أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (10) صدام مسلح مع الإنجليز وإخماد الثورة















المزيد.....

ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (10) صدام مسلح مع الإنجليز وإخماد الثورة


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اجتمع أعضاء الحكومة بحضور الأمير عبدالله، وناقشوا ما حصل، وأقنعوا الأمير بتشكيل حكومة جديدة برئاسة حسن خالد أبو الهدى. اتخذت الحكومة الجديدة قرارات تبدو وكأنها استجابة للمطالب الوطنية، لكن الأحداث التالية أكدت أن النوايا لم تكن صادقة، وكان الهدف كسب الوقت، ريثما تتوفر ظروف جديدة مناسبة، تسمح بتنصل الأمير من وعوده.
في جلسة الحكومة يوم الخميس 6 أيلول 1923، وصفت الحكومة الحراك الذي قاده الشيخ سلطان العدوان بالتمرد، وتقرر إلغاء الزيارة المزمع قيام الأمير عبدالله بها إلى مكان تخييم الشيخ سلطان العدوان في حسبان. وزادت الحكومة على ذلك، اعتقال أعضاء الحزب الوطني ووجهت لهم تهم تأسيس جمعية سرية هدفها قلب النظام، وتأليف حكومة أردنية من أهالي البلاد، وتدبير ثورة الشيخ سلطان العدوان وولده ماجد. وهكذا فُهم من هذه التهم أن الإنتماء إلى الوطن الأردني وأردنة المناصب والحكومة تُهم، قد تودي بالداعين إليها ومؤيديها إلى السجن. واعتقلت الحكومة مواطنين آخرين بتهمة إثارة الشغب، ومن بين هؤلاء: صالح النجداوي، وشمس الدين سامي، ومصطفى وهبي التل، وعودة القسوس، والشيخ علي الشركسي. وأٌلقي القبض فيما بعد على كل من أيوب فاخر، وعبدالله الخطيب، وسليمان الخطيب، وتوما حمارنة، وطاهر أبو السمن، وعبدالرحيم بن سالم، ومحمود العايش. أجرت الحكومة التحقيقات اللازمة، وشكَّلت هيئة لمحاكمة المتهمين، مؤلفة من حاكم إداري عمان سيف الدين طوقان، ومن القائمقام العسكري فؤاد سليم، ومن مدعي الاستئناف العام أمين الجعبري. وارتأت الهيئة توقيفهم ومحاكمتهم، فيما شكَّلَ حاكم السلط الإداري هيئة لمحاكمة المتهمين برئاسة أمين الجعبري، والملازم عارف سليم، والمدعي العام نسيم خماش. لم تكتفِ الحكومة بذلك، بل قررت استبعاد المعتقلين إلى الحجاز بالذات !
وما ان سمع ابن عدوان بإجراءات الأمير وحكومته حتى بدأ يجمع الجموع في مخيمه الخاص في حسبان. في الأثناء، عُقد مؤتمر ثانٍ في منطقة مرج أبو عيشة بالقرب من مادبا. انتهى المؤتمرون في الإجتماع السريع إلى مبايعة الشيخ سلطان لإقامة دولة أردنية تحت إمرته، لكنه قَدَّمَ ابنه الشيخ ماجد ليكون أمير الدولة المنوي اقامتها، واتُّفق على تسميتها بالدولة الماجدية.
باختصار، أعلن المؤتمرون الثورة على النظام واتفقوا على الإطاحة به. على هذا الأساس، أرسل الشيخ سلطان "مقلدة" إلى القبائل والعشائر الحليفة، وهي عشائر البلقاء، وبني حسن، وبني حميدة، وعبَّاد يدعوهم للإجتماع. "المقلدة" ناقة يُلف حول رقبتها شريط أسود ويرفع فوقها علم أسود يقودها شخص إلى القبائل والعشائر الحليفة في إشارة إلى أن أمرًا طارئًا يستدعي الاجتماع.
انطلق الثوار من معسكرهم في حسبان الساعة التاسعة صباح يوم 12 أيلول 1923 باتجاه العاصمة عمان. في الطريق سيطر الثوار على المخافر التي صادفوها، واعتقلوا من فيها من جنود واستولوا على أسلحتهم من بنادق وخيول، وقطعوا أسلاك الهاتف والبرق. وسيطروا على مركز الفيلق العربي في صويلح، ولم يلبثوا أن سيطروا على قرية صويلح آنذاك دون مقاومة تُذكر. وبعد ذلك أقاموا معسكرهم في المنطقة الممتدة بين تلاع العلي وخلدا وصويلح (المرتفعات المقابلة للجامعة الأردنية اليوم)، فقطعوا بذلك الطريق السلطاني عمان- السلط- القدس، لضمان وصول الأسلحة والعتاد الحربي من فلسطين بأمان.
