أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - ملاك العام الجديد . . ما تسرب عن تلك الليلة - قصة قصيرة / 30ديسمبر2025















المزيد.....

ملاك العام الجديد . . ما تسرب عن تلك الليلة - قصة قصيرة / 30ديسمبر2025


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 13:41
المحور: الادب والفن
    


كانت سوشي في تلك الليلة مزدحمة على غير عادتها ، لكن منتزه الممرات العامة على الكورنيش القريب من البحر الأسود ظلت محتفظة بمساحة من الصمت ، كأن المدينة قررت أن تترك زاوية صغيرة للأشياء التي لا تقال - التقيا ، إلتقاء نظرة ، لا بسبب صدفة لافتة ولا حكاية تستحق أن تروى لاحقا - توقف قصير ، ابتسامة لا تعرف إن كانت مجاملة أم دعوة .
لم يسألها أية أسئلة عن نفسها ، فقط :
- تي رابوتايش إيلي ستيودنكا
، أ . . تي روسكايا . . ها
، ت . . تي اوتشن كراسيفايا .

استمر الصمت بعدها طويلا فقط العيون تتفحص برقة واخيلة لغوية عن قضاء ليلة رأس السنة هذه كما لو انها من العمر .
كلاهما كان يعرف بلا ضرورة للكلام ، وأن تفاصيل الثرثرة تجهض جمال هذه الأمسية المحتفظة بجزء من الدفء بعد والرفرفة بين قشور الثلج المتطاير المتساقط دون كثافة بعد من السماء البيضاء ، بل انها تثقل جمال اللحظات المؤقتة .
جلسا على مقعد خشبي يواجهان بعضهما – كان شعرها الذهبي يشاكس وجناتها الوردية وجبهتها كثيرا و . . هي بأريحية تداعب خصلاتها المزعجة برميها الى خلف هامتها بلطف او تغزلها تدويرا بين أصابع يدها و . . تبدو انها تصنع من افكارها اخيلة وعينيها لم تسقط عن النظر إليه – كان شابا عربيا جميل الملامح ، ويعكس وجهه عن خجل محبب وسلوك مهذب

بدأ الحديث متقطعا ، الطقس ، الموسيقى القادمة الى مجلسنا من بعيد في عمق المنتزه ، حيث اخذنا مقعدينا في كافتيريا قريبة من المدخل الذي دلفنا من خلال بوابته الحديدية المنحوتة بأشكال لم اهتم بتمييزها ف . . فقد كنت في رحلة إجازة حجزت لنا من الجامعة في سوتشي - كان اكتظاظ المكان والشوارع والمطاعم والمراقص علامة مميزة في مثل هذا اليوم من العام . . من ساعات الصبح الأولى . . بخروج الناس احتفاء بانتهاء عام منصرم بعد اعلان اللحظة صفر بعد منتصف الليل لبدء العام الجديد بكثير من الاماني التي همس بها سرا - لكن شيئا في نبرة الصوت . . كان يقول إن الكلام مجرد غطاء لرغبة غير معلنة في البقاء أطول حين بدأت الموسيقى تصدح بعد خروجنا البطيء من المنتزه في الساحة القريبة منه - وقفت ، مدت يدها إلي دون نطق كلمة واحدة ، كانت لا تزال لغة العيون هي الوسيط بيننا – اشبكت أصابع كفي الايسر مع يمناها و . . سحبتها بخطو بطئ موقع ولففت يدي اليمنى حول خصرها – كانت لوحة من السحر الانثوي حين احسست بتنفساتها بين اضلعي وهواؤها المعطر يدفئ عنقي ويمتع انفي بروائحها المعجونة بين

العطر الخفيف ونسمات الطبيعة العالقة في الذاكرة خلال فصل الربيع - لم تكن رقصة كاملة ، عفوية كان تحركنا - خطوتان مترددتان الى الخلف الاحقها . . خطوة امامية لها قصيرة الى الجنب الايسر وأخرى مثلها الى الأيمن وتسايرني بخطوتي رجوعي الى الخلف بتوقيع شعوري فيه نوع من التحليق مشيا بتحرر عن الجاذبية الأرضية – اطلقت ضحكة قصيرة حين رفعت يدي اليمنى المشبوكة بطرف أصابع يدها اليسرى حين جررتها نحوي بلطف وابعدتها للوراء قليلا ودفعتها تدويرا كما اعتدنا نلعب رمي الدوامات بعد انفلاتها من الخيط المربوط لأصابعنا أو لعبة الدوران لمن يظهر الاقدر على التحمل لفترة طويلة من الدوران قبل السقوط بحالة من الدوخان .

