فخامة الرئيس المنصف المرزوقي:


نادر قريط
الحوار المتمدن - العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 15:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     


أما بعد
فقد سمعت من الوكالات أن جنابك عُدت من فرنسا وقد تغدو رئيسا للبلاد؟! ولحينه سأكون معفيّا من مخاطبتك بألقاب التعظيم والتفخيم. وإستباقا وقبل أن تطأ قدماك قصر قرطاج، وتحف بك مظاهر البرتوكول والمستشارين والناصحين والمتزلفين إسمح لي أن "أعريك قدام الناس وأفضح تاريخك؟":

المنصف المرزوقي من مواليد قرنبالية في جنوب تونس لسنة 1945 خريخ المدرسة الصادقية، درس علم النفس ثم الطب في جامعة ستراسبورغ ـ فرنسا، عمل أستاذا مساعدا في قسم الأعصاب في جامعة تونس منذ 1979 ثم أعتقل عام 1994 وقضى أربعة أشهر في زنزانة إنفرادية، وأفرج عنه بتدخل نيلسون مانديلا، ثم أصبح رئيسا للجمعية العربية لحقوق الإنسان منذ 1997 لغاية 2000
وإضافة إلى هذه "الجرائم" الخطيرة لن يخفى علينا أنك كاتبٌ ومثقفٌ وإعلاميٌ مفوّه، وخصم للإستبداد. وهذه أمور" مشينة" لا تُغتفر

بدءا أهنئك على العودة الميمونة، وأعلم أن الشعب التونسي الأبيّ أتاح لك هذه الفرصة، فأنت لم تعد على دبابة أجنبي، ولن تكون خرقة لمسح جرائم الإحتلال، ولن ينصبك أحد في دولة طوائف وحثالات وعمائم وفرق موت وكواتم صوت.. وهذا من حسن طالعك، فتونس حررت نفسها بيدها.

ولعمري إنه شعور رائع أن نرى مناضلا ومثقفا حقيقيا يعتلي سدة الحكم، خلفا لجنرال ختم عهده الإستبدادي المافيوزي بالهرب. لكننا وللتاريخ والحقيقة لن ننسى بأن الجنرال حافظ على تراث العلمنة، وتحرر المرأة، ومنع تسلل الدين إلى الدولة، الأمر الذي سبب أيضا دخول آلاف في سجونه.. وشخصيا أعتقد أنك كمناضل حقوقي ستنهج طريقا مدنية راقية، ولن تُوصد الباب بوجه أحد. فعصر الباستيل ولّى إلى الأبد؟

وبما أنك ستكون مشغولا بهموم الناس وتحديث بنية الإقتصاد ونظام التشغيل والعمل. فإنك بلا شك ستواجه قوى النيوليبرالية العاتية التي قلّصت مساحة الدولة والمجتمع لحساب ثلّة من الأغنياء. ولا مناص حينها من المواجهة المريرة، التي تعني قصّ أجنحتها عاجلا وليس آجلا، لأن مضمون الثورة كان ضد النيوليبرالية والبنك الدولي ولصوصه، وهنا آمل أن تكون رجل دولة حقيقي تستلهم من روح حماس ستالين في بناء دولته، ومن عبقرية الرايخ في نظام العمل والدقة والإبداع .. وأن تتقي روح الشر والقسوة التي طبعت تلك التجارب. وهذه برأيي المتواضع حجز الزاوية لكل بنّاء عظيم.

إن ترك الإقتصاد رهن السياحة والزراعة (وصناعة الهريسة) سيضيق بفسحة الأمل، فالسياحة التي تشغّل حوالي نصف مليون شخص، ورغم مردودها (10% من الدخل القومي) ترتبط برضى وكرم الكارتل المالي الأوروبي على سياستك، وفي حال إعتماد سياسة وطنية مستقلة، ستتوقف كل قوافل المستحمين في شواطئكم، فتلك القوافل تتحرك بالريموت كونترول؟ وأنتم أدرى بها.
وكي لا أستمر في التخبيص الإقتصادي أرجو أن تنسى كل ما قلت، لأن كاتب السطور ليس إختصاصيا، ويعجز عن ترتيب إقتصاد منزله، لذا أجد أن ألفت أنتباهك إلى قضايا أخرى ذات بعد رمزي:

أولا: تحديد راتبك الشهري ومن معك من طواقم الدولة الكبار، وإعلانها بكل شفافية في الصحف، وكشف حسابك المصرفي وتحويلاتك أمام كل مواطن فضولي، إضافة لنفقات السفر والضيافة. وكبادرة أولى أرجو ألا يتجاوز دخلك الشهري أي أستاذ جامعي يحمل نفس المؤهلات

ثانيا: عدم تمكين أي من أقاربك من حيازة مفاتيح السلطة والنفوذ في إدارة الدولة، أو إستغلال وجودك لمكاسب مالية وإثراء غير مشروع، وتطبيق ذلك بصرامة بدءا بكريمتيك "مريم ونادية"

ثالثا: في فيينا نصب للملكة الشهيرة ماري تيريز وهي تمتطي عربة فاخرة تجرها خيول جامحة. لهذا أقترح إقامة نصب تذكاري لعربة بوعزيزي في تونس، وطرح ذلك ك مسابقة دولية.

رابعا: رفع دعوة قضائية بحق كل شخص يهتف أمامك بعبارات سوقية من قبيل "بالدم بالروح" أو ينشدك بقصيدة تعظيم جوفاء على وزن "وإنك شمس والملوك كواكب" وإعتبارها بمثابة قذف وشتم وإساءة لسمعتك. فهذه الهتافات تستحق الجزاء.

خامسا: بالتأكيد ستلتقي أثناء تبوئك هذا المنصب بقادة كثر، منهم من تلوثت يده بالدماء، والحروب، وتصدير الأسلحة المحرّمة، أو إمتلأت سجونه بأحرار الرأي، ومنهم من علق جثث المناضلين الأحرارعلى الأشجار، أو تربع على عرش ملك الملوك، دون مؤهلات عقلية ناهيك عمن ضربه الزهايمر. وبما أنك تملك ملفات كافية يشيب لها الولدان، أرجو عدم مصافحة هؤلاء (أقصد الحكام وليس الولدان) وإذا أضطررت تمشيا مع العرف والبروتوكول، فأرجو أن ترتدي قفازات وقناعا واقيا ..