غزة تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي ..............


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 7835 - 2023 / 12 / 24 - 16:29
المحور: القضية الفلسطينية     

غزة سفينة نوح الفلسطينية الأم الولاّدة للهوية الوطنية أصبحت بسبب القصف الهمجي الصهيوني مقبرة موحشة بلا قبور....لا مياه ولا كهرباء ولا مستشفيات ولا مأوى يحمى النازحين (وأنا وأسرتي واحفادي منهم )في المدارس والتجمعات والجمعيات والمستشفيات والخيام من البرد والمطر خاصة حينما تدلف الخيمة على ساكنيها حيث تتزايد الآلام والهموم والأحزان وكل صنوف الذل والقهر المختلط بالرعب والقلق كلما تزايد القصف الهمجي وتزايد عدد البيوت المدمرة التي تزيد عن 300ألف وحدة سكنية ، ورغم الشهداء الذين تجاوز عددهم 20 ألف شهيد أكثر من نصفهم من النساء والأطفال ، إلى جانب الجرحى الذين وصل عددهم اليوم 50ألف جريح ...رغم كل هذه الأوضاع سنظل صامدين على موقفنا ضد التوطين رغم أننا لا نعرف هل سنعيش أو نموت اليوم او غداً..........وسأظل مصرَّاً على الكتابة اليومية حول قضايا معرفية تنويرية عقلانية تقدمية تحررية وثورية معادية للعنصرية والصهيونية والنازية من جهة وضد القوى الإمبريالية والصهيونية والرجعية وأنظمتها العميلة من جهة ثانية.
في هذا السياق أشير إلى أنه رغم أن غزة أصبحت مدينة جرداء قاحلة بسبب الدمار الصهيوني ، إلا أن حكام الأنظمة العربية العميلة وحكامها المستمرين في صمتهم وعمالتهم للامريكان والصهاينة ، وهو أمر غير مستغرب ، لكنهم لم يجرؤوا_ فقط للحفاظ على ما تبقى من ماء وجوههم _ اتخاذ القرار ، ولو من الناحية الشكلية ، لسحب سفرائهم من دولة العدو الإسرائيلي........
إلى جانب تناولي للانظمة ، لا بد لي من الإشارة بوضوح إلى المجموعات المنحطة من التجار الفلسطينيين اللصوص الذين انتهزوا الهجمة الصهيونية ليكتنزوا مزيداً من الأموال على حساب جوع أكثر من 95%من النازحين دون أي رحمة او اخلاق ، رغم الجوع ينتشر بسبب الغلاء الفاحش الذي يمارسه المستغلين الاوغاد من تجار غزة ، فبعد سبعة وسبعين يوماً على الهجوم والقصف ، (بلغ سعر شوال الطحين 200دولار وسعر أسطوانة الغاز أكثر من 100دولار ووصلح سعر كيلو الملح 15دولار والبنزين بلغ سعر اللتر 15دولار وكيلو البطاطا 6دولار وورق تواليت الحمام ارتفع الدزينة 30دولار وكذلك ارتفعت أسعار الأدوية خمسة أضعاف واسعار المواد الغذائية إلى اكثر من عشرين ضعفا كدليل فاضح على الاستغلال البشع الذي يمارسه البعض في غزة )، وفي مثل هذه الأحوال كان من الطبيعي أن ترتفع صافرات الذُّل والقهر والجوع تُدوّي في بطن غزّة وجيوب أهالي غزّة ودموع أمّهات غزّة وأحلام غزّة وقهر الرّجال في غزّة الذين باتوا عاجزين كليا عن تأمين الحد الأدنى من احتياجات أطفالهم حيث بات كل شيء باهت وناقص في غزّة عدا ذل التوهان والإخلاء من البيت إلى الخيمة المأوى حيث الفقر والقهر وذُّل النزوح والحرمان أو التهديد بالتهجير والتوطين.
إن غزّة التي صمدت وتحمّلت ما لم تتحمله دول، تقول لكم أن ظهرها قد إنكسر ، وبرغم ذلك ، وبرغم القصف الهمجي والنزوح الاغترابي القاتل ، وبرغم أيّة معاناة ناتجة عن المزيد من القصف والموت والجوع والعطش والدمار، والمخططات الهادفة إلى تصفية قضيتنا الوطنية ، ستظل غزّة محكومة بالأمل وبحلم الوحدة وأن تعود موحدة سياسياً وجغرافيا مع بقايا الوطن القدس والضفة الغربية وأن يعود الحلم الذي قال عنه الخالد ياسر عرفات لن يكتمل إلا بالقدس وإلى أن يكتمل الحلم مازالت غزّة تحلم أن تُوفوا دينها ...
وهنا بالضبط أخاطب كل أحزاب والحركات التحررية الوطنية عموماً وأحزاب اليسار والحركات التقدمية في كل ارجاء مغارب ومشارق هذا الوطن ولا أخاطب ابدا اي نظام عربي مشبوه أو عميل ....
إن غزّة لا تَشحَتُ مُستقبلها من أحد لكن لم يَعُد في رصيدها إلا صمت العاجز وشبابها اليوم إمّا أنه يمارس دوره في النضال أو مع عائلته في مراكز الإيواء أو في الخيام ألتي تنتشر بالآلاف في خانيونس ورفح والمواصي وإمّا على الحديدة وإمّا على أرضية الخيمة أو مأوى النزوح اللعين.
غزة إذن تناشد الوطنيين التقدميين الشرفاء الذين يشعرون بآلامها ويقدرون لها صبرها وصمودها وبسالتها وتضحياتها الغالية التي فاقت كل التصورات ، أن لا يترددوا ابدا في الوقوف التضامني الصادق معها ليطالبوا بالمسارعة إلى ارسال المواد الغذائية والأدوية والمياه والبطانيات والخيام إلى جانب المبادرة بضرورة الانسحاب الفوري الإسرائيلي ،كما أطالب كافة القوى المشار إليها بإعلان رفضهم الصريح للتوطين ودعوة كافة القوى السياسية والمنظمات الفلسطينية للقاء عاجل يستهدف الاتفاق على دفن الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التعددية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تمهد للانتخابات الرئاسية والتشريعية والوطني.
أخيراً ، أيها الإخوة والرفاق والأصدقاء في كافة الحركات السياسية الوطنية التقدمية في مغرب ومشرق الوطن العربي ، إن الانحياز لصمود وكرامة غزّة انحياز للوطنية الفلسطينية وحق تقرير المصير والعودة والاستقلال وهو أيضا انحياز ومراكمة فعالة لنضال احزابكم في مسيرتها لتحقيق الأهداف العظيمة لشعوبكم في تطلعها للخلاص من كل أشكال وأدوات التبعية والخضوع والاستبداد والاستغلال الطبقي تمهيدا لتحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية بافاقها الإشتراكية.