أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - راقية مهدي وجه الحب السابع














المزيد.....

راقية مهدي وجه الحب السابع


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


وجه الحب السابع، للشاعرة راقية مهدي

يُعدّ النص الشعري «وجه الحب السابع» للشاعرة راقية مهدي نموذجًا بارزًا للشعر الصوفي المعاصر الذي يمزج بين التجربة الروحية واللغة الشعرية الحديثة. فالنصّ ينتمي إلى فضاء التجربة العشقية المتعالية التي تتجاوز حدود الحب الإنساني نحو أفق كوني وروحي أرحب، حيث يتحول الحب إلى وسيلة للمعرفة والتجلّي الإلهي.
تسعى الشاعرة من خلال هذا النص إلى إعادة تعريف مفهوم الحب بوصفه رحلة في الداخل، ووسيلة لاكتشاف الذات في مرآة المطلق، وهو ما يجعل النص مجالاً خصبًا للتحليل الرمزي والدلالي والجمالي.
يرتكز النص على فكرة التحوّل من الحب الإنساني إلى الحب الإلهي، وهو ما يظهر جليًا في المقطع الافتتاحي للنص حيث تقول الشاعرة:
«ثمّة لحظةٌ في القلبِ لا تُشبهُ شيئًا… لحظةٌ يتوهج فيها اسمُ الله في عيونِ العاشق...».
هذه اللحظة تمثّل نقطة الانعطاف من التجربة العاطفية إلى التجربة الصوفية، إذ يتماهى فيها العاشق مع المعشوق حتى يُمحى الحدّ بين الخالق والمخلوق. ومن هنا ينبثق مفهوم «الوجه السابع» الذي يُرمز به إلى المرحلة العليا من الوعي العشقي، حيث يتحقق الإدراك بالبصيرة لا بالبصر.
يتخذ النص طابعًا صوفيًا واضحًا من خلال توظيف مفردات ذات دلالات روحية مثل: النور، المحراب، الغيب، الصلاة، السكينة، السرّ.
كما يظهر تأثر الشاعرة بالفكر الصوفي من حيث فكرة الفناء في المحبوب، إذ تقول:
«فيك اجتمعَ العاشقُ والمعبود، الطفلُ الذي يندهشُ من النور، والشيخُ الذي يُصلّي في المعنى».
في هذا المقطع تتجسّد وحدة الوجود الصوفية، حيث تتداخل الأضداد (العاشق/المعبود، الطفل/الشيخ) لتؤكد فكرة التوحّد الكلي في لحظة الكشف.
تتسم لغة راقية مهدي في هذا النص بكثافة دلالية عالية وبنزعة تأملية تقترب من الخطاب الفلسفي. فهي توظّف جملًا قصيرة ذات إيقاع داخلي ناعم، مما يمنح النص طابعًا إنشاديًا يذكّر بلغة الأذكار الصوفية.
تُكثر الشاعرة من استخدام الأفعال ذات الطابع الحركي (يتوهج، يُوقظ، تنتفض، تتطهّر)، ما يضفي على النص ديناميكية داخلية تعكس حيوية التجربة الروحية.
تعتمد الشاعرة على الرمز الميتافيزيقي في بناء صورها. فالحبيب ليس شخصًا بعينه، بل رمز للحقيقة المطلقة.
وتظهر صور التضاد والتكامل في ثنائيات عديدة: الطين/المطر، العطش/الندى، العاشق/المعبود، البحر/الماء. هذه الثنائيات تعكس رؤية صوفية ترى الكون في حالة توازن دقيق بين الأضداد، وتعبّر عن جدلية الغياب والحضور التي تهيمن على النص.
لا تقوم موسيقى النص على الوزن الخليلي الصارم، بل على إيقاع حرّ متولّد من التكرار والتنغيم.
يتكرّر فعل «أحببتك» كمفتاح موسيقي يربط بين المقاطع، ويمنح النص بعدًا إنشاديًا يتناغم مع طبيعة التجربة الصوفية، حيث يتحوّل التكرار إلى طقس روحي للتطهر والانخطاف.
يُعبّر النص عن تحوّل الحب من تجربة بشرية إلى وسيلة للمعرفة، فالحب عند راقية مهدي ليس انفعالًا وجدانيًا فحسب، بل منهج كشفٍ للمعنى الإلهي.
يظهر هذا في قولها:
«حين تمرُّ بي، تنتفضُ اللغةُ كأنَّها وحيٌ يُتلى».
اللغة هنا تتحوّل إلى كائن حيّ يتطهّر بمرور المحبوب، مما يشير إلى أنّ التجربة الشعرية ذاتها تصبح شكلًا من أشكال العبادة.
يتميّز النص بثراء رمزي وجمالي عميق، وبقدرة الشاعرة على المزاوجة بين الأنوثة الشعرية والخطاب الصوفي الذكوري التقليدي، لتقدّم رؤية أنثوية جديدة للعشق الإلهي.
ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى أن كثافة الرموز والتجريد العالي قد تُصعّب على القارئ غير المتمرّس الولوج إلى عمق التجربة، ما يجعل النص موجّهًا إلى قارئ يمتلك خلفية روحية وثقافية تؤهله لفك شفراته الدلالية.
لكن هذا لا ينتقص من القيمة الفنية للنص الذي يعبّر عن نضج شعري وفكري، ويقدّم نموذجًا راقيًا للشعر الصوفي في الخطاب النسوي العربي المعاصر.
يُمثّل نص «وجه الحب السابع» محاولة شعرية لتجسيد لحظة التجلّي بين الإنسان والمطلق، بين اللغة والنور.
فالحبّ في هذا النص ليس علاقة بين ذاتين، بل حركة دائمة نحو الأصل الأول، نحو الماء الذي "يُذكّر البحر بسرّ مائه الأوّل".
بهذا المعنى، ينجح النص في بناء رؤية شعرية وفكرية متكاملة تجعل من الشعر فضاءً للتجربة الروحية، ومن الحبّ مرآة للوعي الإلهي الذي لا يُدرك إلا بالقلب.



