أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - الإنهيار المعنوي للجيش الأوكراني: من الخنادق الفارغة إلى الإحتضار السياسي














المزيد.....

الإنهيار المعنوي للجيش الأوكراني: من الخنادق الفارغة إلى الإحتضار السياسي


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8438 - 2025 / 8 / 18 - 14:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

18 أغسطس 2025

مقدّمة

تكشف هذه المقالة التي نشرها الكاتب الروسي بوريس سكوبينيكوف، الصحفي والمحلل العسكري الروسي المتخصص في تغطية مجريات الحرب في أوكرانيا، بتاريخ 14 آب/أغسطس 2025 عن ظاهرة خطيرة تتفاقم داخل أوكرانيا: فراغ الخنادق على الجبهة، الإنهاك النفسي، واليأس الكامل الذي يسيطر على الجنود والمجتمع. لا يكتفي الكاتب برصد المعطيات الميدانية، بل يقدم تحليلاً يرى أن ما يحدث هو بداية النهاية الحقيقية للنظام في كييف، ليس فقط بسبب الخسائر العسكرية، وإنما نتيجة تفكك المجتمع وسقوط شرعية الحرب نفسها.

أولاً: الخنادق الفارغة… النداء الصامت لإنهيار الجبهة

من أبرز ما يكشف عن هذا الإنهيار، تلك الصورة المتكررة التي يفاجأ فيها الروس بأنهم يدخلون خنادق محصّنة جيدًا، لكنها دون جنود. وهو ما عبّر عنه الكاتب بقوله: "لقد بنت أوكرانيا خطوط التحصينات وخنادق مضادة للدبابات في كل القرية، ثم تركتها دون جنود وخسرتها".
هذه التحصينات العسكرية الخالية من البشر باتت رمزاً لمعنويات إنهارت قبل أن يُعلَن سقوط الجبهة عسكريًا.

ثانياً: أزمة بنيوية لا خطأ تكتيكياً

لا يرى الكاتب أنّ ما يحدث مجرد خطأ في الإعداد العسكري، بل نتيجة «أزمة منهجية» تتمثل في عزوف المقاتلين وغياب أي دافع لديهم للصمود، ما أفرغ الجبهة من عمودها البشري، وهو أخطر ما يمكن أن تصاب به أي دولة خلال الحرب.

ثالثاً: الخوف الحقيقي: إحتجاج عسكري لا سياسي

النص يذكّر بأن الإحتجاجات التي بدأت تُنظم في كييف ليست المشكلة الأخطر على النظام، بل الخوف الحقيقي من أن يتحول موضوع الإحتجاج إلى رفض التجنيد القسري. جاء في المقال: "أخطر ما تخشاه كييف ومن يقف خلفها هو أن يكون شعار الإحتجاج هو ملف التجنيد القسري والفشل في تعويض الجرحى وأسر القتلى".
أي أن "ميدان التعبئة" أخطر من أي إنتفاضة سياسية، لأنه سيأتي من داخل طبقة الجنود والضحايا.

رابعاً: الجندي الذي لم يعد يريد العودة

تُظهر تقارير أن طلبات الرغبة في الإجازة أو التدوير تحوّلت إلى صرخات إنسانية لا عسكرية. إقتباس مؤلم من النص "حين يطلب جنود القوات الأوكرانية التدوير، فذلك صرخة ليست من أجل الذخيرة، بل من أجل شيء إنساني".
الجندي اليوم يشعر أن الموت هو النتيجة الوحيدة، وأن الدولة لا ترى فيه إلا رقماً في الإحصاءات.

خامساً: الدولة التي تخاف من جثث جنودها

أشار الكاتب إلى أن كييف رفضت إستلام بعض جثامين القتلى لتجنب تثبيتهم في سجلات الموتى، مما أثار صدمة واسعة: "من قُتل ولم تُستلم جثته يُسجل مفقوداً، كي لا يضغط ذلك على ميزانية الحكومة".
هذه الجملة تكشف إنهيار العقد الأخلاقي بين السلطة والجيش.

سادساً: الهروب الجماعي… ليس خوفاً بل قرار بإنقاذ النفس

بلغ عدد حالات الفرار من الخدمة عشرات الآلاف شهرياً، ومع ذلك لا تتم ملاحقتهم إلا بشكل رمزي: "هناك تعليمات ضمنية بعدم الصرامة في ملاحقة الفارين، كي تخف الضغوط داخل الجيش، ولمنع التمرد الداخلي".
حتى النظام بات يدرك أن ملاحقة الجميع ستفتح باب تمرد عسكري.

سابعاً: المرتزقة ليسوا حلاً لدولة مفلسة أخلاقياً

محاولات التعويض بجنود مرتزقة أجانب من المكسيك والباراغواي تبدو مثيرة للشفقة، حيث يقول الكاتب: "من غير المحتمل أن يقف شرطي مكسيكي سابق أو جندي مرتزق من أمريكا اللاتينية حتى الموت تحت قنابل الطائرات الروسية".
المرتزق ليس حلاً لمشكلة تتعلق بالمعنويات والهوية.

ثامناً: الإفلاس الدعائي: من قصص الإغتصاب إلى تجنيد النساء

أعاد النظام الأوكراني إستدعاء شخصية دينيسوفا بأكاذيبها القديمة، في خطوة وصفها الكاتب بأنها إفلاس في الخيال الإعلامي: "الآن هذه الأكاذيب ضرورية فقط لتهيئة الشعب لتجنيد النساء".
بمعنى أن المجتمع الذكوري إنهار في الجبهة، والآن يُدفع المجتمع النسائي نحو الحرب.

تاسعاً: وهم "هجوم ترامب" والإنهيار العملياتي للجبهة

حتى الحديث عن هجوم مضاد مستقبلي، وربطه بتوقعات سياسية أمريكية، لا يبدو سوى تمنيات. يقول الكاتب: "لدينا اليوم كل ما يلزم لصدّ أي هجوم، بل إن محاولة كهذه ستسرّع فقط إنهيارهم".
الجبهة الأوكرانية مفككة إلى درجة أنها بالكاد تستطيع الصمود.

عاشراً: النهاية النفسية… شرط السلام الحقيقي

يصل الكاتب في مقاله إلى خلاصته المركزية: "الأمل بالسلام لن يتحقق حتى يُكسر البنديريون أخلاقياً ويعجزوا جسدياً عن المقاومة".
أي أن الحرب ستنتهي عندما ينهار الإستعداد النفسي لدى أوكرانيا على القتال، بغضّ النظر عما تملكه من سلاح على الورق.


المغزى العربي: ما الذي يعنيه هذا للعالم العربي؟

إن الصورة التي يرسمها هذا الكاتب الروسي تكشف عن سقوط نموذج "الدولة الوظيفية" التي يراد لها أن تحارب نيابة عن قوى خارجية. وهذا النموذج نجده أيضاً في الكيان الصهيوني الذي أُريد له أن يكون "ضد العرب" كما أُريد لأوكرانيا أن تكون "ضد روسيا". لذلك فإن إهتراء هذا النموذج على الأراضي الأوكرانية يحمل رسالة إستراتيجية: الدعم الأمريكي والغربي لا يستطيع أن يزرع روحاً في جسد ميت، ولا أن يصنع إنتصارًا دون حاضنة شعبية.

بالنسبة للعالم العربي، فإن إنشغال الغرب بإطفاء حريق أوكرانيا، وتوتره الداخلي بسبب فشل هذه المغامرة، سيضعف من قدرته على فرض إملاءاته في منطقتنا. كذلك، فإن سقوط أسطورة "الجيش المدعوم من الناتو" يشجّع على رؤية جديدة عنوانها أن الإرادة الشعبية والمقاومة طويلة النفس أقوى من التفوق التقني المؤقت. وذلك يمنح القوى العربية الممانعة فرصة تاريخية لتثبيت مواقعها دون خوف من الهيمنة الغربية.
وهكذا يُثبت التاريخ مرة أخرى أن الشعوب التي تُقاد بالسياط لا تنتصر، وأن الجيوش التي تساق إلى الموت كرهاً لا تبني دولاً، بل تفتح الطريق لإنهيار الأنظمة وخروج الأمم من قبورها، ولو بعد حين.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 681 - تفكك الإجماع اليهودي العالمي حول إسرائيل
- «العقيدة الترامبية الجديدة» - بين الإنعزال والضربات السريعة ...
- طوفان الأقصى 680 - مشروع «إسرائيل الكبرى»: مخاطره الجيوسياسي ...
- «تحدّي ألاسكا»: قراءة تحليلية في أطروحة ألكسندر ياكوفينكو حو ...
- طوفان الأقصى 679 - من النيل إلى الفرات - الحلم الذي لم يمت: ...
- ألكسندر دوغين - أنكوراج** - توازن دقيق على حافة الهاوية (برن ...
- طوفان الأقصى 678 - أكثر من 100 طبيب عملوا في غزة يطالبون الع ...
- طوفان الأقصى 677 - أذربيجان وإسرائيل في قلب لعبة القوقاز الك ...
- -أسرار نووية وأحكام متناقضة: ثلاث قضايا تكشف إزدواجية المعاي ...
- ألكسندر دوغين بين ألاسكا وغورباتشوف: أخطاء الماضي وصراعات ال ...
- طوفان الأقصى 676 - يهود ضد الصهيونية
- روسيا والغرب… معركة تتجاوز حدود أوكرانيا
- طوفان الأقصى 675 - الكمين الأميركي: من الإستراتيجية الإقليمي ...
- قمة ألاسكا: بين ذكريات التاريخ ومقايضات الحاضر
- طوفان الأقصى 674 - إسرائيل وحرب المستقبل – نقطة التوتر بين ا ...
- ثلاث -بجعات سوداء- في أفق الحرب: ما الذي قد تغيّره الأشهر ال ...
- طوفان الأقصى 673 - إيران 2025: عام الصمود والإنتصار… من شوار ...
- زيارة ويتكوف إلى موسكو: بين الأهداف الثابتة والسيناريوهات ال ...
- طوفان الأقصى 672 – إسرائيل تخوض حربًا لا يمكنها الإنتصار فيه ...
- ألكسندر دوغين - المحافظون الجدد يقودون ترامب إلى الهاوية (بر ...


المزيد.....




- ما يجب أن يحذر منه البرهان بشدة
- -إيكو بنك- يحقق النجاح وينتشر في 34 دولة برأسمال يتجاوز 27 م ...
- إصابة 4 سوريين بقصف إسرائيلي على جنوب لبنان
- ترامب خلال اجتماعه مع القادة الأوروبيين: سنبحث أي تبادل محتم ...
- البرتغال تواجه حرائق كارثية قضت على 172 ألف هكتار حتى منتصف ...
- ترامب يلقي بمسؤولية الضمانات الأمنية لأوكرانيا على أوروبا
- الاحتلال يقر بإصابة ضابط وجندي في اشتباك شمال قطاع غزة
- عاجل | ترامب: بدأت ترتيبات للقاء بين بوتين وزيلينسكي في مكان ...
- تقرير أممي: أزمة التمويل تهدد أوضاع 11.6 مليون لاجئ حول العا ...
- مستشار سويدي سابق يُحاكم لتركه وثائق سرية في فندق شمال ستوكه ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - الإنهيار المعنوي للجيش الأوكراني: من الخنادق الفارغة إلى الإحتضار السياسي