نظرة تحليلية لواقع التخلف العشائري والنمط شبه الرأسمالي التابع والرث وانتشار الفساد في مجتمعاتنا العربية....


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 4585 - 2014 / 9 / 25 - 08:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

من المهم والضروري في اطار عملية النضال الديمقراطي والصراع الطبقي في مجتمعاتنا العربية ، متابعة مخاطر النمط شبه الرأسمالي الذي تطور في البلدان العربية عبر عملية الانفتاح والخصخصة خلال العقود الثلاثة الماضية، وبين النمط القبلي /العائلي، شبه الإقطاعي، الريعي، الذي ما زال سائداً برواسبه وأدواته الحاكمة أو رموزه الاجتماعية ذات الطابع التراثي التقليدي الموروث، اذ أن هذا النمط المشوه من العلاقات الاقتصادية تنعكس آثاره بالضرورة على العلاقات الاجتماعية العربية بما يعمق الأزمات السياسية والاجتماعية، واتساعها الأفقي والعامودي معاً، خاصة مع استشراء تراكم الثروات الفردية غير المشروعة، وأشكال »الثراء السريع« كنتيجة مباشرة لسياسات الانفتاح والخصخصة، والهبوط بالثوابت السياسية والاجتماعية الوطنية، التي وفرت مقومات ازدهار اقتصاد المحاسيب وأهل الثقة، القائم على الصفقات والرشوة والعمولات بأنواعها، وهذه الظاهرة شكلت بدورها، المدخل الرئيسي لتضخم ظاهرة الفساد بكل أنواعه، في السياسة والاقتصاد والاجهزة البيروقراطية الادارية والامنية والعلاقات الاجتماعية ، حيث تراكم وانتشر الفساد الكبير- منذ عقود طويلة - لدى "كبار المسئولين من الحكام والامراء والمشايخ والوزراء ومعظم وكلاء الوزارات والمديرين ، ثم تكرست مرحلة الفساد الصغير وانتشرت افقيا بمساحات واسعة في صفوف صغار الموظفين ورجال الشرطة والامن وغيرهم ، بحيث اصبحت الواسطة والوسائل غير المشروعة، هي القاعدة في التعامل ضمن إطار أهل الثقة أو المحاسيب، بعيداً عن أهل الكفاءة والخبرة، ودونما أي اعتبار هام للقانون العام والمصالح الوطنية والمجتمعية ، مما يحول دون ممارسة الحد الأدنى من العدالة ، وغابت تماما امكانية تطبيق الحد الادني من مفهوم المواطنة او الديمقراطية ناهيكم عن تطبيق مفهوم المجتمع المدني أو تطبيقاته السياسية بحكم استمرار تغلغل الفساد والاستبداد الناجم عن استفحال التبعية والتخلف واحتكار الثروات والمصالح الطبقية في الانظمة العربية الحاكمةلا فرق بين نظام ملكي او مشيخي او اميري او جمهوري ...وبالتالي لا خيار أمام احزاب اليسار الديمقراطي الثوري سوى الاندماج في حركة السيرورة الثورية الجماهيرية لتحقيق اهداف العمال والفلاحين الفقراء وكل المضطهدين في الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية بافاقها الاشتراكية .