كانتا عيناها الخضراوتان تبادل ايقاعهما بين البحلقة الحنونة وبين الغلق الناعس لهما ودفنهما بين الشعيرات الكثيفة للرموش الشقراء -
كنت اشعر أحيانا كما لو أنها تريد أن تقول شيئا . . ثم تتراجع ، شيء يوحي بذلك ، طريقة وقوفها ،
إمالة رأسها حين أتكلم هامسا قريبا من اذنها وخدودنا متلامسة بتلطف كما لو أن كليهما يندفعان لا شعوريا للالتصاق بحثا عن تدفئة لهما من نسمة الصقيع التي بدأت تضربهما بعنف من بعد الساعة العاشرة والنصف ليلا .

* * *

كان الرستيوران – عفوا المطعم – مريحا بتدفئته المركزية وعبق روائح العطور الطيارة تغطي المكان – كان الحساء الساخن هو الأهم في البدء والزيتس ( الارنب البري ) المشوي وكأس السمتانا الطويل يطفئ أي شعور بالجوع ، وكانت دقت الكأسين الزجاجيين المعنقين برشاقة وملامسة خفيفة بين الكونياك المثلج والشمبين الفوار يسخن جمال الليلة – تدفقت مشاعر السعادة وحب الحياة بصحبة لم يخطط لها القدر مسبقا

- ما أجملك دايانا .
، من أي ملكوت جميل سقطت علي .

قلت في نفسي ولم اكن اشعر بجسدي إلا طائرا لا تلامس قدماه الأرض ، خاصة حين دلفنا الى مرقص الدسكوتيكا – كانت ايامها تصدح أغاني آلا باجتشوفا وفرقة الميراج المعاصرة ، وكانت تلون بينهما بعض الأغاني الغربية الراقصة واغنيات لرأس السنة – لم تفلت جسدها الناعم البض من يدي – لم اكن اقدر أن افهمه . . هل كانت بكل ذلك الدفء والوجد هياما بي وعشقا لم اكن أتصور أن تذوب امرأة فيا أم أنها كانت حورية حررت من سجنها في الجنة واعطي لها النزول الى الأرض لتشعر وتستمتع بعالم الانسان الراقي الاحاسيس . . عند استقباله العام الجديد وتخلصه من الادران التي علقت به من العام المنصرم – كانت ملاكا ساحرا كما لو انها خلقت لعشق الحياة ولحظاتها الدافئة . . . .

رقصنا ورقصنا و . . كنت افيق لحظة بين فترة وأخرى لأجد أنا ظللنا نرقص دون توقف حتى في البرهات التي كانت تترك كفجوات صامتة من صدح الموسيقى كفترات راحة – واقترب الوقت من رحيل العام الحالي ليصبح ذكرى – اعلن بدء العد التنازلي وبترافق أصوات البشر في المرقص وحتى في مختلف الساحات في العالم : ديست ، ديفيد ، فوسيم ، سيم ، شيست ، بيات ، شيتيري ، تري ، دفا . . أدين – تطفأ الانوار وترفع الأصوات بجنون وصفير تطلق الامنيات الجديدة ويحضن الناس بعضهم وقبلات تنهال كالمطر بين الاحبة والمتجمهرين وتمنيات لبعض بالسعادة وتحقيق الاماني مع العام الجديد

- سنوفم جودم . هابي نيو ير دايانوشكا ميا .
- سنوففم جودم ميلي موي .

طال الحضن ولم يكن أي منا يسمح لجسده أن يغادر توأمه الملتحم به – لم اكن أتصور أني بهذا الجمال والسحر في المشاعر ، فأنا عربي غلب على طباعنا الشهوانية أساس العلاقة بالمرأة ، وكلما كنت لعوبا . . عبثا زير نساء كلما كنت موصفا برجولة اشد . .

