أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - في ذكرى السياب العراقي















المزيد.....



في ذكرى السياب العراقي


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 14:03
المحور: الادب والفن
    


من مفارقات القدر العراقي الفادحة أن يُعاد نعش السيّاب من الكويت في يومٍ ماطر، ليُساق عبر طرق أبي الخصيب الطينية، من دون أن يُسمح له بدخول بيته؛ بعدما أقدم مالك الدار على إخراج عائلته ومقتنياتهم إلى العراء، بسبب تأخرهم في دفع أجرة السكن… ويُقال إن مالك الدار لم يكن سوى مصلحة الموانئ العراقية نفسها.
ومن مفارقات القدر العراقي أن يبتهج إعلاميّ—سياسيّ لاحقاً—برحيل السيّاب المبكر، خشية أن يكرّر ما فعله شاعرٌ خصيبيّ آخر.
ومن مفارقات القدر العراقي أن يقف حزبٌ سياسيّ عريق ضد السيّاب، لأنه تجرأ وكتب نثراً قاسياً عنه.
ومن مفارقات القدر العراقي أيضاً أن تُهدى مقتنيات السيّاب إلى مكتبة الكونغرس الأميركية (1).
-----------------------------
يصعب أن نجد عراقيًا لا يعرف هذه الأسماء الثلاثة: بدر شاكر السيّاب، مظفّر النوّاب، وعريان السيّد خلف، فهؤلاء المجددون تحوّلوا إلى علامات فارقة شكّلت الوعي الشعري والوجداني للعراقيين لأسباب عديدة ومتشابكة.
أول هذه الأسباب أن السيّاب والنوّاب يشتركان في كونهما مجددين ومحدثين، كلٌّ في مجاله ومساحته اللغوية. فمظفّر النوّاب استطاع أن يُحدث انقلابًا حقيقيًا في الشعر العراقي المكتوب باللغة المحكية، أو ما يُعرف بالشعر الشعبي. لقد حرّر هذا اللون من الشعر من القوالب الشكلية والموضوعية التقليدية التي ظلت تحكمه لسنوات طويلة، وتجاوز بذلك حتى حداثة الرائد الكبير عبود الكرخي. تجديد النواب شمل الرؤية والصورة الشعرية، إضافة إلى الشكل والقالب ، إذ قدّم صورة نابضة بالحياة، تواصلية، مشحونة بالرمز والاحتجاج، وقادرة على التعبير عن هموم الإنسان العراقي والعربي بلغة قريبة من القلب، دون أن تفقد عمقها أو حدّتها ، ويمكن القول إن أحد أسباب ظهور الأغنية السبعينية هو الشعر التجديدي للنواب.
أما بدر شاكر السيّاب، فقد أحدث ثورة موازية ولكن في فضاء الشعر الفصيح. استفاد السيّاب من معرفته العميقة باللغة الإنكليزية، ومن اطلاعه الواسع على الشعر الإنكليزي والعالمي المترجم إلى هذه اللغة، وهو اطلاع واعٍ ومؤسس. وقد تعزز هذا الوعي بتفاعله المعرفي مع جبرا إبراهيم جبرا، الذي كان له دور مهم في تعريفه بتيارات الشعر العالمي الحديث. إلى جانب ذلك، هضم السيّاب بنجاح مصادر ثقافية وأسطورية كبرى، مثل كتاب "الغصن الذهبي"، وأساطير وادي الرافدين والشرق القديم، فوظّفها توظيفًا خلاقًا داخل تجربته الشعرية.
كل هذه العناصر مكّنته من أن يقدّم للشعر العراقي، وللشعر العربي عمومًا، بداية جديدة ومغايرة، أبهرت الوسط الثقافي العربي، وفتحت أفقًا غير مسبوق للتجديد في البنية والإيقاع والصورة والرؤية الشعرية.
ومن الأسباب الأخرى التي جعلت هؤلاء الشعراء قريبين من الوجدان العراقي أن السيّاب، مثل عريان السيّد خلف — أو العكس إذا أردنا احترام التسلسل التاريخي — لم يتخلَّ عن عراقيته الواضحة. فقد حضرت هذه العراقية بقوة في مفرداتهم، وفي البيئات الشعرية التي استلهموها، وفي المناخ النفسي والاجتماعي لنصوصهم. كانت القصيدة عندهم تنبض برائحة المكان، وبصوت الناس، وبأوجاع الأرض العراقية وأحلامها، سواء كُتبت بالفصحى أو بالعامية.
