ضيا اسكندر
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 10:44
المحور:
كتابات ساخرة
حين قرأت خبر رفع أسعار الكهرباء في سوريا بنسبة تصل إلى 1000%، بدا لي كأن أحدهم يسخر من بؤسنا المتراكم، أو يختبر ما تبقّى من أعصابنا المحروقة.
للحظة، خُيّل إليّ أنها نكتة سوداء، أو محاولة يائسة لتشويه صورة سلطةٍ لا تحتاج إلى من يشوّهها، فقد بلغت من الفجور ما يكفي لتكون كاريكاتيراً لذاتها.
لكن لا، الخبر صحيح، والقرار رسمي، والصفعة وقعت.
تساءلت: وماذا بعد؟
أي قاع هذا الذي لم نبلغه بعد؟
حلّوا الجيش والأحزاب، وسرّحوا الشرطة، ومزّقوا الدستور، واستبدلوه بإعلان لا يجرؤ حتى على ذكر "الديمقراطية".
فصلوا العاملين بلا سبب، وقطعوا أرزاق المتقاعدين العسكريين كأنهم فائض بشري.
خرجوا علينا بمسرحية الحوار الوطني، ثم عرضوا علينا كوميديا سوداء بعنوان "انتخابات مجلس الشعب".
الخبز، تضاعف سعره عشرة أضعاف، وصار الحصول عليه مغامرة يومية.
المجازر؟ من الساحل إلى جرمانا، من صحنايا إلى السويداء، تُطوى صفحاتها بلا حساب.
العدو الصهيوني يسرح ويمرح، والرد الرسمي: مزيد من اللقاءات السرية والعلنية.
في كل دائرة، شيخ واحد يقرر، والبقية كومبارس.
حتى العطل الوطنية ألغوها، كأن الذاكرة عبء يجب محوه.
الخطف والنهب والسرقة والاغتيالات؟ تحوّلت إلى اقتصاد موازٍ، وإلى مهنة معترف بها.
أما الفساد، فقد تجاوزوا فيه النظام البائد، وتفوّقوا عليه بامتياز.
وهذا غيضٌ من فيض، وما خفي أدهى وأمرّ.
فهل في جعبتهم المزيد؟
هل بقي شيء لم يُدنّس؟ لم يُسحق؟ لم يُنتهك؟
أم أن القادم سيكون أكثر صفاقة، وأكثر احتقاراً لما تبقّى من كرامة؟
ومع ذلك... أرادوا المزيد!
رفعوا أسعار الكهرباء وكأنهم يطلبون من الجائع أن يدفع ثمن موته.
والسؤال الأهم:
هل فكّرت سلطة الأمر الواقع في المآلات التي ستجرّ إليها البلاد بسياساتها العمياء؟
تسعون بالمئة من السوريين يئنّون تحت خط الفقر، فبأي منطق يُطلب منهم دفع فواتير كهرباء لا تكاد تصلهم، من مداخيل لا تكفي لشراء الخبز؟
لا ريب أن شعباً إذا ما اتحد في وجه الظلم، ونظّم غضبه، وعبّر عن وجعه بكل السبل السلمية، قادرٌ على كسر القرار، بل وكسر اليد التي وقّعته.
أين ذهبت مئات الملايين التي جُبيت من كبار الفاسدين المحسوبين على النظام البائد؟
إن كانت في خزائن الدولة، فأنفقوها على الكهرباء. وإن كانت في جيوبكم، أعيدوها قبل أن يعيدها الناس بأيديهم.
وإن أصررتم على الغيّ، فلا تنتظروا منّا أن نناشدكم كالأسرى، ولا أن نركع على أعتاب قراراتكم الفاجرة.
ها هو القرار.. ها هو التحدي واضح كالشمس التي سرقتم نورها:
لن ندفع الفواتير.. فماذا أنتم فاعلون؟
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