أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - لشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج في القصيدة العربية الحديثة














المزيد.....

لشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج في القصيدة العربية الحديثة


هاشم معتوق

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


الشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج والضمير السياسي في القصيدة العربية الحديثة

يعتبر أحمد مطر واحدًا من أكثر شعراء العربية الحديثة إثارة للجدل والتأثير، ليس بسبب اشتغاله الفني وحده، بل بسبب التزامه الصارم بقضايا الحرية، والاستبداد، والكرامة الإنسانية. لقد تحوّل شعره إلى خطاب احتجاجي مباشر، يضع السلطة في موضع الاتهام، ويجعل من القصيدة أداة مقاومة لا تقل أثرًا عن الفعل السياسي ذاته. ومن هنا تتجاوز تجربة أحمد مطر حدود الشعر بوصفه فنًا لغويًا، لتغدو ممارسة أخلاقية وموقفًا وجوديًا.
وُلد أحمد مطر عام 1954 في مدينة البصرة بالعراق، في بيئة اجتماعية عانت من الفقر والتهميش، وشهدت تحولات سياسية حادة. هذا المناخ المبكر أسهم في تشكيل وعيه الاحتجاجي، حيث عايش الانقلابات، والقمع، وتضييق الحريات، وهو ما انعكس لاحقًا في قصائده.
عمل في الصحافة مبكرًا، وكان احتكاكه المباشر بالسلطة الرقابية سببًا في نفيه من العراق، ثم من الكويت، ليستقر أخيرًا في لندن منذ ثمانينيات القرن الماضي. ويمكن القول إن تجربة المنفى لم تكن حدثًا عارضًا في حياته، بل شكلت أحد المرتكزات الأساسية في رؤيته الشعرية، حيث صار المنفى رمزًا دائمًا للاغتراب العربي العام.
مرحلة الوعي الأول العراق
اتسمت هذه المرحلة بنبرة احتجاجية أولية، تتداخل فيها الذات الفردية مع همّ الجماعة، ويظهر فيها الغضب المكبوت أكثر من الرؤية الفكرية المتكاملة.
مرحلة الصدام الكويت
وفيها بلغ شعره ذروة التسييس المباشر، حيث كتب قصائده الأشهر التي فضحت الاستبداد العربي، وهاجمت القمع، والفساد، وصمت الجماهير. هنا تشكّلت هويته كشاعر معارض بامتياز.
مرحلة المنفى لندن
اتسمت هذه المرحلة بقدر أعلى من التأمل والسخرية السوداء، حيث تحوّل الخطاب من المواجهة الصريحة إلى فضح البنية العميقة للاستبداد العربي، لا السلطة وحدها بل الثقافة التي تكرّسه.
تميّز أحمد مطر بلغة مباشرة، حادة، مكثفة، بعيدة عن الزخرف البلاغي التقليدي. لغته أقرب إلى “اللغة السياسية الشعرية”، حيث تتحول المفردة إلى أداة إدانة، والجملة إلى طلقة لغوية.
ورغم هذه المباشرة، لا يمكن وصف لغته بالسطحية، إذ تقوم على اقتصاد لغوي شديد، واستخدام ذكي للمفارقة، والتورية، والسخرية.
السخرية هي السمة الأبرز في شعره. لكنها ليست سخرية ترفيهية، بل سخرية احتجاجية جارحة، تُسقِط الأقنعة عن الخطاب الرسمي، وتفضح تناقضاته. وقد استطاع عبرها تحويل الألم إلى وعي، والغضب إلى طاقة شعرية.
كتب أحمد مطر غالبًا قصائد قصيرة أو ومضات شعرية، تشبه الشعارات الثورية، لكنها مشحونة بدلالة شعرية عالية. اعتمد على التفعيلة، وأحيانًا على النثر الشعري، دون أن يفقد الإيقاع الداخلي.
يُعدّ الموضوع المحوري في شعره، حيث يصوّر الحاكم العربي بوصفه طاغية، والسلطة بنية قمعية شاملة.
لم يوجّه أحمد مطر نقده للسلطة وحدها، بل حمّل الشعوب مسؤولية استمرار القمع، واعتبر الخضوع أحد أشكال التواطؤ.
الحرية في شعره ليست شعارًا مجردًا، بل حقًا وجوديًا لا يقبل المساومة.
يظهر المنفى في شعره كقدر عربي عام، لا كتجربة شخصية فحسب.
يختلف أحمد مطر عن كثير من شعراء الحداثة العربية في كونه لم ينشغل بالتجريب الشكلي على حساب المضمون، ولم يجعل الغموض قيمة بحد ذاته. لقد اختار أن يكون شاعر موقف، لا شاعر صالون ثقافي.
ويميزه عن غيره:
وضوح الرؤية الفكرية.
الالتزام الأخلاقي الصارم.
القدرة على الوصول إلى الجمهور الواسع دون التفريط بالقيمة الشعرية.
تحوّل قصائده إلى نصوص متداولة شفهيًا، أشبه بالأمثال السياسية.
تكمن كفاءة أحمد مطر الشعرية في قدرته على:
تحويل الغضب إلى فن.
اختزال الواقع السياسي المعقد في صورة شعرية لاذعة.
التأثير في المتلقي العادي والمثقف على حد سواء.
الاستمرار في التأثير رغم تغيّر الأزمنة والسياقات.
إنه شاعر حقيقي لأنه لم يكتب من برج عاجي، بل من قلب المعاناة، ولم يستخدم الشعر للتزيين بل للتعرية.
يُمثل أحمد مطر نموذجًا نادرًا في الشعر العربي الحديث: شاعر لم يفصل بين الإبداع والموقف، ولا بين الجمال والحق. وقد دفع ثمن ذلك نفيًا وتهميشًا، لكنه كسب مكانة راسخة في وجدان القارئ العربي. إن شعره ليس مجرد نصوص تُقرأ، بل شهادات تاريخية على زمن القمع العربي، وصرخة مستمرة في وجه الصمت.



