بعد ثلاثة أيام من الانقطاع الاكراهي عن الكتابة....خاطرة من وحي الحصار والقصف الهمجي الصهيوني على قطاع غزة.......


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 7828 - 2023 / 12 / 17 - 22:33
المحور: القضية الفلسطينية     

عندما تهترئ الأطر السياسية التي تتصدر قيادة الجماهير، يصبح رصد آفاق النضال الوطني التحرري والطبقي الاجتماعي الجماهيري، وتلمس مشاكله ضرباً من الجهد الفردي القلق، ومهمة شائكة وصعبة، وخاصة في مرحلة منحطة ومضطربة وصاخبة ومعقدة تتميز بتفاقم تبعية واستبداد وخضوع وعمالة معظم النظام العربي للامبريالية كالتي نعيشها اليوم في ظل تجديد وإعادة إنتاج التبعية والتخلف حفاظاً على مصالح الفئات الحاكمة.
وبالتالي فإن وحشة الجهد الفردي وقلقه- كما يقول المفكر الراحل ياسين الحافظ- لا يمكن أن يبددهما إلا الالتزام بخط الجماهير ومواكبة تحركها... كما يصبح استلهام جوهر الماركسية وروحها العامة وتراثها الثوري – دونما قبلية، ودونما سجود للصيغ الجاهزة – وسيلة لإقلال احتمالات الخطأ، وتصحيحه، وتجنب السقوط في التجريبية أو الخضوع للعفوية.
ففي ظل عزلته وغياب مصداقيته جف اليسار التقليدي واقترب من مرحلة الاحتضار بعد أن نخره التخلف الفكري، وجعل منه الجمود النظري صنماً فارغاً بلا حياة ، واستنفدت ثوريته لحساب الانتهازية وضيق الأفق، وخنقته العزلة الشديدة عن جماهير الفقراء . إن فصائل وأحزاب اليسار العربي بحاجة إلى كوادر قيادية ثورية ديمقراطية واعية بالماركسية ومسارها التطوري المتجدد ومنهجها وواعية أكثر بمكونات واقع مجتمعاتها..قيادات كفؤة وقادرة على الإجابة على أسئلة الجماهير الفقيرة والاندماج في أوساطها والتعلم منها وتعليمها وتنظيمها وتثويرها ..بحاجة إلى قيادات وكوادر متواضعة وفيّه لكل شهداء التحرر والحرية والديمقراطية والعدالة والاشتراكية.. ملتزمة بالمبادئ العظيمة التي ضحوا بأرواحهم من اجلها ..ووفيّه لأسر الشهداء والجرحى والأسرى المناضلين الصامدين ..ووفيّه لجماهير الفقراء والكادحين وقود الثورة وهدفها .
..إن فصائل وأحزاب اليسار الماركسي بحاجة ماسة جداً لقيادات مبدئية صادقة لا تعرف النفاق والانتهازية والفساد والشللية.. إنها بحاجة ماسة إلى مثل هذه القيادات الثورية الوفية الواعية الصادقة ليرفعوها على أكتافهم ، وليست بحاجة إلى قيادات تأتي إليها ليرتفعوا على أكتافها ...ويتنكروا لمبادئها وجوهرها الأخلاقي...ذلك هو أول الطريق لخروج قوى وفصائل اليسار من أزماتها الخانقة شبه المستعصية التي تنذر - في حال استمرار تراكماتها دون علاج جراحي ثوري - إلى تصدع أبنيتها وانهيارها وإسدال الستار عليها.
لذا فإن حركة اليسار الماركسي العربي المتجددة أو الجديدة داخل كل قطر من أقطار مغرب ومشرق الوطن، لن تأتي عبر تجميع الأطر الكمية الشكلية أو عبر الجمود والتخلف، أو الجثث القديمة، بل ستأتي عبر عملية خلق جديدة.
أخيراً....إن ولادة جديدة لليسار الماركسي الثوري المناضل ضد الوجود الإمبريالي الصهيوني وضد أنظمة الكومبرادور في كل بلد من بلدان الوطن العربي تحتاج إلى مخاض طويل وعسير عبر أحزاب بقيادات واعية بالماركسية اللينينية ومنهجها اولا وواعية بعمق لكل جوانب وتفاصيل التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في بلدانها، تلتحم بالعمال والفلاحين الفقراء وكافة المضطهدين في أوساط الجماهير الشعبية وتسير في مقدمتها في المسيرة الطويلة حتى تحقيق الانتصار .