أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025: نظرة عامة وتقييم ماركسي















المزيد.....



استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025: نظرة عامة وتقييم ماركسي


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استراتيجية الأمن القومي الأمريكية (NSS) لعام 2025، التي أصدرها البيت الأبيض في 4 ديسمبر 2025 تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، تمثل تحولاً جذرياً في السياسة الخارجية الأمريكية. الوثيقة، التي تمتد لـ33 صفحة، تركز على مبدأ "أمريكا أولاً" (America First)، وتُعرف السياسة الخارجية بأنها "حماية المصالح الوطنية الأساسية" فقط، مع رفض صريح للسياسات السابقة التي سعت إلى "هيمنة أمريكية دائمة على العالم بأكمله"، واصفة إياها بأنها "هدف غير مرغوب ومستحيل". الاستراتيجية تؤكد على الواقعية الجديدة، حيث يُعتبر الاقتصاد والأمن الحدودي أولويات تفوق الديمقراطية أو التدخلات العالمية، وتهدف إلى نمو الاقتصاد الأمريكي من 30 تريليون دولار في 2025 إلى 40 تريليون في العقد المقبل.

المواضيع الرئيسية التي تتحدث عنها الاستراتيجية:
1. أمن الحدود والنصف الغربي (الأمريكتين):
هذا هو التركيز الأبرز، حيث تُعلن الاستراتيجية أن "أمن الحدود هو العنصر الأساسي في الأمن القومي"، وتصف عصر "الهجرة الجماعية" بأنه يجب أن ينتهي. تُعيد صياغة "مبدأ مونرو" (1823) إلى "ملحق ترامب" (Trump Corollary)، الذي يهدف إلى فرض هيمنة أمريكية في النصف الغربي لمواجهة الهجرة، تجارة المخدرات، والتدخلات الأجنبية (مثل الصين في فنزويلا أو الكاريبي). تشمل الخطط زيادة الوجود العسكري للبحرية والخفر الساحلي، واستخدام القوة الفتاكة ضد الكارتلات، مع دعم الاستثمارات الأمريكية في المنطقة للمعادن الحرجة والطاقة.

2. الاقتصاد والاستقلال الذاتي:
الاستراتيجية ترى الاقتصاد كأساس القوة، مع التركيز على إعادة التصنيع، تأمين سلاسل التوريد، و"المنافسة المسؤولة" لتجنب الاعتماد على الخارج. تُشجع على الشراكات الخاصة للاستثمارات الأمريكية، وتُصنف الطاقة والتكنولوجيا كأدوات تصدير رئيسية، مع هدف تحقيق "علاقة اقتصادية متبادلة الفائدة" مع الدول الأخرى.

3. المنافسة مع الصين:
على عكس الاستراتيجيات السابقة التي ركزت على الصين كتهديد رئيسي، هنا يُركز النهج على "إعادة توازن العلاقة الاقتصادية" مع بكين لضمان "التبادلية والعدالة"، مع الحفاظ على الردع العسكري حول تايوان لمنع الصراع. الاستراتيجية تتجنب التصعيد، وتركز على الفوز في المنافسة الاقتصادية في آسيا دون ذكر "المنافسة الكبرى" صراحة.

4. أوروبا وروسيا:
الوثيقة تنتقد أوروبا بشدة، واصفة إياها بأنها في "تراجع حضاري" و"فقدان الثقة الذاتية الحضارية"، وتدعو إلى "زراعة المقاومة" فيها للدفاع عن نفسها، مع نقل مسؤولية الدفاع إلى الحلفاء (مثل تعهد الناتو بـ5% من الناتج المحلي للدفاع بحلول 2035). أما روسيا، فلا تُذكر كتهديد مباشر، بل يُشار إليها بأن "العديد من الأوروبيين يرونها تهديداً وجودياً"، مع التركيز على حل النزاع في أوكرانيا كمصلحة أمريكية.

5.الشرق الأوسط وأفريقيا:
الشرق الأوسط لم يعد أولوية رئيسية؛ بدلاً من ذلك، يُرى كمصدر للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والطاقة، مع تقليل الوجود العسكري. أما أفريقيا، فتركز على التحول من "نشر الأيديولوجيا الليبرالية" إلى التجارة والاستثمار في المعادن الحرجة والطاقة، مع رفض النهج الإنساني السابق.

6. التكنولوجيا والدفاع:
تُصنف المنافسة التكنولوجية (الذكاء الاصطناعي، الطاقة الجديدة، الفضاء) كمعركة للهيمنة المستقبلية، مع دعم للقوة النووية والردع، وزيادة مشاركة الحلفاء في الدفاع.

هذه الاستراتيجية تُعتبر "تصحيحاً ضرورياً" لإخفاقات الإدارات السابقة، وتُبرز ترامب كـ"رئيس السلام" الذي أنهى نزاعات عالمية. ومع ذلك، أثارت انتقادات لتركيزها على الهجرة كتهديد أمني رئيسي، وتقليل الاهتمام بالديمقراطية العالمية أو القانون الدولي، مما قد يضعف التحالفات طويلة الأمد.