صباح يوم 16 أيلول 1923 أوعز البريطانيون إلى سيارات مصفحة ترافقها الطائرات بالتحرك نحو معسكر الثوار، وطلب الأمير عبدالله من الكابتن (النقيب) ماكوين إطلاق النار على أي مجموعة مشبوهة من عرب البلاد!!!
يقول مثاري النعيمات كشاهد عيان: "عندما عجز سائق إحدى الدبابات عن السير بها على إحدى التلال حيث يعسكر الثوار، فاتجه بها نحو الغرب، حتى وصل بدبابته ثغرة الجبيهة (إشارة الدوريات الخارجية حاليًّا)، فهجم عليها الفرسان، واستشهد صايل الشهوان، وجديع أبو قاعود من شيوخ بني حميدة، وعطية أبو سيف. تراجعت الدبابات أمام هذا الزخم، ثم جاءت طائرة وحلقت في الجو". وقد عُرف المكان الذي استشهد فيه هؤلاء الفرسان الرجال الصناديد، منذ ذلك الحين عند أهالي المنطقة "بوقعة صايل".
وفي ذكريات يوسف أبو الغنم تفاصيل أدق لهذه الحادثة، إذ يقول: "في صباح اليوم الثالث من إقامتنا غربي عمان، أخذت أنا ورفاقي نسير باتجاه صويلح وإذ بصوت إطلاق نار كثيف فارتعبنا من الصوت. بدأنا نتلفت لنعرف مصدر النيران، وإذ بدبابة تقف على رأس العَرقُوب(التَّلة) مقابل الجموع(إشارة الدوريات حاليًّا)، وشاهدت الدبابة تطلق النار من الرشاش، وهجم عليها صايل الشهوان فاستشهد. وهجم خلفه عطية أبو سيف فاستشهد، وبعده هجم جديع أبو قاعود فاستشهد. هؤلاء من استشهدوا من الثورة الماجدية، ثلاثة فرسان فقط رأيتهم بعيني والباقي جرحى. بعدها وجهت الدبابات رشاشاتها على الناس وبدأت الناس ترد على الدبابات بإطلاق النار عليها ولكن من غير فائدة. فأربك صوت رصاص الدبابات العالي والكثيف الرجال، وبدأت طائرة تحلق وتحوم فوق رؤوسنا، وكانت قريبة جدًّا من رؤوسنا، لو وُجد معي حجر وضربتها به لأصبتها، لقربها منا. وشاهدناها تُلقي بعض القنابل بالقرب من الجموع وتفريقها. هذا الأمر أفزعنا جدًّا ولم نشاهد في حياتنا طائرة مثلها...بعدها انسحبنا باتجاه رجم النورق، وتجمعت الناس. ولكن سُرعان ما سمعنا قصف المدافع باتجاهنا، والطائرات تطاردنا وتحوم فوق رؤوسنا. وشاهدنا جموعًا من فرسان الجيش ورجال الأمير وخيالة عشائر عباد وبني صخر وآخرين لا نعرفهم، بدأوا يهاجموننا ويلحقوا بالخيالة وأجبرونا على الفرار. وظلوا يطاردوننا حتى وصلنا ناعور، فكفوا عن ملاحقتنا. بعدها أحضروا من قُتلوا في الثورة، ودفنَّاهم في ناعور. وكان هناك جرحى كُثُر بدأوا بعلاجهم، وعاد كل منا إلى أهله".
باختصار، أخفقت الثورة ليس لقلة الرجال أو لنقص في الفروسية، ولكن هل يعقل مواجهة طائرات بريطانيا الاستعمارية ودباباتها وسياراتها المصفحة بالسيوف والبنادق القديمة؟!!!
أما الشيخ سلطان العدوان وأبناؤه: ماجد، ومنصور، وعبدالحميد، وعدد من المهاجمين فقد لجأوا إلى سوريا، ونزلوا في عِرَى في جبل الدروز بضيافة الزعيم سلطان باشا الأطرش.
ونختم بإيراد أسباب إخفاق الثورة، مع أنها لم تعد تخفى على القارئ، وأهمها
أن الصدام العسكري كان بين قوتين غير متكافئتين في السلاح كمًّا ونوعًا، لصالح بريطانيا طبعًا.
وليس يفوتنا التذكير بمناورات الأمير ودهائه في التعامل مع خصمه الرئيس ابن عدوان، وتفتيت الصفوف وكسب العديد من شيوخ القبائل والعشائر إلى جانبه. بعض هؤلاء الأخيرين كسب الأمير ولاءهم له ب"تشبر"(ثوب حرير) وعباءة وبارودة (بندقية)، ولا ننسى الوعود التي تبخرت لاحقًا. لكنها بقيت شاهدة على بساطة الناس في تلك الأزمنة وسهولة أخذهم بالعواطف، وبشكل خاص الدينية، وأكل حلاوة في رؤوسهم.(يتبع)



