أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - حين يختفي -قيصر- وتبقى الألغام الداخلية














المزيد.....

حين يختفي -قيصر- وتبقى الألغام الداخلية


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لأعوام طويلة، كان "قانون قيصر" الستار السميك الذي اختبأ خلفه النظام البعثي حتى لحظة سقوطه، كلّما انفجرت أزمة أو انهار قطاع أو جفّت موارد البلاد.
وحين وصلت الحكومة الانتقالية الحالية إلى السلطة، لم تتردد في وراثة الذريعة ذاتها، وكأن المشكلة في واشنطن لا في دمشق.
لكن هذا الستار بدأ يتشقق أخيراً، بعد تصويت مجلس النواب الأميركي على إلغاء القانون بأغلبية واسعة (312 مقابل 112)، في خطوة تتجه الآن إلى مجلس الشيوخ، قبل أن تصل إلى مكتب الرئيس دونالد ترامب للتوقيع.
الإلغاء لا يعني نهاية العقوبات، بل استبدالها بآلية رقابية تُلزم واشنطن بمراجعة الوضع السوري كل 180 يوماً لمدة أربع سنوات، للتأكد من التزام الحكومة الانتقالية بملفات محددة: مكافحة داعش، وإخراج المقاتلين الأجانب من المناصب الحكومية، وحماية المكونات الدينية والإثنية. وفي حال الإخلال بهذه الشروط، يسمح التشريع بفرض عقوبات على أفراد بعينهم.
لكن وسط هذا الضجيج، تبقى الحقيقة الأوضح: وهي أن إلغاء "قانون قيصر" لا يغيّر جوهر الأزمة.
فالقانون كان جزءاً من المشكلة، لكنه لم يكن أصلها. الانهيار السوري صُنع في الداخل، عبر منظومة اقتصادية وسياسية أكلت نفسها قبل أن يلمسها أي تشريع خارجي، من مركزية أمنية تخنق أي مبادرة، وفساد مُمأسس يبتلع الموارد، واحتكارات مرتبطة بشبكات النفوذ، وغياب قضاء مستقل، وبنية تحتية مدمرة… هذه ليست آثار قيصر، بل ألغام داخلية زرعتها السلطة نفسها، ولا يمكن لقانون أميركي أن يزيلها.
وعلى المستوى النقدي، لم تسقط الليرة بسبب العقوبات وحدها، بل بسبب سياسات مالية كارثية: طباعة نقود بلا مقابل إنتاجي، اقتصاد ظلّ متضخم، شبكات تهريب ومحروقات وكبتاغون، وهجرة للكفاءات ورؤوس الأموال.
وحتى لو دخلت تحويلات أو استثمارات جديدة، فإن المستثمر سيجد نفسه أمام جدار واحد: بيئة طاردة لا تمنح أي ضمان.
من يضمن استقرار السياسة النقدية؟ من يحمي الأموال من قرار أمني مفاجئ؟ وكيف يمكن لأي ضخ مالي أن يصل إلى الاقتصاد الحقيقي، بينما البيئة الحالية تبتلعه قبل أن يلامس الأرض؟
وفي بلد تتقاسمه سلطات أربع: حكومة دمشق، الاحتلال التركي في الشمال و الشمال الغربي، والإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، وحراك محلي متصاعد في الجنوب (السويداء)؛ تتضاعف الأسئلة أمام أي مستثمر: لمن أدفع؟ من يضمن الطريق؟ من يحمي المشروع؟ ومن هو "الشريك الإجباري" الذي لا يمكن تجاوزه؟ هذه الفوضى وحدها كافية لقتل أي استثمار طويل الأمد، وفتح الباب فقط أمام اقتصاد الحرب، من تهريب، ومخدرات، وتجارة سريعة الربح.
ومع ذلك، يفتح إلغاء "قيصر" نافذة ضيقة. فقد يخفّف القيود على المصارف والشركات الوسيطة، ويسهّل التجارة والتحويلات، ويفتح اعتمادات لاستيراد مواد أولية وأدوية وقطع تبديل. وهذا بدوره، قد يحدّ من الارتفاع الجنوني للأسعار، لكنه لن يغيّر الواقع المعيشي جذرياً.
