أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - كيف يدعي اردوغان محاربة اسرائيل بينما يدعمها تجاريا














المزيد.....

كيف يدعي اردوغان محاربة اسرائيل بينما يدعمها تجاريا


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 09:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ سنوات، يقدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه في الخطاب الإعلامي والسياسي بوصفه أحد “أشدّ المدافعين” عن القضية الفلسطينية، ويُكثر من التصريحات النارية التي يهاجم فيها إسرائيل وسياساتها، خصوصاً في أوقات العدوان على غزة أو التصعيد في القدس. غير أن هذه الصورة الخطابية تصطدم بواقع اقتصادي وتجاري مختلف تماماً، يكشف عن مفارقة واضحة بين ما يُقال في المنابر وما يُمارَس في الموانئ والأسواق.
خطاب حاد… وممارسة ناعمة
لا يكاد يمرّ حدث كبير في فلسطين إلا ويخرج أردوغان بتصريحات قوية، تتضمن إدانات حادة لإسرائيل، ودعوات لحماية المسجد الأقصى، وانتقادات للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. هذه اللغة العاطفية تمنح أنقرة حضوراً شعبياً واسعاً في الشارع العربي والإسلامي، وتُسهم في ترسيخ صورة تركيا كـ“مدافع عن المظلومين”.
لكن في المقابل، لم تتوقف العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل، بل شهدت في كثير من السنوات نمواً ملحوظاً، حتى في فترات كانت فيها غزة تتعرض لحروب دامية. فالتبادل التجاري بين البلدين يشمل مجالات واسعة مثل الطاقة، والحديد والصلب، والمواد الكيميائية، والمنتجات الزراعية، والتكنولوجيا، والنقل البحري. وبذلك، تبقى إسرائيل شريكاً اقتصادياً مهماً لتركيا، رغم حدّة الخطاب السياسي.
أرقام تتكلم أكثر من الشعارات
عند النظر إلى بيانات التجارة الخارجية التركية، يتضح أن حجم الصادرات والواردات مع إسرائيل لم يتراجع بشكل جوهري في أوقات الأزمات السياسية، بل استمر في مستويات مرتفعة نسبياً. وهذا يعني أن تركيا، عملياً، تواصل تزويد السوق الإسرائيلية بمنتجات وخدمات أساسية، وتستورد منها ما تحتاجه من مواد وتقنيات، وهو ما يُعد شكلاً من أشكال الدعم الاقتصادي غير المباشر.
هذا التناقض يطرح تساؤلاً مشروعاً: كيف يمكن لدولة أن ترفع شعار “مواجهة إسرائيل” بينما تحافظ في الوقت نفسه على علاقات تجارية متينة معها؟
حسابات المصالح قبل المبادئ
لفهم هذا التناقض، لا بد من النظر إلى منطق السياسة الواقعية (Realpolitik). فتركيا دولة ذات اقتصاد كبير ومتشابك مع الاقتصاد العالمي، وتبحث عن أسواق لصادراتها ومصادر آمنة لوارداتها، وإسرائيل تمثل شريكاً مربحاً في هذا السياق. إضافة إلى ذلك، فإن العلاقات التجارية تُستخدم أحياناً كورقة توازن، تُمكّن أنقرة من الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع تل أبيب، حتى في ظل الخلافات السياسية.
غير أن هذا المنطق البراغماتي، وإن كان مفهوماً من زاوية المصالح الاقتصادية، يُضعف من مصداقية الخطاب الأخلاقي الذي يقدّمه أردوغان بشأن فلسطين، ويجعل كثيرين يرون فيه مجرد استثمار سياسي في المشاعر الشعبية، أكثر من كونه التزاماً عملياً حقيقياً.
بين التعاطف الحقيقي والاستثمار السياسي
لا شك أن جزءاً من المجتمع التركي، بل وحتى من دوائر الدولة، يحمل تعاطفاً صادقاً مع القضية الفلسطينية. لكن المشكلة تكمن في الفجوة بين هذا التعاطف وبين السياسات الاقتصادية الرسمية. فحين لا تُترجم المواقف السياسية إلى إجراءات ملموسة، مثل تقليص العلاقات التجارية أو فرض قيود اقتصادية واضحة، يبقى الخطاب في إطار الرمزية أكثر منه في إطار الفعل.
إن التناقض بين خطاب أردوغان الحاد ضد إسرائيل واستمرار العلاقات التجارية القوية معها يسلّط الضوء على ازدواجية واضحة بين الشعارات والممارسات. ففي الوقت الذي تُستخدم فيه القضية الفلسطينية لتعزيز الصورة السياسية لتركيا في العالم الإسلامي، تستمر المصالح الاقتصادية في رسم سياسات واقعية تخدم أنقرة أولاً، حتى لو تعارضت مع تلك الشعارات. وهذا ما يدفع الكثيرين إلى التساؤل: هل ما يُقال على المنابر هو موقف مبدئي حقيقي، أم مجرد أداة سياسية تُستخدم عند الحاجة؟



