أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - الكالفالا العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة














المزيد.....

الكالفالا العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


الكاليفالا الملحمة الوطنية الفلندية

الـ كالفالا (Kalevala) هي الملحمة الوطنية الفنلندية وأحد أعمدة الهوية الثقافية لشعب فنلندا، كما تُعدّ من أبرز الملاحم الشعرية الأوروبية التي أسهمت في تشكيل وعي قومي ورؤية فلسفية للعالم لدى أهل الشمال. فلسفتها، ورمزيتها ومعناها للشعب الفنلندي وللإنسانية جمعاء
كيف كُتبت ودُوِّنت
الأصل الشفهي: الكالفالا لم تُكتب في بدايتها، بل كانت مجموعة من الأغاني الشعبية والأساطير والقصائد الشفهية تناقلتها الأجيال في مناطق "كارِيليا" و"سافو" شمال شرق أوروبا. كان المغنون الشعبيون (الرونو-سُنگرون) يرددونها على شكل أناشيد موزونة بإيقاع خاص.
إلياس لونروت (1802–1884): الطبيب والباحث الفنلندي الذي قام برحلات ميدانية طويلة في القرى النائية وجمع تلك الأغاني الشعبية بين 1828 و1849. أعاد صياغتها وربطها في سرد متماسك، فأخرج الطبعة الأولى عام 1835 ثم الطبعة النهائية الموسعة عام 1849.
المزج بين الجمع والإبداع: لونروت لم يكتفِ بالتدوين، بل رتب القصائد وربط بينها وأدخل تعديلات ليمنحها وحدة ملحمية متكاملة، فجاءت الكالفالا في 50 "قصيدة" أو "رنّة" (runos).أي الشعر
فلسفة الشخصيات ورمزيتها
الكالفالا ليست مجرد سرد بطولي، بل هي نظام رمزي يعكس رؤية الفنلنديين للعالم، للطبيعة، وللوجود:
ڤايناموينن (Väinämöinen) – المغني/الحكيم:
رمز الحكمة، الشعر، والكلمة الخلّاقة.
فلسفته تقوم على أن الكلمة والمعرفة أقوى من السيف؛ فبالعزف والغناء يستطيع أن يسيطر على الطبيعة والناس.
يعكس اعتقاد الفلنديين القدامى بأن الشعر والموسيقى قوى كونية تنظّم العالم.
إيلمَرينن (Ilmarinen) – الحداد السماوي:
الحداد الأسطوري الذي يصنع "سامبو" (جهاز أسطوري يرمز للخصب والرخاء).
يمثل قوة العمل والإبداع المادي، أي أن العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة.
فلسفته أن التكنولوجيا والفن الحرفي وسيلة لصناعة الحضارة.
لِمِّنكايْنن (Lemminkäinen) – البطل المغامر:
شخصية متهورة، مليئة بالحيوية والعاطفة.
يجسد النزعة الإنسانية نحو المغامرة والتجربة والبحث عن المجد.
فلسفته أن الحياة لا تكتمل من دون المخاطرة، وإن قاد ذلك أحياناً إلى السقوط والموت.
سامبو (Sampo) – الرمز المركزي:
ليس شخصاً بل أداة أسطورية تصنع الثروة والغلال والرخاء.
يرمز لفكرة الخصوبة، الإنتاج، واستقرار المجتمع.
صراعات الكالفالا تتمحور حول من يملك سامبو، أي من يملك مصادر الرزق والازدهار.
مغزى وفلسفة الملحمة
الانسجام مع الطبيعة: العالم في الكالفالا ليس ساحة للغزو والسيطرة فقط، بل فضاء للتوازن بين الإنسان وقوى الطبيعة.
الكلمة والمعرفة قوة: المغني الحكيم يغيّر العالم بصوته كما يغيّره الحداد بيده، أي أن الثقافة والفن لا تقل أهمية عن السيف والعمل.
التعاون والصراع: الملحمة تُظهر أن الرخاء الجماعي (مثل سامبو) لا يدوم بالصراع والأنانية بل يحتاج إلى وحدة وتشارك.
البطولة الإنسانية: ليست بطولة مطلقة أو خارقة، بل مشوبة بالضعف، الفشل، والمصير الحتمي، مما يمنح الملحمة طابعاً إنسانياً عميقاً.
أسباب أهميتها للشعب الفنلندي
رمز الهوية القومية: في القرن التاسع عشر، زمن الهيمنة الروسية والسويدية، منحت الكالفالا الفنلنديين شعوراً بأن لهم ماضياً عظيماً يميزهم.
لغة الأدب: أسهمت في ترسيخ اللغة الفنلندية المكتوبة، بعد أن كانت في ظل هيمنة اللغتين السويدية والروسية.
إلهام فني: ألهمت الشعراء، الرسامين (مثل آكسِلي غالن-كاللَلا)، والموسيقيين (مثل سيبيليوس) لإبداع أعمال أصبحت أيقونات فنلندية.
التراث الشفهي: حافظت على آلاف الأغاني والأساطير الشعبية من الاندثار.
فوائدها وأسباب استمرارها
التربية الثقافية: تُدرّس في المدارس الفنلندية كمرجع للهوية والتاريخ الأدبي.
مصدر إلهام معاصر: ما زالت الكالفالا تُلهم الأدب، الموسيقى، وحتى ألعاب الفيديو والروايات الحديثة.
تجسيد الحكمة الشعبية: تقدم نماذج فلسفية وأخلاقية عن الصبر، التعاون، قيمة الكلمة والعمل.
الجسر بين الماضي والحاضر: تحافظ على الرابط مع جذور الشعوب الفنلندية-الأوغرية القديمة.
أهميتها للموروث العالمي
إضافة إلى الملاحم العالمية: تقف الكالفالا بجانب الإلياذة والأوديسة، جلجامش، المهابهارتا، كشهادة على تنوع الروح الإنسانية.
تأثيرها خارج فنلندا: ألهمت أعمالاً أدبية أوروبية كـ"سيد الخواتم" لتولكين الذي استلهم بعض الأسماء والبنى الأسطورية من الكالفالا.
رؤية فلسفية كونية: تؤكد على أن الفن (الكلمة/الموسيقى) والعمل (الحدادة/الصناعة) معاً هما ما يصنع الحضارة.



