أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - استقرار الإقليم بين ضغوط الجوار ودعم واشنطن














المزيد.....

استقرار الإقليم بين ضغوط الجوار ودعم واشنطن


إدريس نعسان

الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 01:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشهد إقليم كردستان العراق لحظة سياسية مركّبة تتقاطع فيها عناصر استقرار راسخة مع مؤشرات ضغط متصاعد مصدرها البيئة العراقية والإقليمية الأوسع. فالهجمات المحدودة التي استهدفت منشآت حيوية، وعلى رأسها الهجوم بطائرات مسيّرة على حقل كورمور للغاز قرب السليمانية، لم تُحدث اختلالاً بنيوياً في أمن الإقليم، لكنها كشفت هشاشة البنية الأمنية في المناطق المتنازع عليها وتداخل خطوط النفوذ بين القوى المحلية والإقليمية. وتشير المعطيات الأولية للتحقيق العراقي إلى أن الهجوم انطلق من منطقة قرب طوزخورماتو، وهي منطقة تتشابك فيها سلطات فصائل محلية ومصالح قوى إقليمية، ما يعزز فرضية أن الحادثة تحمل رسائل سياسية داخلية بقدر ما تعكس ضغوطاً خارجية.

في هذا السياق المتوتر، جاءت مشاركة الرئيس مسعود بارزاني في المؤتمر الدولي الرابع حول ملاي جزيري في مدينة جيزرة بولاية شرناخ الكردية في التركية، يرافقه عناصر من البيشمركة بزي رسمي وسلاح شخصي للحماية. هذه الزيارة، بكل رمزيتها الثقافية والسياسية، حملت رسائل مزدوجة: من جهة، إبراز حضور كردي عابر للحدود يتجاوز الإطار العراقي؛ ومن جهة أخرى، تأكيد مستوى التعاون الأمني بين أربيل وأنقرة في لحظة حرجة بالنسبة للملف الكردي الإقليمي. وقد قرأت بعض الأوساط الإقليمية هذه الخطوة بوصفها مؤشراً على إعادة تموضع كردي-تركي أكثر انسجاماً مع حسابات الأمن التركي، في مقابل توتر مكتوم بين أنقرة ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية.

كما أن الانعقاد اللافت لمؤتمر وحدة الصف الكردي في القامشلي في 26 نيسان/أبريل 2025، بمشاركة طيف واسع من القوى والفعاليات الكردية السورية والعراقية، وبدعم واضح من قيادة إقليم كردستان، أزعج أطرافاً إقليمية عدة ترى في أي تقارب سياسي كردي عابر للحدود تهديداً محتملاً لترتيبات الأمن القومي، سواء لدى تركيا أو إيران. ورغم أن هذا المؤتمر لا يُترجم بالضرورة إلى وحدة سياسية كردية، فإنه يعزز صورة "اللحمة الخطابية" التي تثير ريبة بعض اللاعبين الإقليميين، وتدفعهم إلى اختبار حدود الحركة الكردية عبر رسائل ضغط أمنية أو سياسية، بما في ذلك استخدام هجمات محدودة بالطائرات المسيّرة.

وعلى الرغم من هذا المشهد المعقد، فإن العلاقة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة تبقى إحدى قواعد الاستقرار الأساسية في شمال العراق. فافتتاح المجمع القنصلي الأميركي الجديد في أربيل- أحد أكبر المنشآت الدبلوماسية لواشنطن في الشرق الأوسط - يؤكد استمرار التزام الولايات المتحدة بموقع الإقليم كردستان الاستراتيجي ضمن سياساتها في العراق وسوريا. وتدرك واشنطن أن دور الإقليم في دعم جهود مكافحة الإرهاب، وفي تسهيل التعاون اللوجستي مع قوات سوريا الديمقراطية، يشكل ركيزة أمنية لا يمكن الاستغناء عنها في ظل الاضطراب الإقليمي بعد أحداث غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول والتحولات المحتملة في توازنات الشرق الأوسط.

أما العلاقة بين أربيل وبغداد، فرغم توتراتها الدورية حول ملفات الطاقة والرواتب والحدود، ما تزال تُدار ضمن إطار مؤسسي يمنع انزلاق الخلافات إلى صدام مفتوح. فآليات التنسيق بين البيشمركة والقوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها أثبتت فعاليتها في الحد من التوتر، كما أن الطرفين يتقاسمان مصلحة استراتيجية في منع أي فراغ أمني يمكن أن تستفيد منه تنظيمات مسلحة أو قوى إقليمية.

