أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - مقابلة لافروف مع التلفزيون الروسي - المقاربة الروسية لأزمة أوكرانيا وحدود الغرب في فهم الأمن والتاريخ















المزيد.....

مقابلة لافروف مع التلفزيون الروسي - المقاربة الروسية لأزمة أوكرانيا وحدود الغرب في فهم الأمن والتاريخ


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 12:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

21 أغسطس 2025

مقدمة

تعكس مقابلة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتاريخ 19 أغسطس 2025 تحولاً لافتاً في الخطاب الدبلوماسي الروسي، خاصة مع التفرقة الواضحة بين تعامل موسكو مع الإدارة الأمريكية ومراكز صنع القرار في العواصم الأوروبية. يظهر من المقابلة أن روسيا ترى في أوروبا طرفاً فاقداً للسيادة السياسية، غارقاً في إزدواجية المعايير، بينما تعتبر أن لدى واشنطن – في ظل تيار ترامب – إستعدادًا للتفكير في جذور الأزمة.
كما تقارب موسكو الأزمة الأوكرانية عبر منظومة مفاهيم تشمل الهوية التاريخية، مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة، نقد الليبرالية الجديدة، وإعتبار حقوق الناطقين بالروسية جزءاً من شرعية الدولة. وفيما يلي عرض موضوعي لأبرز محاور هذه المقابلة المهمة.


أولاً: رمزية الإتحاد السوفياتي والهوية التاريخية

أوضح لافروف أن إرتداءه تي شيرت يحمل شعار(СССР ) كان أمراً عادياً وليس خلفه أي رسالة توسعية. وإعتبر أن الرموز السوفياتية هي جزء من التاريخ الوطني، وأن الشباب في الجامعات الروسية يعيدون إرتداء هذه الرموز كنوع من التعلق بالذاكرة التاريخية. وهو يرى أن هذا التعبير لا علاقة له بإحياء "الفكر الإمبراطوري"، بل هو شكل من أشكال الإنتماء الثقافي، مصحوب بروح الفكاهة.

ثانياً: أجواء قمة أنكوراج مع الولايات المتحدة

أشاد لافروف بالأجواء الإيجابية التي سادت قمة أنكوراج مع الأمريكان، مؤكداً أن إدارة ترامب أظهرت رغبة حقيقية في التوصل إلى حلول طويلة المدى ومستقرة. وهي في هذا تختلف عن الجانب الأوروبي الذي يطالب فقط بوقف القتال مع الإستمرار في تسليح كييف، ما يعني – بنظره – غياب الرغبة في معالجة الأسباب الجذرية للصراع.

ثالثاً: النقد الموجه للقوى الأوروبية

وجه لافروف إنتقادًا لاذعاً للقوى الأوروبية، متهماً شخصيات مثل ميرتس، فون دير لاين، ماكرون وستارمر، بتجاهل حقائق الأزمة، بل وتزييف الواقع عبر ترديد رواية "العدوان الروسي غير المبرر". أوروبا – حسب رأيه – تفكر بمنطق العقوبات فقط، دون أن تتطرق إلى أصل الأزمة أو وضع السكان الروس في أوكرانيا.

رابعاً: إزدواجية المعايير الغربية في مسألة حقوق الإنسان

إعتبر لافروف أن الغرب يستخدم ملف حقوق الإنسان كورقة إنتقائية. بينما يهاجم دولاً مثل الصين وفنزويلا وروسيا، فإنه يتجاهل تماماً إنتهاكات كييف للغة الروسية وإضطهاد الكنيسة الأرثوذكسية. ولفت إلى أن أوكرانيا أصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر فيها لغة ما على مستوى الدولة، دون أي تنديد غربي.

خامساً: الدستور الأوكراني والتناقضات الداخلية

ذكر لافروف أن الرئيس زيلينسكي يرفض التفاوض حول الأراضي بدعوى أن الدستور يمنعه، بينما يتجاهل أن الدستور ذاته ينص على وجوب حماية حقوق الروس والأقليات القومية. وهذا في نظره يُظهر أن أوكرانيا تتعامل مع الدستور بإنتقائية. فالدستور يُستخدم حين يخدم الأجندة السياسية، ويُهمل تماماً حين يتعارض معها.

سادساً: توسع الناتو وخرق الوعود الأمنية

أكد لافروف أن وعود عدم توسع الناتو شرقاً لم تكن شفهية فقط بل مكتوبة في وثائق قمم إسطنبول 1999 وآستانا 2010، والتي نصت على مبدأ "الأمن المتكافئ غير القابل للتجزئة". إلا أن الناتو توسع خمس مرات بعدها، وهو ما قدّم لموسكو سبباً مركزياً لرؤية الأزمة في أوكرانيا كتهديد لأمنها القومي، وليس مجرد نزاع مع دولة مجاورة.

سابعاً: قمة ألاسكا وتبدل الموقف الأمريكي

قال لافروف إن قمة ألاسكا سمحت لروسيا بأن ترى أن الإدارة الأمريكية الجديدة مستعدة للبحث عن جذور المشكلة وليس مجرد تكرار الدعاية الغربية. وقد أكد ذلك إتصال هاتفي لاحق بين ترامب وبوتين، تحدث فيه ترامب عن لقاءاته مع زيلينسكي معبّراً عن فهم أعمق للمشكلة.

ثامناً: مقارنة مع حرب فنلندا 1944 ودروس التاريخ

إستشهد لافروف بتجربة فنلندا بعد الحرب العالمية الثانية حيث إضطُرت للتنازل عن أراضٍ لكنها حظيت لعقود بعلاقات إقتصادية ممتازة مع موسكو نتيجة إلتزامها بالحياد. ويرى أن فنلندا اليوم، بإنضمامها للناتو، فقدت تلك المكاسب. وهو يؤكد أن روسيا ليست بصدد "التوسع" وإنما تعتبر مسألة الأراضي مرتبطة حصرياً بحماية الروس تاريخياً وثقافياً.

تاسعاً: هدف روسيا الحقيقي في أوكرانيا

أكد أن موسكو لم تذهب إلى القرم أو دونباس بهدف ضمّ أراضٍ، بل لحماية السكان الروس هناك، مشيراً إلى أن هذه المناطق بُنيت تاريخياً بأيادٍ روسية، وأن إدخالها ضمن أوكرانيا المستقلة عام 1990 كان مبنياً على تعهدات أوكرانيا بالحياد. وحين تخلت كييف عن تلك التعهدات، فقدت الشرعية التي قامت عليها سيادتها على تلك الأقاليم.

عاشراً: إنهيار الأساس القانوني للإعتراف بأوكرانيا

شدد لافروف على أن إعلان السيادة الأوكراني عام 1990 نص على أن أوكرانيا ستكون دولة محايدة وخالية من السلاح النووي. هذا النص كان شرطاً دولياً للإعتراف بها. واليوم، حين تطالب كييف بالإنضمام لحلف الناتو وتبحث عن القدرات النووية، فهي بذلك تلغي الأساس القانوني الذي إعترف العالم بموجبه بإستقلالها.

حادي عشر: ملف العقوبات والإعتماد على الذات

أوضح لافروف أنه لم يتم التطرق للعقوبات خلال القمة لأن روسيا لا ترى أن رفع العقوبات بالضرورة مفيد الآن. بل يرى أن العقوبات دفعت الإقتصاد الروسي نحو الإكتفاء الذاتي والتقدم التكنولوجي، وأن رفعها قد يخلق أوهاماً بالعودة إلى تبعية الماضي. لذلك تعتبر موسكو أن مسار الإستقلال الإقتصادي الحالي أكثر إستقراراً على المدى الطويل.

ثاني عشر: صيغ المفاوضات المحتملة

أكد لافروف أن روسيا منفتحة على كل صيغ التفاوض، سواء الثنائية أو المتعددة، ولكن بشرط أن تكون جادة وتفضي إلى إعداد تدريجي لقمة حقيقية، وليس للظهور الإعلامي فقط. وأكد أن الاجتماعات عالية المستوى يجب أن تُحضّر بتدرج وبأقصى درجات الجدية.

ثالث عشر: إحتمال زيارة ترامب إلى موسكو

إختتم لافروف بالإشارة إلى أن الرئيس بوتين جدّد دعوة ترامب لزيارة موسكو، وأن ترامب أعرب عن إهتمامه بذلك. ويرى أن هذه الزيارة، إن تمت، ستكون موضع إهتمام الجميع وقد تعطي زخماً جديداً لمسار المفاوضات.

خاتمة

في ختام المقابلة، يتضح أن لافروف يقدم رؤية روسية كاملة تشرح من أين تنطلق موسكو في تقييم الأزمة الأوكرانية. روسيا في هذا الخطاب تريد أن تقول إن الصراع ليس صراع حدود، بل صراع وجود وأمن وهوية تاريخية. وإن التحريض الغربي وخرق مبدأ الأمن المتكافئ وإستغلال خطاب حقوق الإنسان بصورة إنتقائية شكّلت عناصر الإنفجار الحالي.

إلى جانب ذلك، تشير لغة لافروف إلى إستعداد روسي للحوار الحقيقي – ليس مع أوروبا التي تُعد بنظره عديمة السيادة – بل مع الولايات المتحدة إذا كانت مستعدة للنظر في جذور المشكلة، لا في مظاهرها وحدها. ولهذا فإن إحتمال زيارة ترامب لموسكو قد لا يكون مجرد بروتوكول، بل بداية مرحلة جديدة في إعادة التوازن الدولي، على قاعدة الأمن المتبادل وإحترام الوقائع التاريخية، وليس وفق "قواعد" يصنعها الغرب ثم يقدّمها بإعتبارها قانوناً عالمياً.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 684 - إنقاذ نتنياهو بين وهم -ما بعد الحداثة- وا ...
- قمة ألاسكا وتحوّلات الخطاب الروسي: قراءة في ثلاثة مقالات لأل ...
- طوفان الأقصى 683 - بين خيار الإبادة وخيار الإحتلال – قراءة ف ...
- طوفان الأقصى 682 - لاهوت الإبادة في الفكر الصهيوني: قراءة تح ...
- الإنهيار المعنوي للجيش الأوكراني: من الخنادق الفارغة إلى الإ ...
- طوفان الأقصى 681 - تفكك الإجماع اليهودي العالمي حول إسرائيل
- «العقيدة الترامبية الجديدة» - بين الإنعزال والضربات السريعة ...
- طوفان الأقصى 680 - مشروع «إسرائيل الكبرى»: مخاطره الجيوسياسي ...
- «تحدّي ألاسكا»: قراءة تحليلية في أطروحة ألكسندر ياكوفينكو حو ...
- طوفان الأقصى 679 - من النيل إلى الفرات - الحلم الذي لم يمت: ...
- ألكسندر دوغين - أنكوراج** - توازن دقيق على حافة الهاوية (برن ...
- طوفان الأقصى 678 - أكثر من 100 طبيب عملوا في غزة يطالبون الع ...
- طوفان الأقصى 677 - أذربيجان وإسرائيل في قلب لعبة القوقاز الك ...
- -أسرار نووية وأحكام متناقضة: ثلاث قضايا تكشف إزدواجية المعاي ...
- ألكسندر دوغين بين ألاسكا وغورباتشوف: أخطاء الماضي وصراعات ال ...
- طوفان الأقصى 676 - يهود ضد الصهيونية
- روسيا والغرب… معركة تتجاوز حدود أوكرانيا
- طوفان الأقصى 675 - الكمين الأميركي: من الإستراتيجية الإقليمي ...
- قمة ألاسكا: بين ذكريات التاريخ ومقايضات الحاضر
- طوفان الأقصى 674 - إسرائيل وحرب المستقبل – نقطة التوتر بين ا ...


المزيد.....




- أفضل الطرق لـ-تحييد- حزب الله في لبنان؟- مقال في فايننشال تا ...
- الشرطة البرازيلية تكشف رسائل تُظهر محاولة بولسونارو الفرار و ...
- مقابل 29 مليون يورو... المغربي أمين عدلي يغادر ليفركوزن
- فيديو المتحف المصري يفجر نقاشًا حول تشريعات الذكاء الاصطناعي ...
- وفاة رجل ببث مباشر بعد تعرضه للضرب والإهانة علنا لمدة 12 يوم ...
- سوريا: من هو ضياء سمّوط... المصور الذي خلّد رعب الغاز الأصفر ...
- تونس: الاتحاد العام للشغل يتظاهر دفاعا عن استقلاليته والحق ا ...
- هل بدأت إسرائيل باجتياح مدينة غزة.. ما الوضع الميداني والإنس ...
- حماس تدعو لتحرك عربي وإسلامي جاد لحماية الأقصى في ذكرى إحراق ...
- بين ضغط نتنياهو وحذر زامير.. احتلال غزة -مقامرة- مكتملة الأر ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - مقابلة لافروف مع التلفزيون الروسي - المقاربة الروسية لأزمة أوكرانيا وحدود الغرب في فهم الأمن والتاريخ