ضيا اسكندر
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 14:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمرّ سوريا اليوم بأزمة لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً، حيث تتقاطع المصاعب الاقتصادية والاجتماعية مع فوضى أمنية متصاعدة. الفقر والجوع أصبحا واقعاً يومياً، والبطالة مستفحلة، فيما تزداد معدلات الجريمة بشكل يهدد نسيج المجتمع السوري برمته. في هذا الواقع المأساوي، يبدو من الضروري النظر إلى جذور الأزمة وفهم أسباب تفاقم الوضع قبل البحث عن أي حلول.
يكاد لا يمر يوم دون أن تنبثق أخبار السلب والنهب والسرقة، وتتشكل عصابات للاختطاف والقتل في مختلف المناطق السورية، التي تحكمها سلطة الأمر الواقع المؤقتة. لم تعد هذه الجرائم مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت ظاهرة يومية، تعكس انهيار الدولة وفشل السلطة في حماية المواطنين.
السبب الأساسي لا يحتاج إلى تفسير: فقر مدقع يرزح تحته نحو 90% من السوريين، أزمة اقتصادية مستمرة منذ أكثر من عقد ونصف، بطالة فلكية، أسعار جنونية للسلع الأساسية، وجوع يتسلل إلى كل بيت. تحت هذه الظروف، يصبح المجتمع ساحة مفتوحة للجريمة، والضحية أحياناً يتحول إلى فاعل، والحرمان يولّد العنف الذي يستشري بلا رادع.
لكن الغضب الاجتماعي لن يختفي بمجرد فرض إجراءات أمنية مؤقتة، ولا بحملات توقيف عشوائية. الجذر الحقيقي للمأساة هو غياب الحل السياسي. لا يمكن إعادة الأمان إلى الشارع السوري، ولا استعادة الثقة بين المواطن والدولة، إلا عبر معالجة الأزمة السياسية الجذرية: تغيير سلطة الأمر الواقع، أو إجبارها على المشاركة في مؤتمر حوار وطني شامل، يشارك فيه كل السوريين، يُفضي إلى حكومة وحدة وطنية انتقالية تعمل وفق القرار 2254، ومن ثم صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
أما استمرار الوضع الحالي بلا حل سياسي، فسيزيد من الفوضى، ويرسخ الانقسامات، ويحوّل كل يوم جديد إلى فاجعة: جريمة جديدة، سرقة جديدة، دماء جديدة، ومعاناة بلا حدود..
سوريا اليوم على مفترق طرق قاتل: إما استجابة عاجلة للحل السياسي الجذري، أو الانحدار المستمر نحو فوضى أعمق وانهيار كامل للدولة والمجتمع. لا أمن ولا استقرار يمكن أن يتحقق دون إصلاح سياسي شامل، حكومة وحدة وطنية، دستور جديد، وانتخابات حقيقية.
وإلا، فستظل سوريا تتقاذفها رياح مصالح الدول المتدخلة، يصرخ فقرها وجوعها في الفراغ، ولا أحد يصغي، ويبقى العيش الكريم وعداً مؤجلاً لملايين السوريين..
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