أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية مرجية.بقلم /د عادل جوده/ العراق/ كركوك














المزيد.....

قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية مرجية.بقلم /د عادل جوده/ العراق/ كركوك


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


"حاملة الصوت": تشريح الصمت وبزوغ الحق
تُعدّ قصيدة "حاملة الصوت" للشاعرة رانية مرجية نصًّا شعريًّا كثيفًا وعميقًا، يتجاوز حدود السرد الشخصي ليلامس جوهر العلاقة بين السلطة، والخوف، والحقيقة المكبوتة. إنها ليست مجرد شهادة فردية على اكتشاف الذات، بل هي تدوين لفعل المقاومة الروحي والاجتماعي الذي يبدأ من لحظة رفض الصمت المفروض. تستخدم الشاعرة لغة صافية ومكثفة، أقرب إلى الرمزية الفلسفية، لتبني مدينة من المشاعر والأفكار حيث يُصبح الصوت هو العملة الأكثر قيمة والأكثر خطورة.
الصمت كهيكل نجاة وقيد
تُفتتح القصيدة بلحظة اعتراف صادقة تُشعل فتيل النزاع المركزي: "لم أكن أبحث عن صوتي، / كنت أبحث عمّا / يُخفى حين نتعلّم / أن النجاة / في الصمت." هذا الافتتاح يضع القارئ مباشرة في قلب المدينة الخائفة، تلك التي "تربّي أبناءها / على خفض الرأس". هنا، يتم تشريح الصمت ليس كحالة سكون، بل كنظام تعليمي وثقافي قسري؛ إنه ثمن البقاء. يتحول الحديث إلى "فعل شجاعة"، وهو ما يعني ضمنًا أن النظام السائد قد جرّد التواصل الحر من طبيعته ليحوّله إلى عمل بطولي خارج عن المألوف. وفي المقابل، يغدو "الاستماع جريمة مؤجَّلة"، ما يشير إلى أن حتى تقبّل الحقيقة الوافدة من الآخر هو مشاركة محتملة في "الجرم" المتمثل في كسر قاعدة الصمت.تعمّق الشاعرة في تجربة الإدراك الباطني التي سبقت القدرة على التعبير، فهي "تسمع قبل أن تفهم" و"تشعر بالارتجافة قبل أن تعرف اسمها". هذه المرحلة تشير إلى أن الحقيقة هي طاقة كامنة، تهزّ الكيان البشري في الصدر، لكنها تُحجز وتُخنق بسبب غياب "الفم" الآمن الذي يجرؤ على إخراجها.
دفن الخوف وتأجيل الحياة
تنتقل القصيدة إلى رمزية الحجر والدفن: "تحت الحجر، / حيث دفنوا الخوف / وسمّوه حكمة". هذا المقطع من أجمل وأقسى ما في القصيدة، فهو يفكك العلاقة بين الخوف الاجتماعي والسلطة المعرفية. المجتمع لا يدفن الخوف فحسب، بل يمنحه اسمًا زائفًا ومرموقًا هو "الحكمة"، ليصبح الامتثال للخوف فضيلة تُورّث. في هذا المناخ، يظهر "الطفل" رمزًا للبراءة المتوقفة والنمو المؤجل. هذا الطفل هو الصوت الأصيل، الهوية غير المشوهة، الذي اختار أن "يؤجّل نموّه / كي لا يُخيف الكبار"، مما يدل على تضحية الذات الفردية من أجل الحفاظ على استقرار ووهم الجماعة.تأخذ الأصوات في القصيدة شكلاً تسلسليًا ومراقبًا، يمثل مراحل الوعي المختلفة: * صوتٌ أول: "وُلد بلا شاهد" - هو صوت أصيل وحيد لم يجد من يحتضنه أو يصدقه. * صوتٌ ثانٍ: "تراكم حتى صار / مدينةً من حزن" - هو تراكم الخيبات والأصوات المكتومة التي تحولت إلى ثقل جماعي. * صوتٌ ثالث: "اختار الصمت / كي يحمي من يحب" - هو صوت التنازل النبيل أو الحماية العائلية التي تُفضّل السلامة على الحقيقة.
حاملة الصوت: فعل "أنا هنا" الهادئ

