أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )














المزيد.....

دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6776 - 2020 / 12 / 31 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


بدء المساء الذي ياما انتظرته يُلقي بضلاله الباهت على بيت ام جانيت الانيق في احد احياء المدينة الهادئة الراقية … طرقتُ الباب طرقا خفيفا فيه الكثير من الحنان المفتعل … حرصتُ ان يكون صادرا من جنتلمان حديث الانشاء ، وليس من يدٍ خشنة اعتادت على الطرق بنية التفليش ! أُحاول ان أصلب عودي … بدء الخوف المحبِّط يتسلل الى قلبي كريح باردة … استندتُ الى الجدار خوفاً من ان اقع مغشيا علي … التقطتُ انفاسي بصعوبة ، وكأنني عازم على مقابلة ملكة بريطانيا العظمى … هل انا جبان الى هذا الحد ، ام هو الحب من يفعل بي ذلك ؟
تقف امامي سيدة في منتصف العمر وقورة جميلة من نوع ذلك الجمال اللاتيني الأخاذ في كامل أناقتها ، وروعتها .. يسبقها عطرها الباريسي المنعش المثير ، وكأنها مقبلة على الذهاب الى حفلة راقصة او اجراء مقابلة تلفزيونية حصرية او او … القيت عليها تحية المساء بهدوء مفتعل ايضا ، وقدمت لها باقة الورد الجميلة التي اوصاني احد الاصدقاء بأخذها ، وانا اجد صعوبة في اخراج الحروف ، والكلمات التي ياما تدربت عليها في الليالي السابقة ، وكررت البروفة ، وانا في الطريق … !
ابتسمتْ بود ابتسامة حلوة مشجعة عن اسنان بلون اللؤلؤ من شفتين عنّابيتين ، وكأنها تنوي ان تطرد ما علق في نفسي من خجل شرقي ، وخوف موروث ، وتردد يليق بمثل هذه المواقف ، وتلك المناسبات النادرة ، ثم ردت التحية بمثلها ، وزادت بأن شكرتني على الورد اللطيف ، وهي تلفظ الراء غين .. اعجبتني تلك الرنة الموسيقية على لسانها … أهو غنج ام هي طبيعة فيها ؟ وان كان غنج ، فما اجمله ! وان كان من ضمن طبيعتها الرائعة فمرحبا بهكذا طبيعة … تمنيت ان تنتقل الى بقية نسائنا الكادحات لتخفف من حدتهن … ثم اكملتْ بقية عبارات الترحيب مما اضاف الى شخصيتها خصوصية نادرة ، ودعتني الى الدخول باجمل ، وأحن العبارات … اتدرون ؟ لم اكن اتوقع هذا ، ولم استعد لمثل هذه اللحظة التاريخية … !
طفلين ظهروا امامي متراصين .. كانوا صغاراً كالدجاجات الحلوات ، ينظرون اليَّ بدهشة ، وكأنهم امام كائن فضائي … ايضا في كامل اناقتهم ، وبمنتهى النظافة ، والشياكة … هل اقارنهم مع اطفالنا المساكين ام اصمت ؟ أُفضل الصمت ! فانا في حضرت الواقع الجديد المتوقع ان اعيش في جنباته ، وربما انجح في الانصهار فيه …
فكرت ، وسرح بي الخيال المجاني … هل يمكن ان اتزوج منهم ، وتكون زوجتي دائمة الاناقة ، والجمال ، والرقة مثل هذه السيدة المحترمة ، واطفالي مثل هاذين الكتكوتين اللذين لا اراهم الا في قصص اليس في بلاد العجائب ! تذكرت .. بان اصول اللياقة تحتم علي ان اصافحهم ، واتعامل معهم كأناس بالغين راشدين … ولا استصغرهم كما عندنا ، وانظر اليهم على انهم اطفال مجرد اطفال ، وهو ما فعلت ، ولكن بطريقتنا فلم اعتد على اسلوبهم ، وثقافتهم بعد …
فكرت ايضا ، والمصيبة في التفكير دائماً ، ويا ليتني اتوقف عن هذا التفكير الذي لا يودي ولا يجيب ، لماذا نختلف عن بعض ، وما اوجه الاختلاف بيننا ، ومن اين جاء هذا الاختلاف ، فنحن كلنا بشر … هل يمكن للدين ان يُحدث مثل هذا الفارق الهائل ؟ ربما … ام هي الخلفية الثقافية التي تختلف كليا عن خلفيتهم … عذرا اقصد ثقافتهم حتى لا يساء فهمي ! وقبل ان أُكمل نقاشي مع نفسي ظهرت حبيبتي ، ونور عيني ، وبطلة احلامي التي تحتلها طوال الليل ، وحتى في احلام اليقظة في اطراف النهار … جميلة انيقة رائعة … يتفجر جسدها الابيض الناصع بانوثة طاغية … آه .. ! كيف ضاع العمر ، وتفتتت سنينه ، وذرّتها الرياح في صحارى رملية قاحلة ؟
عانقتني ، وقبلتني على شفتيي الجافتين امام الجميع ، وانا اكاد اذوب ذوباناً في ملابسي ، كما تذوب الفكرة الغبية في النسيان … اينما التفتُ ، واينما تحركتُ اجد ثمة فارق كبير بيننا … كيف السبيل الى تطويعه … هل استطيع ؟ لا ادري ! تشاغلت بتعديل رباط عنقي الذي يكاد يُطبق على انفاسي مدارياً ارتباكي ، والخجل المزمن الذي يفترسني كأني عروس في خدرها … معقول ؟ اين الرجولة ، واين الشجاعة العربية الاصيلة ، واين السيف ، والخنجر ، والعقال .. التي ياما صدعنا بها رؤوس الاعداء ؟ وهل هم اعداء ؟ أيمكن ان تكون مثل هذه الكائنات الرقيقة اعداء ؟ أيمكن ان يجعل منهم الفرق بين الاديان … اعداء ؟ ولماذا اعداء ؟ مرحبا بهكذا اعداء ، وبئسا لاقارب من نوع داعش !
هكذا واصلت التفكير !
اعود الى سؤالي الجدلي : هل يمكن للدين ان يحدث كل هذا الفارق ، ام الامر لا علاقة له بالدين ؟ لا اخفي سرا اذا قلت بانني فكرت في الهرب … في الفرار مضحيا بحبي ، ومستقبلي ، ولحظات المتعة الخفية التي كنت اختلسها من جانيت ، والموعود باكثر منها في المستقبل … خوفا من الفشل .. العقدة القابعة في داخلي دوما ، وابدا … !
وهو للاسف … ما فعلت !!
واليوم ، وفي هذا المكان الميت من وطني الحبيب أقر ، وأعترف : كم انا نادم على عمري الذي ضاع ، وعلى الفرصة النادرة التي ضيعت … ما اشقاني … ما اتعسني !
- اين كنت … حضرتك ؟
زوجتي العروبية ، والدائمة الغضب … تصرخ بعصبية في وجهي ، وعيناها تضيقان عن نظرة متحفزة شرسة … ! تواصل …
- سارح حضرتك في دنيا الخيال ، وانا صار لي ساعة انبش بالبلوعة ، وانهد حيلي !
تقذف بالضاغطة في وجهي … اشم رائحة هواء ثقيل مفعم برائحة العطن اينما التفت ، وفي اي اتجاه هممت … اتذكر رائحة جانيت ، وام جانيت الباريسية التي تسكنني دوما .. لا تغادر انفي ، ولا اجد لها مثيلا ، ولا اجروء طبعا على المقارنة فهي شاسعة … !
قلت ، وانا انفخ نفسي على الفاشوش :
- حاضر … حاضر بدون عصبية رجاءً !
اتناول الضاغطة كأي جبان عريق ، وأُكمل نبش البلوعة العنيدة الشرسة .. التي لم اراها يوما في حياتي التي ضاعت هباءً .. سالكة مثل بقية بلاليع البشر ! والسؤال الذي لم يغادر مخيلتي ، ويا ليته فعل ، وريحني ، والذي لم اعثر له على جواب لحد الان :
هل يمكن للدين ان يحدث فرقا ؟ ام هو الغباء ، والجهل من يفعلان ذلك ؟!
ايضا لا ادري … كما طول عمري !



