أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 683 - بين خيار الإبادة وخيار الإحتلال – قراءة في مأزق نتنياهو














المزيد.....

طوفان الأقصى 683 - بين خيار الإبادة وخيار الإحتلال – قراءة في مأزق نتنياهو


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 23:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


20 أغسطس 2025


مقدمة

يثير المقال الذي كتبه الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والباحث يفغيني فيودوروف ونشر في بوابة Military Review بتاريخ 18 أغسطس 2025 مسألة حاسمة تدور حول الخيار الذي تواجهه إسرائيل في قطاع غزة بعد ما يقرب من عامين من الحرب المستمرة. يتساءل الكاتب عمّا إذا كان نتنياهو سيختار «الإبادة الجماعية» كخيار غير معلن، أو سيتجه إلى إحتلال مكتمل الأركان للقطاع، بما يحمله ذلك من تبعات داخلية وخارجية. ويشير الكاتب إلى أن تصريح نتنياهو الأخير: "ليس أمام إسرائيل خيار آخر"، يعكس وصول المؤسسة الإسرائيلية إلى طريق مسدود، حيث لا إنتصار عسكري حاسم ولا إمكانية لأي حل سياسي مقبول من طرف إسرائيل.

أولاً: الإرث التاريخي للإحتلال الإسرائيلي لغزة

شهد قطاع غزة سلسلة من الغزوات الإسرائيلية منذ العام 1956، حين دخلت القوات الإسرائيلية المنطقة لفترة قصيرة خلال العدوان الثلاثي. وتكرر الإحتلال المباشر في عام 1967 وإستمر حتى عام 1993. وبعد إنسحاب قوات الإحتلال في عام 2005، أبقت إسرائيل على حصارٍ مشدد، ما دفع منظمات حقوقية إلى القول بأن الإحتلال لم يتوقف فعلياً. ومنذ عام 2023، عادت إسرائيل لتوسّع وجودها العسكري المباشر بإقامة منطقة عازلة وتدمير قرى ومزارع قرب الحدود.


ثانياً: معضلة نتنياهو – غياب الإنتصار العسكري وفشل الردع

يشير الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي عاجز عن تحقيق نصر حاسم ضد مقاتلي حماس. وعلى الرغم من عمليات "تصفية القادة الميدانيين"، فإن مسار الحرب لم يتغير. ويصف الكاتب الوضع بأن الجيش الإسرائيلي "مضطر لمحاربة مقاتلين غير نظاميين". في هذا السياق، يتحوّل الإحتلال الكامل إلى خيار مطروح داخل المؤسسة الحاكمة، لكن تكلفته الداخلية تُثير الرعب حتى بين الإسرائيليين أنفسهم، ما يفسر تصاعد الإحتجاجات ضد سياسات نتنياهو.

ثالثاً: الرهائن والضغط الداخلي الإسرائيلي

لا تزال قضية الرهائن تشكّل ورقة ضغط قوية على الحكومة الإسرائيلية. فوجود نحو خمسين رهينة لدى حماس منذ أواخر 2023 يجعل أي عملية عسكرية واسعة محفوفة بمخاطر كارثية. كما أن إحتلال غزة بالكامل سيؤدي إلى زيادة "الخسائر المدمرة بين الجنود والمدنيين"، على حد وصف بعض الأصوات داخل إسرائيل، ما يضاعف السخط الشعبي والضغط الداخلي على نتنياهو.


رابعاً: من الإبادة الجماعية إلى الإحتلال – صراع الخيارات الدموية

يرى فيودوروف أن الإستمرار في القصف والحصار دون إحتلال كامل يدفع الوضع نحو "إبادة جماعية صريحة". وفي المقابل، فإن الإحتلال الكامل سيؤدي إلى مقتل "عشرات الآلاف من المدنيين" وتصعيد غير مسبوق في العداء العالمي لإسرائيل. بكلمات أخرى، يقف نتنياهو أمام خيارين كلاهما دموي: إبادة بطيئة أو إحتلال إستنزافي طويل الأمد.

خامساً: المواقف الدولية وحدود الدعم الأمريكي

بدأت بعض الدول الغربية، مثل بريطانيا وألمانيا، بإظهار تململ واضح. فقد لوّحت لندن بفرض عقوبات، فيما علقت برلين تسليم بعض الأسلحة والمكونات العسكرية. أما الولايات المتحدة فتبدي دعمًا أقل إتساعًا من ذي قبل، حيث أصبحت حسابات الإنتخابات وصورة المرشح الجمهوري دونالد ترامب – الطامح لجائزة نوبل للسلام – تفرض قيوداً على الدعم المطلق لإسرائيل. وبالتالي، لم يعد بإمكان نتنياهو الإعتماد على شيك سياسي مفتوح من واشنطن.

سادساً: شروط نتنياهو الخمسة – إحتلال بصياغة مموّهة

طرح نتنياهو خمس نقاط يُفترض أن تُنهي الحرب، من بينها: "نزع سلاح حماس بالكامل"، "السيطرة الإسرائيلية على الأمن في القطاع"، و"إنشاء إدارة مدنية بديلة". بحسب الكاتب، ليست هذه الشروط سوى إعادة صياغة لمفهوم الإحتلال، لكنها مصاغة بلغة سياسية ملطّفة لتجنب كلمة "إحتلال". لكنه يشير بوضوح إلى أن تنفيذ هذه النقاط يستلزم بقاء القوات الإسرائيلية في غزة وإقامة سلطة محلية عميلة، ما يعني عمليًا العودة إلى منظومة الحكم العسكري المباشر.