أما الصوت الرابع، فهو اللحظة الفارقة في النص. إنه ليس صوت ثورة صاخبة أو مطالبة بالثأر، بل صوتٌ جاء "بهدوءٍ أقسى من الصراخ: / أنا هنا". هذا الهدوء لا يعني الضعف، بل يمثل قوة اليقين والامتلاء بالوجود. إنه الهدوء الذي يأتي بعد استنفاذ كل أشكال الانتظار والتضحية، ليؤكد الوجود كحقيقة لا يمكن نكرانها.تعرّف الشاعرة نفسها بأنها ليست "بطلة" ولا "منقذة"، بل "امرأةً صغيرة / لم تتعلّم / كيف تتجاهل الوجع". هذا التواضع هو مصدر القوة الحقيقية؛ فالعملية ليست بحثًا عن المجد، بل هي استجابة إنسانية طبيعية لـ"الوجع" الذي لا يمكن تحمّله. فتحُ الصوت يُصوَّر بجمالية فائقة على أنه فتح لـ"نافذة / في بيتٍ خاف طويلًا / من الضوء". إنها استعارة للانتقال من الظلمة النفسية والاجتماعية إلى النور، ليس بإسقاط الجدران (الثورة العنيفة)، بل بتحويل جوهر العلاقة معها.
التحرر والاعتراف
تُختتم القصيدة برسالة أمل وتحول عميق. لم تسقط الجدران، لكن "الصمت / فقد قدسيته". هذا هو الانتصار الحقيقي: تآكل سلطة الصمت كقيمة عليا. تتعلم المدينة أن "ما يُدفن خوفًا / يعود يومًا / مطالبًا بالاعتراف". الاعتراف هو الغاية، وهو نقطة التحول التي تحرر كل من الحامل والمحمول.في الختام.. يُشهد على تحرر الطفل المؤجل، الذي يمشي بين الناس "لا كظلّ / ولا كاتهام، / بل كحقٍّ / استعاد اسمه". لم يعد الصوت المكبوت شبحًا يطارد المدينة (ظل)، ولا هو سيف يُشهَر لمحاسبتها (اتهام)، بل هو حق طبيعي استردّ شرعيته. النتيجة النهائية ليست الدمار، بل التعلم: "حين نسمع الحقيقة / كما هي، / لا تُدمَّر المدن… / بل / تتعلّم / كيف تتنفّس." الحقيقة ليست قوة هدم، بل هي شرط للتنفس واستمرار الحياة السوية."حاملة الصوت" هي قصيدة عن إعادة تعريف مفهوم القوة: هي ليست في الصراخ، بل في الإعلان الهادئ عن الوجود؛ ليست في تدمير المدينة، بل في تعليمها كيف تتنفس. وهي تذكير بأن أعظم حكمة تكمن في احترام الحق غير المشروط للفرد في التعبير عن وجوده.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسدُ الطوائف
- حاملة الصوت قصيدة
- حين تُصاب الرعاية: بيان إنساني
- ⭐ سرّ ليلة الميلاد ⭐قصة للاطفال
- «مسّني جِنّ»… حين تكتب تفّاحة سابا من لحم المرأة ومن ظلّها و ...
- خُنتُ نَفسي
- قصة: “ذاكرة لا تعرف الدفء”
- ميلادٌ يتكوّن من كلمةٍ واحدة… «نعم»
- “سماءٌ تُكمِلُ ما ينقص العالم”
- ديوان “من تراتيل العارفين” للشاعرة والإعلامية رانية مرجية
- ✨ **قراءة نقدية في كتاب سراديب الذاكرة للكاتبة فوزية ...
- بين ميلاد الرب وميلاد الإنسان: رؤية لاهوتيّة تعيد تعريف الوج ...
- *حين يتحوّل الكتاب إلى محكمة للوعي: قراءة وجودية-فكرية في كت ...
- اللاهوت وعصرُنا: حين يستعيد الإنسان وجهه في مرآة المعنى**
- بين نافذتين –
- ما معنى أن تكون صحفيًا محايدًا؟
- اعتراف ناقص قصة قصيرة
- يومياتي – الصفحة التي لم أتجرأ على كتابتها من قبل
- 🌿 الذين باركوا القتل – قصة قصيرة
- قراءة نقدية في قصيدة «لستُ أنثى من رخام» للشاعرة نادرة عبد ا ...


المزيد.....




- من فلسطين الى العراق..أفلام لعربية تطرق أبواب الأوسكار بقوة ...
- فيلم -صوت هند رجب- يستعد للعرض في 167 دار سينما بالوطن العرب ...
- شوقي عبد الأمير: اللغة العربية هي الحصن الأخير لحماية الوجود ...
- ماذا يعني انتقال بث حفل الأوسكار إلى يوتيوب؟
- جليل إبراهيم المندلاوي: بقايا اعتذار
- مهرجان الرياض للمسرح يقدّم «اللوحة الثالثة» ويقيم أمسية لمحم ...
- -العربية- منذ الصغر، مبادرة إماراتية ورحلة هوية وانتماء
- اللغة العربية.. هل هي في خطر أم تتطور؟
- بعد أكثر من 70 عاما.. الأوسكار يغادر التلفزيون إلى يوتيوب
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: بين الأمس واليوم.. عن فيلم -الس ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - قراءة أدبية تحليلية معمقة لقصيدة -حاملة الصوت- للشاعرة رانية مرجية.بقلم /د عادل جوده/ العراق/ كركوك