إدريس نعسان
الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 13:14
المحور:
الادب والفن
فتحتِ السماءُ أقداحَها،
وانسكب المطرُ
كما لو أنّه يفتّشُ عن امرأةٍ
هربت من نفسها
واختبأت في أولِ غيمة.
وأنا…
أمشي تحت العاصفة
كمن يطلبُ أن يغتسلَ من غيابٍ طويل،
كمن يريد أن يتعرّى
من صمته…
من خوفه…
ومن كلّ ما علقَ بروحه
من رجالٍ عابرين
وحكاياتٍ لم تكتمل.
أمسُّ وجهي،
فأشعر بارتجافٍ لا أعرف إن كان برداً
أم حاجةً خفيّة
أفرّ بها من وحدتي
إلى فكرةِ حضنٍ لا أعرفه،
وأعرفه.
أنا امرأة…
لا تخجل من شغفها،
لكنّها تخجل من المرآة
حين تسألها:
"أأنتِ ما زلتِ هنا؟
أم غادرتِ منذ زمن؟"
أبحث عني في المطر،
أترك شعري يبتلّ
كأنني أريد أن أشعر بوزني…
أريد أن أعرف:
هل ما زال جسدي يتذكّرني؟
هل ما زال بوسعه أن يرتعش
إذا عبرته يدُ الحياة؟
أضع يدي على صدري،
ليس لأطمئنّ،
بل لأتحقّق:
هل ما زال هذا القلب
يريد شيئاً؟
كلمة؟
لمسة؟
رجفة؟
أم أنّه صار حجراً
لا يلين إلا تحت المطر؟
أحيانا…
أشعر أنّني امرأةٌ تُحبُّ أن تُمسكَ من روحها،
قبل كتفها،
وأن تُقبَّل من قلبها
قبل شفتيها،
لكنّ العالم لا يسمع
إلا ما يلمع على الجلد
لا ما يصرخُ في الأعماق.
أمشط وحدتي بالأصابع،
وأترك الليل يتدلّى على جلدي
مثل وشاحٍ أسود
يخبّئ هشاشتي
ويفضحني.
أريد أن أجدني…
لا بين ذراعي أحد،
بل في اللحظة التي أتوقف فيها
عن الارتجاف خوفاً،
وأبدأ بالارتجاف حياةً.
أريد أن أجدني
حين أقول لظلي:
"أنا هنا…
ولستُ بحاجة لأن أكون كاملة
ليستحقني الضوء."
أنا امرأة…
لم تعد تبحث عن رجل،
بل عن نفسها
التي ضاعت بين
رغبةٍ لم تُعترف،
وصوتٍ كُتم،
وقلبٍ كان يريد أن يعيش
فعاش نصفَ حياة.
وفي آخر الليل…
حين يهدأ المطر
وتتخفف السماء من توترها،
أسمعني أهمس لنفسي:
"ربما…
في الغيمة القادمة،
سأعثر على امرأةٍ تشبهني،
وتدلّني عليّ."
#إدريس_نعسان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