أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - باراك… دبلوماسي التصريحات المتبدّلة: بين ضبابية السياسة الأمريكية وهواجس المنطقة














المزيد.....

باراك… دبلوماسي التصريحات المتبدّلة: بين ضبابية السياسة الأمريكية وهواجس المنطقة


إدريس نعسان

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 18:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سياق إقليمي تتقاطع فيه الحسابات الأمنية والسياسية بقدر كبير من التعقيد، أخذت تصريحات المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، تشغل حيّزاً لافتاً من النقاش السياسي والإعلامي. فالرجل يتنقّل بين مواقف حادّة وأخرى شديدة المرونة، ما حوّل تصريحاته من مجرد "مواقف إعلامية" إلى رسائل سياسية يُنظر إليها بوصفها مؤشراً على طريقة واشنطن في إدارة الملف السوري أو، في الحدّ الأدنى، اختباراً لتفاعلات الأطراف الإقليمية والمحلية.
تبدو مواقف باراك المتباينة انعكاساً لمزيج من جسّ نبض القوى الفاعلة وإدارة التوازنات الإقليمية والإبقاء على مساحات واسعة للمناورة، الأمر الذي أثار تساؤلات حول موقعه الحقيقي داخل منظومة القرار الأمريكي، ومدى تمثيله للرؤية الرسمية لواشنطن.

اللامركزية… من الرفض المطلق إلى القبول المشروط
في بداية تصريحاته، بدا باراك حاسماً حين اعتبر أن "اللامركزية والفدرالية مفاهيم غير واقعية في المنطقة"، واصفاً إياها بأنها "أوهام صنعتها الحكومات نفسها".
لكن لم يلبث أن عاد ليقرّ بأن شكل الحكم هو خيار تتخذه "دول المنطقة ومكوّناتها" إذا توفرت لديها المؤسسات والأدوات الديمقراطية اللازمة.

هذا التحوّل السريع فسّره مراقبون على مستويين رئيسيين:
• إرضاء تركيا التي ترى في أي نموذج حكم ذاتي شمال سوريا خطراً استراتيجياً مباشراً عليها.
• الإبقاء على الباب مفتوحاً أمام الفاعلين المحليين في شمال وشرق سوريا الذين ينظرون إلى اللامركزية باعتبارها أساس مشروعهم السياسي.
إلا أن استدعاء باراك لتجارب العراق ولبنان ويوغسلافيا لتبرير تحفظه على اللامركزية، يتجاهل حقيقة أساسية لطالما أكدتها الأدبيات السياسية:
انهيار تلك الدول لم يكن نتيجة توزيع السلطة، بل بسبب تمسُّك الأنظمة بالمركزية الصارمة ورفضها الاعتراف بالتعددية وإدارة التنوع.
وقد أثبتت التجارب الحديثة أن اللامركزية- عندما تُرفق بالحوكمة الرشيدة- تشكل أداة فعّالة لاستقرار الدول المتعددة الهويات، لا مشروعاً للتقسيم كما يصوّرها الخطاب التقليدي.

سلاح حزب الله… بين الواقعية السياسية وضغوط النفوذ الإقليمي
لم تكن مقاربة باراك لملف سلاح حزب الله أقل تناقضاً.
ففي البداية رأى أن نزع السلاح "ليس أولوية راهنة"، لكنه سرعان ما عاد للتحذير من أن بقاء السلاح خارج مؤسسات الدولة قد يُفضي إلى "تحلّل الدولة إلى جزر مسلّحة".
هذا التبدّل لا يُقرأ بوصفه مجرد ارتباك لغوي، بل يعكس محاولة أمريكية لإدارة توازن بالغ الحساسية بين:
• مواجهة النفوذ الإيراني،
• تجنّب إشعال مواجهة داخلية في لبنان،
• والحفاظ على استقرار هشّ لا ترغب واشنطن في زعزعته.

هل يمثل باراك موقف واشنطن؟ أم يعكس مرحلة تفاوضية مرنة؟
قرب باراك من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يضفي بعداً إضافياً على تصريحاته. ويذهب عدد من المحللين إلى أن الرجل يتحرك ضمن إطار ما يمكن تسميته "المرونة المقيّدة" في السياسة الأمريكية:
• غياب التزامات حاسمة،
• غياب وعود طويلة المدى،
• مع ترك مساحة واسعة لإعادة التموضع وفق المستجدات.
بذلك، قد لا تعكس تصريحاته تردداً بقدر ما تعكس إستراتيجية إدارة الأزمة بدلاً من السعي إلى حلّها.

