وجهة نظر حول تأثير البنية الفوقية في المجتمعات التابعة والمتخلفة....


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 7807 - 2023 / 11 / 26 - 10:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


يجب إلا نستنتج من الدور الرئيسي للموقع الاقتصادي، ان هذا الموقع يكفي لتحديد الطبقات الاجتماعية، صحيح أن للعامل الاقتصادي في رأي الماركسية الدور الحاسم في نمط معين من الإنتاج وفي التشكل الاجتماعي، ولكن العامل السياسي والايدولوجيا أو بكلمة البنية الفوقية لها دور بالغ الأهمية.
وعلى هذا يمكن القول، بأن الطبقة الاجتماعية تتحدد –إلى جانب موقعها الاقتصادي- بموقعها في مجمل الممارسات الاجتماعية، أي بموقعها في مجمل التوزيع الاجتماعي للعمل، وهو يشمل العلاقات السياسية والعلاقات الايديولوجية.
ومع استمرار ركود التطور الاقتصادي و علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج في البلدان المتخلفة كما هو الحال في بلادنا العربية ،فان قوة تأثير البنية الفوقية تتزايد وتشتد باتجاه الركود أيضا ، ومن ثم تسهم في إعادة إنتاج التخلف وتجديده ،الامر الذي يخدم مصالح الطبقات الاجتماعية الاقتصادية الحاكمة الرجعية والكومبرادورية.
وللتذكير أقول _ كما يعرف الجميع _أن فيلسوفنا العبقري ماركس اعتبر البنية التحتية، أي الاقتصاد، القوة المحركة في التاريخ، فالاقتصاد عنده ، هو الأساسي، وما أفكارنا إلا انعكاسات للأحوال المادية – الاقتصادية، لذلك، أطلق، على العوامل المادية – الاقتصادية اسم البنية التحتية (The basis)، وعلى الظواهر الثقافية، مثل الدين والفلسفة والأخلاق والأدب، اسم البنية الفوقية (The superstructure).
لقد اعتقد ماركس في تحليله للأنماط الاجتماعية عبر قوانين الديالكتيك بحتمية عملية التطور الاجتماعي الاقتصادي ضمن الانماط والتشكيلات الاجتماعية الاقتصادية التي عاشتها البشرية وإلى يومنا هذا... لكنني أرى أن حتمية عملية التطور الاجتماعي الاقتصادي كما يقول ماركس قد تطول ولن تتحقق في البلدان التابعة المتخلفة كما هو حال بلدان الوطن العربي وأفريقيا ،وبالتالي فإن الظواهر الثقافية، مثل الدين والفلسفة والأخلاق والأدب، ستتعرض بالضرورة لأحوال الركود في موازاة ركود علاقات الإنتاج أو التطور الاقتصادي ،ما يعني استغلال تلك الظواهر في خدمة الاستغلال الرأسمالي الطبقي بصور بشعة ومنحطة ، وهنا بالضبط تتحول البنية الفوقية إلى مصدر رئيسي من مصادر التخلف والانحطاط.