حول المسيح الوثني؟ حوار مع لاهوتي


نادر قريط
الحوار المتمدن - العدد: 2727 - 2009 / 8 / 3 - 08:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

عندما قرأت رده، شعرت بالخجل، فلم أكن أعرف أنه أمضى عقودا يُدرّس اللاهوت والفلسفة، ويُشرف على أطروحات الدكتوراة في جامعات ألمانيا وسويسرا وفنلندا، فقد بدا لي أثناء الجلسة أشبه بعجوز سكير يمسح بأكمام قميصه آثار البيرة العالقة على شفتيه.. لم أنتبه أنه يجيد فن الإصغاء، فثقافتنا المشرقية لم تعلمنا أكثر من الثرثرة.. سماع الآخر فن يتعلمه البعض، لكننا عموما لا نصغي جيدا، فأثناء حديث الأخر نسهو ونحن نفكر بإستراتيجية الإجابة، وكيف سنفحمه (أو نضحكه، أو ننشل محفظته؟) فيفوتنا كثير مما قاله.. المهم أننا تبادلنا أسماء الدواب الإلكترونية (كلمة "بريد" العربية كانت تعني: الدابة التي تنقل الرسائل والأمانات) وأثناء مصافحته أخبرني أنه سعيد بالحوار وتمنى دوام المراسلة. وبعد مضي أسابيع وبينما كنت أراجع العنوان عرفت أن إسمه الأول "لازو" وهذا يدل على أصوله الهنغارية.. كتبت له

الصديق العزيز:
أرسل لك هذه المطالعة التي نشرها أحدهم (1)حول كتاب صدر عام 2004 بعنوان: "المسيح الوثني، إعادة الضوء المفقود" The Pagan Christ, Recovering the Lost Light
والكتاب من تأليف توم هاربورTom Harpur وهو دراسة حول ثلاثة مؤلفات، لعلماء المصريات غودفري هيجينز ( 1834ـ 1771) وجيرالد ماسي (1907ـ 1828) وألفين بويد (1963ـ 1880)، وفيه يكشف الكاتب أوجه التشابه بين الميثولوجية المصرية، والكتابات المسيحية التي يُفترض أنها تاريخية، ويكشف أن الإله حورس كان فعلا، صيغة قديمة للمسيح الوثني، وقبل أن أعرض عليكم رد الأستاذ لازو، أقدم فيما يلي ترجمة عربية (بتصرف) لتلك المطالعة:

مقارنة بعض النتائج بين سيرة حورس والمسيح:

ـ ولد حورس من عذراء (هناك شكوك حول هذه المعلومة)، كما ولد يسوع من عذراء
ـ حورس هو الإبن الوحيد، الذي أنجبه الإله أوزيريس. يسوع هو الإبن الوحيد الذي أنجبه الله ( بواسطة الروح القدس)
ـ الأم التي حملت حورس هي ميري Meri، مقابل مريم (ماريا) أم يسوع
ـ الأب الذي تكفل برعاية حورس كان إسمه سب Seb (Jo- Seph )، وليسوع كان يوسف
ـ كلاهما يعود لأصول ملكية (يوسف النجار ينتمي لنسل الملك داوود)
ـ ولد حورس في مغارة ، كذلك يسوع في مغارة أو إسطبل
ـ تمت البشارة من خلال ملاك أخبر الأم إيزيس بولادة حورس، أيضا بواسطة ملاك أخبر مريم بولادة يسوع
ـ علامات الولادة للأول بواسطة نجمة الصباح، وللثاني بواسطة نجم غير معروف دُعيّ: الشرق
ـ تاريخ الولادة: دأب المصريون القدماء، وقت الإنقلاب الشتوي 21 ديسمبر، على عرض طفل (يمثل حورس) في مذود (محمل)، ثم يطوفون به في الشوارع. يُحتفل يوم 25 ديسمبر، بميلاد يسوع، وتم إختيار التاريخ ليطابق ميلاد ميثرا، حيث إقتران الشمس مع ديونيسوس
ـ شهود الميلاد: في كلا الحالتين كانوا من الرعاة
ـشهود أتوا بعد الميلاد: ثلاثة من آلهة الشمس في حالة حورس، وثلاثة من الحكماء (المجوس) في حالة يسوع
ـ هيروت Herutحاول قتل الطفل حورس. هيرودس (ملك اليهودية) حاول قتل يسوع
ـ ردود الفعل على التهديدات: الإله تهات قال لأم حورس: تعالي أيتها الإلهة إيزيس، وإختبئي مع طفلك. الملاك أخبر يوسف: إنهض وخذ الطفل وأمه واهرب إلى مصر
ـ في كلا الحاليتن إنقطعت السيرة بين عمر 12 و30 سنة
ـ مكان العماد: في نهر إريدانوسEridanus لحورس، وفي نهر الأردن ليسوع
ـ كان سنّ العماد لكليهما ثلاثين عاما
ـ إسم المُعمّد: للأول كان أنوب، وللثاني يوحنا المعمدان
ـ مصير المُعمّد: كلاهما قُطع رأسه
ـ تعرض حورس للغواية (التجربة) في صحراء أمنتا بواسطة خصمه اللدود "ست" وهو الصيغة القيمة ل Satan الشيطان العبري. أيضا تمت تجربة يسوع على جبل في صحراء فلسطين، بواسطة الشيطان
ـ كلاهما إنتصر على غواية الشيطان
ـ عدد تلامذة حورس إثنا عشر (هناك شكوك في المعلومة) وهم نفس عدد تلامذة يسوع
ـ من معجزات حورس:المشي على الماء، طرد الأرواح الشريرة، شفاء المرضى، إعادة بصر العميان، وتهدأة هيجان البحر. يسوع أيضا مشى على الماء وطرد الأرواح النجسة، وشفا المرضى وأعاد النور للعميان، وأمر البحر: سلاما كن هادئا.
ـ حورس أقام أباه الميّت أوزيريس من القبر، يسوع أقام عازر (اليعازر) من القبر
ـ في مدينة "حنو" المصرية جرت الشعائر السنوية لموت ودفن وقيامة حورس. العبرانيون أضافوا متعلقا لفظيا "بيت" فأصبحت "بيت حنو أو حنين" كما في إنجيل يوحنا 11 وهي إسم البلدة التي أقيم فيها عازر من الموت
ـ "عازر" هو تحوير لإسم اوزيريس أب حورس
ـ أهم مواعظ حورس ويسوع كانت: موعظة الجبل
ـ كلاهما مات مصلوبا
ـ كلاهما صُلب بين إثنين من اللصوص
ـ كلاهما أودع القبر
ـ حورس نهض وقام من الموت بعد ثلاثة أيام، وكذلك الأمر فقد صُلب يسوع يوم الجمعة وقام يوم الأحد (بعد حوالي 38 ساعة من موته)
مطابقة الصفات بين حورس ويسوع:
حورس: نُظر إليه كشخصية ميثولوجية، ومخلص للبشرية، وإنسان ـ إله ، رعت طفولته إيزيس، ولقبه كان "كرست" Krst (المسيح) ، ومن أسمائه: الراعي، خروف الإله، خبز الحياة، إبن الإنسان، الكلمة، صيّاد السمك، الحارس، وربط مع برج السمكة، وأهم رموزه هي: السمكة، والعنب، وعصا الراعي
يسوع: نُظر إليه كإنسان ـ إله، ومخلص للبشرية، رعت طفولته العذراء مريم. لقبه المسيح، ومن أسمائه: الراعي، خروف الإله، خبز الحياة، إبن الإنسان، الكلمة، صيّاد السمك، الحارس. وأهم رموزه هي: السمكة، والعنب، وعصا الراعي
عقيدتا حورس ويسوع:
1ـ عن خصائص الخلاص، يوم الدينونة يقول حورس: أنا أطعمت الجياع خبزا، وسقيت العطاش ماءا وكسيّت العراة، وأعطيت قاربا لمن تحطمت مراكبهم. أنا حورس العظيم، أنا سيد الضوء، أنا المنتصر، أنا وراث الأبدية، أنا الذي يعرف مسالك السماء، أنا أمير الأبدية، أنا حورس الذي المستمر إلى الأبد. والأبدية هي إسمي، أنا مالك خبز "أنو" وخبز السماء مع رع
2ـ أما خصائص عقيدة يسوع فتقول على لسان (متى35 :25): كنت جائعا وأعطيتموني لحما، كنت عطشانا وسقيتموني، كنت غريبا وأسكنتموني، عريانا وكسيتموني.
أنا نور العالم أنا الطريق إلى الحقيقة والحياة، قبل أن يكون إبراهيم كنت. يسوع المسيح، هو في الأمس واليوم ودائما، أنا الخبز الحيّ الذي نزل من السماء (إنجيل يوحنا) ...إنتهى
رد الأستاذ لازو:

الصديق المُحب:
شكرا لإرسال هذه المادة اللطيفة، التي لن تجعلني عاطلا عن العمل؟ فقد سبق لي أن قرأت قبل عقود كتاب عالم المصريات جيرالد ماسي The Natural Genesis, Gerald Massey وفيه مائتا مقارنه بين حورس ويسوع وهذا ليس بجديد، ففي المطالعة يقول المسيح: إنه الماضي والحاضر ودائما، فما المانع أن يكون حورس أحد تجلياته القديمة؟؟
أما المسيح التاريخي فهو تجسد لموجود .. عذرا صديقي أرجو أن لا تزعجك فلسفتي. فحسب لغة هايدغر هناك تمييز بين "الوجود" و "الموجود" فالأولى ذات صفات أونتولوجية والثانية ذات صفات اونيطيقية ( ontiqueفي الحقيقة لم أفهم هذا المصطلح) والوجود تعريفا هو: ما فيه (جوهره) ليكون وجود الموجود، وهو بالضرورة مناف لمادته وشكله.. المعذرة هذه ليست غنوصية، بل محاولة لإقصاء الإله المتعالي Transcentalللاهوت القرون الوسطى، والذي كان مستقلا ومنفصلا عن وعينا.
. سامحني.. فالكرسي الذي تجلس عليه هو موجود، لأنك تراه وتحسّه، ولو سافرت بعيدا فإنك ستقول: إن الكرسيّ موجود، وتقصد بأنك لو عدت إلى البيت لأمكنك إدراك وجوده، إذ لا وجود مطلق للأشياء دون أن تكون موضوعا مُدركا. لن أذهب بعيدا، سأختصر بما قاله بريكلي في مبادئ المعرفة الإنسانية: لا حقيقة لأفكارنا وآرائنا وأحاسيسنا، ولا يمكنها أن تُوجد بدون عقل يُدركها.. وهنا إسمح لي أن أعود ليسوع الذي حمل معنيين معا، فهو مرتبط بتساؤلنا عن وجودنا، وهو تاريخ داخل لغتنا .. وعندما يكون تاريخا فهو صورة لأفكار بشرية.
ألم تلاحظ أن المسيح التاريخي كان غريب الأطوار، ونقيض دعوته لمحبة الأعداء، كان لا يظهر الود والإحترام لأمه، وعندما قيل له: أمك وإخوتك واقفون خارج الدار ليكلموك أجاب: من هي أمي ومن هم أخوتي ثم أشار بيده إلى تلاميذه وقال: هؤلاء هم أمي وإخوتي، فمن يعمل بمشيئة الله هو أخي وأختي وأمي (متى 46: 12) لقد قرأت قبل مدة كيف أن مجاهدي الجزائر إزدروا من لايتبعهم حتى لو كانوا آباءهم وأمهاتهم، لقد ضحكت فلا بد أنهم تعلموا شيئا من حرفية كلمات المسيح.. يا صديقي: عندما كان يسوع جائعا مر بقرب شجرة تين، فما وجد عليها إلا الورق فدعى عليها قائلا : لن تثمري أبدا؟ فتيبست التينة في الحال!!
لماذا يتصرف الإله التاريخي بهذه الصورة الخرقاءا؟ لأنه صورة لأفكارنا. لكن كل ذلك لن يغير شيئا؟ فجوهر ورمزية المسيح كونه طريقا للشفاء والخلاص، وطريقا مفتوحا للخير والحقيقة، رغم ما في تاريخ الكنيسة من سلطة وجبروت. إنه "كلمة" تعيش في ثقافتنا ولن تتلاشى بمقارنات السيد توم هاربور ؟ كما إنه "روح الله" وكلمته، هذا ما يقوله أيضا كتاب المسلمين، فأمه مريم، أكثر شخصيات القرآن قداسة.. يا صديقي حتى لو إختلست إيماني بالمسيح، فهل تستطيع أن تسلبه من مليار مسلم.
المخلص لازو
ـ1 المطالعة مقتبسة من دراسة بعنوان: المتوازيات بين يسوع والإله المصري حورس ل ب. آ . روبنسون
Parallelen zwischen Jesus und Horus, einem ägyptischen Gott von B. A. Robinson
كتابات نادر قريـــــــــــــــــط