ارتباك أم انعكاس لتشابك المشهد الإقليمي؟
تبدو مواقف باراك المتناقضة جزءاً من واقع إقليمي تتداخل فيه:
• الحسابات التركية- الأمريكية،
• النفوذ الإيراني،
• التعقيد الكردي- العربي في شمال وشرق سوريا،
• الانقسامات اللبنانية،
• والتنافس الروسي- الأمريكي على مناطق النفوذ.

لكن استمرار الغموض في الموقف الأمريكي يفتح المجال أمام خطوات أحادية من أطراف إقليمية ومحلية، ما قد يزيد احتمالات الاحتكاك أو التصعيد غير المحسوب.

نافلة القول: تثبيت الوضع الراهن بدلاً من تغييره
تشكّل تصريحات توماس باراك، على تناقضاتها، مرآة لنهج أمريكي لا يهدف إلى حسم الملف السوري بقدر ما يسعى إلى منع انهياره واحتواء توازناته ضمن سقف يمكن السيطرة عليه.
فالولايات المتحدة لا تبدو في وارد صياغة تسوية نهائية، بل إدارة مشهد رمادي تتحكم فيه الضغوط والمصالح أكثر مما تحكمه الخطط الاستراتيجية الواضحة.
وعليه، سيظل خطاب باراك جزءاً من هذا النهج الأمريكي القائم على إبقاء الباب مفتوحاً لكل الاحتمالات، في منطقة تبحث منذ أكثر من عقد عن يقين سياسي لم يأتِ بعد.



#إدريس_نعسان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استقرار الإقليم بين ضغوط الجوار ودعم واشنطن
- الكرد السوريون: من التجريد القانوني إلى انتفاضة قامشلو - سجل ...
- أنفاسٌ على عتباتِ الحكمةِ (قصيدة)
- خيارات المركزية واللامركزية في الدستور السوري القادم: دراسة ...
- الذئاب المنفردة والإرهاب المتحول
- تركيا وملف الكرد في سوريا
- رقصة المصالح في برك الدم السوري!
- كيف تحول الربيع خريفاً في سوريا؟
- ماذا يحدث في سوريا؟
- دوامة الصراع لن تنتهي إلا بإرادة السوريين أنفسهم!
- المجتمع المدني بين الولادة و التشوهات
- إغلاق المعاهد الخاصة في كوباني: بدوافع سياسية أم لضرورات ترب ...
- في سوريا إعادة لترميم النظام في غفلة من الموت السريري للمعار ...
- الهلال الأحمر في كوباني مهدد بفقدان مقره و ممارسة عمله في خي ...
- الوفد الكوردي المستقل بضمانة كيري و لافروف
- الإعلام الكوردي السوري تطور كمي و ضعف مهني
- المتعارضون يُمزقون المعارضة و ينهكون الثورة!
- على اعتاب الحل نحوج رؤية ثورية واضحة
- اللقاء الأخير
- هل يأتلف جميع الكورد في الائتلاف السوري؟


المزيد.....




- مرتديًا قبعة سانتا.. أوباما يفاجئ طلاب مدرسة في شيكاغو
- من هي لونا الشبل مستشارة الأسد التي ظهرت معه في التسريبات ال ...
- ماذا نعرف عن قوات الدعم السريع التي تسيطر على نصف السودان؟
- كيف يقرأ محرّر الشؤون الدولية في بي بي سي الحياة في سوريا بع ...
- حيوان الرنة لارس تربى يدويا في المملكة المتحدة ينضم إلى القط ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار بنايتين في مدينة بفاس إلى 22 قتيلا ...
- منظمة اليونسكو الأممية تسجل القفطان المغربي تراثا عالميا غير ...
- أي رد فعل أوروبي على انتقادات ترامب اللاذعة؟
- آخر ما نعرفه عن حادث انهيار بنايتين سكنيتين في مدينة فاس
- 22 قتيلا في انهيار مبنيين في مدينة فاس المغربية


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - باراك… دبلوماسي التصريحات المتبدّلة: بين ضبابية السياسة الأمريكية وهواجس المنطقة