أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - فنزويلا في مرمى الأطماع الأمريكية














المزيد.....

فنزويلا في مرمى الأطماع الأمريكية


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يقرأ تاريخ الصراع بين الولايات المتحدة وفنزويلا، يدرك أنه نزاعٌ ممتدّ الجذور، يتجاوز حدود الخلاف السياسي بين نظامين مختلفين في التوجّه، ليتحوّل إلى فصلٍ متجددٍ من حكايةٍ عنوانها: الهيمنة والرفض. فمنذ أن صعد هوغو تشافيز إلى السلطة، معلناً تمرّده على الوصاية الأمريكية، دخلت كاراكاس وواشنطن في مواجهةٍ مفتوحة لم تهدأ حتى اليوم.
الولايات المتحدة، التي اعتادت أن تتعامل مع أمريكا اللاتينية كـ "حديقتها الخلفية"، وجدت في تشافيز زعيماً يخرج عن النص ويغلق الباب أمام نفوذها الاقتصادي والسياسي. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف واشنطن عن دعم المعارضة الفنزويلية تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما كانت في العمق تسعى لإعادة رسم خريطة السلطة بما يضمن مصالحها في بلدٍ يطفو على بحرٍ من النفط.
ومع رحيل تشافيز وتولّي نيكولاس مادورو، ظنّت واشنطن أن صفحة "البوليفارية" قد طُويت، لكنها فوجئت بزخمٍ شعبيٍ لا يزال يلتف حول النظام رغم الأزمات والعقوبات القاسية.
وفي عهد دونالد ترامب تحديداً، بلغت شهية الولايات المتحدة أقصاها، إذ لم يُخفِ الرئيس الأمريكي السابق أطماعه، بل جاهر بها علناً: تحدث عن رغبته في شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك، وأبدى إعجابه بنموذج بنما وكيف تحولت إلى "غنيمة أمريكية"، ولوّح بابتزاز دول الخليج العربي مقابل الحماية، بل ذهب أبعد حين تحدث عن مشاريع استثمارية في غزة تحت عنوانٍ مضلل: "موناكو فلسطين"، في إطار رؤيةٍ تحوّل الجغرافيا إلى سلعةٍ والسياسة إلى صفقة.
وفي خضم هذه الذهنية التجارية الفجّة، كانت فنزويلا بالنسبة إليه "الصفقة الكبرى" المؤجلة. بلدٌ يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وموارد طبيعية هائلة من الذهب والغاز والمعادن، لكنه عاجز عن استثمارها كما يجب.
في حقبة هوغو تشافيز، شهدت فنزويلا طفرة نفطية غير مسبوقة أغدقت المليارات على خزائن الدولة، واستُثمر جزءٌ كبير منها في برامجٍ اجتماعية حسّنت حياة الفقراء ووسّعت قاعدة التعليم والرعاية الصحية والإسكان، فانعكس ذلك في شعبيةٍ واسعة تُرجمت إلى فوزٍ متكرر في انتخاباتٍ ديمقراطية شهد بها المراقبون الدوليون. ومع ذلك، لم تخلُ التجربة من إخفاقاتٍ واضحة؛ إذ غابت عنها الرؤية الاقتصادية المستدامة، فطغى الإنفاق السخي على التخطيط، واستمرّ الاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدرٍ وحيد للدخل. وحين تراجعت الأسعار عالمياً، ظهرت هشاشة البنية الاقتصادية، فانهارت العملة الوطنية وتضخمت المديونية، وتبدّد جزء من الثروة في مشروعاتٍ خارجية لم تؤتِ ثمارها المنتظرة.
ثم جاءت حقبة مادورو لتضاعف الجراح. فالعقوبات الأمريكية الخانقة كشفت هشاشة الاقتصاد المحلي، ودفعت الملايين إلى الفقر المدقع. تحوّل البوليفار إلى ورق بلا قيمة، وأصبح التضخم يُقاس بالأيام لا بالسنوات. في بلدٍ يملك ثرواتٍ نفطية تكفي لإغناء نصف القارة، يقف المواطن اليوم في طوابير طويلة للحصول على الخبز أو الوقود، فيما يهاجر الآلاف يومياً عبر الحدود إلى كولومبيا والبرازيل بحثاً عن حياةٍ أقل قسوة.
المدارس تفتقر إلى الكهرباء، والمستشفيات إلى الدواء، والطبقة الوسطى التي كانت يوماً عماد المجتمع الفنزويلي تآكلت حتى الذوبان.