بعض الدول العربية قد تدخل في مشاريع رمزية أو محدودة، لكنها ستبقى حذرة، لأن البيئة الاستثمارية غير مستقرة، ولا أحد يريد التورط في اقتصاد هشّ ومحكوم بشبكات متصارعة.
أما المواطن السوري، فلن يشعر بانفراج حقيقي؛ لأن الأزمة التي يعيشها الناس بنيوية ومعيشية. قد تتوفر بعض السلع، ويستقر التضخم مؤقتاً، لكن القدرة الشرائية ستبقى في القاع، والخدمات الأساسية خارج نطاق التحسن.
ومع سقوط شماعة "قيصر"، ستجد السلطة نفسها عارية من الذرائع، في فراغ خطابي لم تعتد عليه.
في النهاية، لا يمنح إلغاء "قيصر" سوريا فرصة ذهبية، لكنه يخلق لحظة اختبار حقيقية: هل تستطيع السلطة إدارة اقتصاد بلا شمّاعات؟ وهل يمكن أن يظهر إصلاح، ولو جزئي، يعيد شيئاً من الثقة؟
الجواب لن يأتي من واشنطن، بل من الداخل السوري نفسه. ومن دون تغيير جذري في قواعد اللعبة، سيبقى أي انفراج مجرد استراحة قصيرة في مسارٍ طويلٍ من التدهور.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة اقتصادية خانقة.. والحل: خنق الموسيقى أيضاً
- هل سيحتفي السوريون ابتهاجاً بذكرى -التحرير-؟
- سوريا بين زعامات دينية وفراغ سياسي.. إلى أين يتجه البلد؟
- هل غيّر القرار 2799 الصفة القانونية للقرار 2254؟
- ماذا يعني الإغلاق الحكومي في أمريكا؟
- لن ندفع، فماذا أنتم فاعلون؟
- بين بني أمية وبني -سوريا الأبية-
- فنزويلا في مرمى الأطماع الأمريكية
- هموم إلى الأمام
- يتمنّعن وهنّ.. نافرات
- لا ملوك بعد اليوم: أمريكا تنتفض ضد النزعة الاستبدادية
- كيف يصنع الغرب الوحش ثم يعلن الحرب عليه؟
- سوريا بين الفقر والفوضى.. لماذا لا بد من حل سياسي عاجل؟
- لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟
- معضلة الرأي والرأي الآخر في الأنظمة الاستبدادية
- حين تُخلع الأقنعة وتتكلم الغرائز.. كيف نُلغي الطائفية؟
- حين كانت الشاشة تبكي معنا
- خطة ترامب لغزة ومأزق حماس: بين مطرقة الرفض وسندان القبول
- التاريخ يعيد نفسه.. من الأسد إلى الشرع
- الطبيب الذي أحالني إلى الذكاء الاصطناعي


المزيد.....




- هجوم سيدني.. شاهد عيان ينقضّ على مسلح وينقذ أرواحًا والسلطات ...
- مسؤولون إسرائيليون يهاجمون السلطات الأسترالية بسبب هجوم سيدن ...
- خليل الحية في ذكرى انطلاقة حماس: سلاحنا حق مشروع وأولوياتنا ...
- سوريا: منفذ الهجوم على الجنود الأمريكيين في تدمر كان عنصرا ف ...
- مشاركة محمد صلاح بعد غياب تشعل أنفيلد
- عاجل | وسائل إعلام أسترالية: الشخص الذي انتزع سلاح أحد المها ...
- 7 تحديات تواجه حركة حماس في ذكرى انطلاقتها الـ38
- -ديسكورد- العالم السري للمراهقين.. منصة تواصل أم بوابة للمخا ...
- عملية ضد خلايا تنظيم الدولة بريف حمص ردا على هجوم تدمر
- المفتي العام لأستراليا ونيوزيلندا: ندين بشدة هجوم شاطئ بوندي ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - حين يختفي -قيصر- وتبقى الألغام الداخلية