الاختلافات الرئيسية بين استراتيجية الأمن القومي لإدارة بايدن (2022) وإدارة ترامب (2025)

استراتيجية الأمن القومي الأمريكية (NSS) لعام 2022 تحت إدارة جو بايدن كانت تركز على "المنافسة الكبرى" في عصر جديد بين الديمقراطيات والاستبداديات، مع التركيز على تعزيز الديمقراطية، بناء التحالفات الدولية، ومواجهة التحديات العالمية مثل المناخ والتكنولوجيا. أما استراتيجية 2025 تحت دونالد ترامب، فتمثل تحولاً جذرياً نحو مبدأ "أمريكا أولاً"، مع رفض صريح للسياسات السابقة التي سعت إلى "هيمنة أمريكية دائمة"، وتركيز حصري على المصالح الوطنية الاقتصادية والأمنية المباشرة. هذا التحول يُوصف بأنه "تصحيح ضروري" لإخفاقات الإدارات السابقة، لكنه يثير انتقادات لتقليله من أهمية الديمقراطية والقانون الدولي. فيما يلي الاختلافات الرئيسية، مقسمة حسب المحاور الرئيسية:

1. النهج العام والأيديولوجيا
- بايدن (2022): اعتمدت على رؤية نيوليبرالية دولية، ترى الولايات المتحدة كقائدة للحفاظ على النظام العالمي، مع التركيز على شعارات لا تعني واشنطن فعلا ، مثل نشر الديمقراطية، حقوق الإنسان، والقضايا غير التقليدية مثل تغير المناخ والمساواة الاجتماعية كجزء من الأمن القومي. كانت الاستراتيجية متعددة الأبعاد، تجمع بين الدبلوماسية، الدفاع، والاقتصاد لتعزيز الازدهار العالمي المبني على قيم مشتركة.
- ترامب (2025): تحول إلى واقعية "أمريكا أولاً"، غير تدخلية وبراغماتية، تركز فقط على ما يعزز القوة والازدهار الأمريكي دون فرض أيديولوجيا. رفضت صراحة أجندة الديمقراطية كأولوية ("ليس أكثر من رغبة لطيفة ")، وانتقدت السياسات السابقة لكونها "غير مرغوبة ومستحيلة" في الهيمنة العالمية. هذا يُرى كإنهاء لعصر "11 سبتمبر" الذي ركز على التدخلات، ودخول عصر تداولي وفوضوي.

2. تقييم التهديدات
- بايدن (2022): حددت الصين كـ"التهديد الرئيسي" (pacing challenge) الذي يسعى لإعادة تشكيل النظام الدولي، وروسيا كتهديد حاد، مع إيران وكوريا الشمالية كتهديدات ثانوية. شملت قضايا غير عسكرية مثل المناخ والأوبئة كمخاطر أمنية.
- ترامب (2025): خفض تصنيف الصين إلى منافس اقتصادي فقط (لا ذكر لها إلا في الصفحة 19، دون وصفها كتهديد جيوسياسي)، وتجنب وصف روسيا كخصم ("العديد من الأوروبيين يرونها تهديداً")، مع تجاهل كوريا الشمالية تماماً. التركيز الرئيسي على تهديدات داخلية وإقليمية مثل الهجرة الجماعية، الكارتلات ("الإرهاب الناركوي")، تجارة المخدرات، والتجسس الثقافي، مع رفض التركيز على المناخ أو الهوية الجنسية كقضايا أمنية.

3. الأولويات الإقليمية
- النصف الغربي (الأمريكتين): بايدن لم يعطِها أولوية خاصة؛ أما ترامب فقد جعلها الأولوية العليا عبر "ملحق ترامب" لمبدأ مونرو، مع زيادة الوجود العسكري لمواجهة الهجرة والكارتلات، واستبعاد التأثيرات الأجنبية مثل الصين في أمريكا اللاتينية.
- آسيا والصين: بايدن ركز على المنافسة الشاملة مع الصين كتحدٍ مركزي؛ ترامب يركز على الردع حول تايوان عبر التحالفات والتوازن التجاري، دون تصعيد جيوسياسي.
- أوروبا وروسيا: بايدن عزز التحالفات مثل الناتو لمواجهة روسيا؛ ترامب ينتقد أوروبا بشدة ("تراجع حضاري" بسبب الهجرة والرقابة)، ويطالبها بدفع 5% من الناتج المحلي للدفاع، مع التركيز على حل النزاع في أوكرانيا كمصلحة أمريكية اقتصادية.
- الشرق الأوسط: بايدن حافظ على الأولوية النسبية؛ ترامب يخفضها تماماً، معتبراً المنطقة مصدر استثمار فقط، مع تقليل الوجود العسكري.
- أفريقيا: بايدن ركز على نشر الإيديولوجيا النيو ليبرالية؛ ترامب يحولها إلى تجارة واستثمار في المعادن الحرجة، دون التركيز على الحوكمة أو الإرهاب.

4. الاقتصاد، الدفاع، والتحالفات
- بايدن (2022) : دمج الاقتصاد مع الدبلوماسية لبناء التحالفات المتعددة (مثل AUKUS وQuad)، مع الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا لتعزيز الازدهار الديمقراطي.
- ترامب (2025): يرى الاقتصاد كأساس القوة، مع التركيز على إعادة التصنيع، تأمين سلاسل التوريد، والمنافسة "المسؤولة"، ورفض الاعتماد على الخارج. في الدفاع، يدعو لجيش "أكثر فتكاً" مع ردع نووي، لكن يطالب الحلفاء بمشاركة أعباء أكبر، ويقلل من الالتزامات المتعددة الأطراف لصالح الشراكات الثنائية والتداولية.

