|
بغداد مدينة السلام
هاشم معتوق
الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 14:46
المحور:
الادب والفن
بغداد وبناؤها ونهر دجلة
بغداد أسّسها الخليفة العبّاسي المنصور في 30 يوليو 762م، تحت اسم مدينة السلام، لتكون عاصمة للخلافة العبّاسية. الموقع اختير بين نهري دجلة والفرات، إلى شمال العاصمة الساسانية طيسفون، ضمن أرض زراعية جيدة، وموقع استراتيجي للتجارة والريّ. تصميم بغداد الأولي كان على شكل مدينة دائرية (“الشرق الأوسط” يسميها Round City)، بأسوار دفاعية، خنادق، أربعة أبواب رئيسية تسهّل الوصول إلى وسط المدينة. نهر دجلة مرّ بالأجزاء الشرقية للمدينة، وكان لطوله ومياهه أهمية للري والملاحة، إضافة إلى كونه مصدراً أساسياً للمياه، وللثقافة (المساجد، الأسواق) بنهر يتوسط مدينة من شرقها إلى غربها. يُستخدم للنقل أحياناً، للري، وللمناظر الطبيعية. (معلومات تاريخية من المصادر العامة عن بغداد تطابق هذا الوصف) الخلفاء، الأمراء، الملوك، الرؤساء بعد الخليفة المنصّور، تتابع خلفاء عبّاسيون مشهورون ساهموا في ازدهار بغداد: المهدي، هارون الرشيد، والمأمون. تحت حكم هارون الرشيد والمدّفونين بعده، وصلت المدينة أوجها الثقافي والاقتصادي. في قرون لاحقة ضعفت السلطة المركزية للعبّاسيين، وسادت أمراء مثل البويهين ثم السلاجقة الذين حكموا كأمراء وسلاطين تحت اسم الخليفة العبّاسي. بعد الغزوات الكبرى، تمّ تدمير بغداد سنة 1258 على يد المغول بقيادة هولاكو، حيث قتل الخليفة العبّاسي المستعصم وانتهى جزء كبير من دور الخلافة العبّاسية الكبرى. بعد ذلك خضعت بغداد لدول متعاقبة: المغول/الخلفاء العبّاسيين الباقين تحت سيطرة المغول، ثم التركمان (الأقرنيون، العثمانيون)، ثم الحكم العثماني المباشر بعد معارك مع الصفويين، إلى أن دخلها العثمانيون سنة 1534م. في العصر الحديث، بعد تفكّك السلطنة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى، فرض البريطانيون الانتداب على العراق، وفي عام 1920 تأسست المملكة العراقية، ثم الجمهورية في 1958م بعد انقلاب. بعدها جاءت الولايات والحكومات المتعاقبة، ومنها حزب البعث، ثم الحروب (إيران، الخليج، الاحتلال الأميركي…) العلماء والأساتذة والشخصيات المهمة من العلماء البارزين في بغداد العصر العبّاسي: أبو يوسف، فقيه حنفي، طالب الإمام أبي حنيفة، من الذين ساهموا في تطور الفقه الحنفي في بغداد. ابن طاهر، مؤرّخ ومحدث، في أواخر العصر العباسي، من الذين كتبوا في الأحاديث والتاريخ. أيضًا بغداد كانت مركز “بيت الحكمة” ومكان ترجمة العلوم والفلسفة اليونانية إلى العربية، ورعاية العلوم، الطب، الفلك، الرياضيات. الصناعات في بغداد في العصر العباسي: الصناعات الحِرَفية كانت مزدهرة: النسيج، صناعة الملابس، المعادن، الزجاج، الفخار، صناعة الورق (بعد احتكاك مع الصين)، وصنع الورق من ألياف نباتية. بغداد أصبحت مركزًا للصناعات الفاخرة ولتبادل السلع من كلّ أنحاء الإمبراطورية. في العصور العثمانية وما بعدها، تطورت الصناعات إلى بعض الورش التقليدية، النجارة، الحدادة، النسج، وصناعات غذائية محليّة، بالإضافة إلى أن المستوردات الأوروبية أدخلت تقنيات جديدة. التحديث الصناعي بدأ ببطء مع الحكّام العثمانيين ثم تحت النفوذ البريطاني والعراق الحديث. الزراعة في بغداد والمنطقة المحيطة أرض ما بين نهرَي دجلة والفرات كانت تُعرف باسم سواد العراق، وهي من أهم الأراضي الزراعية، كان يتم زرع الحبوب (قمح، شعير)، والخضروات، والفواكه، بجانب النخيل والبساتين. الريّ من القنوات والنهر كان أساسيًّا. في الأزمنة الحديثة، الزراعة حول بغداد تقلّصت إلى حد كبير بسبب التوسّع العمراني، تغيّر استخدام الأرض، مشاكل في المياه، التلوث، والسياسات الزراعية. القوميات والطوائف المتعددة التي تعيش في بغداد بغداد تاريخيًا مدينة متعددة القوميات والطوائف: العرب (سنة وشيعة)، الأكراد، التركمان، المسيحيون (مختلف الطوائف: الكلدان، السريان، الأرمن …)، اليهود حتى منتصف القرن العشرين، وأقليات أخرى. من الناحية الدينية: الإسلام السني والشيعي هما الغالبان، لكن يوجد حضور للطوائف المسيحية، الصابئة المندائيين، والمكونات الدينية الأخرى. التغيرات السياسية والاجتماعية والدينية سيطرة الدولة العبّاسية في البداية، ثم تدهور السلطة المركزية، وزيادة