أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - كريم ناصر الذات التي تكتب الذات















المزيد.....

كريم ناصر الذات التي تكتب الذات


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 02:55
المحور: الادب والفن
    


الشاعر كريم ناصر الذات التي تكتب الذات
ينحدر كريم ناصر من مدينة الكوت في محافظة واسط العراقية.
عاش خارج العراق فترة طويلة، ويقيم في هولندا منذ عام 1989.
عبر هذه الهجرة الغربة، ترسّخت تجربته الخاصة، التي انعكست لاحقاً في مشروعه الشعري — مشروع يتأسّس على الحنين للأرض، الاغتراب، الذاكرة، الألم، والمساءلة الوجودية.
من دواوينه المعروفة: بين حدود النفي (1988)، بُرادة الحديد (2000)، أرخبيل الحدائق (2006)، وأحدثها حتى تاريخ 2013 كان نبتة يدي غابة شوكية.
اختيار قصيدة النثر/نثر الشعر بحسب حواره معه يبدو خياراً واعياً: رأى أن هذا الشكل الفني هو الأنسب "للطابع الغائب" عن سياقات التجربة الحديثة، وللأفكار الدفينة، والحداثة في زمن متغيّر.
من هذا السياق، تبدو حياة كريم ناصر بين الوطن المهجور والغربة كمحفّزٍ رئيسي لتشكل رؤيته الشعرية، حيث لا يمكن فصله: الذات التي تكتب الذات التي تتشوق الذات التي تتساءل.
يرى ناصر أن اللغة ليست مجرد شكل تجميلي، بل جوهر ميكانيزمات اللغة والمبادئ الصوتية الفونولوجيا هي ما يميّز النص الشعري.
لذلك في رأيه قصيدة النثر ليست "انحرافاً أو تنازلًا عن الشعر الكلاسيكي بل هي "قرار شجاع" للوصول إلى ذروة التعبير ذروة تتطلب قوّة البصيرة لتجسيد هموم إنسانية، وجودية، وطنية.
من وجهة نظره، الشعر بكل أشكاله ينبغي أن يُنتج بمعرفة لغوية عميقة وثقافة واسعة، وإلاّ يصبح كلاماً عابراً بلا روح.
هذه المواقف تضعه ضمن تيار شعري واعٍ، لا يكتفي بالجمالية التصويرية فقط، بل يسعى إلى الشعر كأداة للتفكير، للتمهّل، للتأمل للشعر كفكر وليس كزينة فحسب.
إذًا: شاعريته كما هو نفسه ليست دعوة لقصيدة سهلة أو تجارية، بل لقصيدة تدفع القارئ لأن يعيد النظر في اللغة، في الصورة، في الذات، في الوطن، في الذاكرة.
في ديوانه الأخير "نبتة يدي غابة شوكية" العنوان نفسه مجاز قوي: نبتة يدي" تعبّر عن الذات، "غابة شوكية تعبّر عن واقع موحش، أرض متألمة. هذا الدمج بين الذات والأرض، بين الرؤية الداخلية والخارجية، بين الجرح والهوية، هو السمة الكبرى.
نصوصه تميل إلى التساؤل الصادق، إلى الصوت المقهور، إلى الألم الذي لا يخشى الإفصاح عنه. فاللغة عنده ليست زينة فقط، بل تجرّيد تجرّيد الذاكرة، تجرّيد الحنين، تجرّيد الجرح
استخدامه لضمير المتكلّم أحياناً، ولضمير المخاطب أحياناً، يخلق "مناخ مواجهة بين الشاعر والقارئ، بين الذات والوطن، بين الذاكرة والواقع ما يمنح النص حضوراً تفاعليًّا: القارئ لا يقف متلقياً فقط، بل يتورّط في النص، يتماهى معه.
أيضاً، ثنائية العتمة النور، الألم الأمل، الذكرى النسيان، الوجع الحلم هي ثنائيات متكررة في نصوصه، تعبّر عن حالة إنسان في المنافي، مشدود بين ماضٍ جارح، حاضر مشتت، ومستقبل إن وُجد مشكوك فيه.
وعي لغوي وفكري هو شاعر لا يكتب من فراغ بل من معرفة: دراية بآليات اللغة، بالصوت، بالصورة، بالرمز، بالخصوصية العربية والعراقية، بالذاكرة الجمعية؛ وهذا يعطي شعره عمقاً لا نجده في كثير من نصوص الشعر العابر
هجرته من العراق إلى المهجر مثل كثير من المهاجرين المبدعين العراقيين جعلت تجربته مرآةً للجروح الوطنية والذاتية شعره يحتكم إلى الألم قبل الجمال، إلى الذاكرة قبل النسيان.
