أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 699 - «إسرائيل: وحش فرانكشتاين؟». من الرمز الأدبي إلى جريمة إغتيال رئيس وزراء اليمن















المزيد.....

طوفان الأقصى 699 - «إسرائيل: وحش فرانكشتاين؟». من الرمز الأدبي إلى جريمة إغتيال رئيس وزراء اليمن


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 23:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

5 سبتمبر 2025


إستعارة الوحش

في رواية فرانكشتاين لماري شيلي Mary Shelley، يصنع عالم مغرور كائناً هجيناً من أشلاء متفرقة، ثم ينفخ فيه الحياة ليجد نفسه أمام مخلوقٍ يخرج عن السيطرة، يعيش على القتل والإنتقام. هذه الإستعارة الأدبية، التي أُعيد إحياؤها في مقال الصحفية الأميركية Ash Gallagher (منصة Medium التشاركية في 1 أيلول/سبتمبر 2025)، تصلح مفتاحاً لقراءة إسرائيل اليوم: كيان مصطنع، وُلِد من رحم مشروع إستعماري غربي، وصار وحشاً منفلتاً لا يعرف سوى منطق القوة والإبادة.

فالغرب، منذ وعد بلفور وحتى الدعم الأميركي غير المحدود، صنع "المختبر" الذي خرجت منه إسرائيل. لكن النتيجة لم تكن "الدولة الديمقراطية" التي بشّروا بها، بل وحش فرانكشتاين سياسي، يعيش على التوسع والإغتيال والحروب الدائمة.


أولاً: تاريخ من الدم والإغتيالات

منذ تأسيسها عام 1948، جعلت إسرائيل من الإغتيال أداة رئيسية في إستراتيجيتها:

•استهداف قادة المقاومة الفلسطينية (من غسان كنفاني إلى إسماعيل هنية).

•إغتيال حسن نصر الله وقادة حزب الله في بيروت.

•قصف دمشق وإغتيال قادة سوريين ولبنانيين، بينهم سمير القنطار عام 2015، الذي وصفه شقيقه بعد إستشهاده قائلاً: «لا يمكن تحقيق أي إنجاز سياسي بوجود الإرهاب الذي تصنعه إسرائيل».

•تنفيذ عمليات في عواصم بعيدة، وصولاً إلى طهران حيث أغتيل هنية رغم كونه مهندساً لأحد أهم إتفاقات وقف إطلاق النار.


هذا السجل الطويل لا يمكن فهمه بمعزل عن "منطق الوحش": كيان لا يستطيع أن يتنفس إلا عبر سحق خصومه وتعميم الفوضى من حوله.


ثانياً: اليمن في مرمى الوحش

الحدث الأبرز الذي سلطت عليه Ash Gallagher الضوء هو إغتيال رئيس وزراء اليمن، أحمد غالب (الرهوي). هذه الجريمة تكشف عن توسّع غير مسبوق في دائرة عمل إسرائيل:

•اليمن، برغم ضعفه الإقتصادي، كان شوكة في خاصرة إسرائيل بفضل موقف حكومته ودور الحوثيين في وقف شحنات السلاح والنفط بإتجاه الكيان.

•دعم صنعاء العلني للمقاومة الفلسطينية جعلها إستثناءً في الخليج.

•إغتيال رئيس وزرائها يمثل رسالة ترهيب، تهدف إلى ضرب أي نموذج عربي يجرؤ على كسر الطوق السياسي.


هذا الإغتيال ليس مجرد عملية أمنية، بل حلقة جديدة في مسلسل "وحشية فرانكشتاين": كل من يقف في وجه الكيان يصبح هدفاً مشروعاً للتصفية الجسدية.


ثالثاً: الوحش وصانعه

كما في الرواية، لا ينفصل الوحش عن خالقه. الولايات المتحدة والغرب هم اليد التي صنعت وأطلقت هذا المسخ:

•واشنطن وفّرت الغطاء العسكري والسياسي، من صفقات السلاح إلى حماية إسرائيل في مجلس الأمن عبر "الفيتو".

•اللوبيات الصهيونية مثل AIPAC تسيطر على الكونغرس، كما تقول Gallagher: «أعضاء الكونغرس إشترتهم إسرائيل ومستثمروها».

•الأنظمة العربية بدورها –خاصة الخليجية– قدّمت الغطاء عبر التطبيع وصفقات الطائرات والغاز، بينما إمتنعت عن أي مواجهة حقيقية.