استراتيجية ترامب تُعتبر أقوى في التركيز على الموارد المحدودة والأولويات الوطنية، لكنها تُنتقد لإغفال التهديدات الجيوسياسية الكبرى وإضعاف التحالفات طويلة الأمد، مما قد يخلق فجوات في الردع. بينما بايدن سعى لقيادة عالمية شاملة لم تعد لأمريكا القدرة عليها، يرى ترامب في ذلك إهداراً، مفضلاً الاقتصاد والأمن الحدودي كأساس للقوة.



ردود الفعل الألمانية السلبية على استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025

بناءً على التصريحات الرسمية والإعلامية الأخيرة، يبدو أن "مستشار ألمانيا" الذي تشير إليه هو المستشار فريدريش ميرز (Friedrich Merz)، الذي تولى المنصب في 2025، أو يشير إلى المتحدثين باسم الحكومة مثل سباستيان هيله (Sebastian Hille)، نائب المتحدث الحكومي، ويوهان واديبول (Johann Wadephul)، وزير الخارجية. هؤلاء يعبرون عن استياء شديد من الاستراتيجية التي أصدرها الرئيس دونالد ترامب في 4 ديسمبر 2025، والتي تنتقد أوروبا بشدة وتصفها بأنها في "تراجع حضاري" بسبب الهجرة، الرقابة، والتوقعات غير الواقعية حول أوكرانيا. الاستراتيجية تطالب أوروبا بدفع 5% من الناتج المحلي للدفاع بحلول 2035، وترى روسيا كتهديد "وجودي" فقط من منظور أوروبي، مما يثير مخاوف ألمانيا من تراجع الالتزام الأمريكي بالتحالفات.

الأسباب الرئيسية للاستياء الألماني:
1. الانتقادات الشخصية والإيديولوجية لأوروبا:
الاستراتيجية تصف أوروبا بأنها "فقدت الثقة الذاتية الحضارية" وتواجه "احتمال المسح الحضاري" بسبب سياسات الهجرة والرقابة على حرية التعبير. ميرز رد بأن "الأمريكيين لا يحتاجون إلى إنقاذ الديمقراطية في أوروبا"، معتبراً هذه النقاط "غير مقبولة من منظور أوروبي". هيله أضاف أن هذه الاتهامات "أيديولوجيا أكثر من كونها استراتيجية"، مشدداً على أن ألمانيا لا تحتاج "نصائح خارجية" حول حرية التعبير أو تنظيم المجتمعات الحرة.

2. تقليل التهديد الروسي وتأثيره على أوكرانيا:
الوثيقة لا تصنف روسيا كخصم أمريكي مباشر، بل تقول إن "العديد من الأوروبيين يرونها تهديداً وجودياً"، مما يثير مخاوف ألمانيا من أن واشنطن قد تتخلى عن دعم كييف لصالح صفقة مع موسكو. هيله أعرب عن استيائه من عدم اعتبار الولايات المتحدة روسيا تهديداً، معتبراً ذلك إشارة إلى "علاقة متغيرة" بين الولايات المتحدة وأوروبا. واديبول أكد أن مثل هذه القضايا لا تشكل جزءاً من نقاشات الناتو، وأن ألمانيا لن تقبل تدخلات في شؤونها الداخلية.

3. الدعوة للاستقلال الأمني الأوروبي:
ميرز رأى في الاستراتيجية تأكيداً على الحاجة إلى "استقلال أكبر" لأوروبا عن الولايات المتحدة في السياسة الأمنية، قائلاً: "أمريكا أولاً جيدة، لكن أمريكا وحدها لا يمكن أن تكون في مصلحتكم. أنتم بحاجة إلى شركاء في العالم". هذا يعكس تحولاً استراتيجياً في برلين، حيث يُرى النهج الترامبي كـ"تغيير في الشراكة عبر المحيط الأطلسي"، مما يدفع ألمانيا إلى تعزيز الإنفاق الدفاعي وزيادة التعاون مع فرنسا وبريطانيا.

هذه الردود جاءت بعد اجتماعات أوروبية لدعم السلطة النازية الجديدة في أوكرانيا، مثل قمة لندن في 8 ديسمبر 2025 بمشاركة ميرز وإيمانويل ماكرون وكير ستارمر، كرد فعل على ضغوط ترامب لإنهاء الحرب بسرعة. الاتحاد الأوروبي، عبر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، وصف الاستراتيجية بأنها "صادمة" وتشير إلى "علاقة متغيرة"، مع مخاوف من تقسيم أوروبا عبر دعم القوى اليمينية المتطرفة. على الرغم من الرفض، أكدت ألمانيا التزامها بالولايات المتحدة كحليف رئيسي في الناتو، لكنها تطالب بمزيد من الاحترام المتبادل. هذا التوتر يعكس تحولاً أوسع في العلاقات عبر الأطلسي، حيث ترى برلين في الاستراتيجية تهديداً للوحدة الأوروبية أكثر من كونها دعماً.