استناداً إلى ما سبق، يمكن توصيف وضع الإقليم بأنه "استقرار تحت الضغط": استقرار مستند إلى مؤسسات قادرة على امتصاص الصدمات وإدارة الأزمات، لكنه مهدد بثلاثة مصادر ضغط رئيسية:
التنافس الحزبي الداخلي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ولا سيما في الملفات المتصلة بسوريا.
الضغوط الإقليمية من تركيا وإيران، سواء عبر قنوات دبلوماسية أو أدوات أمنية غير مباشرة.
التحولات المحتملة في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط في حال أعادت واشنطن ترتيب أولوياتها الإقليمية.

وعليه، فإن التطورات الأخيرة- من مؤتمر القامشلي إلى الهجمات بالطائرات المسيّرة وصولاً إلى زيارة بارزاني لجيزرة - لا تشير إلى تصعيد وشيك بقدر ما تعكس إعادة رسم هادئة لخرائط النفوذ الإقليمي. إن الحفاظ على استقرار الإقليم خلال المرحلة المقبلة سيتطلب:
- تعزيز التنسيق الأمني مع بغداد،
- ضبط التنافس الحزبي الداخلي،
- تطوير منظومات دفاعية متنوعة ضد التهديدات الجوية والصاروخية،
- واستثمار العلاقة مع واشنطن كضمانة توازن في وجه الضغوط الإقليمية المتزايدة.

بهذه المقاربة، يمتلك الإقليم فرصة للحفاظ على استقراره النسبي، شريطة إدارة دقيقة وحذرة للمشهد الإقليمي السريع التحول.



#إدريس_نعسان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد السوريون: من التجريد القانوني إلى انتفاضة قامشلو - سجل ...
- أنفاسٌ على عتباتِ الحكمةِ (قصيدة)
- خيارات المركزية واللامركزية في الدستور السوري القادم: دراسة ...
- الذئاب المنفردة والإرهاب المتحول
- تركيا وملف الكرد في سوريا
- رقصة المصالح في برك الدم السوري!
- كيف تحول الربيع خريفاً في سوريا؟
- ماذا يحدث في سوريا؟
- دوامة الصراع لن تنتهي إلا بإرادة السوريين أنفسهم!
- المجتمع المدني بين الولادة و التشوهات
- إغلاق المعاهد الخاصة في كوباني: بدوافع سياسية أم لضرورات ترب ...
- في سوريا إعادة لترميم النظام في غفلة من الموت السريري للمعار ...
- الهلال الأحمر في كوباني مهدد بفقدان مقره و ممارسة عمله في خي ...
- الوفد الكوردي المستقل بضمانة كيري و لافروف
- الإعلام الكوردي السوري تطور كمي و ضعف مهني
- المتعارضون يُمزقون المعارضة و ينهكون الثورة!
- على اعتاب الحل نحوج رؤية ثورية واضحة
- اللقاء الأخير
- هل يأتلف جميع الكورد في الائتلاف السوري؟
- هل تصدق الضربة الأمريكية بعد الغوطتين؟


المزيد.....




- مواجهات بالضفة وسط اقتحامات إسرائيلية وتصعيد استيطاني مستمر ...
- الكونغرس يتحرك نحو إلغاء عقوبات -قيصر- عن سوريا
- زلزال بقوة 7,6 درجات يسبب موجات تسونامي خفيفة قبالة اليابان ...
- غارات إسرائيلية على مناطق في جنوب لبنان
- عمرها 2000 عام.. اكتشاف حطام سفينة ترفيهية قبالة الإسكندرية ...
- روبيو يشيد بالخطوات التي اتخذتها حكومة الشرع في سوريا
- ترامب يهاجم أوروبا: تمضي في مسارات خطرة لا تُحمد عقباها
- بعد اتصال مع شي.. ترامب يمنح إنفيديا -الضوء الأخضر- لتصدير ا ...
- مغامرة عُمان تنتهي.. تأهل المغرب والسعودية من -مجموعة الموت- ...
- نتنياهو يقول إن المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة باتت وش ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - استقرار الإقليم بين ضغوط الجوار ودعم واشنطن