إذن، إسرائيل ليست "دولة منفلتة" فحسب، بل هي وحش مُدلل من قِبل القوى الكبرى، يعيش على دعمها وشرعيتها.


رابعاً: منطق فرانكشتاين – العنف كشرط للبقاء

التحليل البنيوي يقود إلى أن إسرائيل تشبه مخلوق شيلي في ثلاث نقاط أساسية:

1. الولادة المصطنعة: دولة تأسست بفعل قوة إستعمارية خارجية، لا بعملية إجتماعية طبيعية بين أهل الأرض.


2. العيش على التدمير: كما لا يعرف الوحش سوى القتل، لا تعرف إسرائيل سوى الحرب والإحتلال والتطهير العرقي.


3. لعنة الصانع: الغرب الذي أوجد إسرائيل يجد نفسه اليوم مطارداً بإرتدادات سياساته؛ عزلة أخلاقية، مظاهرات متواصلة في شوارع لندن وباريس وواشنطن، وتصدعات في الشرعية الدولية.


خامساً: بين المقاومة والسياج الدولي

تطرح Gallagher سؤالاً صريحاً: «هل يكون الحل بإغتيال قادة إسرائيل؟» ثم تجيب بتردد، مستشهدة بنموذج نيلسون مانديلا الذي بدأ بالمقاومة المسلحة قبل أن يقود مشروع المصالحة في جنوب أفريقيا.

إن جوهر المسألة يكمن في أن إسرائيل –بمنطق الوحش– لا تستجيب إلا للقوة أو العزلة.

الدعوات لفرض حظر سلاح دولي تتكرر، لكن يتم إسقاطها بفيتو أميركي.

الأساطيل الشعبية (قوافل كسر الحصار إلى غزة) تبحر وحيدة بلا حماية دولية.

الأنظمة العربية منشغلة بالتجارة والصفقات، تاركة فلسطين واليمن تحت نيران الوحش.


سادساً: ماذا بعد؟

المشهد قاتم: إسرائيل تتحول تدريجياً إلى نسخة أشد فتكاً من النازية، كما تصف Gallagher: «العالم يشاهد إسرائيل وهي تصبح أسوأ من النازيين مع قوة نارية أكبر».

لكن الإستنتاج الأهم أن إسرائيل، بوصفها وحش فرانكشتاين، تحمل بذور فنائها في ذاتها:

•لا يمكن لكيان يعيش على الحروب والإغتيالات أن يستمر إلى ما لا نهاية.

•توسع دائرة العنف إلى اليمن وإيران ولبنان لن يؤدي إلا إلى تعجيل المواجهة الإقليمية الكبرى.

•الشعوب –وليس الحكومات– تتحرك ببطء ولكن بثبات ضد شرعية الكيان.


الخاتمة

إسرائيل ليست دولة طبيعية يمكن إصلاحها ببعض الضغوط الدبلوماسية؛ إنها وحش فرانكشتاين سياسي، جرى صناعته من قِبل قوى إستعمارية، وخرج اليوم عن كل قيد، يفتك بجيرانه ويهدد النظام الدولي برمته.

إغتيال رئيس وزراء اليمن ليس حادثة معزولة، بل هو دليل جديد على أن الوحش يمد مخالبه في كل إتجاه. لكن كما في الرواية، فإن الوحش، مهما بدا قوياً، يظل محكوماً بالهزيمة في النهاية، لأنه وُلد ضد الطبيعة، ويعيش ضد العدالة، ومصيره أن يبتلع نفسه بعد أن ينهش الآخرين.

إن مسؤولية العالم اليوم، عرباً وغرباً، هي كسر هذا المسار قبل أن يغرق الجميع في الجليد الأخير لفرانكشتاين.

*****

هوامش

قصة وحش فرانكشتاين (رواية ماري شيلي عام 1818)

✦ القصة بإيجاز:

فيكتور فرانكشتاين، شاب سويسري مولع بالعلوم، يدرس الطب والكيمياء في جامعة إنغولشتات. ينغمس في هوس "خلق الحياة" بعد أن أغرته فكرة أن يصبح مثل "إله صغير" يبعث الروح في الجماد.

يتمكّن فرانكشتاين من جمع أجزاء بشرية من المقابر وغرف التشريح، ويصنع جسدًا عملاقًا، ثم ينجح في إحيائه عبر الكهرباء والتجارب العلمية. لكنه يفزع من مخلوقه حين يراه، إذ بدا قبيحًا ومرعبًا، فيهرب تاركًا إيّاه وحيدًا.