لهذا كله صار السيّاب والنوّاب وعريان جزءًا من الهوية الثقافية العراقية، ومن ذاكرة شعب وجد في شعرهم مرآةً لذاته، وصوتًا لقلقه، وحلمًا لمستقبلٍ أكثر إنسانية وحرية.
لكن بدر شاكر السياب، على الرغم من ريادته في حركة الشعر الحر وتجديده الجذري في بنية القصيدة العربية، لم يقطع صلته بالموروث الشعري العربي قطعًا نهائيًا، ولم يتحرر منه تحررًا كاملًا. ولا أقصد هنا بداياته الشعرية الأولى التي كتبها ضمن الأطر التقليدية للقصيدة العمودية، لكن أعني حتى في مرحلته الناضجة، حين بلغ ذروة تجربته الفنية. ويتجلى ذلك بوضوح في قصيدته الأشهر "أنشودة المطر"، التي تُعدّ علامة فارقة في تاريخ الشعر العربي الحديث.
ففي هذه القصيدة، يستهل السياب نصّه بمقدمة غزلية تبدو – للوهلة الأولى – بعيدة عن الموضوع المركزي للقصيدة، حيث لا تربطها به علاقة مباشرة أو ظاهرة. هذه المقدمة الغزلية يمكن النظر إليها كامتداد واضح لتقليد راسخ في الشعر العربي القديم ، حيث اعتاد الشعراء أن يفتتحوا قصائدهم بمقدمة هادئة، غالبًا ما تكون غزلية أو وجدانية، تمهّد نفسيًا للمتلقي، وتخلق حالة من الألفة والطمأنينة، وتكسب النص قبولًا أوليًا قبل الانتقال إلى الموضوع الأساسي، الذي قد يكون صادمًا أو مثيرًا للجدل أو ذا حمولة فكرية وسياسية ثقيلة.
هذا الأسلوب التمهيدي كان شائعًا في القصيدة العربية الكلاسيكية، لا سيما في قصائد المدح أو الهجاء أو النقد السياسي والاجتماعي، إذ كان الشاعر يتعمّد تليين أذن المتلقي واستمالة وجدانه قبل أن يواجهه بموقفه الحقيقي، سواء كان هذا المتلقي فردًا عاديًا من عامة الناس، أم صاحب سلطة أو حاكمًا نافذًا. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قصيدة علي بن الجهم الرصافية، التي جاءت مقدمتها الغزلية من أرقّ وأجمل ما قيل في الغزل في تاريخ الشعر العربي، إذا ما استثنينا – على سبيل المقارنة – شعر البهاء زهير، الذي تميّز بنقاء العاطفة وسلاسة التعبير.
غير أنّ المفارقة الصارخة في قصيدة علي بن الجهم تكمن في التناقض الحاد بين روعة المقدمة وسوء موضوع القصيدة نفسه، إذ يتحوّل النص بعد تلك البداية الساحرة إلى مديح فجّ، يفتقر إلى القيمة الفنية والإنسانية، ويمكن عدّه من أسوأ موضوعات الشعر العربي، إذا استثنينا – بدورنا – بعض نماذج المديح الرخيص عند المتنبي حين انحدر شعره إلى خدمة السلطة بلا رؤية أو كرامة فنية. ومن هنا يمكن القول إن علي بن الجهم كان، في كثير من نتاجه، شاعر كراهية بحق، يوظّف موهبته البلاغية العالية في خدمة خطاب سلطوي ضيق الأفق.
وعلى هذا الأساس، فإن استدعاء السياب لهذا التقليد القديم في "أنشودة المطر" يمكن اعتباره توظيفًا واعيًا للموروث ، يدمجه ضمن بنية حديثة ويعيد إنتاجه بدلالات جديدة، وإن ظلّ أثر القصيدة العربية التقليدية واضحًا في نسيج النص، مما يؤكد أن الحداثة الشعرية عند السياب حوار متوتر وخلاق مع الماضي.
لكن ما أودّ التوقف عنده هنا — وهو رأي نابع حصريًا من ذائقتي كقارئ، لا من موقع نقدي منهجي — أن أهم ما كتبه بدر شاكر السياب، وأكثره راديكالية وتجديدًا في الشعر العربي، يتمثل في تلك القصائد التي أنجزها في بيروت ولندن والكويت في أواخر حياته. فهذه النصوص تمثل لحظة نادرة يكتب فيها الشاعر من داخله الخالص، لا من خارجه، ومن منطقة التجربة الوجودية لا من منطقة الاستجابة للمؤثرات والضغوط المحيطة.