هل تأخذ استراتيجية ترامب في الاعتبار التحالف الروسي-الصيني وتأثيره على الهيمنة الغربية؟

نعم، تُدرك استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025 تحت إدارة دونالد ترامب التحدي الاستراتيجي الذي يمثله التحالف الروسي-الصيني، الذي استمر لأكثر من عقد (منذ 2014 تقريباً، مع تعزيزه بعد غزو أوكرانيا في 2022)، وتراه كعامل يهدد الهيمنة الغربية بتحويل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية إلى "دول كبرى عادية" في نظام عالمي متعدد الأقطاب. ومع ذلك، الاستراتيجية لا تتبنى نهجاً مواجهياً مباشراً كالسابق (مثل إدارة بايدن التي وصفت الصين بـ"التحدي الرئيسي" وروسيا بـ"التهديد الحاد")، بل تحول التركيز إلى "التوازن الإقليمي" و"الفصل" بين موسكو وبكين لتجنب تصعيد يضعف الغرب. هذا النهج براغماتي، يركز على المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية المباشرة، لكنه يثير انتقادات لأنه قد يعزز التحالف بدلاً من تفكيكه، مما يؤدي إلى "تحييد" أوروبا كما تشير. أما فريدريش ميرز، المستشار الألماني، فهو ملم تماماً بهذه الديناميكية ويتبنى موقفاً صقرياً أكثر صرامة تجاهها، خلافاً لادعاء عدم إلمامه؛ بل إنه يدعو إلى استقلال أوروبي أكبر كرد فعل على ترامب.

كيف تتعامل الاستراتيجية الأمريكية مع التحالف الروسي-الصيني؟

- الاعتراف بالخطر : الوثيقة (صادرة في 4 ديسمبر 2025) لا تذكر "المنافسة الكبرى" صراحة، لكنها تُشير ضمنياً إلى التحالف كتهديد وجودي للهيمنة الغربية. على سبيل المثال، تُصف الصين كمنافس اقتصادي يسعى لـ"إعادة توازن العلاقة" مع واشنطن عبر "التبادلية والعدالة"، مع الحفاظ على الردع حول تايوان لمنع صراع يعززه التحالف. أما روسيا، فلا تُصنف كـ"خصم أمريكي مباشر"، بل يُقال إن "العديد من الأوروبيين يرونها تهديداً وجودياً"، مع هدف "إعادة إقامة الاستقرار الاستراتيجي" مع موسكو لتجنب "التعاون الإمبراطوري" بينها وبكين. هذا يعكس فهماً لأن التحالف (الذي بلغ ذروته في اتفاقيات 2024-2025 للتجارة والتكنولوجيا) يجعل الغرب "دولاً كبرى عادية" بتوسيع نفوذ الصين في آسيا وأفريقيا، ودعم روسيا في أوروبا الشرقية.

- الاستراتيجية للتعامل معه: النهج الرئيسي هو "الفصل" (peel Russia away from China)، كما في تحليلات بروكينغز ومجلس العلاقات الخارجية (CFR). يُقترح إنهاء الحرب في أوكرانيا "بسرعة" كـ"مصلحة أمريكية أساسية" لإعادة دمج روسيا في النظام الأوروبي، مما يعزل الصين ويمنع تحالفاً "لا يُقهر" (كما قال ترامب في مقابلة مع فوكس نيوز في مارس 2025: "أول درس في التاريخ هو عدم السماح لروسيا والصين بالانضمام"). هذا يهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الغربية عبر "توازنات إقليمية" بدلاً من "هيمنة عالمية مستحيلة"، مع التركيز على الاقتصاد (نمو أمريكي من 30 إلى 40 تريليون دولار) وأمن الحدود. ومع ذلك، النقاد (مثل في Foreign Policy) يرون أن هذا "يُقدم أوروبا على طبق من ذهب"، حيث يُشجع على دعم "الأحزاب الوطنية" (اليمين المتطرف) لـ"زراعة المقاومة"، مما يقسم الاتحاد الأوروبي ويضعف الناتو أمام التحالف الروسي-الصيني.

- التأثير على أوروبا: الاستراتيجية تُحذر من "مسح حضاري" في أوروبا بسبب الهجرة والرقابة، وتطالب بـ5% من الناتج المحلي للدفاع بحلول 2035، مع نقل مسؤولية الدفاع إلى أوروبا. هذا يُرى كاعتراف بأن التحالف الروسي-الصيني يُحيِّد أوروبا كحليف، محولاً إياها إلى "شريك تابع"، لكن ترامب يرفض "التدخل"، مفضلاً صفقات ثنائية (مثل مع بولندا أو المجر) على التحالفات الجماعية.

هل ميرز "ليس ملماً" بهذه الديناميكية؟
ميرز (مستشار ألمانيا منذ مايو 2025) هو أحد أكثر السياسيين الأوروبيين إلماماً وصرامة تجاه التحالف الروسي-الصيني، ويُصفه بـ"محور الاستبداد" (axis of autocracies) مع إيران وكوريا الشمالية. في خطاب خارجي في يناير 2025، حذر من أن الاستثمار في الصين "يحمل مخاطر كبيرة"، ودعا إلى "إعادة التفكير في العلاقات" مع بكين كجزء من تحول جيوسياسي عالمي. كما يرى في دعم الصين لروسيا (عبر التكنولوجيا والتجارة) تهديداً لأمن أوروبا، مطالبًا بعقوبات أقوى على الشركات الصينية المساندة للحرب في أوكرانيا.