كل ذلك لا يُلغي أن واشنطن تتحمل نصيبها الأكبر من الحصار والتجويع المتعمّد، لكنه لا يُعفي الحكم الفنزويلي من سوء الإدارة وتغليب الولاء السياسي على الكفاءة الاقتصادية. فالشعارات الثورية مهما كانت نبيلة، لا تُطعم الجياع ولا تُبقي الدولة واقفةً حين تنهار الأسواق.
ويبقى السؤال: هل يمكن أن تغامر أمريكا فعلاً بعدوانٍ عسكري مباشر على فنزويلا؟
الجواب، وإن بدا مستبعداً الآن، ليس مستحيلاً في منطق القوة. فالثروات الهائلة التي تختزنها الأرض الفنزويلية من نفطٍ وذهبٍ ومعادنٍ نادرة تجعلها هدفاً مغرياً في زمن الجوع العالمي للطاقة. ومع ذلك، تمتلك فنزويلا مقوماتٍ للصمود: جيشٌ عقائدي، وتحالفاتٌ مع روسيا والصين وإيران، وشعبٌ عنيد يملك ذاكرة مقاومة لا تُشترى.
لكن الصمود لا يكفي وحده. فالدولة التي قالت "لا" لأقوى إمبراطورية في العالم، مطالبة اليوم بأن تقول "نعم" لتنويع الاقتصاد وللإصلاح والتنمية ومكافحة الفساد، كي لا يتحول شعار "الممانعة" إلى غطاءٍ لعجزٍ اقتصاديٍ مزمن.
إنّ فنزويلا تقف اليوم عند مفترقٍ حاسم: إما أن تبقى عنواناً للكرامة في وجه الجشع الأمريكي، أو أن تغرق في فوضى داخلية تفتح الباب أمام التدخل الخارجي.
وفي الحالتين، تبقى الحقيقة الساطعة واحدة:
من يملك النفط لا يملك الأمان... إلا إذا امتلك السيادة والإرادة، والخبز.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هموم إلى الأمام
- يتمنّعن وهنّ.. نافرات
- لا ملوك بعد اليوم: أمريكا تنتفض ضد النزعة الاستبدادية
- كيف يصنع الغرب الوحش ثم يعلن الحرب عليه؟
- سوريا بين الفقر والفوضى.. لماذا لا بد من حل سياسي عاجل؟
- لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟
- معضلة الرأي والرأي الآخر في الأنظمة الاستبدادية
- حين تُخلع الأقنعة وتتكلم الغرائز.. كيف نُلغي الطائفية؟
- حين كانت الشاشة تبكي معنا
- خطة ترامب لغزة ومأزق حماس: بين مطرقة الرفض وسندان القبول
- التاريخ يعيد نفسه.. من الأسد إلى الشرع
- الطبيب الذي أحالني إلى الذكاء الاصطناعي
- من القبيلة إلى الدولة.. تحوّلات مفهوم الوطن عبر الزمن
- من وعود بلفور إلى وعود الأمم.. نكبة تاريخية مستمرة
- من الجهاد إلى البروتوكول.. حين يرتدي السيف ربطة عنق
- اللوحة التي لا تُفهم.. سرّ نجاة الفنان التشكيلي
- مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟
- بين أفول النجم الأمريكي وبزوغ التعددية: هل ودّعنا القطب الوا ...
- مجلس الأمن... ومجلس العار العربي
- حرية التعبير... بفضل قلة العناصر الأمنية


المزيد.....




- رئيسة الوزراء الجديدة تدخلت لإبعاده.. لحظة حرجة لترامب خلال ...
- سيدني سويني بإطلالة -زهريّة- أنثوية على السجادة الحمراء
- جاكيت شارون ستون الأحمر يسرق الأضواء في لوس أنجلوس
- مشاهد لم تُعرض من قبل للصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس
- العشق الممنوع: كيف ضحت الأميرة مارغريت بالحب لحماية امتيازات ...
- فيديو - مطاردة بسرعة 200 ميل في الساعة تنتهي بتوقيف مشتبه به ...
- ما قصة -فندق حماس- الفاخر في القاهرة؟
- عودة لأجواء الحرب الباردة.. جيش ألمانيا يستعيد قواعده السابق ...
- نجل مروان البرغوثي يدعو ترامب إلى الضغط على إسرائيل للإفراج ...
- -التنمر- على زوجة الرئيس.. القضاء الفرنسي يحاكم 10 أشخاص ادع ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - فنزويلا في مرمى الأطماع الأمريكية