أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - سوريا بعد رفع -قيصر-: فرصة مشروطة… وموقع قسد في معادلة ما بعد العقوبات














المزيد.....

سوريا بعد رفع -قيصر-: فرصة مشروطة… وموقع قسد في معادلة ما بعد العقوبات


إدريس نعسان

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 13:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على نحو غير متوقع في توقيته، جاء تصويت الكونغرس الأميركي لصالح إلغاء قانون "قيصر" في نهاية 2025 ليشكّل علامة فارقة في مسار السياسة الأميركية تجاه الملف السوري. فمنذ 2019، ظل "قيصر" العائق الأكبر أمام أي انفتاح دولي على دمشق، والعصا الأكثر تأثيراً في يد واشنطن لإعادة تشكيل السلوك السياسي والأمني للنظام السوري. ومع ذلك، فإن قرار رفعه لا يعني انتهاء مرحلة الضغط، ولا يشير بالضرورة إلى ولادة حقبة جديدة من الاستقرار، بل إنه- كما يتضح من تفاصيله- ينقل سوريا من مرحلة العقوبات الجامدة إلى مرحلة الشروط القابلة للتفعيل.

أولاً: رفع "قيصر"… تخفيف للعقوبات أم إعادة صياغة للأدوات؟
على المستوى النظري، يفتح هذا القرار الباب أمام انخراط دمشق مجدداً في الحركة الاقتصادية والدبلوماسية والقانونية الدولية. فقد أعادت بعض العواصم الغربية تقييم مقاربتها لأهمية إبقاء سوريا خارج المنظومة الدولية، خصوصاً في ظل التبعات الإنسانية والهجرة والتهريب العابر للحدود وانتشار نشاط داعش شرق الفرات وفي البادية.
غير أنّ رفع "قيصر" لم يكن مطلقاً؛ إذ جاء مرفقاً بآلية مراقبة صارمة تفرض على الإدارة الأميركية رفع تقارير دورية حول سلوك الحكومة السورية في ثلاث ملفات حساسة:
1. محاربة الإرهاب،
2. حماية الأقليات،
3. الامتناع عن العمليات العسكرية العدائية.
وهذا يعني أن واشنطن لم تتخلّ عن سياسة الضغط، بل استبدلت الإغلاق الكامل بنظام مشروط، يتيح لها إعادة فرض العقوبات بسرعة في حال انحراف السلوك السياسي أو العسكري لدمشق.
بكلمات أخرى: العقوبات رُفعت، لكن العصا بقيت بيد واشنطن.

ثانياً: الاقتصاد السوري… انفتاح بلا إصلاح
قد يسود اعتقاد بأن رفع القيود الأميركية سيفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات ويعيد الحياة إلى الاقتصاد السوري المنهك، لكن القراءة الاقتصادية تشير إلى أن الأزمة أعمق من ذلك بكثير.
فالاقتصاد السوري يقوم على بنية ريعية، ويعاني شللاً في القطاع المصرفي، وتآكلاً في الثقة العامة، ونقصاً حاداً في الاحتياطي النقدي والذهب، وتراجعاً في الإنتاج الزراعي والصناعي. كما أن حجم الفساد وضعف الإدارة العامة يمثلان عقبة أكبر من أي عقوبات أميركية.
وبالتالي، فإن غياب الإصلاحات البنكية والضريبية والإدارية يجعل التعافي مجرد احتمال نظري- حتى في ظل رفع العقوبات.


ثالثاً: قسد بين واشنطن ودمشق وأنقرة… إعادة تعريف الدور لا إنهاؤه
يتصدر مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) واجهة النقاش السياسي، باعتبارها الطرف المحلي الأكثر ارتباطاً مباشرة بالاستراتيجية الأميركية ضد داعش. ورغم الاعتقاد بأن رفع قيصر قد يدفع واشنطن إلى إعادة ترتيب تحالفاتها، إلا أن الوقائع تشير إلى خلاف ذلك.
لماذا لا يمكن لواشنطن التخلي عن قسد؟
• لأنها القوة الأكثر فاعلية في منع عودة داعش، وتملك معرفة ميدانية لا يمكن استبدالها.
• لأن أحد شروط الإعفاء الأميركي يتعلق بـ"حماية الأقليات"، وهو شرط يصب في مصلحة نموذج الإدارة الذاتية.
• لأن واشنطن لا تملك شريكاً بديلاً شرق الفرات يمكنه تولي المهام نفسها دون آثار جانبية كبيرة.
لذلك، فإن السيناريو الأكثر واقعية هو إعادة تعريف دور قسد ضمن ترتيبات سياسية وأمنية جديدة، وليس إنهاء وجودها.
وقد يشمل ذلك:
• صيغة شراكة أمنية مع دمشق،
• نموذجاً مطوراً من اللامركزية،
• ثلاثية إدارة مشتركة بين قسد والحكومة والولايات المتحدة،
• أو دمجاً تدريجياً ضمن مؤسسات الدولة مع الحفاظ على الهيكل الأمني المحلي.
وبغض النظر عن الشكل النهائي، فإن مرحلة ما بعد قيصر تجعل قسد جزءاً من المعادلة السورية، لا مجرد قوة أمر واقع.