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان التشكيلي عبد الأمير الخطيب الهوية الأصيىة
- الفنان علي النجار بين الوطن والمغترب
- أدونيس أسرف في الشكل حتى أضاع حرارة المودة بينه وبين المتلقي
- اللوحة
- جنان الحسن الجمال والفن
- نجاة عبد الله شاعرة نادرة، بنصوص لا تُشبه إلا ذاتها
- موزارت عبقري الموسيقى الكلاسيكيةحياة مفعمة بالإبداع والمعانا ...
- المسؤول وغضب المواطن
- دولة ضعيفة تهيمن عليها الأعراف لا القوانين
- محافظة كربلاء قبلة لملاين الزوار تفتقر لحطات تدوير الفايات
- محافظة كربلاء هي قبلة لملايين الزوار تفتقر لمحطات تدوير النف ...
- الغجر أمة عريقة لها ثقافتها وهويتها
- بغداد مدينة السلام
- الحسين بن علي ابن أبي طالب
- تروتسكي كرمز للثورة الأممية والنقد الجذري للبيروقراطية والاس ...
- ملحمة كلكامش ترويض أنكيدو وتحويله من عالم الوحوش إلى عالم ال ...
- منصور السعيد لوحات تستدعي المفقود لتجعله حضورا متجددا
- الكالفالا العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة
- تشايكوفسكي الموسيقى والتجربة الإنسانية العميقة
- لينين العظيم الإنسان


المزيد.....




- منصور أبو شقرا... مسيرة شعرية وثقافية تتجسد في إصدار مجموعته ...
- نردين أبو نبعة: الكتابة المقاومة جبهة للوعي في مواجهة السردي ...
- مصر: نقيب الممثلين ينفي فتح تحقيق مع عباس أبو الحسن بعد تصري ...
- جدل بعد بث أغنية أم كلثوم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم المصر ...
- أشبه بالأفلام.. سيدة تُقل شرطيًا بسيارتها لملاحقة سارقة متجر ...
- -البيت الفارغ- والملاحم العائلية يمنحان الفرنسي لوران موفيني ...
- المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكرّم جودي فوستر وحسين فهمي
- لوران موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية الفرنسية عن روايته ...
- الكاتب لوران موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية عن روايته - ...
- وفاة ديان لاد المرشحة لجوائز الأوسكار 3 مرات عن عمر 89 عامًا ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - راقية مهدي وجه الحب السابع