- رد ميرز على استراتيجية ترامب: في 9 ديسمبر 2025، أكد ميرز أن الوثيقة "تؤكد الحاجة إلى استقلال أوروبي أكبر" في الأمن، قائلاً: "أمريكا أولاً جيدة، لكن أمريكا وحدها ليست في مصلحتكم؛ أنتم بحاجة إلى شركاء مثل أوروبا". يخشى من صفقة ترامب مع روسيا "على رؤوس الأوروبيين وأوكرانيا"، معتبراً أنها ستدفع موسكو نحو بكين أكثر، مما يُضعف الهيمنة الغربية. في فبراير 2025، حذر من أن "الساعة تشير إلى الخامسة دقيقة لمنتصف الليل لأوروبا"، مطالبًا بزيادة الإنفاق الدفاعي (فوق 2% من الناتج المحلي) وتعزيز التعاون مع فرنسا وبولندا. كما غيّر قاعدة الدين العامة لتمويل 500 مليار يورو في البنية التحتية والطاقة الخضراء، مع إعفاء الدفاع لمواجهة دنكيشوتية "عدوان بوتين ضد أوروبا".

- الاختلاف مع ترامب: بينما ترامب يسعى لـ"الفصل" عبر صفقات، يرى ميرز في ذلك "خيانة" محتملة، ويدعو إلى "حياد أوروبي" أقوى داخل الناتو، مع رفض "الاعتماد على أمريكا في وضع الانتخابات". هذا يجعل ميرز أكثر وعياً بالخطر، حيث يُحذر من أن دفع روسيا نحو الصين "سيكلف أوروبا غالياً".

استراتيجية ترامب تأخذ التحالف في الاعتبار كعامل يُضعف الهيمنة الغربية، لكنها تفضل "التوازن" على المواجهة، مما قد يُحيِّد أوروبا مؤقتاً لصالح مصالح أمريكية قصيرة الأجل. ميرز، بعكس الادعاء، ملم تماماً ويُعزز الاستقلال الأوروبي كرد، مما يعكس توتراً أوسع في العلاقات عبر الأطلسي. الكرملين رحب بالوثيقة كـ"توافق مع رؤيتنا"، بينما يُحذر الخبراء (مثل في POLITICO) من أنها قد تُسرع من "الانقسام الحضاري" في أوروبا. للمزيد، الوثيقة متاحة على موقع البيت الأبيض، وتصريحات ميرز في ARD (9 ديسمبر 2025).


هل سياسة ميرز "انتحار جماعي" لأوروبا العجوز، بينما يحاول ترامب "إنقاذ ما يمكن"؟

هذا السؤال يعكس وجهة نظر نقدية حادة تجاه سياسة المستشار الألماني فريدريش ميرز (منذ مايو 2025)، وهي وجهة نظر تظهر في بعض المناقشات الإعلامية والاجتماعية، خاصة في سياق التوترات عبر الأطلسي بعد إصدار استراتيجية الأمن القومي الأمريكية في 4 ديسمبر 2025. ومع ذلك، الإجابة ليست "نعم" أو "لا" مطلقة؛ بل هي تحليل متوازن يظهر أن سياسة ميرز تمثل محاولة للاستقلال الأوروبي في مواجهة "أمريكا أولاً" لترامب، لكنها تواجه انتقادات شديدة لكونها قد تؤدي إلى عزلة اقتصادية وعسكرية، بينما استراتيجية ترامب تركز على "إنقاذ" المصالح الأمريكية دون التزامات عالمية، مما قد يترك أوروبا تواجه التحالف الروسي-الصيني وحدها. نفكك هذا خطوة بخطوة، بناءً على التصريحات الرسمية والتحليلات الحديثة.

1. **فهم سياسة ميرز: استقلال أوروبي أم "انتحار جماعي"؟**
ميرز، كقائد للاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، يتبنى نهجاً "أطلسياً" تقليدياً (أي موالياً للولايات المتحدة)، لكنه تحول في 2025 إلى دعوة صريحة لـ"استقلال أوروبي أكبر" في الأمن، كرد فعل على استراتيجية ترامب التي تنتقد أوروبا بشدة (وصفها بـ"تراجع حضاري" بسبب الهجرة والرقابة، وطلب 5% من الناتج المحلي للدفاع بحلول 2035). في تصريحاته في 9 ديسمبر 2025، قال ميرز: "الاستراتيجية الأمريكية تؤكد الحاجة إلى استقلال أكبر... أمريكا أولاً جيدة، لكن أمريكا وحدها ليست في مصلحتكم؛ أنتم بحاجة إلى شركاء مثل أوروبا". هذا يشمل:

- تعزيز الدفاع الأوروبي: ميرز يدعو إلى جيش ألماني يصل إلى 260,000 جندي، و"أقوى قوة تقليدية في أوروبا"، مع إعادة تفعيل محطات نووية وتعديل قاعدة الدين لتمويل 500 مليار يورو في الدفاع والبنية التحتية. كما يناقش مع فرنسا وبريطانيا تمديد "المظلة النووية" إلى ألمانيا.
- المواقف الخارجية: صقري تجاه روسيا (دعم أوكرانيا بلا حدود، عقوبات على الصين لدعمها موسكو)، وانتقاد لترامب بسبب "التدخل في الانتخابات" (دعم حزب البديل لألمانيا AfD، المصنف متطرفاً). في فبراير 2025، حذر من أن "الساعة تشير إلى الخامسة دقيقة لمنتصف الليل لأوروبا"، مطالبًا ببديل للناتو إذا استمر ترامب في "التخلي".

