أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاشم معتوق - لينين العظيم الإنسان














المزيد.....

لينين العظيم الإنسان


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 13:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لينين: سيرة الفكرة ورحلة الإنسان

في لحظةٍ من لحظات القرن التاسع عشر، حين كانت أوروبا تغلي بالأفكار والانتفاضات، وحين كان العالم يبحث عن لغةٍ جديدة للعدالة، وُلد رجل سيغدو اسمه علامة على عصرٍ كامل: فلاديمير إيليتش أوليانوف، لينين. لم يكن مجرد سياسي أو زعيم، بل كان أشبه برحّالةٍ في دروب الفكر، يحمل في حقيبته كتب ماركس وقلماً لا يعرف الكلل، وقلباً مغموساً بالقلق على شعبه الذي يرزح تحت ثقل الاستبداد القيصري.

المنفى والسفر إلى أوروبا

حين أجبرته القيصرية على مغادرة روسيا، لم يكن لينين مهاجراً عادياً، بل كان خارجاً ليكتشف معنى أن تُصاغ الأوطان بالكلمة والتنظيم. في سويسرا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا، عاش لينين حياة الغريب بين جدران ضيقة، لكن روحه كانت رحبة، تُنصت إلى الجدل الدائر في المقاهي والمكتبات، حيث تلتقي أطياف الاشتراكيين الديمقراطيين من كل أمة.
هناك، وجد نفسه وسط حوارات محتدمة مع زعماء أحزابٍ طالما حلموا بالعدالة لكنهم رضخوا لحسابات السياسة اليومية. اصطدم بهم، خاصمهم، واتفق معهم حين تلاقت الخطى، لكنه لم يهادن في أمرٍ واحد: التمسك بالماركسية كمنهج لا كزينة فكرية. كان يرى أن كثيراً من هؤلاء الأحزاب يتلونون وفق ضغوط البرلمانات أو رغبات الجماهير، فيما هو يريد للثورة أن تكون نقيّة، لا تسير إلا على صراط الصراع الطبقي حتى نهايته.

تقديرات حزبية ورؤية مستقبلية

في مجالسه المغلقة مع رفاقه، كان لينين يُحلل بدقة وضع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية: يرى فيها تجربة تستحق الفحص لا التقليد الأعمى. أدرك أن روسيا ليست ألمانيا الصناعية ولا فرنسا المتمدنة، وأن الاشتراكية فيها لا يمكن أن تُبنى على نفس المقاييس. لذلك وضع نصب عينيه أن التجربة الأوروبية تُستخلص منها الدروس لا أن تُستنسخ، وأن الحزب الثوري في روسيا يجب أن يُصاغ على هيئة تنظيم فولاذي، يضم نخبة من الثوريين المحترفين القادرين على قيادة الجماهير لا الانقياد وراءها.

الإنسان خلف الفكرة

لكن خلف ذلك الصرامة الفكرية كان هناك إنسان. عاش لينين حياةً متقشفة، لم يُغوِه بريق المال ولا مجد المناصب. في الخارج، أحاط نفسه بدائرة صغيرة من الأصدقاء والمفكرين الذين تقاطعت رؤاهم مع رؤيته. كان وفيّاً، صادقاً، يجمع بين الجدّ الصارم والمرح الخاطف في لحظاتٍ قصيرة من الراحة.
أما في حياته الخاصة، فقد وجَد في ناديا كروبسكايا شريكة درب أكثر منها زوجة. لم يكن زواجهما قصة عاطفية تقليدية بقدر ما كان تحالفاً روحيّاً وفكريّاً، إذ وقفت إلى جانبه في المنفى، وفي ليالي العمل الطويلة، تنظّم وتكتب وتترجم، شريكةً في الحلم الكبير.

بين روسيا والمنفى

عاد لينين مراراً إلى روسيا في لحظات فاصلة، يراقب عن قرب نبض الشارع، يشارك في التنظيمات السرية، ويُلاحق من الشرطة القيصرية. كانت حياته سلسلة من الرحلات بين المنافي والغرف المظلمة، بين السجون القصيرة والكتابة المحمومة. لم يعرف الاستقرار قط، بل كان الاستقرار بالنسبة له نوعاً من الخيانة لرسالة الثورة.

حين اندلعت ثورة أكتوبر، تحققت الرؤية التي حملها منذ شبابه: أن الطبقة العاملة والفلاحين يمكن أن يطيحوا بأعتى نظام استبدادي. لكن انتصاره لم يكن نهاية الرحلة بل بدايتها. أنهك المرض جسده سريعاً، وضربه الشلل والسكتات الدماغية، لكنه ظل حتى لحظة أفوله في 1924 يتابع، يكتب، ويقلق على مصير الثورة.
رحل لينين، لكن ما تركه لم يكن مجرد حزبٍ أو دولة، بل فكرة: أن الإنسان قادر أن يُعيد صياغة مصيره إذا امتلك الإرادة والإيمان.

لينين كان مزيجاً نادراً: رجلُ فكرٍ لا يساوم، وزعيمٌ يُنصت إلى التاريخ أكثر مما ينصت إلى الراحة، وإنسانٌ عرف الحب والوفاء في حدود البساطة. لم يكن قديساً ولا معصوماً، بل كان بشراً عاش حياةً مليئة بالصراع والتحدي، ترك وراءه إرثاً لا يزال يُثير الإعجاب والجدل حتى اليوم.



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زياد رحباني: موسيقى يرجح أن تبقى
- الفن التشكيلي بين القولبة والابتكار
- الشمس
- ملح الصحو
- الصدق المؤقت
- السعيد
- الراعي القديم
- مسافات المجد
- الإخلاص
- الجمال الأنيق
- الكثير المؤجل
- الكلمات القديمة
- الأوكسجين الغريب
- العقل والجسد والمدرسة
- الكتاب الصادق
- القيود النائمة
- الذوق المتسيّد
- الطفل المدلل
- الأخلاق العالية
- الطفولة البريئة


المزيد.....




- ترامب يوقع أمرا تنفيذيا بتدابير غير مسبوقة لمعاقبة من يحتجز ...
- الألبوم الثاني خلال أقل من شهرين.. جاستن بيبر يطلق -Swag II- ...
- للمساعدة في إنهاء الحرب بأوكرانيا.. ترامب يحث أوروبا على وقف ...
- حماس تصفه بـ-مسار الموت-.. الجيش الإسرائيلي يدعو الفلسطينيين ...
- بصيص أمل لفهم الاضطراب ثنائي القطب: اكتشاف جديد يربط بين ال ...
- هونغ كونغ تستضيف أول مهرجان لمنطاد الهواء الساخن
- الجيش الإسرائيلي يطالب سكان مدينة غزة بالانتقال جنوبا
- ترامب يرسل 10 طائرات حربية إلى بورتوريكو ويحذر فنزويلا من مغ ...
- الجيش الإسرائيلي يدعو سكان مدينة غزة للانتقال جنوبا تحسبا لت ...
- الجيش الإسرائيلي يحث سكان مدينة غزة على إخلائها والانتقال إل ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاشم معتوق - لينين العظيم الإنسان