أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أوزجان يشار - عام 2025: عام حزين آخر يرحل تاركا العالم على عتبة التحوّل الكبير














المزيد.....

عام 2025: عام حزين آخر يرحل تاركا العالم على عتبة التحوّل الكبير


أوزجان يشار
كاتب وباحث وروائي

(Ozjan Yeshar)


الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 17:58
المحور: الصحافة والاعلام
    


لم يكن عام 2025 عامًا عابرًا في سجلّ الزمن السياسي، بل شكّل نقطة انعطاف ثقيلة في مسار النظام الدولي. عامٌ تداخلت فيه الحروب بالاقتصاد، وتحولت فيه السياسة إلى إدارة أزمات دائمة، وتقدّمت فيه الأسئلة الكبرى على الأجوبة الجاهزة. وسط هذا المشهد، بدا العالم وكأنه يعيد تشكيل توازناته على وقع تصدّع النموذج الليبرالي التقليدي، وصعود نظام جديد لم تتضح ملامحه بعد.

اقتصاديًا، دخل العالم مرحلة التباطؤ دون السقوط. نموّ محدود، تضخم مرتفع، ديون خانقة، وتركيز غير مسبوق للثروة. أظهرت تقارير المؤسسات الدولية أن أقل من 0.001٪ من سكان العالم باتوا يمتلكون ثروات تفوق ما يملكه نصف سكان الكوكب مجتمعين. هذا التمركز الحاد للثروة لم يعد رقمًا اقتصاديًا فحسب، بل تحوّل إلى عامل تفجير اجتماعي وسياسي، لا سيما في المدن الكبرى حيث تصاعد الغضب ضد الاحتكار وتآكل الطبقة الوسطى.

في الولايات المتحدة، شكّلت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية عامل تسريع لهذا المسار. سياسات “أمريكا أولًا” عادت بنبرة أكثر صدامية: رسوم جمركية واسعة، نزعات حمائية، وتراجع عن الالتزامات الدولية. داخليًا، تعمّق الاستقطاب بين الشعبوية المحافظة والتقدمية الحضرية، في وقت أصبحت فيه الفجوة الطبقية العنوان الأبرز للسياسة الأمريكية، تمهيدًا لمعركة انتخابية محتدمة مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.

ضمن هذا السياق، برز صعود اليسار الحضري بوصفه ردّ فعل مباشر على احتكار الثروة. وجاء انتخاب زهران ممداني عمدةً لنيويورك لحظةً رمزية لتحوّل سياسي أعمق، حيث لم تعد الإصلاحات الجزئية كافية، بل طُرحت سياسات جذرية تمسّ السكن، والأجور، والنقل العام، بتمويل مباشر من ضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى. هذا التحوّل لم يكن محليًا فحسب، بل عكس مزاجًا عالميًا بدأ يشكّك في شرعية النظام الاقتصادي القائم.

غير أن مركز الثقل الحقيقي لعام 2025 ظلّ في الشرق الأوسط. حرب الإبادة في غزة لم تكن حدثًا إقليميًا محدودًا، بل اختبارًا أخلاقيًا للنظام الدولي بأكمله. القتل الجماعي، والتدمير الممنهج، والحصار الخانق، واجهها العالم بانقسام فاضح بين التبرير والصمت. لكن ما جعل العام فارقًا هو كسر جدار الحصانة السياسية، عبر إجراءات محكمة العدل الدولية التي أقرت بخطر الإبادة، وتجريم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على المستوى القانوني والأخلاقي، إلى جانب اتساع رقعة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. تحولات لم توقف الجريمة على الأرض، لكنها غيّرت مسار السردية السياسية العالمية.

هذا المشهد أعاد تعريف مفهوم “السلام” نفسه، وفتح الباب أمام توظيفه سياسيًا في ساحات أخرى من العالم. في فنزويلا، بزغ نجم ماريا كورينا ماتشادو بعد منحها جائزة نوبل للسلام، لا بوصفه تكريمًا فرديًا فقط، بل كمؤشر على محاولة إعادة تشكيل المشهد السياسي الفنزويلي في مواجهة نظام الرئيس نيكولاس مادورو، الذي يرزح تحت حصار أمريكي خانق يُسوّق تحت عناوين حقوق الإنسان والمخدرات، بينما يبقى نفط فنزويلا ومعادنها في صلب الصراع الحقيقي.

إقليميًا، ظلّ الشرق الأوسط ساحة توازن هشّ. إيران واجهت تصعيدًا عسكريًا واستهدافًا لمواقع نفوذها، ما زاد من هشاشة وضعها الداخلي. في المقابل، تبنّت السعودية ودول الخليج مقاربة براغماتية مزدوجة: حوارًا دبلوماسيًا مع إيران بدعم صيني، واستعدادًا للتعامل مع أي انهيار إقليمي محتمل قد يهدد أمن الطاقة والممرات البحرية. وبالتوازي، واصلت دول الخليج تسريع مشاريع التحوّل الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، إدراكًا بأن عصر الاعتماد المطلق على النفط يقترب من نهايته التاريخية.