المخلوق، الذي لم يُعطَ اسمًا، يتعلّم الكلام والقراءة من مراقبة البشر سرًا، ويحاول التواصل معهم، لكنه يُقابَل بالرفض والعداء بسبب مظهره. يشعر بالعزلة والخذلان، فيغمره الغضب واليأس.

يعود إلى "خالقِه" فرانكشتاين مطالبًا إياه بصنع رفيقة تشبهه، كي لا يعيش وحيدًا منبوذًا. لكن فرانكشتاين يتردد ثم يرفض خوفًا من أن يتضاعف الخطر. عندها ينتقم المخلوق بقتل أقرب الناس إليه: شقيقه، صديقه المقرّب، ثم عروسه ليلة زفافه.

في النهاية، يطارد فرانكشتاين مخلوقه عبر الجبال والثلوج حتى يموت منهكًا في القطب الشمالي. يقف الوحش أمام جثته نادمًا، معلنًا أنه سيُنهي حياته ويرمي بنفسه في الجليد، ليختفي عن العالم الذي رفضه.

✦ المغزى:

•الرواية تسائل حدود العلم حين ينفصل عن الأخلاق.

•تطرح قضية "مسؤولية الخالق تجاه مخلوقه".

•وتكشف عن مأساة الكائن المختلف المنبوذ من المجتمع.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 698 - إسرائيل كقاعدة للإمبريالية وليس وطنا آمنا ...
- طوفان الأقصى 697 - خطة البيت الأبيض للتطهير العرقي في غزة: ق ...
- طوفان الأقصى 696 - إغتيال الكونت برنادوت: الرصاصات التي أسست ...
- لماذا خسر الغرب رهانه في أوكرانيا؟ عشرة عوامل حاسمة
- طوفان الأقصى 695 - حرب الإستنزاف في غزة وتحوّلات المشروع الإ ...
- طوفان الأقصى 694 - غزة تمزّق «الميركافا»: حين تحوّلت أسطورة ...
- وزارة الخارجية الروسية تدين التصريحات -المشينة والصارخة- من ...
- طوفان الأقصى 693 - غزة بين «عجلات جِدعون» ومشاريع التهجير
- طوفان الأقصى 692 - نتنياهو و-فكرة إسرائيل الكبرى-: عودة شبح ...
- طوفان الأقصى 691 - إسرائيل تفتح «أبواب الجحيم» في غزة
- ألكسندر دوغين - ترامب الذي صنع التعددية رغمًا عنه: حين يسخر ...
- طوفان الأقصى 690 - لم يتبقَّ سوى الإبادة: نتنياهو يغامر بلعب ...
- طوفان الأقصى 689 - لماذا تبدو الحرب الثانية بين إسرائيل وإير ...
- من يزعج الدب في عرينه؟
- طوفان الأقصى 688 - التحولات في صورة إسرائيل عالميًا - في ضوء ...
- ألكسندر دوغين - نجاح ألاسكا… لكن ماذا بعد؟ (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 687 - سوريا بين فوضى الجهاديين وجرائم إسرائيل
- طوفان الأقصى 686 - قمة ألاسكا والشرق الأوسط
- ألكسندر دوغين مفكر الكرملين يحذر من الكارثة: التفاوض قبل الن ...
- طوفان الأقصى 685 - الصهيونية هي ما تفعله


المزيد.....




- دانتيل شفاف وريش..إطلالات جريئة لنعومي واتس على السجادة الحم ...
- سوريا.. فيديو الشرع وما قاله لمصلين بصلاة الفجر يثير تفاعلا ...
- أي الدول العربية حصل مواطنوها على أكثر تأشيرات هجرة لأمريكا ...
- استخبارات غربية: حزب الله يسرّع إعادة التسلح.. هل تقترب الجب ...
- ما التحديات التي تواجه إعادة إعمار غزة؟ | بي بي سي تقصي الحق ...
- ما بعد وقف إطلاق النار في غزة
- باكستان..شاب يمشي على الهواء!
- الرئيس الأوكراني زيلينسكي في السويد لتوقيع اتفاق على تصدير ا ...
- جندي إسرائيلي يفتخر باختطاف عائلة فلسطينية من غزة يثير غضبا ...
- الجيش السوداني يتصدى لهجوم جديد للدعم السريع على مطار الخرطو ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 699 - «إسرائيل: وحش فرانكشتاين؟». من الرمز الأدبي إلى جريمة إغتيال رئيس وزراء اليمن