مجرد تكتيك لمآرب أخرى؟
- مشروع إسرائيلي لضم الضفة.. تفهم أميركي وسط تحذير من العواقب ...
- -مسار الأحداث- يناقش موقف نتنياهو من الحرب في ظل الدعم الأمي ...
- محللون: ترامب يعادي الفلسطينيين والتوصل لاتفاق في غزة يبدو ب ...
- انتقادات لروبي بالـ -الخروج عن اللياقة- في حفلها بالساحل الش ...
- مسؤول إسرائيلي عن -غارة صنعاء-: واحدة من أسرع عملياتنا.. ويو ...
- -بالمعدل الذي يقتل فيه الجيش الإسرائيلي الصحفيين في غزة، لن ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 696 - إغتيال الكونت برنادوت: الرصاصات التي أسست لإرهاب الدولة في إسرائيل