رابعاً: تركيا… اللاعب الذي لا يمكن تجاوزه
على الطرف الآخر من المعادلة، لا تزال تركيا عاملاً حاسماً في أي ترتيبات تخص شرق الفرات. لكن خيار الحرب الشاملة يبدو ضعيفاً للأسباب التالية:
• أنه سيعرقل التفاهمات الأميركية- التركية.
• أنه سيُربك التوازنات التركية- الروسية.
• أنه قد ينسف فرصة السلام الكردية – التركية الراهنة.
• أنه سيخلق بيئة أمنية خطرة على طول الحدود مع سوريا والعراق.
وبالتالي، فإن أنقرة- رغم استمرار هواجسها- تتجه نحو سياسة احتواء وضبط النفوذ، وليس المغامرة العسكرية الواسعة.

خامساً: ما الذي يعنيه رفع قيصر لمستقبل سوريا؟
رفع "قيصر" لا يمثل نهاية الأزمة، بل نافذة جديدة ضمن أزمة مستمرة، يعتمد نجاحها على ثلاثة عوامل حاسمة، تتمثل في قدرة الحكومة السورية على تنفيذ إصلاحات حقيقية وليست شكلية، وقدرة واشنطن على التوازن بين التزاماتها الأمنية وشبكة شركائها المحليين، ومسار التفاهمات الإقليمية، ولا سيما التركية- الأميركية والتركية- الروسية.
أما مستقبل قسد، فهو لا يتجه نحو التفكك، بل نحو تثبيت الدور ضمن بنية سياسية سورية أكثر وضوحاً.

الخاتمة: بين الفرصة والانهيار… أي طريق ستسلكه دمشق؟
تقف سوريا اليوم على حافة تحول محتمل. فرفع القيود الأميركية يمنح البلاد فرصة- وإن كانت ضيقة- للخروج من نفق العزلة. لكن الفرصة لا تتحول إلى احتمال واقعي إلا إذا ترافق الانفتاح الخارجي مع إصلاحات داخلية، وقراءة عقلانية لموازين القوى الإقليمية والدولية.
ويبقى السؤال المفتوح:
هل ستمتلك دمشق الإرادة السياسية لالتقاط اللحظة وتحويلها إلى مسار تعافٍ تدريجي؟
أم أن تجاهل الشروط الدولية، وإهمال الإصلاح الداخلي، سيعيد البلاد إلى مربع العقوبات وربما يضعها أمام سيناريوهات أكثر خطورة في مجلس الأمن؟
الجواب- حتى الآن- لا يزال معلقاً بين المعطيات والاحتمالات.



#إدريس_نعسان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتلبّد السماءُ أملاً
- باراك… دبلوماسي التصريحات المتبدّلة: بين ضبابية السياسة الأم ...
- استقرار الإقليم بين ضغوط الجوار ودعم واشنطن
- الكرد السوريون: من التجريد القانوني إلى انتفاضة قامشلو - سجل ...
- أنفاسٌ على عتباتِ الحكمةِ (قصيدة)
- خيارات المركزية واللامركزية في الدستور السوري القادم: دراسة ...
- الذئاب المنفردة والإرهاب المتحول
- تركيا وملف الكرد في سوريا
- رقصة المصالح في برك الدم السوري!
- كيف تحول الربيع خريفاً في سوريا؟
- ماذا يحدث في سوريا؟
- دوامة الصراع لن تنتهي إلا بإرادة السوريين أنفسهم!
- المجتمع المدني بين الولادة و التشوهات
- إغلاق المعاهد الخاصة في كوباني: بدوافع سياسية أم لضرورات ترب ...
- في سوريا إعادة لترميم النظام في غفلة من الموت السريري للمعار ...
- الهلال الأحمر في كوباني مهدد بفقدان مقره و ممارسة عمله في خي ...
- الوفد الكوردي المستقل بضمانة كيري و لافروف
- الإعلام الكوردي السوري تطور كمي و ضعف مهني
- المتعارضون يُمزقون المعارضة و ينهكون الثورة!
- على اعتاب الحل نحوج رؤية ثورية واضحة


المزيد.....




- هل كانت تحية صلاح لعائلته بعد الانتهاء من مباراته الأخيرة ود ...
- غضب وإدانة واسعة حول العالم لهجوم سدني ومعاداة السامية
- شاب تونسي يحوّل حلمه إلى حديقة حيوانات ذات بعد بيئي وتربوي
- تنديد إسرائيلي بهجوم سيدني واتهامات للحكومة الأسترالية بالفش ...
- ما الذي نعرفه عن هجوم سيدني الدامي؟
- اشتباكات بين الشرطة التونسية وشبان بعد وفاة رجل
- ليبرمان يتهم نتنياهو بسرقة أموال الجنود لإرضاء -الحريديم-
- القضاء الإسرائيلي يلغي قرار نتنياهو إقالة المستشارة القضائية ...
- حزن ولوم.. المنصات تتفاعل مع اغتيال الاحتلال رائد سعد
- العليمي يتمسك بانسحاب -الانتقالي- من حضرموت والمهرة


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس نعسان - سوريا بعد رفع -قيصر-: فرصة مشروطة… وموقع قسد في معادلة ما بعد العقوبات