في تلك القصائد، يتراجع العالم الخارجي — السياسة، الأيديولوجيا، الصراع الاجتماعي — إلى الهامش، أو يتلاشى تمامًا، ليحل محله صوت الذات العارية: الخوف، المرض، الوحدة، الإحساس بالفقد، والوعي القاسي بزمن يتآكل. هنا يبدو السياب إنسانًا يكتب كي يبقى، وكي يفهم ألمه، وكي يمنح معاناته شكلًا لغويًا يقيها من العدم.
من هذا المنظور، أرى أن الشعر الحقيقي هو ما ينبع من التجربة الداخلية للشاعر، من ذلك الاحتكاك الصامت والعميق بين الذات ووجودها، لا من اندفاعات خارجية طارئة، ولا من إملاءات أيديولوجية، ولا من مواقف مدفوعة الثمن، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو حتى جمالية. فحين يُستدعى الشعر ليؤدي وظيفة مسبقة، أو ليخدم غرضًا جاهزًا، يفقد شيئًا من صدقه، حتى وإن بدا متقن الصياغة أو بليغ العبارة.
لهذا أجد أن الشعر — في جوهره — صادق بطبيعته، بينما كثير من الشعر التقليدي، على عذوبته وإيقاعه الأخّاذ، يحمل قدرًا من “الكذب الجميل”: كذب الصنعة، وكذب الامتثال، وكذب التكرار ، لأنه غالبًا ما يكتب ضمن قوالب مسبقة، وأغراض معلّبة، تعيد إنتاج التجربة بدل اكتشافها.
أما الشعر التفعيلي، فعلى الرغم من الثورة الشعرية الهائلة التي مثّلها، وما فتحه من آفاق جديدة في الإيقاع واللغة والصورة، فإنه — في كثير من نماذجه — ظل مشدودًا بوتد خفي إلى خيمة الشعر التقليدي. يظهر ذلك في استمراره أحيانًا في الدوران حول الأغراض القديمة: مديح، هجاء، غزل، رثاء، وكأن الحداثة لم تمس إلا الشكل، بينما بقيت الروح أسيرة منطق الغرض.
ومع ذلك، يمكن تفهّم هذا التناقض إذا نظرنا إلى الحداثة الشعرية بوصفها مسارًا تراكميًا لا قفزة واحدة مكتملة. فكل انتقال جذري يحتاج إلى مراحل وسيطة، وإلى نصوص هجينة تحمل آثار القديم وبذور الجديد في آن واحد. والسياب نفسه — في أفضل لحظاته — كان يعبر هذا الجسر، بوصفه شاعرًا يدفعه الألم إلى اكتشاف لغة أكثر صدقًا، وأكثر التصاقًا بإنسانيته.
قصيدة "احتراق" التي كتبها السياب في بيروت بتاريخ 26/4/1961 تمثل ذروة الإحساس بالفناء الجسدي والاحتراق الداخلي. هنا لا يعود المرض مجرد عرضٍ عابر، إنما يتحول إلى بنية شعرية كاملة، حيث تتداخل مفردات النار، والذبول، والتآكل، لتصوغ جسدًا شعريًا يحترق من الداخل. اللافت في هذه القصيدة أن السياب لم يعد يبحث عن خلاصٍ أسطوري أو جماعي كما في "أنشودة المطر"، لكنه يواجه مصيره الفردي بوعيٍ مأساوي، يجعل من الألم مادة جمالية لا شعارًا.
أما قصيدة "الوصية" (بيروت، 19/4/1962)، فهي نصّ الوداع بامتياز. لا نقرأ فيها وصية شاعرٍ إلى قرائه فقط، لكنها وصية إنسانٍ يرى نهايته تقترب. اللغة هنا أكثر هدوءًا، أقل انفجارًا، وكأن السياب يكتبها وهو يستجمع ما تبقى من طاقة روحية. إنها قصيدة تصالح جزئي مع الموت، لا يخلو من مرارة، لكنها مرارة شفيفة، تخلو من الصراخ الذي ميز بعض نصوصه السابقة.
