إدريس نعسان
الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 02:46
المحور:
الادب والفن
يا صاحبي…
لم تُخلق لتعد أيامك،
بل لتشتعل بنور
يتجاوز كل عدد،
ويتخطى كل ساعة،
ويتسرب في صدرك كعطرٍ لا يُحجب.
لا تيأس…
فالدهر لا يمضي منك،
بل يمضي إليك،
يمشي معك في صمتٍ عميقٍ،
يمتحنك بالضوءِ والظلِ،
ليعلّم قلبكَ كيفَ يرى
ما وراء الأشياءِ.
الصِّبا؟
كان موجةً على شاطئ روحك،
بلّلته ثم مضت،
تركت أثرها على الرمال،
تذكّرك بأنك كنتَ حيّاً،
وأن الحياة رحلةً من الضوء والغياب.
الشباب؟
ريحٌ عابرة،
دنت من قلبك ثم ابتعدت،
كما يمر النسيم على سطح الماء،
يترك تموّجات على وجه الروح،
ويعلمك أن الجمال مؤقت،
لكن الذكرى باقية.
أنت…
روح تبحث عن بيتها الأول،
تسأل الطريق:
كيف أعود إلى حيث كنت،
قبل أن يُصاغ هذا الجسد،
وقبل أن تبدأ كل هذه الليالي
في عدّها لك؟
يا صاحبي…
ما تظنه خسارة،
هو انفتاح باب لم يُفتح إلا بالوجع،
وما تظنه فواتاً،
هو بداية رؤية لا تُمنح إلا لمن
تكسر على عتبات الحكمة أنفاسه.
الزمان؟
ليس خصمك،
ولا عدوك،
هو المعلمُ الذي يهمس في أذنك،
مرّة بالعطايا،
ومرّة بالخسارات،
ومرّات كثيرة بالصمت.
اجلس…
واستمع.
ففي داخلك نايٌ ينوح منذ الخلق،
وكل نغمة منه تذكّرك
بأنك لست هنا لتسأل،
بل لتستمع…
لتفتح قلبك على ما وراء الكلام.
الروح…
هي سفينة،
والجسد موجة،
والقلب مرسى،
والدهرُ رياحٌ
تقودك إلى حيث لا يُرى إلا النور.
يا صاحبي…
لا تقل فات الأوان،
فالروح لا تشيخ،
والدرب إلى النور
لا يُغلقه الزمن،
إنما يُغلقه قلب
لم يجرؤ بعد على أن يرى نفسه.
وإذا سألت:
متى أصل؟
الزمان يجيب هامساً:
حين تُسلّم،
وحين تُصغي،
وحين تدرك
أنك ما جئت إلى الدنيا
لتستعيد ما مضى،
بل لتكتشف ما لم يُكتَب بعد.
وإذا ضعت، فاعلم…
أن كل خطوة على الأرض
هي صلاة،
وكل دمعة على الخد
هي ماء حياة،
وكل ابتسامة للحظة صافية
هي شعلة أبدية
تذكّرك بأنك روح
تُعيد اكتشاف ذاتها
على مدى الدهور.
اصغِ…
الليل يغني لك،
الريح تحمل لك رسائل لم تُقرأ،
والنجوم تلمع لتُخبرك:
أن كل طريقٍ يبدأ بصمت،
وكل نورٍ يولد من ظلامٍ
لا يعرف حدوداً.
واذكر دائمًا…
ما تبحث عنه يبحث عنك،
وما يهمس به قلبك للروح،
هو صدى من الله،
أو من الحقيقة،
أو من ذاتك العميقة،
التي لم تفقد شيئاً،
بل اكتشفت كل شيء.
#إدريس_نعسان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