أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - لا ملوك بعد اليوم: أمريكا تنتفض ضد النزعة الاستبدادية














المزيد.....

لا ملوك بعد اليوم: أمريكا تنتفض ضد النزعة الاستبدادية


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سابقةٍ لم تشهدها الولايات المتحدة منذ عقود، خرجت موجاتٌ بشرية غاضبة إلى الشوارع، ترفع لافتاتٍ تحمل شعاراً صارخاً: "No Kings" — لا ملوك بعد اليوم.
لم تكن هذه المظاهرات احتجاجاً على قرارٍ اقتصادي أو قانونٍ إداري، بل إعلاناً صريحاً عن رفضٍ متنامٍ لما يعدّه الأمريكيون نزعةً استبدادية تتغلغل في صميم النظام السياسي، في عهد الرئيس دونالد ترامب، على نحوٍ يذكّر بانتفاضات الشعوب ضد الطغاة في أماكن أخرى من العالم.

فقد خرج المحتجون من مختلف الاتجاهات السياسية والاجتماعية، تجمعهم قناعةٌ واحدة بأن الديمقراطية الأمريكية، التي لطالما اعتُبرت نموذجاً عالمياً، تمرّ بأخطر اختبارٍ منذ تأسيس الجمهورية. ترامب، كما يرى خصومه، لم يعد رئيساً منتخباً بسلطاتٍ محدودة، بل زعيماً يتصرف كملكٍ فوق القانون، يهاجم الإعلام، ويقصي المعارضين، ويتجاوز التوازنات التي صُممت لحماية النظام من الاستبداد.
ويرى مراقبون أن هذا الغضب الشعبي ليس سوى انعكاسٍ لقلقٍ متزايد من تآكل القيم المؤسسية، وتراجع الضوابط التي تضمن الفصل بين السلطات واستقلال المؤسسات. فالإدارة الحالية، بحسب هؤلاء، باتت تتصرف بمنطق التفرد والهيمنة، لا بمنطق الشراكة والمساءلة.

لكن الأزمة لم تعد حكراً على الداخل الأمريكي. فسياسات ترامب الاقتصادية الانعزالية، القائمة على فرض الرسوم الجمركية تحت شعار "أمريكا أولاً"، ارتدّت سلباً على الاقتصاد المحلي، مسببةً اضطراباً في سلاسل التوريد وارتفاعاً في الأسعار وتراجعاً في ثقة المستثمرين. وقد أضعفت هذه المقاربة قدرة واشنطن على قيادة النظام الاقتصادي العالمي، وأحدثت شرخاً في علاقاتها مع عددٍ من الحلفاء التقليديين.

وفي الملف الأوكراني، أثار تبدّل موقف ترامب من الحرب الروسية الأوكرانية قلقاً واسعاً في الاتحاد الأوروبي. فبعد وعوده بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة، لم يتحقق أي تقدم ملموس، بل بدا أقرب إلى موسكو منه إلى حلفائه الغربيين. هذا التحوّل دفع عواصم أوروبية عدّة إلى إعادة تقييم تحالفاتها الأمنية، وسط مخاوف من تراجع الالتزام الأمريكي تجاه حلف شمال الأطلسي.

وفي الشرق الأوسط، كشفت اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان، التي أعقبت العدوان الإسرائيلي على الدوحة، عن تحوّلٍ لافت في موازين الثقة الإقليمية. فالمملكة، التي عُدَّت لسنواتٍ طويلة الحليف الأوثق لواشنطن، بدت وكأنها تبحث عن مظلةٍ جديدة، في خطوةٍ فُسّرت على أنها مؤشر على تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة، وتآكل صورته كضامنٍ للأمن والاستقرار.

وفي ضوء هذا المشهد المتشابك، تطرح الأوساط السياسية تساؤلاً محورياً: إلى أين تتجه الأمور؟
فإذا استمر هذا الزخم الشعبي واتسع نطاقه، فمن المرجح أن تتزايد الضغوط على الكونغرس والمؤسسات القضائية لمراجعة صلاحيات الرئيس والحد من نفوذه التنفيذي. وقد يدفع الغضب الشعبي الإدارة إلى تعديل بعض سياساتها المثيرة للجدل، بينما يتوقع أن يتعمّق الانقسام السياسي بين مؤيدي ترامب ومعارضيه، في ظل مشهدٍ داخلي يزداد هشاشة واستقطاباً. كما لا يُستبعد أن تتخذ الأزمة بُعداً دولياً في حال وُصفت بعض الإجراءات بانتهاكٍ لحقوق الإنسان أو تهديدٍ لحرية التعبير.