وتأتي "سفر أيوب"، المكتوبة في لندن على مراحل، بوصفها القصيدة الأهم – وربما الأخطر – في تاريخ السياب الشعري. فهي تمثل التحديث الأعمق في الشعرية العربية، على مستوى الرؤية. صحيح أن الأسطورة لم تغادر شعر السياب، لكنها في "سفر أيوب" لم تعد قناعًا ثقافيًا أو رمزًا جمعيًا عامًا، حيث صارت معادلاً موضوعيًا لحالته الشخصية. أيوب هنا هو السياب نفسه: الجسد المعذّب، الصبر القسري، والانتظار الطويل لشفاء قد لا يأتي. وهذا التحويل من الأسطورة التوراتية بوصفها بنية خارجية إلى الحالة الداخلية بوصفها تجربة معاشة، هو ما يجعل "سفر أيوب" نصًا مفصليًا في الحداثة الشعرية العربية.
ومع ذلك، فإن هذه القصائد المتأخرة – على أهميتها الفنية – لم تحظَ بالشهرة التي نالتها قصائد السياب الأولى، ولا سيما المطولات الثلاث. وربما يعود ذلك إلى أن الذائقة العربية كانت أكثر انجذابًا إلى السياب "المنشد" و"النبي الشعري"، لا إلى السياب المريض، المنكفئ، الذي يكتب من هامش الجسد لا من مركز الحلم.
ولا يمكن إغفال قصيدة "في المغرب العربي" ، التي تُعد بحق درة من درر الشعر الحديث، على الرغم من لحظيتها وتاريخيتها. صحيح أن اللحظية والتاريخية كثيرًا ما تقتل الشعر، كما تفعل الغرضية المباشرة، إلا أن السياب استطاع هنا أن يتجاوز هذا الفخ، بأن جمع بين الشخصانية الشعرية العميقة والغرضية الثورية دون أن يضحّي بإحداهما. ولهذا ربما تستدعي هذه القصيدة – كما أشرت – قصيدة المتنبي «واحَرَّ قلباه ممن قلبه شبِمُ»، إذ يلتقي في النصين التوتر بين الذات الجريحة والهمّ العام، بين الكبرياء الفردي والالتزام التاريخي.
نُشرت "في المغرب العربي" لأول مرة في مجلة الآداب البيروتية في عدد آذار 1956، مرفقة بإهداء إلى "المجاهد العربي الكبير مصالي الحاج". غير أن هذا الإهداء غاب عندما ضمّ السياب القصيدة إلى ديوانه "أنشودة المطر" الصادر عن دار مجلة "شعر" في بيروت سنة 1960. والسؤال عن سبب حذف الإهداء مشروع تمامًا. فمن المعروف أن مجلة "شعر" كانت تتبنى رؤية حداثية جمالية، تتحفظ – إن لم تعارض – التسييس المباشر للنص الشعري، وتفضّل فصل الشعر عن الشعارات والرموز النضالية الصريحة. ومن ثم، فمن المرجح أن توجّه المجلة، أو سياستها الثقافية، كان له دور في إلغاء هذا الإهداء، حفاظًا على "نقاء" النص من الإشارات السياسية المباشرة، وفق منظورها.
ويُذكر أن ديوان "أنشودة المطر" يُعد البداية الحقيقية للشعر الحر في الثقافة الشعرية العربية، بوصفه مشروعًا جماليًا متكاملاً. وكل ما كُتب بعده – من مختلف الشعراء – إنما هو إضافة إليه، أو سير في خطاه، حتى في فضاءات قصيدة النثر، التي ظلت، رغم اختلافها الشكلي، مدينةً لسياب في فتح أفق الحداثة الشعرية العربية.
---------------------
لكن...
ماذا نفعل إزاء الذائقة المدرسية التي اختزلت بدر شاكر السياب في قصيدة واحدة تقريبًا هي "أنشودة المطر"؟
هذه الذائقة، التي تشكّلت عبر المناهج التعليمية، قدّمت السياب للأجيال بوصفه شاعر قصيدة بعينها، لا شاعر مشروعٍ شعريّ متكامل، متعدد الأطوار، شديد التحول والتناقض. فالطالب العربي يخرج من المدرسة وهو يعرف "عيناكِ غابتا نخيل…" لكنه لا يعرف "سفر أيوب"، ولا "احتراق"، ولا "الوصية"، ولا يدرك أن السياب انتقل من الأسطورة الجمعية إلى المأساة الجسدية، ومن الخطاب الثوري إلى الاعتراف الوجودي. هكذا تحوّل السياب، في الوعي المدرسي، إلى أيقونة محفوظة لا تجربة حيّة، وإلى نصٍّ مُجمَّد بدل أن يكون سؤالًا مفتوحًا.
ثم ...
