أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - توجيه دوغين: عصر الدول الحضارات – روسيا والصين والهند كأقطاب ثلاثة في عالم متعدد الأقطاب















المزيد.....

توجيه دوغين: عصر الدول الحضارات – روسيا والصين والهند كأقطاب ثلاثة في عالم متعدد الأقطاب


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

7 سبتمبر 2025

في مقالة بعنوان "توجيه أو مبدأ دوغين: عصر الدول الحضارات – روسيا والصين والهند كأقطاب ثلاثة في عالم متعدد الأقطاب"، يقدم الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين، على موقع تلفزيون تساريغراد في 1 سبتمبر الجاري، رؤية جيوسياسية عميقة تركز على تحول العالم نحو نظام متعدد الأقطاب. يعتمد دوغين على سياق قمة منظمة شنغهاي للتعاون (الشوس)، حيث إلتقى قادة روسيا (فلاديمير بوتين) والصين (شي جين بينغ) والهند (ناريندرا مودي). يرى دوغين أن هذه الدول ليست مجرد كيانات سياسية حديثة، بل حضارات عميقة الجذور تمتد إلى آلاف السنين، وهي تؤسس لعصر جديد يعتمد على السيادة الثقافية والحضارية المستقلة. يبرز دوغين في نصه رفض هذه الحضارات للهيمنة الغربية، معتبراً إياها "أغونيا" (ألم الموت) في مواجهة النهوض الشرقي.

يبدأ دوغين بوصف لقاء قادة الدول الثلاث كحدث تاريخي يعكس عودة الحضارات إلى مراكزها الذاتية. يقول دوغين: "كل حضارة من هذه الحضارات اليوم تدرك سيادتها وكمالها في مركز نظام قيمها الخاص". هذا النص يؤكد على فكرة الإستقلال الحضاري، حيث لا تكون الدول مجرد وحدات إقتصادية أو عسكرية، بل كيانات متجذرة في تاريخها الثقافي والديني. يرى دوغين أن هذه الدول غير متساوية في قدراتها – على سبيل المثال، تفوق الهند في الديموغرافيا، والصين في النمو الإقتصادي، وروسيا في الجيوبوليتيكا والموارد الطبيعية – لكنها مستقلة تماماً: "لا يعتمد أي منها على الآخر. هذه ثلاثة أقطاب مستقلة، وهذا هو جوهر التعددية القطبية. في قلب كل منها دينها الخاص، وهويتها، وثقافتها، وتاريخها الطويل جداً. هذا له أهمية هائلة".

من الناحية التحليلية، يعتمد دوغين هنا على نظريته الجيوسياسية المعروفة بـ"الأوراسية" (Eurasianism)، التي ترفض التقسيم الغربي للعالم وتركز على التحالفات الحضارية بين روسيا وآسيا. في سياق قمة الشوس، يرى دوغين أن روسيا قد تخلصت نهائياً من وهم الانتماء إلى الغرب: "روسيا أدركت أخيراً أنها ليست جزءاً من الغرب، بل مركزاً للعالم الروسي المستقل". هذا التحول، حسب دوغين، يعكس عودة إلى الجذور الإندو-أوروبية والمسيحية الأرثوذكسية، مع روابط تاريخية بالسكيثيين والسارماتيين. يقتبس دوغين من تاريخ روسيا: "الحضارة الروسية تعود جذورها إلى أعماق المجتمع الإندو-أوروبي في عصر السكيثيين والسارماتيين، عندما تشكل السلافيون. لكننا أصبحنا حضارة حقيقية عندما إنضممنا إلى المسيحية والبيزنطية مع تراثها اليوناني-الروماني".

بالنسبة للصين، يركز دوغين على الجوهر الكونفوشيوسي الثابت: "في مركز الهوية الصينية تقع فكرة الإمبراطورية الكونفوشيوسية. الماوية والليبرالية لدينغ شياو بينغ كانت طرقاً لتحديث المجتمع للدفاع أمام الغرب. الجوهر لا يتغير – الصين تدافع عن مبادئها وميتافيزيقاها". هذا الطرح يبرز كيف يرى دوغين التحديث الصيني كأداة دفاعية ضد الغرب، لا كتغيير جوهري، مما يعزز فكرة الإستمرارية الحضارية.