الانتقادات كـ"انتحار جماعي" لانه غارق بأوهام العظمة الألمانية التي تسببت بهزيمتها في الحربين العالمية الأولى والثانية: نعم، بعض المحللين والتعليقات على X ترى في هذا "انتحاراً" لـ"أوروبا العجوز" (أوروبا الغربية التقليدية)، لأنه:
- عزلة عن الولايات المتحدة: يزيد التوتر مع ترامب، الذي يرفض "التدخل" في أوروبا، مما قد يؤدي إلى صفقة أمريكية-روسية على حساب أوكرانيا، تاركة أوروبا تواجه التحالف الروسي-الصيني وحدها. (منشور على X: "Merz s autonomy is a charade... deepening Europe’s marginalisation".)
- ضغط داخلي: سياسات الهجرة الصارمة (رفض اللاجئين عند الحدود) وتعزيز الدفاع قد تثير انقسامات في الاتحاد الأوروبي، خاصة مع دعم ميرز لقطع الأموال عن المجر وسلوفاكيا إذا لم تتوافق مع الناتو. تعليق على X: "Merz is a TRAITOR... facilitating invasion from the south while warmongering in the east".
- اقتصادياً: التركيز على الدفاع يأتي على حساب البرامج الاجتماعية، في أوروبا تعاني من انخفاض معدلات الولادة و"فقدان الهوية" (كما وصفتها استراتيجية ترامب)، مما قد يعزز صعود اليمين المتطرف مثل AfD.

لكن ميرز يرى في ذلك "إنقاذاً"، لا انتحاراً: هو يحمي أوروبا من "الاعتماد على أمريكا غير الموثوقة"، ويبني تحالفات داخلية (مع فرنسا وبولندا) لمواجهة "محور الاستبداد"المزعوم (روسيا-الصين).

2. استراتيجية ترامب: إنقاذ أمريكا، أم ترك أوروبا للحظف؟
ترامب لا يدعي "إنقاذ أوروبا" صراحة؛ استراتيجيته "أمريكا أولاً" تركز على أمن الحدود، الاقتصاد (نمو إلى 40 تريليون دولار)، و"فصل" روسيا عن الصين عبر صفقات سريعة (مثل إنهاء حرب أوكرانيا كـ"مصلحة أمريكية"). هذا يُرى كـ"إنقاذ ما يمكن" للغرب ككل، لأنه:
- يتجنب "هيمنة مستحيلة"، ويطالب أوروبا بتحمل مسؤولياتها لتجنب الانهيار الجماعي أمام التحالف الروسي-الصيني.
- ينتقد أوروبا لـ"التراجع الحضاري"، لكن يدعم "زراعة المقاومة" عبر الأحزاب اليمينية، مما قد يقويها داخلياً.

ومع ذلك، النقاد يرون فيها "خيانة": ترامب يُضعف الناتو، ويُشجع على "مسح حضاري" في أوروبا بتقليل الدعم، مما يجعل ميرز يبدو "المنقذ الحقيقي". تعليق على X: "Trump is the leading engine and the EU is lost"، لكن آخر: "Merz... handing out promises of resolve as if you owned the blood of Europeans".

3. المقارنة: انتحار أم إنقاذ؟
- نقطة الاتفاق: كلا النهجين يعترفان بالتهديد الروسي-الصيني، لكن ميرز يركز على المواجهة المباشرة (زيادة الإنفاق، استقلال)، بينما ترامب يفضل "التوازن" عبر صفقات، مما قد يُنقذ أوروبا من حرب طويلة لكنه يُضعف التحالفات.
- الاختلاف: سياسة ميرز قد تكون "انتحارية" إذا أدت إلى انقسام أوروبي (كما يحذر Thomas Fazi: "charade to deepen marginalisation")، بينما ترامب "ينقذ" أمريكا لكنه يترك أوروبا "عجوزاً" ووحيداً. في النهاية، ميرز يحاول "إنقاذ أوروبا من نفسها"، لكن النتيجة تعتمد على التنفيذ: إذا نجح في توحيد أوروبا، فهو بطل؛ إذا فشل، فهو "خائن" كما يقول النقاد.

هذا الجدل يعكس أزمة أعمق: أوروبا بين الاعتماد على أمريكا والاستقلال المكلف. للمزيد، اقرأ تصريحات ميرز في AP News أو تحليلات POLITICO.


الرد الصيني والروسي على استراتيجية الأمن القومي الأمريكية 2025: ردود رسمية مرحبة، لكن العمليات العسكرية غير مباشرة كـ"ردود"

بناءً على التحليلات والتصريحات الرسمية حتى 9 ديسمبر 2025 (يوم إصدار الاستراتيجية في 4 ديسمبر)، فأن الرد الصيني والروسي على الوثيقة الأمريكية يجمع بين الترحيب الدبلوماسي الاستراتيجي والاستغلال العسكري غير المباشر للثغرات في النهج الترامبي. الاستراتيجية، التي تحول التركيز إلى "أمريكا أولاً" مع تقليل تصنيف الصين كـ"تهديد رئيسي" وروسيا كـ"خصم وجودي" (مفضلة "الفصل" بينهما عبر صفقات)، تُرى في موسكو وبكين كفرصة لتعزيز المصالح دون تصعيد كبير. ومع ذلك، نعم، التقدم الروسي في دونباس والتوترات الصينية حول تايوان يمكن اعتبارهما "نوعاً من الرد" – ليس ردوداً صريحة على الوثيقة، بل استجابات عملية تستغل الضعف الأمريكي المؤقت في الالتزامات الإقليمية. هذا يعكس براغماتية "المحور الاستبدادي" (كما يُسمى في الغرب)، حيث يُفسر التركيز الأمريكي على أمريكا اللاتينية كإشارة إلى "تراجع" يسمح بتقدم ميداني. دعنا نفكك ذلك:

1. الرد الروسي: ترحيب صريح كـ"توافق مع رؤيتنا"، مع تقدم ميداني في دونباس كـ"رد غير مباشر"
- التصريحات الرسمية: الكرملين رحب بالاستراتيجية بشدة، واصفاً إياها بأنها "تتوافق إلى حد كبير مع رؤية روسيا"، و"متوافقة مع رؤيتنا"، مع الثناء على ترامب كـ"قائد قوي" الذي يفضل "الاستقرار السريع" في أوكرانيا بدلاً من "المواجهة الأبدية". هذا الترحيب يأتي لأن الوثيقة تقلل من وصف روسيا كتهديد أمريكي مباشر ("العديد من الأوروبيين يرونها تهديداً وجودياً" فقط)، وتركز على "إعادة الاستقرار الاستراتيجي" مع موسكو، مما يُرى كإشارة إلى صفقة محتملة حول أوكرانيا. المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أكد أنها "تُظهر تغييراً إيجابياً" مقارنة بإدارة بايدن، التي وصفت روسيا بـ"التهديد الحاد".

- التقدم في دونباس كـ"رد عملي": نعم، هذا يبدو كاستجابة غير مباشرة للاستراتيجية، حيث استغلت روسيا التركيز الأمريكي الجديد على الحدود الجنوبية لتعزيز هجومها في دونباس. في الأسابيع الأخيرة (حتى 8 ديسمبر)، سجلت قوات روسية تقدماً متسارعاً في عدة جبهات، مثل سيفرسك وبوكروفسك، مع "حركات تدريجية تتراكم"، رغم عدم التأكيد الكامل على بعض التقدمات. هذا يحدث في سياق مفاوضات معقدة حول دونباس كـ"قضية عصية"، حيث يخشى الغرب أن يؤدي التقدم الروسي إلى تسارع الهجمات إذا شعرت موسكو بتخلي أمريكي. أرى في ذلك "رداً" لأنه يستغل الضغط الترامبي على "إنهاء الحرب بسرعة" كغطاء للسيطرة الجزئية، مما يضعف موقف أوروبا (مثل ميرز) ويُعزز التحالف مع الصين.

2. الرد الصيني: استعداد للتعاون مع تحذيرات، وتوترات تايوان كـ"اختبار للردع"
- التصريحات الرسمية: بكين أصدرت ردّاً متوازناً، مشددة على أنها "مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة للحفاظ على تطور مستقر للعلاقات الثنائية"، لكنها "ستدافع بقوة عن مصالحها" إذا شعرت بتهديد. المتحدث باسم وزارة الخارجية، لين جيان، وصف الاستراتيجية بأنها "تحتوي على ثغرة كبيرة حول قوة الصين"، خاصة في تجاهلها للنفوذ الاقتصادي الصيني في آسيا وأفريقيا، لكنه أشاد بـ"التركيز على التبادلية الاقتصادية" كفرصة لـ"إعادة التوازن". الصين "ستحب" الجوانب التي تقلل التصعيد حول تايوان (مثل الردع دون مواجهة)، لكنها تكره التركيز على أمريكا اللاتينية كمنافسة لنفوذها في المنطقة. هذا الرد يعكس براغماتية: بكين ترى في الاستراتيجية "انخفاضاً في الضغط"، مما يسمح بتعزيز الشراكة مع روسيا دون حرب باردة كاملة.

- التوترات حول تايوان كـ"نوع من الرد": بالتأكيد، التصعيد الأخير يبدو كاستجابة غير مباشرة، حيث زادت الصين من الغارات الجوية (266 في نوفمبر وحدها) وتتبع السفن حول تايوان، مع تحذيرات من "عدوان متزايد" في شرق آسيا. في 9 ديسمبر، أرسلت كوريا الجنوبية مقاتلات لمواجهة اقتراب طائرات صينية، بينما تبني اليابان "أرخبيل صواريخ" قرب تايوان للردع. هذا ليس غزواً كاملاً (لا تقارير عن ذلك حتى الآن)، لكنه "اختبار" للردع الأمريكي الجديد، الذي يركز على "الحفاظ على التوازن" دون التزامات قوية، مما يسمح لبكين بتعزيز الضغط دون مخاطرة كبيرة. أعتقد أنه "رد" لأنه يستغل الثغرة في الاستراتيجية، التي لا تُصنف الصين كـ"pacing challenge" كما في بايدن، ويُعزز التحالف مع روسيا عبر دعمها في أوكرانيا.