ماذا نفعل إزاء المغنين العرب الذين تجاهلوا الشعر السيابي، ولم يحاولوا الاقتراب منه إلا عبر محاولات محدودة، نصفها فقير فنيًا، لا يرقى إلى عمق التجربة الشعرية التي كتبها السياب؟ وإذا استثنينا لحن محمد عبده لقصيدة "أنشودة المطر" ، فإننا لا نجد مشروعًا غنائيًا حقيقيًا تعامل مع السياب بوصفه شاعرًا قابلاً للغناء، رغم أن شعره – من حيث الإيقاع الداخلي والصورة والدراما – شديد القابلية للتلحين ، وإلا، فهل يُعقل أن تُختزل قصيدة بحجم سِفر أيوب في لحنٍ واهنٍ لطالب القرغولي، وأداءٍ باهتٍ لسعدون جابر، كأن النص مجرد عبءٍ ثقيل لم يُحسن أحد حمله؟
والمفارقة أن الأغنية، تاريخيًا، كانت ولا تزال من أقوى وسائل انتشار الشعر وترسيخه في الذاكرة الجمعية.
ولعل المثال الأوضح على ذلك هو تجربة كاظم الساهر مع شعر نزار قباني. فلولا غناء الساهر، لما تعرّف جيل التسعينيات على نزار قباني بوصفه شاعرًا، خصوصًا أن نزار، منذ منتصف الثمانينيات، لم يعد يقدم ما يلفت الانتباه فنيًا أو يضيف جديدًا إلى تجربته، حيث انزلق في أغلب قصائده إلى غزل مباشر، فاضح أحيانًا، سهل الاستهلاك، يهبط باللغة الشعرية ويُسيء إلى صورة المرأة التي يدّعي الاحتفاء بها. غير أن اللحن، والأداء، والدراما الصوتية التي قدّمها كاظم الساهر، أعادت إنتاج تلك النصوص ومنحتها حياة جديدة، وأضفت عليها عمقًا لم يكن موجودًا في النص وحده.
ومن اللافت أن كاظم الساهر نفسه، حين اقترب من عالم السياب عبر قصيدة "لا تزيديه لوعة"، قدّم لحنًا تعبيريًا حقيقيًا، انطلق من إنصات عميق إلى البنية الداخلية للنص، إلى ألمه وتشظّيه وانكساراته الوجودية، لا إلى مظهره الخارجي أو إمكاناته الزخرفية. فقد تعامل مع القصيدة بوصفها كيانًا شعريًا حيًا، لا مادة للزينة الصوتية.
وهذا ما يضع تجربته في مقارنة مباشرة مع لحن محمد عبده لـ "أنشودة المطر"، الذي — على الرغم من شهرته الواسعة — اتكأ على زخرفة لحنية مفرطة، غلّبت الاستعراض الصوتي على الجوهر الشعري، وأضعفت من كثافة القصيدة الرمزية وطاقتها الدرامية. فبدل أن تكون التجربة تزاوجًا خلاقًا بين الشعر والموسيقى، تحوّلت في لحظات كثيرة إلى عرضٍ صوتي أنيق، لكنه منفصل عن العمق المأساوي والوجودي الذي يشكّل قلب نص السياب.

إن المشكلة، في جوهرها، ليست في السياب ولا في شعره، لكنها في وسائط التلقي: المدرسة التي اختزلته، والأغنية التي تجاهلته، والثقافة العامة التي لم تُحسن تقديمه بوصفه شاعر تحوّل وألم وتجريب، لا شاعر نشيدٍ واحد. وربما لو أُعيد اكتشاف السياب خارج هذا القالب الضيق، عبر قراءة مختلفة أو تلحين أكثر جرأة وصدقًا، لكان حضوره في الوعي العربي المعاصر أعمق وأكثر تأثيرًا مما هو عليه اليوم.
---------------------------
يتراءى الطابع العراقي في شعر السياب بجلاء في الصور والرموز واللغة التي ينسج بها نصوصه، ما يمنحه بصمة وطنية لا تشبه غيره. ما يميزه حقًا هو قدرته الفائقة على تحويل أبسط عناصر البيئة العراقية إلى رموز شعرية تتجاوز حدود المكان إلى العالمية. فمن من الشعراء استطاع أن يجعل من نهير صغير مثل "بوّيب" رمزًا شعريًا يُذكر على الصعيد العالمي؟ ومن منهم استطاع أن يحوّل قرية متواضعة كـ"جيكور"، التي لم يعرفها سوى أهل البصرة، إلى مساحة شعرية نابضة بالحياة، واسم يردده الأدباء في المنتديات والندوات الثقافية، حتى صار علامة مألوفة في المشهد الأدبي؟ هذه القدرة على رفع البسيط المحلي إلى مستوى عالمي، وتحويل الخصوصية العراقية إلى تجربة إنسانية عامة، هي ما يضع السياب في مصاف أعظم الشعراء العرب، ويجعل شعره خالدًا يتجاوز حدود المكان والزمان.