#هاشم_معتوق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج والضمير السياسي في القصيدة
- هربرت سبنسر فكره وسياقه الاجتماعي والسياسي
- هنريك سينكيفيتش نوبل للأدب سنة 1905
- فريدريك ميسترال جائزة نوبل للأدب سنة 1904
- ملف نزع سلاح الفصائل
- مراهقة لا تُخفي رغبتها
- ماجد أحمد دخيل حالة تفاوض مرهق مع الوجود
- بلند الحيدري تجربة الحداثة العراقية
- كواكب الساعدي حوار دائم بين الذات والعالم
- صلاح نيازي الاغتراب، الشعر، والترجمة
- .جلالة الملك التطوّر
- ملائكة المسافات
- منى الصرّاف امرأة واحدة تمثل آلاف النساء
- كريم ناصر الذات التي تكتب الذات
- عبدالباقي فرج صور ومحطات مكانية وزمانية
- الشاعر حمد شهاب الأنباري أسلوب الاعتراف
- وداد الواسطي المرونة والإنسياب الشعري
- الشاعر يوسف الصائغ على حافة الجرح
- الناي قصبة جوفاء كانت يومًا ما خضراء
- عصمان فارس المغني الفنان الممثل المخرج الناقد المسرحي


المزيد.....




- فنان هندي يصنع تمثالًا لبابا نويل باستخدام 1.5 طنًا من التفا ...
- مكتبة الحكمة في بغداد.. جوهرة ثقافية في قبو بشارع المتنبي
- وفاة الممثل الفلسطيني المعروف محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- قرار ترامب باستدعاء سفراء واشنطن يفاقم أزمة التمثيل الدبلوما ...
- عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
- وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق ...
- اللغة البرتغالية.. أداة لتنظيم الأداء الكروي في كأس أمم أفري ...
- بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع ...
- نجوم يدعمون الممثل الأميركي تايلور تشيس بعد انتشار مقاطع فيد ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم معتوق - لشاعر أحمد مطر شعر الاحتجاج في القصيدة العربية الحديثة