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشايكوفسكي الموسيقى والتجربة الإنسانية العميقة
- لينين العظيم الإنسان
- زياد رحباني: موسيقى يرجح أن تبقى
- الفن التشكيلي بين القولبة والابتكار
- الشمس
- ملح الصحو
- الصدق المؤقت
- السعيد
- الراعي القديم
- مسافات المجد
- الإخلاص
- الجمال الأنيق
- الكثير المؤجل
- الكلمات القديمة
- الأوكسجين الغريب
- العقل والجسد والمدرسة
- الكتاب الصادق
- القيود النائمة
- الذوق المتسيّد
- الطفل المدلل


المزيد.....




- براءة متوحشة أو -أفيون الكرادلة- لمحمد الحباشة
- مصر.. فيلم ضي يتناول مرض -الألبينو- بمشاركة محمد منير
- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...
- من -الغريب- إلى الشاشة.. الرواية بين النص والصورة
- محمد خسّاني.. رقصة الممثل الجزائري في كليب الرابور المغربي د ...
- صناع فيلم -صوت هند رجب- يتحدثون لبي بي سي بعد الإشادة العالم ...
- فيلم عن مقتل الطفلة هند رجب في غزة يلقى تصفيقاً حاراً استمر ...
- الممثلة الفرنسية أديل هاينل تنضم إلى أسطول الصمود المتجه لقط ...
- الرواية الأولى وغواية الحكي.. وودي آلن يروى سيرته ولا يعترف ...
- لوحة رامبرانت الشهيرة.. حين باتت -دورية الليل- ليلة في العرا ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - الكالفالا العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة