ذات مرة كانت هناك قرية بابلية/ بقلم سارة ساسون* - ت: من الإنجليزية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 08:31
المحور: الادب والفن
    

اختيار وإعداد إشبيليا الجبوري - ت: من الإنجليزية أكد الجبوري
"…
…
…

أتعرف على صفوف أشجار النخيل، وحقول الحبوب، والقناة التي تُحيط بجوانب القرية ذات البيوت ذات الأسقف المسطحة، وأشجار الحور المتناثرة، والمزيد من أشجار النخيل. أجد صورة قرية جدتي، العزير، وباستثناء قبة ضريح عزرا الكاتب المُغطاة بالبلاط الفيروزي، فهي تُشبهها إلى حد كبير. ربما تكون هي نفسها.

تحت قرية كهذه، تم العثور على 200 لوح طيني مكتوب بالخط المسماري. كان مُعظمها مُوقعًا بختم، أو بظفر لمن لا يُجيدون الكتابة أو القراءة، في مكان يُسمى اليهود. كانت جدتي ستُوقع بظفرها المطلي باللون الأحمر.

تم نفي اليهود على يد البابليين لأول مرة عام 598 قبل الميلاد. هؤلاء المنفيون هم الذين وصفهم إرميا بأنهم "حسنون" في نظر الله، مثل "التين الجيد" (24: 5). استقروا في جنوب بابل، أرضٌ دمرتها الحروب الآشورية البابلية.

أراهم جالسين على ضفاف نهر خابور، حيث تجلى الله لحزقيال، أراهم يبكون ويأكلون آخر ما تبقى لديهم من مؤن، ما استطاعوا حمله، تمور يهودية قديمة.

ألقوا البذور. لم تكن لديهم قوة للزراعة. كان عليهم حفر القنوات في حرارة لا ترحم وجفاف شديد. أزاحوا التراب الأصفر جانبًا.
أكاد أسمع جدتي تقول لي: "أنتِ تينة جيدة". هذه مجاملة عظيمة تكاد تضاهي مجاملتها لي عندما تقول إن يديّ ماهرتان.

نبتت البذور، وحُفرت القنوات، ودُفعت ضرائب الشعير والقمح والتوابل والكتان والتمور. أُرسل الأبناء للعمل والحرب من أجل الإمبراطورية. كل هذا تم الاتفاق عليه، ووُقع بأختام عائلية تحمل عناصر من أسماء يهودية بابلية، مثل يا، وياما، وياهو. هل اعتاد الملك صدقيا على اسمه في المنفى، سيقي ياما؟ لدينا ثلاثة أجيال من عائلة سماك ياما. نعلم أنهم، وأسماءهم، ونخيلهم، ازدهروا.

أريد العودة إلى أرض هذه الألواح الطينية، وأكتب عليها ألواحًا جديدة بآثار أقدام حمام راقصة. أريد أن أخبرهم أنني ما زلت هنا، مثل النخيل، لكن لم يبقَ الكثير من النخيل في المكان الذي أزوره؛ إنها صحراء قاحلة، تربتها مالحة، لا وجود لليهودية هنا.

جدتي، لو كانت تستطيع الكتابة، ماذا كانت ستكتب؟ عن ركضها كفتاة صغيرة عزباء بين بساتين النخيل، عن إخوتها، رأوبين ونوري وإبراهيم، وهم يتسلقون النخيل ويقطفون التمر. هل حاولت يومًا تسلق شجرة؟

كانت النخيل تقف كحراس يحيطون بالفناء. كان اسم عائلة جدتي شمش، أي الحارس. حافظوا على المزار، وحافظوا على الشريعة اليهودية، وحافظوا على المدرسة الدينية، ما بين ثلاثين وأربعين عائلة، جميعهم داخل هذا المجمع المؤلف من مئة غرفة. لا بد أن تمورهم كانت مثل تمور البصرة. جميعهم من نفس الأرض السوداء. كانت البصرة أقرب مدينة للوصول إلى بغداد بالقطار. أرض أخرى، قصة أخرى.
….
….
…. "
يتبع….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سارة ساسون (1955-). كاتبة وشاعرة ومعلمة أسترالية المولد، من أصول عراقية/يهودية. ألّفت كتاب الأطفال المصور الحائز على جوائز، "سوار شوهام" (2022)()، وكتاب "هذا ليس تشولنت" (2024)() [التشولنت طبق يهودي يُحضّر يوم الجمعة ويُطهى طوال الليل، ويُعدّ في يوم السبت](). حازت مجموعتها الشعرية القصيرة "لهذا السبب لا ننظر إلى الوراء" (2022)() على جائزة "هاربور ريفيو" للشعر النسائي اليهودي. كما شاركت في تأليف كتاب "بين بين" (2024)()، وهو حوار أدبي نسائي حول الهوية والانتماء مع مسيحية ناصرية ونمساوية-صربية.

تتمحور كتابات سارة حول فضولها لاستكشاف تاريخها اليهودي العراقي، وقصة اللاجئين وصمودهم، والثقافة البابلية اليهودية العريقة والمتعددة الأوجه التي تمتد على مدى 2600 عام()، مع اهتمام خاص بتجربة المرأة في الشرق الأوسط.

الجوائز؛
حصلت سارة على جائزة "هاربور ريفيو" للشعر النسائي اليهودي لعام 2022()، وجائزة "أندريا موريا التذكارية للشعر" لعام 2021(). كما رُشِّحت قصائدها مرتين لجائزة "آنا ديفيدسون روزنبرغ" للشعر، وحصلت على تنويهات شرفية في مسابقتي "روبن روز" و"رودرانر ريفيو" للشعر. وحصلت مؤخرًا على منحة كتابة من "مؤسسة ميموريال للثقافة اليهودية"، ورُشِّحت روايتها الشعرية لجائزة "وينغيت" للمخطوطات غير المنشورة ("موضوع يهودي") لعام 2024().

وحاز كتاب سارة المصور الأول "سوار شوهام" على لقب "كتاب سيدني تايلور البارز"، وجائزة "كريستال كايت" من جمعية كُتّاب ورسامي كتب الأطفال، بالإضافة إلى إدراجه ضمن قائمة كتب "مكتبة بي جيه".
... تقول:
"أنا شاعرة وكاتبة مقالات ومؤلفة كتب أطفال، شغوفة بالبحث والكتابة عن جذوري اليهودية العراقية. الكلمات هي ما أحب أن أستحضره وأنا أطهو الطعام مع الثوم والبصل والزنجبيل، لأطعم زوجي وأبنائي الأربعة (وكلبي)."()

- تعيش سارة حاليًا في القدس مع أبنائها الأربعة وكلبها. الذي وجدته في مقهى الحي.()
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: لندن ـ 12/16/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل