أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - فيصل يعقوب - القضية الكردية بين واقع الإحتلال و إنكار الذات الوطنية















المزيد.....

القضية الكردية بين واقع الإحتلال و إنكار الذات الوطنية


فيصل يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 23:02
المحور: القضية الكردية
    


مقدمة تُعد القضية الكردية من أكثر القضايا القومية تعقيداً في الشرق الأوسط المعاصر، ليس فقط بسبب تعدد الدول التي تتقاسم أرض كردستان، بل أيضاً نتيجة غياب رؤية سياسية موحدة بين القوى الكردية نفسها. و بينما يعيش الشعب الكردي على أرضه التاريخية منذ آلاف السنين، ما زال يعاني من الاضطهاد القومي، و مصادرة حقوقه الثقافية و السياسية، و حرمانه من تقرير مصيره. و مع ذلك، فإن الأحزاب الكردية لا تعتبر أن كردستان أرض محتلة، بل تربط هويتها السياسية و القانونية بهوية الدول التي تحتل أجزاء من هذه الأرض.
🔸 أولاً: مفهوم الاحتلال في القانون الدولي تنص المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907 على أن "الأرض تعتبر محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو، و لا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها". و بالاستناد إلى هذا التعريف، فإن كل جزء من كردستان يخضع لسلطة دولة تفرض سيطرتها عليه دون إرادة سكانه الأصليين، يمكن اعتباره أرضاً محتلة. هذه السيطرة تتمثل في القمع السياسي، و التهميش الثقافي، و حرمان الشعب الكردي من حقوقه القومية، بما في ذلك حقه في استخدام لغته و إدارة شؤونه. و يؤكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/295 المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2007 بشأن إعلان حقوق الشعوب الأصلية، هذه الحقيقة بوضوح، إذ ينص على ما يلي:
((وإذ يساورها القلق لما عانته الشعوب الأصلية من أشكال ظلم تاريخية نجمت عن أمور عدة، منها استعمارها وسلب حيازتها لأراضيها وأقاليمها ومواردها...)) 🔸هذا النص الأممي يوضح بجلاء أن فقدان الشعوب الأصلية السيطرة على أراضيها و مواردها، بفعل القوة أو القهر، يُعد شكلاً من أشكال الاستعمار و الاحتلال، و هو ما ينطبق تماماً على الحالة الكردية، حيث حُرم الشعب الكردي من حقه الطبيعي في إدارة أرضه و موارده و تحديد مستقبله السياسي.
🔸 ثانياً: ازدواجية الموقف الحزبي الكردي من المفارقات المؤلمة أن جميع الأحزاب الكردية تقريباً، بمختلف مسمياتها، تنسب وطنيتها رسمياً إلى الدول التي تحتل أرض كردستان. هذا موثق في برامجها السياسية و الأنظمة الداخلية المنشورة علناً، حيث تُعرّف نفسها كأحزاب تعمل ضمن "إطار وطني" تابع لتلك الدول. هذا التناقض الجوهري جعل من القضية الكردية قضية داخلية في نظر القانون الدولي، لا قضية تحرر وطني. فحين تعلن الأحزاب الكردية أن انتماءها الوطني هو إلى الدولة التركية أو العراقية أو الإيرانية أو السورية، فإنها عملياً تنفي صفة الاحتلال عن هذه الدول، و تقر بشرعية سيادتها على الأرض الكردية. و بهذا تفقد الحركة الكردية أحد أهم الأسس القانونية التي تمنحها حق المقاومة المشروعة وفق القانون الدولي.
🔸 ثالثاً: الكفاح المسلح بين المشروعية و الإدانة من المبادئ الثابتة في القانون الدولي أن الكفاح المسلح مشروع فقط عندما يكون موجهاً ضد الاحتلال الأجنبي، و يهدف إلى ممارسة حق تقرير المصير. أما عندما يكون موجهاً ضد حكومة يعتبرها القانون "حكومة وطنية" ضمن حدود دولة معترف بها دولياً، فإنه يصنف كتمرد داخلي أو عمل إرهابي. و هذا هو جوهر المعضلة الكردية. 🔸فالأحزاب الكردية التي لجأت إلى الكفاح المسلح لم تكن تعلن أنها تحارب احتلالاً لأرض كردستان، بل كانت تسعى إلى "تطبيق برامجها الحزبية" داخل الأطر السياسية للدول المحتلة. لذلك جرى تصنيفها في قوائم الإرهاب، لأنها لم تقدم نضالها بوصفه حركة تحرر وطني ضد احتلال أجنبي، بل كمحاولة لفرض مشروع سياسي محلي بالقوة. و لو كانت هذه الأحزاب قد قدمت نفسها للعالم على أنها حركات تحرر وطني لشعب يعيش تحت الاحتلال، لكان الموقف الدولي مختلفاً جذرياً، و لحظيت بشرعية قانونية و سياسية وفق ميثاق الأمم المتحدة و قراراتها المتعلقة بحق الشعوب في تقرير المصير.
🔸 رابعاً: غياب التدويل نتيجة غياب الوعي بالاحتلال إن أحد الأسباب الرئيسية لعدم تدويل القضية الكردية أمام الأمم المتحدة و المنظمات الدولية، يعود إلى غياب الإطار القانوني الصحيح لتعريفها. فطالما أن الخطاب السياسي الكردي لا يقر بأن كردستان أرض محتلة، فإن المجتمع الدولي لا يستطيع التعامل معها كقضية تحرر وطني، بل كمسألة داخلية تخص سيادة الدول التي تقتسم أرض كردستان.✅ النتيجة هي أن الشعب الكردي، رغم تاريخه الطويل ونضاله المستمر، ما زال خارج منظومة الشعوب المعترف بحقها في تقرير المصير. و هذا ليس بسبب إنكار العالم لحقوقه، 🔸بل بسبب غياب تعريف ذاتي واضح ومتسق من داخل الحركة الكردية نفسها.
🔸 خامساً: الهوية الوطنية الكردستانية في القانون الدولي، يُعتد بالتعريف الذاتي للشعوب، أي كيف يعرف الشعب نفسه للعالم. فإذا اختار الكرد أن يعرفوا أنفسهم كشعب كردستاني يعيش على أرض محتلة، فإنهم يضعون قضيتهم في إطار قانوني مشروع و مفهوم عالمياً. أما إذا اختاروا ربط هويتهم الوطنية بهوية الدول التي تحتل أرضهم، فإنهم يلغون بأنفسهم صفة الاحتلال و ينكرون هويتهم القومية المستقلة. الاعتراف بالذات الكردستانية لا يعني إعلان حرب أو قطيعة، بل يعني ببساطة تأكيد الحق في الوجود كشعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية، له هويته وثقافته وحقه في تقرير مصيره.
🔸 سادساً: الدروس المستفادة القضية الكردية لن تُحل ما لم يُعاد تعريفها تعريفاً سياسياً و قانونياً دقيقاً. فلا يمكن لأي نضال أن يحقق أهدافه ما لم يستند إلى أساس قانوني واضح و معترف به دولياً. و الكفاح المسلح لا يصبح مشروعاً إلا عندما يكون ضد الاحتلال، لا عندما يكون ضمن نزاع داخلي سياسي في إطار الدول المحتلة. 🔶إن مسؤولية تصحيح المسار تقع على عاتق النخب الكردية، من سياسيين و مثقفين و أكاديميين، لإعادة بناء الخطاب الوطني على أساس أن كردستان أرض محتلة و أن النضال من أجل تحريرها هو نضال تحرر وطني مشروع، وليس مجرد صراع حزبي أو سياسي داخل حدود رسمها الاستعمار قبل قرن من الزمان.
✅خاتمة القضية الكردية اليوم تقف بين خيارين واضحين:
1️⃣إما الاستمرار في إنكار واقع الاحتلال و الارتهان لحدود سايكس بيكو و ما نتج عنها من كيانات مصطنعة،
2️⃣ وإما الاعتراف بأن كردستان أرض محتلة، و بأن حق تقرير المصير هو حق أصيل غير قابل للتصرف. إن الشعب الكردي وحده من يقرر كيف يعرف نفسه، و أي هوية يختار أن يحملها. فإما هوية الدول التي تحتل أرضه،
أو الهوية الكردستانية الحرة التي تعبر عن إرادته و وجوده التاريخي.



#فيصل_يعقوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وضع قوانين و حقوق يتحمل مسؤولية توضيحها و شرحها للعالم
- لماذا تقول الدول المحتلة لأرض كردستان إنها لا تحارب الشعب ال ...
- مؤتمر مكافحة الإستعمار في الشرق الاوسط و حوض البحر الأبيض ال ...
- الأدب الذي لا يصنع وعيا
- تحويل الحرية إلى عادة مجتمعية
- القضية الكردية بين أخطاء الماضي و ضرورات الحاضر
- السياسة الحقيقية... انتزاع الحقوق لا سمسرتها
- القضية الكُردبة و معرفة الذات ❗
- كُردستان مستعمرة دولية
- من أجل أن لا نبقى مخدوعين ❗
- من أجل تدويل القضية الكردية
- المشهد المعقّد في الشرق الأوسط!
- الجهل أخطر من الخيانة على المناضل من أجل حرية شعبه ❗
- وهمُ الدولة الواحدة!
- العبث السياسي بشعوب المنطقة!
- هل نضال الأحزاب الكردية من أجل الحقوق المشروعة للشعب الكردي ...
- تأملات في محنة العقل الكردي
- معرفة الذات بداية الحكمة!
- الأحزاب الكُردية و سياسة قمع الذات ❗
- ثقافة القطيع ❗


المزيد.....




- تباين داخل الأمم المتحدة حيال المشروع الأمريكي بشأن غزة
- الفاو تتوقع ارتفاع فاتورة استيراد الأغذية العالمية بـ8%
- ائتلاف أمان ينشر فيديو توعوي حول استرداد الأموال المنهوبة وم ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الفظائع بالفاشر هي أخطر ال ...
- عاجل| مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الفظائع بالفاشر هي أ ...
- اعتقالات بالضفة والجبهة الشعبية تدعو -للاشتباك- مع الاحتلال ...
- الدفاع المدني بغزة يحذر النازحين في الخيام من مخاطر المنخفض ...
- اعتقالات بالضفة والجبهة الشعبية تدعو -للاشتباك- مع الاحتلال ...
- إيطاليا: ميلوني تدافع عن اتفاق مراكز احتجاز المهاجرين في ألب ...
- مجلس حقوق الإنسان يصوت على مشروع قرار بشأن السودان


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - فيصل يعقوب - القضية الكردية بين واقع الإحتلال و إنكار الذات الوطنية