فيصل يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وهمُ الدولة الواحدة: و عبثية الحل السياسي في الكيان السوري المهترئ
إن الحديث عن حلٍّ سياسي شامل ومرضٍ لجميع الأطراف في سوريا ليس سوى ترفٍ فكري أو محاولة يائسة للالتفاف على حقيقة جلية: ما يُسمى بالكيان السوري، كما خُطّت حدوده وصيغ دستوره وتوزعت سلطته، ليس دولة حقيقية، بل تركيبة مصطنعة فرضها الاستعمار وأدارتها أنظمة متعاقبة بالحديد والنار، دون أن تؤسس يومًا لعقد اجتماعي حقيقي أو هوية وطنية جامعة.
هذا الكيان، منذ ولادته، لم يكن يومًا انعكاسًا لإرادة شعب واحد، بل ساحة صراع بين طوائف وأعراق وقوى متناحرة، لكل منها ولاء يتجاوز مفهوم "الوطن": للطائفة، للحزب، للعرق، أو للقوة الخارجية الراعية. وكل محاولة لفرض وهم "الهوية السورية الموحدة" لم تؤدِ إلا إلى تفاقم الانقسامات، لأنها كانت دومًا تغطي على واقع أكثر مرارة: لا يوجد مشروع سياسي مشترك، ولا تصور موحد للدولة، ولا حتى تعريف متفق عليه لمفاهيم كالحرية أو العدالة.
إن وجود شخصيات كالجولاني في واجهة المشهد ليس السبب، بل هو العرض الأوضح لأزمة أعمق: لا يمكن لأي حل سياسي أن ينجح في كيان متصدع الهوية، متنافر الانتماءات، ومتناقض التطلعات.
السبيل الوحيد للخروج من هذه الحلقة الجهنمية هو الاعتراف الصريح بحق كل مكون – أكان قوميًا، دينيًا، طائفيًا .في أن يكون كما هو. و أما بالنسبة للشعب الكردي في روژ آڤايه كردستان. فمن. حقه الطبيعي أن يقرر مصيره بحرية، دون وصاية من أحد. الاستمرار في فرض صيغة "الدولة الواحدة" بالقوة أو باسم "الوحدة الوطنية" لن يجلب سوى المزيد من الدماء والانهيارات.
إن تفكيك هذا الكيان أقل كلفة من الاستمرار في وهم الوحدة القسرية. فالتاريخ علّمنا أن السلام لا يُصنع بالقهر، وأن الشعوب التي لا تختار طريقها بحرية، يُفرض عليها جحيم دائم باسم الدولة يؤدي إلى تمردات و صراعات و حروب مستقبلية.
فهل من يتعظى و يجرؤ أن يناضل فعلا من أجل حريته لكي يطفئ نار هذا الجحيم إلى الأبد ؟
#فيصل_يعقوب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