لقد تمكن بدر شاكر السياب من تحويل المكان إلى عنصر شعري أصيل وفعّال في شعره، بحيث يصبح المكان عنده أكثر من مجرد خلفية أو إطار يمر عليه الحدث أو المشهد. فالمكان عند السياب يتحوّل إلى جوهر النص الشعري ذاته، ويصبح محوراً أساسياً تتشكل حوله الصور والمشاعر والأفكار.
هذا الإنجاز يجعل السياب مختلفاً عن الكثير من الشعراء الذين سبقوه أو جاءوا بعده، إذ لم يلتفت معظمهم إلى أن المكان يمكن أن يكون مادة شعرية بذاتها، يمكن الاشتغال عليها شعرياً، وأنه ليس مجرد فضاء خارجي يضم الشخصيات أو الأحداث. في شعر السياب، المكان يمتلك شخصية وحياة، ويتفاعل مع الرؤيا الشعرية، فهو يعبّر عن الانفعالات، ويرسم الإيقاع النفسي للقصيدة، ويكوّن جواً خاصاً يندمج مع مضمون النص، فلا يمكن فصله عن التجربة الشعرية برمتها.
باختصار، السياب نجح في تحويل المكان من مجرد إطار ثابت أو خلفية للأحداث إلى عنصر شعري حيوي، يحمل المعنى والمزاج والرمزية، ويصبح بذلك موضوعاً شعرياً قائماً بذاته، يضيف بعداً جديداً للتجربة الشعرية ويجعل من نصوصه أعمالاً متكاملة غنية بالصور والدلالات.
---------------
ينقل الأستاذ عارف الساعدي عن الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، خلال زيارته إلى مهرجان المربد عام 1971، شهادة دالّة تكشف جانبًا مهمًا من العلاقة الإشكالية بين الشعر والواقع، ومن الكيفية التي تصنع بها المخيّلة الشعرية أمكنتها الخاصة. إذ يروي شمس الدين أنه ذهب إلى مدينة البصرة وهو يحمل في ذهنه صورتين محددتين لا ثالث لهما: الأولى رغبته العارمة في رؤية نهر "بويب" الذي طالما تخيّله نهرًا عظيمًا متدفقًا، كما رسمه له شعر السياب؛ والثانية رغبته في رؤية شبّاك وفيقة، تلك العلامة الشعرية التي تحوّلت من تفصيل عابر إلى رمز عاطفي كثيف في الذاكرة الشعرية.
وبعد وصوله إلى البصرة، أمضى شمس الدين أيامًا وهو يتنقّل بين أمكنتها، زار أبا الخصيب، ثم قصد جيكور، مدفوعًا بشغف الشاعر الذي يسعى إلى مطابقة الصورة المتخيلة مع الواقع الملموس، وإلى العثور على ذلك النهر الذي سكن النصوص قبل أن يسكن الجغرافيا. غير أن المفاجأة كانت صادمة؛ فقد وجد أن شبّاك وفيقة ليس سوى ثقب صغير في جدار طيني، وأن نهر بويب، الذي كان يتخيله عريضًا جارفًا، لم يكن في الواقع سوى خيط ضئيل من الماء ينساب بهدوء بين أشجار النخيل.
عند هذه اللحظة، أدرك شمس الدين درسًا جوهريًا في طبيعة الشعر ووظيفته: فالأنهار لا تكون عظيمة بذاتها، بل بعين الشاعر الذي يراها ويعيد خلقها بالكلمات.
إن الشعراء الحقيقيين لا يكتفون بوصف الأمكنة كما هي، لكنهم يعيدون خلقها في المخيّلة، ويحمّلونها من وجدانهم وذاكرتهم وقلقهم الوجودي ما يجعل التفاصيل الصغيرة تنقلب إلى رموز كبرى، والأماكن الهامشية تتحول إلى فضاءات أسطورية راسخة في الوعي الجمعي.