سابعاً: الأساس التوراتي لفكرة الإحتلال والإبادة

يعيد الكاتب جذور هذه السياسة إلى خلفية دينية – أيديولوجية موجودة في نصوص التوراة والتلمود. ففي سفر يشوع، يتم تصوير إحتلال أرض كنعان كواجب إلهي، مقرون بأوامر "إستئصال" الشعوب المقيمة. كما تُبرر بعض فتاوى التلمود معاملة غير اليهود بإعتبارهم أغيار يمكن تجاهل حرمة دمائهم. ويتجلى ذلك في تصريحات متطرفة واضحة مثل ما قاله الحاخام مئير كهانا: "العرب في أرض إسرائيل إما أن يُطردوا أو يُبادوا."

كما أن فكرة "إسرائيل الكبرى" – الممتدة من النيل إلى الفرات – لم تعد مجرد شعار ديني، بل تحولت إلى مشروع سياسي موجود ضمن أدبيات حزبية مثل الليكود منذ أواخر السبعينيات. ينظر كثير من المراقبين إلى الحرب الحالية بإعتبارها جزءاً من تنفيذ تلك الرؤية، وليس مجرد رد فعل أمني على خطر حماس.

خاتمة

أصبح نتنياهو أسيرًا لمعادلة صفرية: فإما أن يواصل حرب الإستنزاف مع ما تسببه من إبادة منهجية للفلسطينيين، أو يدخل القطاع في إحتلال دموي يُشعل المقاومة ويستنزف الدولة من الداخل. وفي كلتا الحالتين، يدفع المدنيون الفلسطينيون الثمن الأكبر. أما الخطاب الذي يروّج له رئيس الوزراء تحت شعار "ليس أمام إسرائيل خيار آخر" فهو في الحقيقة تعبير عن فشل سياسي وإستراتيجي تاريخي، حيث لم تُقدم إسرائيل طوال عقود بديلاً سياسياً عادلاً يمكن أن يوقف دورة الدم.

بذلك، يبدو أن مستقبل غزة ما يزال رهينة لمنطق القوة، وسط غياب كامل لأي تسوية حقيقية، وإستمرار إستعمال الدين والتاريخ لتبرير الهيمنة. وبين خيار الإبادة وخيار الإحتلال، يتضح أن نتنياهو إختار الطريق الذي يجمع بينهما معاً.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 682 - لاهوت الإبادة في الفكر الصهيوني: قراءة تح ...
- الإنهيار المعنوي للجيش الأوكراني: من الخنادق الفارغة إلى الإ ...
- طوفان الأقصى 681 - تفكك الإجماع اليهودي العالمي حول إسرائيل
- «العقيدة الترامبية الجديدة» - بين الإنعزال والضربات السريعة ...
- طوفان الأقصى 680 - مشروع «إسرائيل الكبرى»: مخاطره الجيوسياسي ...
- «تحدّي ألاسكا»: قراءة تحليلية في أطروحة ألكسندر ياكوفينكو حو ...
- طوفان الأقصى 679 - من النيل إلى الفرات - الحلم الذي لم يمت: ...
- ألكسندر دوغين - أنكوراج** - توازن دقيق على حافة الهاوية (برن ...
- طوفان الأقصى 678 - أكثر من 100 طبيب عملوا في غزة يطالبون الع ...
- طوفان الأقصى 677 - أذربيجان وإسرائيل في قلب لعبة القوقاز الك ...
- -أسرار نووية وأحكام متناقضة: ثلاث قضايا تكشف إزدواجية المعاي ...
- ألكسندر دوغين بين ألاسكا وغورباتشوف: أخطاء الماضي وصراعات ال ...
- طوفان الأقصى 676 - يهود ضد الصهيونية
- روسيا والغرب… معركة تتجاوز حدود أوكرانيا
- طوفان الأقصى 675 - الكمين الأميركي: من الإستراتيجية الإقليمي ...
- قمة ألاسكا: بين ذكريات التاريخ ومقايضات الحاضر
- طوفان الأقصى 674 - إسرائيل وحرب المستقبل – نقطة التوتر بين ا ...
- ثلاث -بجعات سوداء- في أفق الحرب: ما الذي قد تغيّره الأشهر ال ...
- طوفان الأقصى 673 - إيران 2025: عام الصمود والإنتصار… من شوار ...
- زيارة ويتكوف إلى موسكو: بين الأهداف الثابتة والسيناريوهات ال ...


المزيد.....




- في قمة واشنطن.. هل حقًا أذلّ ترامب ماكرون؟
- -دنيئة ومبنية على مغالطات-.. ماكرون يرد على رسالة من نتانياه ...
- سعودي يثير تفاعلا بعد قيادته شاحنة مشتعلة بعيدًا عن محطة وقو ...
- لباس الدبلوماسية: أسلوب زيلينسكي الجديد ينال الثناء في اجتما ...
- الميكروفون يلتقط حديثًا جانبيًا بين ترامب وماكرون: -بوتين ير ...
- برعاية أمريكية.. اجتماع سوري - إسرائيلي في باريس يبحث الترتي ...
- اجتماع استثنائي لرؤساء أركان الناتو لبحث مستقبل الحرب في أوك ...
- نتنياهو يتهم ماكرون بتأجيج معاداة السامية وباريس ترد بحدة
- هل تحولت اليونيفيل إلى ورقة ضغط إسرائيلية ضد لبنان؟
- ميزانية إضافية لنفقات الحرب بـ9 مليارات دولار في إسرائيل


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 683 - بين خيار الإبادة وخيار الإحتلال – قراءة في مأزق نتنياهو