أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - جوزويه كاردوتشي جائزة نوبل للأدب سنة 1906














المزيد.....

جوزويه كاردوتشي جائزة نوبل للأدب سنة 1906


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 18:15
المحور: الادب والفن
    


جوزويه كاردوتشي: الشعر، السياسة، جائزة نوبل للأدب سنة 1906

يُعدّ جوزويه كاردوتشي (1835–1907) أحد أعمدة الشعر الإيطالي الحديث، ومن أبرز الشخصيات الفكرية التي أسهمت في صياغة الهوية الثقافية لإيطاليا بعد توحيدها. وقد شكّل شعره ملتقى فريدًا بين الكلاسيكية الصارمة والروح القومية الحديثة، وبين النزعة العقلانية والاحتجاج السياسي. ولم يكن كاردوتشي شاعرًا فحسب، بل مثقفًا عضويًا منخرطًا في الصراعات الاجتماعية والسياسية لعصره، وهو ما جعل أدبه وثيقة فكرية تعبّر عن تحوّلات إيطاليا في القرن التاسع عشر.
وُلد جوزويه كاردوتشي عام 1835 في بلدة فالديكاستيلو بتوسكانا، في أسرة متواضعة ذات ميول جمهورية؛ وكان لوالده، الطبيب المتأثر بأفكار الثورة الفرنسية، دور حاسم في تكوينه الفكري. نشأ كاردوتشي في بيئة يسودها الصراع بين الكنيسة والاتجاهات الليبرالية، ما زرع فيه مبكرًا روح التمرّد والنقد.
تلقى تعليمه الكلاسيكي في جامعة بيزا، حيث درس الآداب القديمة، وتشرّب الثقافة اللاتينية واليونانية، وهو ما سيشكّل لاحقًا العمود الفقري لخياراته الجمالية والفكرية.
اتسمت حياة كاردوتشي الخاصة بالتوتر والمآسي، ولا سيما انتحار شقيقه، ثم وفاة ابنه الصغير، وهما حدثان تركا أثرًا بالغًا في شعره، فانتقل من الصرامة الخطابية إلى نبرة تأملية حزينة في بعض مراحله المتأخرة. هذه التحولات العاطفية أضفت على شعره بعدًا إنسانيًا عميقًا، خفّف من حدّته العقلانية الأولى.
عاصر كاردوتشي مرحلة توحيد إيطاليا (Risorgimento)، وكان من أشد المتحمسين لها. تبنّى الفكر الجمهوري والعلماني، وهاجم الكنيسة الكاثوليكية بوصفها عائقًا أمام التقدم والعقلانية. تجلّى ذلك بوضوح في قصائده السياسية التي تمجّد الحرية، والوطن، والبطولة المدنية.