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يعني حذف أصفار من العملة السورية وكيف يمكن أن يؤثر ذلك ...
- السوريون في تركيا ،،، ضيوف ام رهائن
- هل ساهمت تركيا في صناعة تنظيم داعش؟ ولماذا لم تتأثر تركيا بص ...
- هل كان عقد الستينات من القرن العشرين هو الأفضل على الإطلاق؟
- لماذا يعشق بعض العرب حكّامهم الديكتاتوريين؟
- ما هو النموذج الاقتصادي الأفضل للدولة السورية الجديدة؟
- الأشعرية والسلفية في سوريا: من سينتصر؟ وما هي تكلفة الصراع ب ...
- القس الأمريكي وبداية انهيار الاقتصاد التركي… هل دفع الشعب ثم ...
- لماذا ينهار التدين التركي أمام النزعة القومية؟
- السلفية الجهادية في سوريا: هل هي ظاهرة طارئة أم أصيلة في الم ...
- كيف ترى سوريا والعراق أن تركيا تسرق حصتهما من مياه دجلة والف ...
- صراع الهوية في تركيا: هل يشبه الأتراك شعوب المنطقة؟
- لماذا تتبنّى بعض الحركات السلفية الجهادية خطابًا يحضّ على قت ...
- اكراد تركيا ... متى سيحصلون على حقوقهم
- لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران
- انهيار الدولة التركية… هل هو حلم أوروبا أم كابوسها؟
- الدولة العميقة في تركيا… خطر يهدد المنطقة
- القضاء التركي أعمى عندما يتعلق الأمر بالسوريين
- سوريا بين مطرقة تركيا وسندان اسرائيل
- الدولة العثمانية… لعنة أصابت العالم لسبعمئة عام


المزيد.....




- شاهد استقبال ترامب لمكالمات هاتفية من أطفال عشية عيد الميلاد ...
- رواد فضاء يبعثون رسالة إلى الأرض بمناسبة عيد الميلاد.. شاهد ...
- الجزائر تشرع قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي
- نتنياهو يهدد حماس مجددًا.. وواشنطن تكشف موعد بدء المرحلة الث ...
- في قداس عيد الميلاد الأول له... البابا ليون الرابع عشر يدعو ...
- كأس الأمم الأفريقية: السماح بالدخول المجاني في بعض المقابلات ...
- العدل الأميركية: مليون وثيقة إضافية قد تكون مرتبطة بإبستين
- تقرير:حركة الشباب تمثل أكبر تهديد للسلام في الصومال والمنطقة ...
- التوازن السياسي يعيد رسم ملامح العلاقة السورية الروسية
- تحالفات الظل تربك معركة اليمن


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - كيف يدعي اردوغان محاربة اسرائيل بينما يدعمها تجاريا