غير أن الخطر الأكبر، كما يحذر بعض المحللين، هو أن تتحوّل الولايات المتحدة — التي طالما قدّمت نفسها منارةً للديمقراطية — إلى نموذجٍ لما كانت ترفضه منذ تأسيسها: حكم الفرد، وتقديس السلطة، وتكميم الغضب الشعبي.

إن ما يجري اليوم، من واشنطن إلى الرياض، مروراً ببرلين وباريس، يكشف أن الولايات المتحدة تقف أمام منعطفٍ تاريخي حرج، داخلياً وخارجياً. ففي الداخل، تواجه إدارة ترامب تحدياً غير مسبوق يتمثل في فقدان ثقة قطاعاتٍ واسعة من المواطنين، وفي الخارج تخسر واشنطن تدريجياً ثقة حلفائها الذين شكّلوا لعقودٍ طويلة عماد نفوذها العالمي.

في أحد جدران العاصمة الأمريكية، كتب أحد المحتجين عبارةً باتت شعاراً للحراك الراهن:
"لا ملوك بعد اليوم، ولو تزيّنوا بالربطات الحمراء."
عبارة تختصر الموقف الأمريكي الجديد وتوجز الدرس الأهم: فالديمقراطية لا تُقاس بعدد الأصوات في صناديق الاقتراع، بل بقدرة الشعوب على الدفاع عنها حين تُهدَّد، وعلى الصراخ في وجه السلطة حين ترتدي قناع الشرعية.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يصنع الغرب الوحش ثم يعلن الحرب عليه؟
- سوريا بين الفقر والفوضى.. لماذا لا بد من حل سياسي عاجل؟
- لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟
- معضلة الرأي والرأي الآخر في الأنظمة الاستبدادية
- حين تُخلع الأقنعة وتتكلم الغرائز.. كيف نُلغي الطائفية؟
- حين كانت الشاشة تبكي معنا
- خطة ترامب لغزة ومأزق حماس: بين مطرقة الرفض وسندان القبول
- التاريخ يعيد نفسه.. من الأسد إلى الشرع
- الطبيب الذي أحالني إلى الذكاء الاصطناعي
- من القبيلة إلى الدولة.. تحوّلات مفهوم الوطن عبر الزمن
- من وعود بلفور إلى وعود الأمم.. نكبة تاريخية مستمرة
- من الجهاد إلى البروتوكول.. حين يرتدي السيف ربطة عنق
- اللوحة التي لا تُفهم.. سرّ نجاة الفنان التشكيلي
- مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟
- بين أفول النجم الأمريكي وبزوغ التعددية: هل ودّعنا القطب الوا ...
- مجلس الأمن... ومجلس العار العربي
- حرية التعبير... بفضل قلة العناصر الأمنية
- مجزرة جديدة؟ لا بأس، لدينا بيان جاهز!
- دور الاستبداد في تشويه أخلاق العباد
- نداء إلى مَن لم تتزوج بعد


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يعلن عن تكريم نبيل شعيل وعبدالرب إدريس في موسم ...
- جاريد كوشنر: لن تخصص أموال لإعادة إعمار مناطق سيطرة حماس في ...
- حاكم إقليم دارفور لبي بي سي : -الأوضاع في الفاشر كارثية، وال ...
- استراتيجية روسيا الجديدة للهجوم على الطاقة تدفع أوكرانيا إلى ...
- فانس من إسرائيل: تفاؤل بوقف النار .. خطة ترامب تتقدم وسط دعو ...
- فانس يعلن من إسرائيل تفاؤله بهدنة غزة.. ماذا عن سلاح حماس؟
- البرهان يزور مطار الخرطوم بعد استهدافه بمسيّرات
- ويتكوف يتحدث عن شهر حاسم باتفاق غزة وفانس يبحث مرحلته الثاني ...
- تحقيق للغارديان: صينيون في خنادق أوكرانيا بحثا عن معنى للحيا ...
- نتنياهو يقيل رئيس مجلس الأمن القومي.. والأخير يتحدث عن الفشل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - لا ملوك بعد اليوم: أمريكا تنتفض ضد النزعة الاستبدادية