أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عباس علي العلي - مقدمة في دراسة فلسفة التشريع














المزيد.....

مقدمة في دراسة فلسفة التشريع


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7296 - 2022 / 7 / 1 - 00:15
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


البحث في مضان التشريع أسباب وأليات ومناهج تتبع مدارس وأفكار محددة سواء أكان التشريع هذا يختص لجانب محدد أو عموم التشريع، ولا بد أن يكون طريقا محفوفا بالكثير من الأختلاف وتعدد الرؤى والقراءات بناء على طريقة فهمنا لما يعني التشريع، خاصة عندما يكون المجتمع الذي ندرس تشريعه في محاولة لقراءة فلسفته التشريعية أو لإعادة بناء منظومة موحدة للتشريع، لا بد أن تخضع لفلسفة محددة وواضحة تتناغم بين تقليده الثقافي والروحي الحضاري التأريخي، ومع رؤية مستقبلية تنفتح على إحداثيات ما يجب أن يكون عليه التشريع المعاصر من قدرة على حماية الحقوق الأساسية للإنسان أولا، ومراعاة حقوق المجتمع وما يفرضه من إلتزامات على الفرد، التوازن هنا أيضا ينبع من مصلحة الفرد ولمصلحته، فلا يمكن تشريع قانون أو قاعدة ضابطة له وهو غير مؤمن بها حتى لو كانت في جانب منها تحقق له بعض ما يتأمل، بمختصر القول أن التجربة البشرية التاريخية في جانبها المعني هنا بالبحث يظهر لنا أن التشريع في غالب الأحيان بل وفي معظم الحالات، يستند أما لمصلحة ذات قيمة أعتقادية عليا كالأديان والعقائد، أو أستجابة لمصالح مؤسسة بشرية قادرة أن تفرض التشريع الذي ترغب به بعيدا عن الفلسفات والقيم الأجتماعية الإنسانية السوية، وأحيانا يكون التشريع خلط هجين وفوضوي بين الشكل الأول والثاني خاصة مع تخادم الدين والسلطة.
فالتشريع كما هو معروف ليس إلا صورة من ثقافة ورؤية السلطة وإنعكاس لقراءاتها للواقع، فالمجتمعات المغلفة بواقع ديني لا يمكنها صياغة قاعدة تشريعية منظمة ما لم تمر على منبعها الروحي (الديني)، هذا ليس خيارا متاحا فقط بل هو ميل عمومي وأحيانا يكون أعمى لا يرى الواقع بل لا يرى الدين بحقيقته، فهو ينسب للدين ويسرب للواقع بناء على ما يعتقد، سواء أكان هذا الأعتقاد مماهيا لفلسفة الدين وفلسفة التشريع فيه أم لا، هو في الحقيقية يريد أن يجعل من الدين الذي يظن أنه التمام والكمال النوعي القيمي المعرفي أساس واقعه، وواقعه سيتحول بموجب هذا التشريع إلى حاضن لفكرته الدينية، وبالتالي فهو لا يسأل عن حقوق وواجبات، بل يسأل عن إلتزامات مفترضه حتى لو كانت ضد حقوقه وضد إنسانيته، في الجانب الأخر جانب السلطة حينما تشرع فتضع عقلانيتها المفترضة كدليل للتشريع، فرضاها يعني قاعدة ملزمه ورفضها لشيء أخر قاعدة أخرى، وبالتالي يولد التشريع السلطوي إبنا للمؤسسة الحاكمة أيا كان مصدر رؤياها أو كيفية سيرورته.
من هنا عندما نريد أن ندرس أي مجموعة تشريعية منتظمة في إطار واحد أو في مجموعة أطر وضعت لمجتمع ما في زمان ومكان محدد، لا بد لنا أن نحيط أولا بفلسفة ومفهوم السلطة تكوينا وتعبيرا وواقعا، لآن العملية الأستكشافية التي ستوصلنا لمراد البحث بالضرورة العلمية لم تأت ولن تأت من ولادة منقطعة عن الجذور المؤسس لها، ولو عدنا مثلا للشرائع الدينية بأعتبارات عديدة أولها المصدر الذي جاءت منه والكيفية التي تم بها التشريع والمنهج والأساليب والأداة، كل هذه العناوين تجتمع لتقول عبارة مختصرة جدا أن التشريع الديني الإلهي وإن كان من مصدر مطلق بالعلمية والمعرفية، إلا أنه يأت مرتلا ومتواليا ومتفهما لقدرة الإنسان وحاجة للتشريع والتعامل به على أنها قواعد ضابطة ورابطة له.