أما الهند، فيصف دوغين تحولها تحت قيادة ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا: "الهند مع قدوم المحافظين ناريندرا مودي بهاراتيا جاناتا بارتي إلى السلطة، تدرك بشكل متزايد معارضتها للغرب كحضارة فيداوية. مودي إتخذ مساراً نحو "نزع الإستعمار" عن الوعي الهندي ويسير بحزم في هذا الإتجاه، مدركاً أن النظام الغربي لا يناسب المجتمع الهندي المبني على مبادئ أخرى". هنا، يربط دوغين النهضة الهندية بـ"الديكولونياليزم"، معتبراً مودي رمزاً للعودة إلى الجذور الفيداوية.

السياق الجيوسياسي والفلسفي: الغرب كعدو مشترك والأبعاد الإسخاتولوجية

يبني دوغين حجته على رفض الغرب كـ"نسخة منحطة" من الحضارة الأصلية. يقول: "نحن لسنا جزءاً من الغرب، بل هو نسخة منحطة منا. هم إنفصلوا عن الحضارة، ونحن بقينا أوفياء لها. هم الأبناء الضالون الذين ذهبوا إلى الجحيم. نحن حاملو الثقافة القديمة، والصينيون لحضارتهم، والهنود لحضارتهم". هذا الرأي يعكس فلسفة دوغين المتأثرة بالأرثوذكسية الروسية، حيث يرى روسيا كـ"روما الثالثة" بعد سقوط القسطنطينية، محملة بمسؤولية حفظ "الكود الحضاري" الذي تخلى عنه الغرب بعد الإنشقاق الكبير في القرن الحادي عشر. يشير دوغين إلى كتاب "الإمبراطورية" لكونستانتين مالوفييف لتعزيز فكرة أن روسيا ترث تاريخاً أعمق يشمل فارس وبابل.
جيوسياسياً، يرى دوغين أن التحالف بين الثلاثة يواجه "عدواً مشتركاً: الغرب". ينتقد دونالد ترامب، معتبراً أنه "كان يمكن أن يكون قطباً سيادياً آخر لو تجاوز هيمنة العولميين"، لكنه فشل. يوسع دوغين الرؤية إلى منظمات مثل بريكس، التي تشمل العالم الإسلامي والأفريقي واللاتيني: "نادي العالم متعدد الأقطاب مفتوح. في بريكس، الذي هو أوسع من الشوس، هناك مكان للعالم الإسلامي والأفريقي واللاتيني الأمريكي". هذا يعكس إستراتيجية دوغين لتحالفات واسعة ضد الهيمنة الغربية، مع لمسة إسخاتولوجية (نهاية العالم): "في هذا شيء إسخاتولوجي. نحن ندرك أنفسنا ومصيرنا بشكل حاد كما لم يحدث في الـ300 عام الماضية... ما كان في البداية يكشف عن نفسه في النهاية". هنا، يربط دوغين التحول الجيوسياسي ببعده الروحي، مستلهماً من الفلسفة الدينية الروسية.

من الناحية النقدية، يمكن القول إن رؤية دوغين تتجاهل التناقضات الداخلية في هذه الدول، مثل التوترات الحدودية بين الصين والهند، أو الإعتماد الإقتصادي على الغرب. كما أن تركيزه على "الجوهر الحضاري" قد يُفسر كأيديولوجيا قومية متطرفة، خاصة مع خلفيته في دعم السياسات الروسية القومية. ومع ذلك، تعكس المقالة تياراً متزايداً في الجيوسياسية الشرقية، حيث يُرى الغرب كقوة متراجعة، كما في قول دوغين: "نحن ندخل عصر الدول الحضارات، والغرب، محاولاً الحفاظ على هيمنته، يسقط. والآن واضح للجميع – نهاية هيمنته قد جاءت. هذه أغونيا".