اقتصاديًا، انعكست هذه الفوضى الجيوسياسية مباشرة على الأسواق العالمية. سجّل الذهب والفضة ارتفاعات قياسية، لا بوصفهما أدوات استثمار تقليدية، بل كملاذات خوف. الإقبال على المعادن الثمينة كان تصويتًا صامتًا ضد العملات الورقية، وضد نظام مالي فقد قدرته على بثّ الطمأنينة. في عالم يسوده عدم اليقين، عاد الإنسان إلى أقدم أشكال الأمان.

في الخلفية، فرضت أزمة المناخ نفسها كصراع مؤجّل لا يقل خطورة. التحضيرات لمؤتمر COP30 كشفت فجوة صارخة بين التعهدات البيئية والتمويل الفعلي، فيما تحوّلت الطاقة الخضراء إلى ساحة تنافس جيوسياسي بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين، ودول الشرق الأوسط الساعية إلى التحول لمراكز إقليمية للهيدروجين والطاقة المتجددة.

كل ذلك يشير إلى أننا دخلنا عقد التحوّلات الكبرى:
عولمة تتراجع، أقاليم تتقارب، اقتصاد ينمو ببطء تحت ضغط الديون والتكنولوجيا، ومجتمعات تواجه الشيخوخة السكانية في الشمال مقابل ديناميكية سكانية في آسيا. تبقى الولايات المتحدة قلب النظام المالي والتكنولوجي، فيما يظل الشرق الأوسط مركزًا للطاقة والتوتر في آن واحد. أي اختلال في إحدى هاتين الساحتين ستكون له ارتدادات عالمية عميقة.

عام 2025، بهذا المعنى، لم يكن عامًا للإجابات، بل عامًا لانكشاف الأسئلة.
هل يتجه العالم نحو نظام أكثر عدلًا، أم نحو قسوة أكثر تنظيمًا؟
هل تُنتج هذه التحوّلات فرصًا للسلام، أم أشكالًا جديدة من الصراع؟

نستقبل العام الجديد بين تفاؤلٍ حذر وتشاؤمٍ واقعي. نتفاءل لأن التاريخ لم يُكتب بعد، ونتشاءم لأن القوى التي صنعت مآسي الأمس ما زالت حاضرة. ومع ذلك، تبقى الأمنية الأصدق:
أن يكون العام القادم أقل دمًا، أقل كراهية، وأكثر قدرة على إعادة الإنسان إلى مركز السياسة، لا إلى هامشها.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)       Ozjan_Yeshar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضات من حياة حنّة آرنت: رحلة نجاة من النازيه حتى انقاذ التف ...
- مجتمع الغربان: بين شريعة الكل وإخفاق الفرد
- الحياة ضمن القطيع: ضرورة اجتماعية أم شعور زائف بالأمان؟
- الخلل في التفكير: بين ضرورة الأولويات ورفاهية الكماليات
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل التاسع والأخير- سيرة ملك بين الطين ا ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل الثامن- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل السابع- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل الخامس- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل السادس- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل الثالث- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل الرابع- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل الأول- سيرة ملك بين الطين البابلي وا ...
- نبوخذنصر الثاني: -الفصل الثاني- سيرة ملك بين الطين البابلي و ...
- رايان الذي روى عطش مليون إنسان
- ومضات من بريق ضوء في ماريلاند: رحلة باميلا واتسون عبر سكون ا ...
- الهندسة الأخلاقية للكون: قراءة في فلسفة براين لويس ومشروعه ف ...
- الوجه الخفي لليابان: من صليل سيوف فرسان الساموراي إلى رقة تل ...
- ليوبولد الثاني: الملك الذي امتلك قارّة وأباد شعباً
- ومضات من فن الرسام الإيراني -محمود فرشجيان- رائد المدرسة الر ...
- هيباتيا: شمس الأسكندرية المشرقة في عتمة التطرف والإرهاب


المزيد.....




- تبون يرد على ما أثير حول وجود قوات جزائرية في تونس وعلاقته ب ...
- نيوزيلندا تستقبل 2026 بعرض ألعاب نارية في -برج سكاي تاور- في ...
- بعد تقارير إعلامية عن نفوذ جزائري واسع في تونس.. تبون: أمن ا ...
- على العهد باقون ومستمرون وفاءاً لتضحيات شعبنا ولدماء شهدائنا ...
- القضاء الإيراني يتوعد بالحزم في ظل استمرار التظاهرات
- يوروستار تعلن استئناف حركة عبور المانش بعد تعليقها بسبب خلل ...
- بلغاريا تعتمد اليورو بعد 20 عاما على انضمامها إلى الاتحاد ال ...
- فورين بوليسي تكشف الحقائق الخمس للحروب في 2025
- مذيعا CNN يجربا أسرع أفعوانية في العالم.. شاهد رد فعلهما لحظ ...
- إيران.. الحكومة تعترف بالاحتجاجات رغم وعيد بتصدٍ -حاسم- وبزش ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أوزجان يشار - عام 2025: عام حزين آخر يرحل تاركا العالم على عتبة التحوّل الكبير