أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - فيصل يعقوب - عقلية القطيع














المزيد.....

عقلية القطيع


فيصل يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 14:30
المحور: قضايا ثقافية
    


🟨ثقافة القطيع من أخطر الظواهر التي تصيب وعي الإنسان في جوهره، لأنها تعطل قدرته على التفكير الحر، و تدفعه إلى استبدال العقل بالعدد، و الحقيقة بالشيوع، و الصواب بما اعتاده الناس. 🔸فالفكرة لا تتحول إلى حقيقة لمجرد أن الملايين يرددونها، و لا يصبح السلوك سليما لأن الأغلبية تمارسه، فالتاريخ نفسه شاهد على أن أكثر الأخطاء انتشارا كانت يوما ما محل إجماع. 🔸تخيل أنك تسير في شارع، و فجأة ترى جمعا من الناس يرفعون رؤوسهم نحو السماء. 🔸في الغالب ستجد نفسك تنظر إلى الأعلى دون أن تسأل لماذا. 🔸هذا التصرف البسيط يلخص جوهر ثقافة القطيع. تقليد تلقائي، استجابة بلا تفكير، و انسياق بدافع الشعور بالأمان وسط الجماعة. ما يحدث في هذا المشهد الصغير يتكرر في مواقف أكبر و أكثر خطورة، في آرائنا، قناعاتنا، خياراتنا السياسية، و حتى في معتقداتنا الدينية و الاجتماعية.🔸 تتجسد ثقافة القطيع في الفكرة الشائعة التي تقول إن الإنسان يتصرف بشكل صحيح فقط لأنه يتصرف مثل الآخرين. 🔸و كأن التشابه مع الجماعة شهادة براءة، و كأن الاختلاف تهمة. 🔸كلما ازداد عدد المؤمنين بفكرة ما، اعتُبرت تلقائيا صحيحة، و كلما انتشر سلوك ما، صار مقبولا بل و مطلوبا. هذه القاعدة غير المعلنة هي من أكبر المغالطات التي يقع فيها الإنسان، لأنها تخلط بين الكثرة و الحقيقة، و بين الشيوع و الصواب. 🔸هذه الثقافة تشل التفكير النقدي، و تجعل الفرد ينقاد خلف أفكار و سياسات و أيديولوجيات لم يخضعها يوما للسؤال أو التمحيص.🔸 نجدها حاضرة في أنظمة الحمية الغذائية التي يتبعها الناس دون فهم، و في موضة الملابس التي تُفرض كل موسم، و في السياسة حيث يُمنح الولاء بلا مساءلة، و في الدين حين تتحول الممارسات الموروثة إلى مسلمات لا يجوز الاقتراب منها. 🟨أما أسباب هذا السلوك، فهي متجذرة في الطبيعة الإنسانية. الإنسان يميل إلى الانتماء، و يخشى العزلة، و يبحث عن القبول الاجتماعي. الضغط الاجتماعي يلعب دورا كبيرا، كما أن التفكير المستقل يتطلب جهدا و شجاعة، بينما التقليد يوفر راحة نفسية مؤقتة. نؤمن أحيانا قبل أن نفكر، و نتبع قبل أن نسأل، فقط لنشعر أننا جزء من القطيع، و أننا لسنا وحدنا. 🔶هذا الضعف الإنساني لم يغب عن أعين الشركات و الأحزاب و المنظمات. بل على العكس، يتم استغلاله بشكل مدروس و منهجي. الإعلانات التجارية لا تبيعك المنتج فقط، بل تبيعك شعورا بالانتماء و القبول. 🔸الدعاية السياسية لا تخاطب عقلك بقدر ما تستثير غرائزك و مخاوفك. البروباغندا تُصمم لتجعلك تسير مع التيار، لا لتتوقف و تسأل إلى أين يتجه. 🔶لهذا، من الضروري أن يتحلى الإنسان بالحذر كلما واجه ادعاءات براقة، سواء من شركة تزعم أنها الأفضل و الأرخص، أو من حزب سياسي يعده بمستقبل مثالي. الكلمات الجميلة لا تعني شيئا إن لم تدعمها حقائق واضحة و منطق سليم. 🟩الحل لا يكمن في معاداة المجتمع أو رفض كل ما هو شائع، بل في إحياء روح السؤال. أن تسأل عن كل ما لا تفهمه، و أن تطلب إجابات واضحة بعيدة عن التبرير الفارغ و الحجج الواهية. أن تمتلك الشجاعة لتقول لا عندما لا تقتنع، و أن تقبل بأن تكون مختلفا إن لزم الأمر. 🔸فكما قال سومرست موم، لا يتحول الزعم الأحمق إلى حقيقة لأن خمسين مليون إنسان يؤمنون به.🔸 الحقيقة لا تُقاس بالعدد، بل بالوعي، و الإنسان الحر هو من يجعل عقله مرجعيته الأولى، لا القطيع.



#فيصل_يعقوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في عتمة المصطلحات.
- نحو نضال تحرري وطني كُردستاني يستند إلى الشرعية الدولية
- العبودية إدمان و الإدمان عبودية ❗
- القضية الكردية في أفق الشرعية الدولية
- الهوية الوطنية الكردستانية هي المدخل الحقوقي للتحرر.
- الهوية الوطنية
- مؤتمر الأمن و السلام أم إعادة تدوير الخطاب العاطفي ؟
- الخطأ التاريخي في نضال الأحزاب الكردية و أخذ العبر و الدروس ...
- القضية الكردية بين واقع الإحتلال و إنكار الذات الوطنية
- من وضع قوانين و حقوق يتحمل مسؤولية توضيحها و شرحها للعالم
- لماذا تقول الدول المحتلة لأرض كردستان إنها لا تحارب الشعب ال ...
- مؤتمر مكافحة الإستعمار في الشرق الاوسط و حوض البحر الأبيض ال ...
- الأدب الذي لا يصنع وعيا
- تحويل الحرية إلى عادة مجتمعية
- القضية الكردية بين أخطاء الماضي و ضرورات الحاضر
- السياسة الحقيقية... انتزاع الحقوق لا سمسرتها
- القضية الكُردبة و معرفة الذات ❗
- كُردستان مستعمرة دولية
- من أجل أن لا نبقى مخدوعين ❗
- من أجل تدويل القضية الكردية


المزيد.....




- زيلينسكي: أوكرانيا تريد ضمانات أمنية -مُؤكدة- قبل مغادرة ساح ...
- مصر.. لماذا ارتفع الدين الخارجي خلال 2025؟
- المغرب يبلغ نهائي كأس العرب بعد فوزه على الإمارات بثلاثية نظ ...
- إف بي آي: أحبطنا تهديدا إرهابيا وشيكا في لوس أنجلوس
- برّاك يلتقي نتنياهو خلال زيارة -بالغة الحساسية- لإسرائيل
- حركة -23 مارس- تأسر جنودا بورونديين بعد أيام من اتفاق واشنطن ...
- كاتب إيطالي: أوروبا تستعد جديا لحرب محتملة مع روسيا
- وفاة شاب تونسي عقب -مطاردة أمنية- تشعل احتجاجات بالقيروان
- فيضانات آسفي تودي بحياة العشرات وتغرق منازل ومحال تجارية
- تقدّم حذر في مفاوضات برلين.. زيلنسكي: نؤكد على أهمية الضمانا ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - فيصل يعقوب - عقلية القطيع