سرنا في الطرقا واعمدة النور الصفراء تغطي المساحات الليلية بين مختلطها من الإضاءة الشاحبة المتعددة الالوان والعتمة الفسيفسائية المتبادلة هندسة الأرصفة ومساحات الحشائش المغروس فيها العديد من الشجيرات المستمتعة بارتدائها عما قريب فروها الناعم من الثلج المتساقط المجروش – شعرت دايانا قليا بالبرد ، فتحت ازرار جاكتتي الجلدية وبالطوهي الصوف الثخين من الداخل والمغطى من الخارج بالفرو الناعم ، ضممتها كما لو اني أحاول لصقها كجزء من تكوين صدري واضلعي – اطلقت آهة رقيقة قطعت روحي معها . . ثم ارخت برأسها على صدري كما لو انها ستدخل في غفوة وسبات لا تريد أن تستيقظ من تلك اللحظة التي تجعلها كما لو انها تمتلك العالم وكل شيء – قبلتني في عنقي

- كم انت جميل . . ايمن .





سرنا كما لو كانت طرقات الشتاء بثلجه المجروش المتساقط هو من يسير بنا ، حتى وصلنا لمتقاطع الشوارع الرئيسية الكبيرة للمدينة – سألتها :
- بيديوش سمنوي .
- منيا نوجنا بايدو داموي .
استنافي اتوموبيل .
- دفاي . . باجالوستا .
- برستي منيا .

قبلتني مرات عدة بلطف معتذرة ضرورة عوتها الى بيتها . . حتى انها رفضت أن اوصلها او تعطني عنوانا لها – دعها للايام ربما نلتقي ، وإذا ما ألتقينا أ . . أعدك لن اتركك مرة أخرى – هكذا افضل ف . . هو لقاءنا الأول

- يا تبيا لبلو ، تي منيا نرافتسا .

صعدت الى سيارة الأجرة وبعد أن دفعت للسائق نظرت إلي بذات العينين الساحرتين الممتلئة بالعشق الحنون ولوحت بيدها وداعا لي وقبلات رقيقة وصلتني خلال ملامسة شفتيها الناعمة زجاج النافذة اليمني للمقعد الخلفي لسيارة الأجرة .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابي : - الانسان إرتقاء نوع او طفرة انحرف خبيث . . لمعلن ال ...
- أهناك . . من يستحق أن تلتقيه - قصيدة نثر / 30 نوفمبر2025
- ماذا أرى؟! - قصيدة / 25ديسمبر٢٠٢£ ...
- ماذا أرى؟! - قصيدة / 25ديسمبر٢٠٢& ...
- وتهفو الرياح إليك / قصيدة نثر - 23اكتوبر 2023م
- للإنسان أن يتعلم النباح قصة قصيرة
- وتظل عالـــــقا / قصيدة نثرية
- كم أنت وحدك . . مستوحش - قصيدة نثرية 18ديسمبر2025م ليلا
- ويعتليك الوهم. قصيدة
- الترحل البشري عبر الوعي والمعرفة
- ملخص وخطة بحث - وهم انتهاء الحرب الكلاسيكية : اليمن نموذج ال ...
- اوليات لمدخل فهم فوضى التمزيق الامريكي لليمن ( حلقة ١ و ...
- لهيب بعمر يشيخ
- سقوط وتلاشي نظريات علم الاجتماع في العصر التقني
- قصيدة لمناضل محي من سجل التاريخ
- لا سجل لك هنا يوليو١٩٩ ...
- ذهاب من الذاكرة
- شتاء سير تحت اضواء شاحبة
- هل ستسأل عن الريح قصيدة نثر ١&# ...
- العنف اشكالية تناقض مفهومي بين النظرية والواقع


المزيد.....




- -خريطة رأس السنة-.. فيلم مصري بهوية أوروبية وجمهور غائب
- الجزيرة تضع -جيميناي- في سجال مع الشاعر الموريتاني -بن إدوم- ...
- سيمفونية-إيرانمرد-.. حين تعزف الموسيقى سيرة الشهيد قاسم سليم ...
- الممثل الأمريكي جورج كلوني وزوجته وطفلاهما يصبحون فرنسيين
- فن الترمة.. عندما يلتقي الابداع بالتراث
- طنين الأذن.. العلاج بالموسيقى والعلاج السلوكي المعرفي
- الممثل الأمريكي جورج كلوني أصبح فرنسياً
- العلاج بالموسيقى سلاح فعال لمواجهة طنين الأذن
- -ذكي بشكل مخيف-.. وصفة مو جودت لأنسنة الذكاء الاصطناعي
- أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو ستدفن على شاطئ البحر في ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - ملاك العام الجديد . . ما تسرب عن تلك الليلة - قصة قصيرة / 30ديسمبر2025