الخاتمة
في مقالته، يقدم ألكسندر دوغين رؤية فلسفية-جيوسياسية تجعل من روسيا والصين والهند أعمدة لعالم جديد متعدد الأقطاب، مبنياً على الإستقلال الحضاري ضد الهيمنة الغربية. من خلال إقتباسات مثل "الجوهر لا يتغير – الصين تدافع عن مبادئها وميتافيزيقاها" و"نحن حاملو الثقافة القديمة"، يبني دوغين حجة متماسكة تربط التاريخ بالحاضر، مع أبعاد روحية وإسخاتولوجية. هذه الرؤية ليست مجرد تحليل سياسي، بل دعوة لإعادة تشكيل النظام العالمي، مما يجعلها ذات أهمية في فهم التحولات الجيوسياسية المعاصرة. ومع ذلك، تثير تساؤلات حول قابليتها للتطبيق في عالم مليء بالصراعات الداخلية والإقتصادية المعقدة.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 701 - فريدريك ميرتس، بين بوتين ونتنياهو: السياس ...
- طوفان الأقصى 700 - التأثير الإسرائيلي على الولايات المتحدة - ...
- طوفان الأقصى 699 - «إسرائيل: وحش فرانكشتاين؟». من الرمز الأد ...
- طوفان الأقصى 698 - إسرائيل كقاعدة للإمبريالية وليس وطنا آمنا ...
- طوفان الأقصى 697 - خطة البيت الأبيض للتطهير العرقي في غزة: ق ...
- طوفان الأقصى 696 - إغتيال الكونت برنادوت: الرصاصات التي أسست ...
- لماذا خسر الغرب رهانه في أوكرانيا؟ عشرة عوامل حاسمة
- طوفان الأقصى 695 - حرب الإستنزاف في غزة وتحوّلات المشروع الإ ...
- طوفان الأقصى 694 - غزة تمزّق «الميركافا»: حين تحوّلت أسطورة ...
- وزارة الخارجية الروسية تدين التصريحات -المشينة والصارخة- من ...
- طوفان الأقصى 693 - غزة بين «عجلات جِدعون» ومشاريع التهجير
- طوفان الأقصى 692 - نتنياهو و-فكرة إسرائيل الكبرى-: عودة شبح ...
- طوفان الأقصى 691 - إسرائيل تفتح «أبواب الجحيم» في غزة
- ألكسندر دوغين - ترامب الذي صنع التعددية رغمًا عنه: حين يسخر ...
- طوفان الأقصى 690 - لم يتبقَّ سوى الإبادة: نتنياهو يغامر بلعب ...
- طوفان الأقصى 689 - لماذا تبدو الحرب الثانية بين إسرائيل وإير ...
- من يزعج الدب في عرينه؟
- طوفان الأقصى 688 - التحولات في صورة إسرائيل عالميًا - في ضوء ...
- ألكسندر دوغين - نجاح ألاسكا… لكن ماذا بعد؟ (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 687 - سوريا بين فوضى الجهاديين وجرائم إسرائيل


المزيد.....




- مسؤول عراقي يعلن عن موعد انتهاء مهام التحالف الدولي في بلاده ...
- تداول فيديو بزعم -نقل مروحيات أمريكية عناصر داعش بالعراق-.. ...
- العاهل الأردني في أبو ظبي.. تأكيد على رفض الاستيطان الإسرائي ...
- استئناف عمليات مطار رامون الإسرائيلي بعد إصابته بمسيرة أطلقت ...
- ما هي حركة -10 سبتمبر- التي تدعو للاحتجاج في فرنسا وهل تنجح ...
- هل يحرم الذكاء الاصطناعي أبناءك من تطوير مهاراتهم؟ هكذا نتعا ...
- خبير عسكري: هدفان لإسرائيل من تدمير أبراج غزة وعماراتها السك ...
- الموصل تنهض من جديد.. شاهد كيف أُعيد بناء معالمها بعدما دمره ...
- غموض حول الحالة الصحية للفنّانة الكويتية حياة الفهد
- جدل حول إعلان إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي مع مصر.. وخبراء: ا ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - توجيه دوغين: عصر الدول الحضارات – روسيا والصين والهند كأقطاب ثلاثة في عالم متعدد الأقطاب