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (9) برنامج الثورة وانطلا ...
- لعبة الأمم (4) عهد جديد في مصر وقيادة مختلفة
- لعبة الأمم (3) دروس وعِبر لمن يريد أن يقرأ ويفهم ما يقرأ ويت ...
- لعبة الأمم (2) انقلاب حسني الزعيم من اعدادنا وتخطيطنا !
- لعبة الأمم (1) لا مجال للأخلاق في السياسات الخارجية الأميركي ...
- منطقتنا لن تقبل الكيان اللقيط يا سيادة المستشار
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (8) أسباب الثورة
- مصر العربية أم الفرعونية؟! (3) وأخيرة
- الفلسفة في مواجهة التطرف
- مصر العربية أم الفرعونية؟!(2)
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (7) احتقانات واجتماعات و ...
- مصر العربية أم الفرعونية؟! (1 )
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (6) ارهاصات سبقت الثورة
- لماذا يندفع البرتقالي لوقف الحرب في أوكرانيا !
- وليس بعد الفَسْحَلَة غير الاستباحة !
- زيلينسكي يتهيأ لتجرع سُم الهزيمة
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (5) خَطِيِّة الناس برقبت ...
- أحمر حمار في الغابة/ قصة قصيرة
- ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (4) هل توافقون على إقامة ...
- وهم حوار الأديان!


المزيد.....




- -كوشنر سيحضرها-.. مصدر يكشف لـCNN تفاصيل جديدة عن محادثات مي ...
- العدل الدولية تنظر في قضية الإبادة الجماعية بميانمار في يناي ...
- العقوبات على الجنائية الدولية.. هل تجهز واشنطن على القانون ا ...
- 3 شهداء وعدة مصابين في قصف مدفعي إسرائيلي على مبنى يؤوي نازح ...
- خبير عسكري: إسرائيل تعيق قدرة الجيش اللبناني على نزع السلاح ...
- لماذا توصف المرحلة الثانية من اتفاق غزة بأنها الأكثر تعقيدا؟ ...
- الحب وترامب والغرب و3 ملايين سؤال.. عرض لوقائع وكواليس مؤتمر ...
- ساحل جزيرة هرمز الإيرانية يتحول إلى اللون القرمزي الداكن.. ش ...
- -من فوق جبل قاسيون-.. من هم القادة الذين شكرهم أحمد الشرع بع ...
- رئيس الوزراء المصري في بيروت.. القاهرة تدين الانتهاكات الإسر ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - ثورة البلقاء ومشروع الدولة الماجدية (10) صدام مسلح مع الإنجليز وإخماد الثورة