الملاحظة التي أدونها هنا والتي قد تشكل شبهة معرفية منتشرة بين كتاب الشرع والشرعيات والتشريع خصوصا هو فهمهم لدور الفلسفة في أستبيان أتجاهات الشريعة أو التشريع، أي أستخدام الفلسفة لدراسة كيفية تقديم المراد الشرعي وجعله ملائما للواقع ومقبول أجتماعيا فيه، فلو نظرنا ببساطة للتراث الشرعي والتشريعي ونظرنا لكيفية أستخدام الفلسفة في دراسة التشريع نجد مثلا (الشّرع والشّريعة... ما شرع الله لعباده من الأحكام... سواء كانت متعلّقة بكيفيّة عمل وتسمّى فرعيّة وعمليّة، ودوّن لها علم الفقه، أو بكيفيّة الاعتقاد وتسمّى أصليّة واعتقاديّة، ودوّن لها علم الكلام) ، فتعريف الكشاف الوارد هنا يعتمد على أساسين هما أن الشريعة والتشريع مرتبط بالدين والعقيدة وهما بالضرورة من مصدر واحد هو الله، الأمر الأخر تقسيم التشريع حسب طبيعة المواد التشريعية يقسم الفلسفة التشريعية إلى قسمين منطقي وأصولي، فالفقه يطبع على أنه فلسفة أصولية والعقيدة أكثر ما تكون منطقية وإن كان هناك أراء أخرى في هذا الشأن.
هذا التقسيم بين أصولي ومنطقي لا يشكل أهتماما محوريا لدى دارسي فلسفة التشريع بقدر ما يثير النص من عبارة (ما شرع الله لعباده من الأحكام)، السؤال المطروح هنا وهو ضمن مجموعة كبيرة من الأسئلة المتداخلة فيما بينها وهو "هل حقا أن الله أراد من نتائج النصوص المشرعة ما نتفقه به أو نفهمه من خلال علم الكلام مثلا؟"، السؤال الأخر هل ما نتفقه به أو نتعامل به ومعه يمثل فعلا إرادة الله من تشريعه للنصوص؟ ماذا لو أنتجنا أراء فقهية متعارضة من نص واحد؟ أيهما يمثل إرادة الله؟ أو لو تعددت الآراء الفقهية مع تعدد الأزمان والمكان بأي فقه نتعبد لنكون الأقرب لمظان تشريع الله ومقاصده الجوهرية؟ أليس أختلاف أتباع الدين وظهور الملل والطوائف والمذاهب دلالة على فشل فكرة أن ما وصلنا من تشريع لا يمثل بكل حال ما شرع الله لعباده.
في رأي المتواضع أن السبب في النتائج الكارثية التي بنيت على الأختلاف العقلي الطبيعي في فهم التشريع هو أننا نتفلسف في النص وما بعده لنصل لنتائج مختلفة، ولم نجعل الفلسفة منطلقا أوليا وابتداء لتكون طريقنا لفهم ما يريد الشارع من نصه المشرع، أي أننا يجب أن نفهم فلسفة القواعد الكلية التي تحكم المجموعة التشريعية أولا، لا أن نستسقي الأحكام الكلية من مصادرها الجزئية بأعتبارها فلسفة واقعية وعملية، فالأحكام ما هي إلا وسائل من ضمن مفهوم فلسفي أكبر يتمثل في روح وجوهر فكرة الدين الأساسية، وهي الأنتظام الأكثر خيرية والمنتج للصلاح والإصلاح في أطر من الفضيلة ومكارم الأخلاق.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق قادم ح3
- العراق قادم ح2
- العراق قادم ح1
- ماهيات الحضارة الإنسانية من وجهة نظر أجتماعية تاريخية
- في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي
- تشرين وما بعد تشرين العراق قادم بقوة.
- الرؤية الوطنية لحركة -العراق قادم-
- بيان من حركة -العراق قادم-.
- النجف تتحكم بمفاتيح الإنسداد وبغداد تسمع وتطيع
- قراءة خاصة لمستجدات الوضع العراقي
- شرف الخصومة ومبادئ العمل السياسي الوطني.
- في الواقع السياسي العراقي... قراءة متشائمة أو تحقيق للواقع
- سؤال التاريخ الوجودي من وجهة نظر فلسفية
- هل ينبغي لنا أن نهجر الدين ح 1
- السيادة والدونية والقيادة المحترفة
- قانون الأمن الغذائي ما له وما عليه
- التأسيس الطائفي للدولة
- العالم ليس أوربا .... غادروا عقلية المستعمر.
- الحرية السياسية وإبداء الرأي بين إباحة دستورية وتشدد قضائي
- مفاهيم ومقارنات فلسفية وفكرية


المزيد.....




- روسيا والصين تؤيدان طلب بغداد إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة ...
- -ما علاقة التحيز الجنسي والمثلية؟-..عمدة لندن يهاجم ترامب
- 15 دولة أوروبية تقترح -حلولا جديدة- لتسهيل نقل المهاجرين إلى ...
- الأمم المتحدة: دخول المساعدات برا هو الأسرع لتجنب المجاعة بغ ...
- 15 دولة أوروبية تطالب بحلول ابتكارية لنقل المهاجرين
- اعتقال أستاذة بجامعة كاليفورنيا لدعمها احتجاجات الطلبة المؤي ...
- جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن ...
- مطار العريش يستقبل 125 طن مساعدات لإغاثة غزة من روسيا وباكست ...
- من يتحكم بمصير النازحين في العراق؟
- الحركة الشعبية-شمال ترفض مقترحا لمجلس السيادة بشأن الإغاثة ب ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عباس علي العلي - مقدمة في دراسة فلسفة التشريع