لمقاومة الصمت، لمواجهة النسيان، لإحياء ما تعبّر عنه الأرض أرض مهدّمة، تاريخ مشوّه، وطن مفقود.
بحث مستمر عن شكل يلائم روحه، زمنيته، رؤيته. هذا التجريب مع وعيه الفني يضعه في خانة الشعر المعاصر الملتزم بالقيمة والجمال في آن
مشروع طويل المدى ليست تجربة عابرة أو ديوان واحد؛ بل مسار شعري بدأ في نهاية الثمانينات، تجاوزه أربعين عاماً، مع دواوين متفاوتة، ومواقف فكرية واضحة.
اعتماد كبير على التجريب
كريم ناصر هو في حقيقته شاعر «منافي»، لا بمعنى أنه مجرد شاعر مهاجر، بل بمعنى أن تجربته الشعرية تنبثق من التوتر الدائم بين الأرض والغياب، بين الوطن والشتات، بين الألم والأمل. يكتب من أجل استعادة ما تم طمسه ذاكرة، هوية، ألم، جمال ومن أجل أن يبقى الشاعر صوتاً لأولئك الذين لا صوت لهم.
في شعره تجد الحنين إلى وطن مفقود، تجد الصرخة على الخراب والظلم، تجد الذاكرة تتقاتل مع النسيان، تجد الذات تتساءل عن الجرح، عن الطفولة، عن الأرض، عن الوطن. لكنك أيضاً تجد اللغة التي تسعى، بالكاد، إلى استعادة بقايا الجمال المندثر.
بهذا المعنى، تجربته ليست تجريدية تجميلية فحسب، ولا رثاء بلا أفق إنها تجربة توسّمية توسّمية لأن تكون الكلمة رصيفاً للمعنى، مساراً للوجع، متنفساً للهوية.
الصورة، الرمز، الصوت، والحقول الدلالية. هذه القصائد تكشف بوضوح أنها تنتمي إلى أفق قصيدة النثر ذات النفس الرمزي الأسطوري، وتنسجم مع السمات المعروفة لشعر كريم ناصر: الكثافة، الإيحاء، وحضور الحيوان والطبيعة بوصفها مرايا للذات.
القصائد وكأنها مقاطع من عمل واحد، يوحِّد بينها
النبرة التأمّلية المائلة إلى الغموض.
حضور الحيوان بوصفه رمزاً الغربان، الطاووس، السنّور، الصقر، الأسماك، الخفافيش، التماسيح
هيمنة الطبيعة بصورٍ غرائبية.
وجود ذات متكلّمة قلقة، مستنكرة، تراقب العالم بذهول ورفض.
هي ليست قصائد وصفية، بل قصائد رؤيويّة، تُبنى على شذرات تشبه الحلم أو الكابوس، وتستخدم مفردات تبدو مألوفة لكنها تُستثمر في سياق غرائبي، مما يمنح النصّ بعداً أسطوريّاً.
الغرام في النوم
مهما تُفزعنا الغيومُ في غرفِ نومنا
هنا يتحوّل الفضاء الطبيعي الغيوم، السماء، الغربان إلى كيانات تقتحم الحيّز الداخلي غرف النوم.
هذا الانتقال من الخارج إلى الداخل يشير إلى:
تلاشي الحدود بين الواقع والذاتي
الغموض الوجودي الذي يطارد الذات حتى في مساحات الراحة.
في فضاءٍ لا يأتيه الغرامُ في النوم
الغرام، بوصفه رمزاً للسكينة أو الطمأنينة، يغيب حتى في النوم، أي في أكثر لحظات الذات هشاشة.
المقطع يُظهر شعوراً بالتهديد، وبعالم غير قابل للثقة أو التفاهم.
الخصائص الأسلوبية في هذا المقطع
المفارقة بين الرعب الغربان، النمر والسلوك العادي النوم
أسماك البحر
لم نهدم كهفاً
ولم نصقع أسماك البحر
الشاعر يبني ضد سرد يذكر ما لم يفعله وكأن الذات تحاول إثبات براءتها من الخراب.
ينصت لزقو الطاووس صوت الطاووس رمز للغرابة والبهاء.
من يرسم السنور على شجرة خلق صورة داخل صورة.
من يزجر صقراً دبغ أجنحة الجليد”: صراع أسطوري.
كل هذا يخلق فضاءً من الفنتازيا الرمزية يعكس صراعاً بين
الحكمة الانفعال
السيطرة الانفلات
الإنسان الوحش والطبيعة
الصمت هنا عقاب أو نتيجة للنظام الذي تُنشئه الحكمة القوة.
إنّه صمت ترويض
هذا المقطع يقوم على خطاب جمعي أفضلنا، لن نعطف، لن نغامر مما يعطيه طابعاً شبه قبلي أو جماعي، كأن جماعة تتحدث عن قوانينها الأخلاقية والوجودية.
استغاث بالريح ليكنس الخفافيش طرد الظلام.
لن نعطف على خريف حديقة موقف صارم من التحوّل والتفسّخ.
لن نغامر بين الوحوش والتماسيح حذر وجودي.
هذا المقطع يقدّم رؤية الإنسان كـصياد في عالم مفترس لكن بصوت يائس أو محايد عاطفياً، ما يعزّز نبرة العبثية.
الصوت هنا فردي ضمير المتكلم على عكس المقطعين السابقين، ما يعطيه عمقاً ذاتياً.
أسكبُ قمقمَ الدمِ الذي فلقَ فرخَ البطّة
هذه صورة صادمة، تجمع بين البراءة فرخ البطّة والعنف فلق الدم
قمقم الدم يذكّر بالأسطورة والمصباح والإطلاق، لكنه هنا رمز للدم القدر، لا للمعجزة.
السؤال الموجّه إلى كوكب الماء يضفي طابعاً كونيّاً
يريد الشاعر أن يمحق الصعقة بين ذراعيه، أي السيطرة على الخراب أو القدر.
المقطع يحمل طابعاً تراجيدياً وجودياً
إهداء شخصي أو رمز لامرأة فكرة قديسة.
لماذا تفكر الديدان كالبشر
سؤال فلسفي ساخر، يضع الإنسان والديدان على مستوى واحد.
يسخر من العقل الإنساني أو يشكك بجدواه
ثم ينتقل إلى صور منفصلة لكنها مترابطة
الصبيان فرسان قفزة من الطفولة إلى البطولة.
هل أرفع العلم سؤال الانتماء والشرعية.
كم قبطان حضّ الدلافين على اقتناص اللآلئ عبثية السلطة.
رأيت طائراً ميتاً يلج كهفاً صورة مستحيلة موت ينهض.
رأيت محارباً يصلب قنطرة البستان تضحية بلا معنى.
وفي النهاية
يا كاميليا لن أهتك سترك.
انقلاب إلى خطاب حميم، احترام، تعفف.
وتبدو كاميليا رمزاً للنقاء وسط فوضى العالم
السمات الأسلوبيّة والدلاليّة المشتركة في النصوص
الغراب، الصقر، السنور، الخفاش، التماسيح، الطاووس
كلها تعكس عالماً بدائياً، صراعياً
القنطرة، الفرسان، الوحوش، الغابة، القطيع، الفارس، الرتل.
النوم النمر
الطاووس الصقر
فرخ البطّة فلق الدم
هذا التقابل يخلق توتراً يطبع كل النصوص.
الأسئلة في النص ليست لطلب جواب، بل لخلق توتّر معرفي
ينتمي النص إلى شعر الصورة الذي يعتمد على
الانزياحات
تراكم الصور
الإلغاز
توتير العلاقات بين الأشياء
هذه المقاطع تمثّل شعراً رؤيوياً مشغولاً بـ
الأسطورة
العنف المغلّف بالجمال
العلاقة بين الإنسان والكائنات الأخرى
الوجود في عالم عبثي وغير قابل للاستقرار
الشاعر هنا لا يروي قصة، بل يصنع عالماً رمزياً يتكلّم بلغته الخاصة.
إنها كتابة تشبه الأحلام العنيفة: مشرقة أحياناً، دامية أحياناً، لكنها دائماً غنية بالدلالات.



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالباقي فرج صور ومحطات مكانية وزمانية
- الشاعر حمد شهاب الأنباري أسلوب الاعتراف
- وداد الواسطي المرونة والإنسياب الشعري
- الشاعر يوسف الصائغ على حافة الجرح
- الناي قصبة جوفاء كانت يومًا ما خضراء
- عصمان فارس المغني الفنان الممثل المخرج الناقد المسرحي
- الشاعر عبدالله كوران عمل في إذاعة يافا فلسطين القسم الكردي
- الشاعرة السعودية عطاف سالم
- الشاعرة جيهان محمد حسن خلف قضبان المسافة
- الفنان والكاتب يحيى ااشيخ
- شيركو بيكس شاعر الحرية والخيال
- الشاعر عبد الكريم كاصد
- الفنان والأديب سمير عبد الجبار
- الشاعر سعدي يوسف
- الشاعرة سلمى الزياني قصيدة عدالة عرجاء
- بيورنسن النرويجي الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1903
- جائزة المربد للشعر
- الصوت قصة للكاتبة سنية عبد عون
- راقية مهدي وجه الحب السابع
- الفنان التشكيلي عبد الأمير الخطيب الهوية الأصيىة


المزيد.....




- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - كريم ناصر الذات التي تكتب الذات