إلا أن موقفه السياسي لم يبقَ ثابتًا؛ فمع تقدّمه في العمر، انتقل تدريجيًا من الراديكالية الجمهورية إلى موقف أكثر اعتدالًا، بل وأبدى نوعًا من القبول بالنظام الملكي، وهو تحوّل أثار جدلًا واسعًا في تقييمه النقدي.
مثّل كاردوتشي ردّ فعل واضحًا ضد التيار الرومانسي الذي كان سائدًا في أوروبا، رافضًا العاطفية المفرطة والذاتية الحالمة. ودعا بدلًا من ذلك إلى شعر عقلاني، منضبط، يستلهم القيم الأخلاقية والجمالية للعالم الكلاسيكي، ويخدم القضايا العامة لا الانفعالات الفردية فقط.
أبرز ما يميز أدب كاردوتشي هو إحياؤه الواعي للأشكال الشعرية الكلاسيكية، سواء من حيث الوزن أو اللغة أو الصور البلاغية. فقد أعاد توظيف الأوزان اللاتينية في الشعر الإيطالي الحديث، كما في مجموعته الشهيرة الأناشيد البربرية Odi barbare، في تجربة فنية جريئة تجمع بين القديم والحديث.
تتميّز لغته الشعرية بالجزالة والصرامة والوضوح، مع ميل إلى الخطابية العالية، خصوصًا في قصائده الوطنية والسياسية. غير أن هذه الصرامة لا تخلو من لحظات صفاء غنائي وتأمل فلسفي، خاصة في قصائده المتأخرة التي تمزج بين الحنين والوعي التاريخي.
لم يكن الشعر عند كاردوتشي تعبيرًا جماليًا محضًا، بل ممارسة أخلاقية وفكرية. فالشاعر، في تصوره، شاهد على عصره، ومسؤول عن الدفاع عن قيم العقل، والحرية، والكرامة الإنسانية.
تعيينه أستاذًا للأدب الإيطالي في جامعة بولونيا 1860، حيث مارس تأثيرًا كبيرًا في أجيال من الطلبة.
نشر مجموعاته الشعرية الكبرى مثل:
Juvenilia
Levia Gravia
Odi barbare
Rime e ritmi
تحوّله التدريجي من شاعر ثوري إلى رمز ثقافي رسمي للدولة الإيطالية.
حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1906.
منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل لجوزويه كاردوتشي تقديرًا لإسهامه العميق في الأدب، ولطاقته الإبداعية، ونقاء أسلوبه، وقوة شخصيته الشعرية. ويمكن تلخيص أسباب منحه الجائزة في النقاط الآتية:
إحياؤه التراث الكلاسيكي وإعادة دمجه في الأدب الحديث.
دوره المركزي في تشكيل الشعر الإيطالي الحديث.
القيمة الأخلاقية والفكرية لأدبه، بوصفه تعبيرًا عن روح عصر بأكمله.
تأثيره الواسع في الثقافة الإيطالية والأوروبية.
يمثّل جوزويه كاردوتشي حالة فريدة في تاريخ الأدب الإيطالي؛ فهو شاعر جمع بين الانضباط الكلاسيكي والهمّ الوطني، وبين العقلانية الصارمة والتجربة الإنسانية العميقة. ورغم ما يُؤخذ عليه من نزعة خطابية أو تحوّلات سياسية مثيرة للجدل، فإن مكانته بوصفه مؤسسًا للكلاسيكية الحديثة في إيطاليا لا يمكن إنكارها. لقد كان أدبه مرآة لتحولات القرن التاسع عشر، وشهادته الشعرية ما تزال تحتفظ بقيمتها الجمالية والفكرية حتى اليوم.



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسافة الدافئة
- لشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج في القصيدة العربية الحديثة
- الشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج والضمير السياسي في القصيدة
- هربرت سبنسر فكره وسياقه الاجتماعي والسياسي
- هنريك سينكيفيتش نوبل للأدب سنة 1905
- فريدريك ميسترال جائزة نوبل للأدب سنة 1904
- ملف نزع سلاح الفصائل
- مراهقة لا تُخفي رغبتها
- ماجد أحمد دخيل حالة تفاوض مرهق مع الوجود
- بلند الحيدري تجربة الحداثة العراقية
- كواكب الساعدي حوار دائم بين الذات والعالم
- صلاح نيازي الاغتراب، الشعر، والترجمة
- .جلالة الملك التطوّر
- ملائكة المسافات
- منى الصرّاف امرأة واحدة تمثل آلاف النساء
- كريم ناصر الذات التي تكتب الذات
- عبدالباقي فرج صور ومحطات مكانية وزمانية
- الشاعر حمد شهاب الأنباري أسلوب الاعتراف
- وداد الواسطي المرونة والإنسياب الشعري
- الشاعر يوسف الصائغ على حافة الجرح


المزيد.....




- أحدثت بجمالها ثورة جنسية في عالم السينما.. وفاة بريجيت باردو ...
- عودة هيفاء وهبي للغناء في مصر بحكم قضائي.. والفنانة اللبناني ...
- الأمثال الشعبية بميزان العصر: لماذا تَخلُد -حكمة الأجداد- وت ...
- بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟ ...
- الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس ...
- التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم ...
- -ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية.. بريجيت باردو


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - جوزويه كاردوتشي جائزة نوبل للأدب سنة 1906