وتكشف هذه التجربة بوضوح أن المدينة، كما النهر، لا تُدرك في الشعر بوصفها واقعًا جغرافيًا فحسب، لكن بوصفها كيانًا متخيَّلًا يتشكّل داخل النص قبل أن يُرى على الأرض. فالبصرة التي رآها شمس الدين لم تكن هي البصرة التي قرأها في شعر السياب، لكن هذه المفارقة نفسها أكدت له أن الشعر هو الذي يمنح الأشياء معناها وخلودها، وأن قوة الإبداع تكمن في تحويل العادي واليومي إلى صورة كونية نابضة بالدلالة، كما حدث مع نهر بويب الذي ظل عظيمًا في المخيلة، مهما بدا صغيرًا في الواقع.
----------------

يُعدّ بدر شاكر السياب شاعراً محلياً إلى أقصى حد، إذ امتدت جذوره الشعرية في أرضه وبيئته العراقية حتى في استخدامه للأساطير، فقد وظّفها دائماً ضمن إطار هويته العراقية، دون الانسياق وراء أساطير أو رموز خارجية بعيدة عن واقعه وتجربته. وفي هذا الصدد، يمكن القول إن السياب تفوّق على بعض الشعراء العالميين، مثل الشاعر الإسباني لوركا، في قدرته على تمثّل الأغاني الشعبية المحلية وامتزاجها بعمق مع تجربته الشعرية، ما جعل نصوصه نابضة بالروح العراقية الحقيقية.
المحلية عند السياب هي الطريق الأصيل للوصول إلى القارئ المحلي بالدرجة الأولى، إذ تمنحه النصوص شعوراً بالألفة والارتباط بالمكان والتجربة المشتركة. وهذا ما يميز عمله عن بعض الشعراء الآخرين، مثل عبد الوهاب البياتي، الذي حاول أن يغازل كل المدن والثقافات العالمية بطريقة قد تبدو أحياناً سطحية أو مبتذلة، سعياً وراء الشهرة أو التعاطف الدولي، على حساب الصدق الشعري والعمق الفني.
تتجلّى محلية السياب أيضاً في كثرة استخدامه لرموز الطبيعة في معظم نصوصه، وهو أمر مرتبط مباشرة بنشأته في بيئة غنية بالمشاهد الملهمة، من النخيل والشطآن إلى الرياح والأنهار. ويمكن فهم هذا التأثير بوضوح في مقدمة قصيدته الشهيرة "أنشودة المطر"، التي رسم فيها صورة شعرية دقيقة لا يمكن فهمها إلا لمن شهدها عن قرب، وهو يقف على ضفاف شط العرب. هذه الصورة الشعرية، المنسوجة بعناية وبصدق، تظهر استقلالية تجربته الشعرية عن أي تأثير خارجي، وتؤكد أن قوة شعره تكمن في عينه المحلية وقدرته على تحويل المشهد الواقعي إلى تجربة شعرية حية ومؤثرة.
باختصار، سياب شاعر محلي أصيل، استطاع أن يجعل من بيئته وواقعه العراقي مادة شعرية غنية بالرموز والصور، وأن يحوّل المحلية إلى جسر للتواصل مع القارئ، بما يفوق كثيراً من محاولات الشعراء الآخرين الذين غلبت عليهم الرغبة في الشهرة على حساب العمق الفني والصدق الشعوري.
----------------------
يبقى المعطفُ التفعيليُّ الذي ارتداه بدر شاكر السياب في تجربته الشعرية رمزًا مركزيًا وعلامةً فارقةً في مسار القصيدة العربية الحديثة، معطفًا ظلّ حاضرًا في الوعي الشعري العربي، يرتديه — عن قصدٍ أو بدونه — كلُّ شاعرٍ جاء بعده. حتى أولئك الذين يعلنون انحيازهم إلى الشعر الحر أو قصيدة النثر، ويبدون تمرّدهم على الوزن والإيقاع، لا يستطيعون في لحظاتهم الأولى مع الشعر أن يتجاوزوا السياب، فيبدؤون يومهم الشعري بقراءته، ولو سرًا وبصمت، خشية أن يُقال إنهم ما زالوا يبحثون عن “أب شعري” أو يتكئون على مرجعية كبرى لا يريدون الاعتراف بها علنًا.
لقد نجح السياب في أن يجعل التفعيلة رؤية كاملة للعالم.
ولذلك، يكفي أن نتأمل أثره العميق في جيل كامل من الشعراء، ولا سيما في العراق، لندرك حجم حضوره الطاغي. فمعظم الشعراء الذين ظهروا بعده تأثروا به، سواء في طريقة إلقاء القصيدة، أو في اختيار المفردة اليومية المشحونة بالدلالة، أو في بناء الصورة الشعرية التي تمزج بين الأسطورة والواقع، وبين الشخصي والجمعي. حتى إن تأثيره تجاوز الجغرافيا العراقية، ليصل إلى عدد من شعراء العالم العربي، الذين وجدوا في تجربته نموذجًا ناضجًا لكيفية تحديث القصيدة دون قطع صلتها بجذورها.