نفوذ الأمراء القبليين والمحليين، الفُسطاطات، الانشقاقات الداخلية. من الناحية الدينية، المدينة شهدت تنقّلًا بين الطوائف الإسلامية: تأثير السطحية السُنيّة في العهود العباسية، ثم فترات تمكّن الشيعة، خاصة في العصور التي كانت فيها القوة الفارسية أو الصفوية قريبة، أو في النفوذ المحلي. أيضًا انتشار التصوف، المدارس العلمية، والمدارس الشرعية. اجتماعيًا، بغداد كانت مركز جذب للعلماء والتجار والفنانين من أماكن كثيرة (مناطق فارس، خراسان، الحجاز، الشام…). التنوع اللغوي والثقافي أثرى الحياة الثقافية والحضارية. في العصر الحديث تغيّرت البنية الاجتماعية بسبب التحضر، الحرب، النزوح، تركّز الوظائف الحكومية، الزبائنية، النفوذ السياسي، وتباين الثروات. الحروب الداخلية والخارجية والصراعات الفتن بين الخلفاء العباسيين: مثل الفتنة التي سببتها الخلافة بين الأمين والمأمون، والتي أدّت إلى دمار الأجزاء الغربية من بغداد. الغزو الفاطمي 1058م بقيادة البسري الذي استبدّل الخُطب (الخطبة) يُقرأ بإسم الخليفة الفاطمي في بغداد مؤقتًا. الغزوات الكبرى: المغول 1258م، تيمورلنك (تيمور لين) في 1401م. الحروب بين الدولة العثمانية والصفويين للسيطرة على بغداد، فبعض الفترات المدينة كانت تحت سيطرة صفوية (الشيعة) ثم عادت إلى العثمانيين. في العصر الحديث: الحروب مع إيران (الحرب العراقية الإيرانية 1980–1988) أثر كبير على بغداد، ثم حرب الخليج، ثم الاحتلال الأمريكي 2003، ثم النزاعات الطائفية والسياسية الداخلية بعد 2003. الفترات العثمانية وفترة الاستعمار الإنجليزي العثمانيون احتلّوا بغداد سنة 1534م تحت السلطان سُليمان القانوني، بعد سلسلة من الصراعات مع الصفويين. الفترة العثمانية شهدت تغيّيرات إدارية، إصلاحات، محاولات تحديث، انتشار بعض الخدمات الحديثة مثل المستشفيات، المدارس، بعض البُنى التحتية، لكن بغداد كثيرًا ما تأثّرت بالحروب بين العثمانيين والفرس، والاضطرابات الداخلية، الأوبئة، الفقر. خلال الحرب العالمية الأولى سقطت بغداد في يد البريطانيين، وبعد الحرب شكل البريطانيون إدارة الانتداب على العراق، وأسّسوا الحكومة الملكية تحت الملك فيصل الأول عام 1921 تقريبًا، ثم اكتسبت العراق استقلالها رسمياً عام 1932م. الكوارث والتغييرات الكبيرة دمار بسبب الحروب: الغزو المغولي 1258م دمار هائل وقتل جماعي، وتدمير القنوات والريّ. الغزو والنهب والتدمير مرّة أخرى في عهد تيمورلنك. الأوبئة والطاعون خلال العصور العثمانية. التغيرات البيئية: تلوث المياه، تراجع جودة الريّ، جفاف، مشكلة ملوحة التربة، تأثير بناء السدود في البلدان المنبع على تدفّق مياه دجلة والفرات. التأثير المعنوي والثقافي بسبب الحروب الحديثة والنزاعات: نهب التراث، تدمير المباني التاريخية، فقدان العلماء، النزوح السكاني.
#هاشم_معتوق (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحسين بن علي ابن أبي طالب
-
تروتسكي كرمز للثورة الأممية والنقد الجذري للبيروقراطية والاس
...
-
ملحمة كلكامش ترويض أنكيدو وتحويله من عالم الوحوش إلى عالم ال
...
-
منصور السعيد لوحات تستدعي المفقود لتجعله حضورا متجددا
-
الكالفالا العالم يُبنى باليد كما يُبنى بالكلمة
-
تشايكوفسكي الموسيقى والتجربة الإنسانية العميقة
-
لينين العظيم الإنسان
-
زياد رحباني: موسيقى يرجح أن تبقى
-
الفن التشكيلي بين القولبة والابتكار
-
الشمس
-
ملح الصحو
-
الصدق المؤقت
-
السعيد
-
الراعي القديم
-
مسافات المجد
-
الإخلاص
-
الجمال الأنيق
-
الكثير المؤجل
-
الكلمات القديمة
-
الأوكسجين الغريب
المزيد.....
-
جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز
-
صالة الكندي للسينما: ذاكرة دمشق وصوت جيل كامل
-
وزارة الثقافة اللبنانية تنفي وجود أي أسلحة تعود لأحزاب في قل
...
-
في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
-
السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا
...
-
فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء
...
-
يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
-
تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب
...
-
من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب
...
-
أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|