فيصل يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 15:19
المحور:
القضية الكردية
تجربة الحركة السياسية الكردية خلال كل تاريخها تكشف عن أخطاء استراتيجية أساسية كان لها أثر بالغ في إضعاف مسار النضال الكردي. فقد انشغلت العديد من الأحزاب الكردية بمحاولة تغيير الأنظمة الحاكمة في الدول التي تحتل أجزاء من كردستان، وسعت إلى إسقاط تلك الحكومات بهدف المشاركة في السلطة والثروة تحت عنوان "القضية الكردية". بل إن بعضها لجأ إلى الكفاح المسلح لتحقيق هذا الغرض، وهو خيار يضع الحركة الكردية في مواجهة مباشرة مع القوانين المحلية والدولية التي تُجرّم استخدام السلاح لتحقيق أهداف سياسية، ويصنّفها ضمن الحركات الموصوفة بالإرهاب.
إن التجربة التاريخية الممتدة لأكثر من سبعين عامًا أثبتت أن هذا النهج – سواء عبر الانخراط في السياسات الداخلية للدول المحتلة أو عبر العمل المسلح – لم يؤدِّ إلى تحقيق الهدف المركزي للشعب الكردي، بل أدى إلى تشويه تعريف القضية الكردية وإضعاف التعاطف الدولي معها.
إن جوهر القضية الكردية، في تعريفها القانوني والسياسي، ليس مجرد صراع على السلطة داخل الدول المحتلة، بل هو قضية شعب وأرض. شعب يتعرض للاحتلال والاضطهاد القومي، وأرض تاريخية مغتصبة. ومن هنا فإن الطريق المشروع والفاعل أمام الشعب الكردي لا يمر بمحاولات تغيير الأنظمة السياسية في أنقرة أو طهران أو بغداد أو دمشق، بل عبر نضال وطني تحرري كردستاني مستقل، يستند إلى حق تقرير المصير للشعوب كما نصّت عليه المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان والشعوب الأصلية.
ولكي يحظى النضال الكردي بالشرعية الدولية والدعم العالمي، ينبغي أن يُبنى على أسس قانونية وحقوقية واضحة، بعيدًا عن مناهج بدائية ذات طابع عشائري أو أيديولوجي أثبتت فشلها. إن وحدة الصف الكردي، ضمن إطار حركة تحررية وطنية جامعة، تمثل الخطوة الأولى والضرورية نحو ممارسة حقه المشروع في الحرية والسيادة على أرضه.
إن التركيز على مواجهة الاحتلال نفسه، لا على تغيير الحكومات المحتلة، هو ما يضمن نقل القضية الكردية من إطار النزاعات الداخلية إلى إطارها الصحيح: قضية تحرر وطني تستند إلى القانون الدولي، وتطالب بحق أصيل لا يمكن إنكاره، وهو حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه.
#فيصل_يعقوب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