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمرأة بمئة رجل … ! ( قصة قصيرة )
- زوجة نائمة في العسل … ! ( قصة قصيرة )
- ما وراء الشمس … ! ( قصة قصيرة )
- من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )
- الظاهرة الترامبية العابرة … !
- انتفاضة تشرين … مخاض أملٍ جديد ! ( قصة قصيرة )
- غرباء في هذا العالم … ! ( قصة قصيرة )
- حُلمٌ … مخجِّل ! ( قصة قصيرة )
- من هنا مرّت فاطمة … ! ( قصة قصيرة )
- القمار ، وعواقبه … ! ( قصة قصيرة )
- التطبيع خيار سلام … ام مشروع فتنة ؟!
- جنون ، وضياع … ! ( قصة قصيرة )
- الشعوب العربية … آخر من يعلم ، وآخر من يهتم !
- المصالحة الفلسطينية … الحلم !
- هل اصبحت الحرب مع ايران قدرا … لا مفر منه ؟
- عودٌ على بدء … !
- هل يمكن ان يعيد التاريخ نفسه في 2024 ، ويفوز ترامب !
- هل يمكن ان تكون الانتخابات الأمريكية … مزورة ؟
- هل يمكن ان تأمن لصداقة قوم … الخير فيهم هو الاستثناء ؟!
- آمنت لك يا دهر … ورجعت خنتني !


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )