أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - بين بني أمية وبني -سوريا الأبية-














المزيد.....

بين بني أمية وبني -سوريا الأبية-


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 12:03
المحور: كتابات ساخرة
    


راسلني على الخاص أحد الموالين لسلطة الأمر الواقع في دمشق قائلاً:
«أنا من متابعيك منذ سنوات على الفيسبوك، وأقدّر نضالك في زمن العهد البائد، زمن حافظ وابنه بشار، لكنني كنت أتوقع منك أن تساند العهد الجديد، عهد بني أمية الذي خلّصك من الاستبداد، لا أن تتخذ مواقف تشبه تلك التي كانت أيام البعث الساقط. زمن بني أمية جاء ليحلّ محلّ زمن القهر والعذاب، زمن بني أمية…»
وقد كرّر عبارة "بني أمية" أكثر من مرة، كأنها مفتاح الخلاص.

فقلت له متسائلاً:
ــ أراك تتغنّى ببني أمية كثيراً، فهل تعرف تاريخهم حقاً؟
أجاب بثقةٍ العارف:
ــ بالتأكيد! فهم الفرع الأكبر من قريش، أسسوا الدولة الأموية (41 – 132 هـ / 661 – 750 م)، أول دولة في تاريخ الإسلام بعد انتهاء عصر الخلافة الراشدة، وكانت عاصمتهم دمشق.
في عهدهم بلغ الإسلام أوسع امتداد جغرافي له من حدود الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.
كما أسسوا نظاماً إدارياً مركزياً قوياً، وأنشأوا الدواوين مثل ديوان الخاتم ونظام البريد، وعرّبوا الدواوين بعد أن كانت بالفارسية واليونانية.
وفي مجال العمران، شيّدوا المعالم الكبرى، وفي عهدهم بدأت حركة الترجمة وتقدّم العلم والفكر.

قلت له: لا خلاف على ذلك، ولكنك أغفلت الوجه الآخر من الصورة، والإنصاف يقتضي التقييم الموضوعي.
هل أذكّرك بأن في عهدهم تحولت الخلافة إلى مُلكٍ وراثي حين جعل معاوية بن أبي سفيان ابنه يزيد ولياً للعهد، فكان أول من نقل الحكم من الشورى إلى الوراثة؟
وهل تتجاهل التمييز القبلي والعنصري الذي مارسه الأمويون حين فضّلوا العرب على الموالي من المسلمين الجدد، فخلقوا طبقة اجتماعية مظلومة وأشعلوا ثوراتٍ لا تُحصى؟
أما القمع السياسي، فحدّث ولا حرج: فقد استخدموا السيف في مواجهة كل معارض، من الصحابة وآل البيت.. إلى سائر القبائل.

أتُراك نسيت معركة كربلاء (61 هـ / 680 م) التي قُتل فيها الحسين بن علي، حفيد النبي محمد، وأهل بيته وأصحابه، في واحدة من أكثر الصفحات سواداً في التاريخ الإسلامي؟
وماذا عن مجزرة الحرة (63 هـ) حين أرسل يزيد بن معاوية جيشه بقيادة مسلم بن عقبة ليقتحم المدينة المنوّرة، فاستباحها ثلاثة أيام قتلاً ونهباً واغتصاباً؟
ثم حصار مكة (64 هـ) وضرب الكعبة بالمنجنيق حتى احترقت، في سابقة لم يشهدها التاريخ الإسلامي.
ولا تنسَ سياسة الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق والمشرق، الذي صار اسمه مرادفاً للبطش والدم.
أما آل البيت وشيعتهم، فلاحقتهم السجون والاغتيالات والنفي في مختلف عصور الدولة الأموية، في محاولة لتكميم صوتهم الديني والسياسي.

باختصار يا صديقي، كانت دولة بني أمية ذات وجهين:
وجهٍ حضاريٍّ منظّم أسّس لبنية إدارية وعمرانية عظيمة، ووجهٍ آخر قمعيٍّ دمويٍّ خلّف جراحاً ما زال أثرها في الذاكرة الإسلامية إلى اليوم.
وحين نناقش تاريخهم، ينبغي أن نفعل ذلك بعينٍ موضوعية، لا بعين المريد أو الكاره.
وكان الأجدر بك أن تواجه الحقيقة بدل أن تلوذ بالأوهام!
قارنْ بين العهد البائد والعهد الجديد، وسترى أن كليهما وجهان لعملة الخراب ذاتها.
أيُّ إنجازٍ تتحدث عنه؟ وأيُّ خلاصٍ تزعم؟
هل صار الخراب عندكم نهضةً، والمجازر “إنجازاً وطنياً”؟
ما الذي قدّمه هذا العهد غير مزيدٍ من القهر والانهيار، حتى غدا الموت خبزاً يومياً للفقراء؟
تتغنّى بماضٍ غابرٍ لا يُشبع جائعاً ولا يُرمم وطناً يتداعى،
وتتعامى عن حاضرٍ تحاصرنا فيه الأزمات من كل الجهات، كأنها تتسابق على خنق ما تبقّى من أنفاسنا!
نحن أبناء اليوم يا عزيزي، وما نحتاجه ليس استعادة أمجاد بني أمية ولا بني العباس، بل بناء "بني سوريا" الأبية، سوريا التي تحتضن جميع أبنائها بلا تمييزٍ في الدين أو الطائفة أو القومية أو الجنس،
سوريا العدالة الاجتماعية، وسيادة القانون، والديمقراطية الحقة.

فما كان من صاحبي إلا أن أمطرني بوابلٍ من الشتائم والتهديدات… ثم أغلق الخط، كمن أنهى معركته الكبرى بانتصارٍ لفظيٍّ مؤزر!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنزويلا في مرمى الأطماع الأمريكية
- هموم إلى الأمام
- يتمنّعن وهنّ.. نافرات
- لا ملوك بعد اليوم: أمريكا تنتفض ضد النزعة الاستبدادية
- كيف يصنع الغرب الوحش ثم يعلن الحرب عليه؟
- سوريا بين الفقر والفوضى.. لماذا لا بد من حل سياسي عاجل؟
- لماذا لا ينتسب الشباب إلى الأحزاب؟
- معضلة الرأي والرأي الآخر في الأنظمة الاستبدادية
- حين تُخلع الأقنعة وتتكلم الغرائز.. كيف نُلغي الطائفية؟
- حين كانت الشاشة تبكي معنا
- خطة ترامب لغزة ومأزق حماس: بين مطرقة الرفض وسندان القبول
- التاريخ يعيد نفسه.. من الأسد إلى الشرع
- الطبيب الذي أحالني إلى الذكاء الاصطناعي
- من القبيلة إلى الدولة.. تحوّلات مفهوم الوطن عبر الزمن
- من وعود بلفور إلى وعود الأمم.. نكبة تاريخية مستمرة
- من الجهاد إلى البروتوكول.. حين يرتدي السيف ربطة عنق
- اللوحة التي لا تُفهم.. سرّ نجاة الفنان التشكيلي
- مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟
- بين أفول النجم الأمريكي وبزوغ التعددية: هل ودّعنا القطب الوا ...
- مجلس الأمن... ومجلس العار العربي


المزيد.....




- طبيبة نرويجية: ما شاهدته في غزة أفظع من أفلام الرعب
- -ذي إيكونومست- تفسر -وصفة- فنلندا لبناء أمة مستعدة لقتال بوت ...
- لن تتوقع الإجابة.. تفسير صادم من شركة أمازون عن سبب تسريح نح ...
- حزب الوحدة ينعى الكاتب والشاعر اسكندر جبران حبش
- مسلسلات وأفلام -سطت-على مجوهرات متحف اللوفر..قبل اللصوص
- كيف أصبح الهالوين جزءًا من الثقافة السويسرية؟
- كيف يُستخدم علم النفس -الاحتيالي- كسلاح لقمع الإنسان وتبرير ...
- لندن تحتضن معرضاً لكنوز السعودية البصرية لعام 1938.. وأحفاد ...
- -يوميات بوت اتربى في مصر- لمحمد جلال مصطفى... كيف يرانا الذك ...
- كيف كشفت سرقة متحف اللوفر إرث الاستعمار ونهب الموارد الثقافي ...


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - بين بني أمية وبني -سوريا الأبية-