وحتى اليوم، لا يزال أثر السياب حاضرًا بقوة، بوصفه تجربة تأسيسية يصعب تجاوزها. فما زال معطفه التفعيلي يلتف حول القصيدة العربية الحديثة، كأنه جزء من جلدها، وكأن كل محاولة للكتابة بعده تبدأ – شاء أصحابها أم أبوا – من النقطة التي وقف عندها، لا من فراغ.
--------------------------------------
(1) يقول ابن السياب ( بسبب الحرب العراقية - الإيرانية اضطر أهلى للهرب من مدينة البصرة إلى الموصل وتركت الدار فى عهدة من يفترض أن يحرسها فسرقها وباع المقتنيات فى السوق فى الفترة التى كان مؤتمنا بها على الدار، حيث سطى على مكتبة الوالد، وعلى هدية وهى لعبة من الوالد كنت اعتز بها لدرجة أنى لم ألعب بها حين كنت صغيراً خوفا عليها أن تتلف، لكن للأسف حتى هذه اللعبة سرقها هذا الحارس وباعها)
وأضاف، خلال إحدى زياراتى للبصرة، جمعت ما تبقى من مخطوطات والدى ونقلتها معى إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أقيم، وأنوى تسليمها إلى مكتبة الكونجرس الأمريكى للحفاظ عليها بعدما رأيت إهمال الجهات الحكومية فى الحفاظ على منزل السياب وحفظ تراثه.
(2) قام السياب بترجمة عدد من القصائد العالمية واصدرها في كتاب سنة 1955.



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباباوات السيئون: قراءة تاريخية نقدية في فساد السلطة الكنسي ...
- تأثير مدرسة الحوليات الفرنسية في الفكر التاريخي العربي: نحو ...
- مدرسة الحوليات الفرنسية: ثورة منهجية أعادت كتابة الماضي
- نعوم تشومسكي: العقل النقدي بين اللسانيات والسياسة
- جوليان بارنز
- الإشراقية: فلسفة النور بين العقل والذوق وميراث الحكمة الشرقي ...
- المثقفون الجدد
- العقل بين الازدهار والانكسار: مسار المعرفة في الحضارة الإسلا ...
- الإنسان على حافة الهاوية: بين ذئابية هوبز وألوهية فويرباخ – ...
- تجربة ابن سينا مع كتاب -ما بعد الطبيعة- لأرسطو
- الفلسفة وقيمة السؤال: نحو فهم جديد لمعنى التفكير الفلسفي
- انطباع ضد الموضوعية: دفاع عن الذات القارئة
- السرد، القارئ، والأنطولوجيا الإنسانية
- باروخ سبينوزا: الفيلسوف الذي عاش منفياً من معابد البشر
- عودة إلى سبينوزا مرة أخرى ورؤيته في علم الأخلاق
- الفردية والإيديولوجيا: قراءة فلسفية ونفسية في فكر كارل يونغ
- أفول أوروبا: بين النقد الجذري لأونفراي والسخرية الاستراتيجية ...
- القنفذ والشعر: دريدا وبلاغة المأزق
- حين تتحول الكلمات إلى أصنام: رؤية فلسفية للغة والفكر
- التسعينات: نوستالجيا الخراب هوامش غير مكتملة


المزيد.....




- وفاة محمد بكري، الممثل والمخرج الفلسطيني المثير للجدل
- استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
- جدل حول إزالة مقبرة أمير الشعراء وسط مخاوف على تراث القاهرة ...
- بدون زينة ولا موسيقى.. السويداء تحيي عيد الميلاد في جو من ال ...
- شانلي أورفا التركية على خريطة فنون الطهي العالمية بحلول 2029 ...
- ريهام عبد الغفور.. صورة الفنانة المصرية تحدث جدلا ونقابة الم ...
- زلزال -طريق الملح- يضرب دور النشر في لندن ويعيد النظر إلى أد ...
- الكوميدي هشام ماجد: أنا ضد البطل الأوحد وهذا دور والدتي في ح ...
- فنان هندي يصنع تمثالًا لبابا نويل باستخدام 1.5 طنًا من التفا ...
- مكتبة الحكمة في بغداد.. جوهرة ثقافية في قبو بشارع المتنبي


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - في ذكرى السياب العراقي