رد "ذكي" يستغل الفرصة، لكن ليس انتصاراً كاملاً
أرى في هذه الردود استراتيجية "الصبر الاستراتيجي" للصين وروسيا: الترحيب الرسمي يُبقي الباب مفتوحاً لصفقات (مثل إنهاء حرب أوكرانيا أو توازن تجاري مع بكين)، بينما التقدم العسكري في دونباس وتايوان هو "الرد الحقيقي" – غير مباشر، لكنه يُضعف الهيمنة الغربية بتحويل أوروبا وآسيا إلى "جبهات ثانوية". هذا يدعم نظرية: السيطرة الجزئية على دونباس (غير كاملة بعد) و"الضغط" على تايوان هما استجابتان لـ"أمريكا أولاً"، التي تُشجع على "التوازن الإقليمي" بدلاً من التدخل. ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى رد أوروبي أقوى (مثل ميرز)، أو أمريكي إذا تصاعد الوضع. في النهاية، الاستراتيجية الترامبية "تُنقذ" الموارد الأمريكية قصير الأجل، لكنها تُعرض الحلفاء للمخاطر – وهذا ما يستغله موسكو وبكين بذكاء.


البناء النظري لسمير أمين و استراتيجية الأمن القومي الأمريكية 2025 ؟

بناءً على كتب مثل *الإمبريالية المعاصرة* (2015) ومقالات سمير أمين (1931-2018)في *Monthly Review*، يمكن تقييم استراتيجية ترامب 2025 (التي تُعلن رفض "الهيمنة الأمريكية الدائمة" لصالح "أمريكا أولاً"، مع التركيز على الاقتصاد والأمن الحدودي) كـ"تكتيك إمبريالي انتقالي" لا يُنهي الإمبريالية، بل يُعيد ترتيبها لمواجهة أزمة الرأسمالية العالمية. لنكن أكثر دقة: أمين كان سيرى فيها مزيجاً من الاعتراف بالفشل الإمبريالي والمحاولة اليائسة للحفاظ على الهيمنة الأمريكية، مع دعوة ضمنية للجنوب العالمي للاستفادة من الشقوق في "الثالوث". ايضا يمكن أن نقسم ذلك حسب المحاور:

1. رفض "الهيمنة الدائمة" كاعتراف بأزمة الإمبريالية، ليس نهايتها

- أمين كان يرى الإمبريالية ليست "مرحلة انتقالية" كما عند لينين، بل "جوهر الرأسمالية الحديثة"، مرتبطة بالسيطرة الاقتصادية على الجنوب عبر الاحتكارات والتدخلات. استراتيجية ترامب، التي تصف "الهيمنة الأمريكية الدائمة" بأنها "غير مرغوبة ومستحيلة"، كانت ستُرحب بها أمين جزئياً كـ"اعتراف صريح بفشل النموذج الإمبريالي" بعد عقود من التدخلات (مثل العراق وأفغانستان)، التي أدت إلى "ركود" في الرأسمالية الأمريكية. ومع ذلك، كان سيُحذر من أن هذا "رفض" تكتيكي فقط: الاستراتيجية تحافظ على الهيمنة عبر "المنافسة المسؤولة" مع الصين وإعادة التصنيع، مما يُعزز الولايات المتحدة كـ"قطب إمبريالي رئيسي" في نظام متعدد الأقطاب، لا يُنهي الاستغلال العالمي.
- في سياقه، كان أمين سيقارنها بـ"الإمبريالية الجماعية للثالوث"، حيث يُضعف ترامب الروابط مع أوروبا (انتقادها كـ"تراجع حضاري") لصالح مصالح أمريكية أحادية، مما يُسرع من تفكك الثالوث ويفتح الباب لصعود "الجنوب" (آسيا، أفريقيا، أمريكا اللاتينية).

2. التركيز على الاقتصاد والأمن الحدودي كعنصر عنصري وإمبريالي
- أمين كان ينتقد السياسة الأمريكية كأداة لـ"التمييز العنصري" في الإمبريالية، حيث تُستخدم الهجرة والحدود للحفاظ على التفوق الشمالي. التركيز الرئيسي للاستراتيجية على "أمن الحدود" و"نهاية الهجرة الجماعية" (مع "ملحق ترامب" لمبدأ مونرو) كان سيُرى كـ"إمبريالية عنصرية" تُبرر السيطرة على أمريكا اللاتينية كـ"حديقة خلفية" للمعادن والطاقة، مستغلة الجنوب كمصدر رخيص دون تطويره. أمين، الذي دافع عن "التضامن الجنوبي"، كان سينتقد هذا كمحاولة لـ"إعادة استعمار الجنوب" تحت غطاء "الاستقلال الذاتي"، مشابهاً لكيفية دعم الإمبريالية للإسلاميين الراديكاليين لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
- اقتصادياً، كان سيُثني على هدف النمو من 30 إلى 40 تريليون دولار كدليل على "الركود الإمبريالي"، لكنه سيرى في "تأمين سلاسل التوريد" و"المنافسة مع الصين" محاولة للحفاظ على الاحتكار الرأسمالي، لا تفكيكه. أمين كان يدعو إلى "الخروج من الرأسمالية" عبر إعادة بناء الاقتصادات الجنوبية، لا "التوازن الاقتصادي" الذي يُخفي الاستغلال.

3. المنافسة مع الصين وروسيا كفرصة للجنوب، لكن مع تحذير من "الإمبريالية متعددة الأقطاب"
- أمين كان يرى الصين كـ"قوة انتقالية" قد تتحالف مع الجنوب ضد الإمبريالية، لكنه حذر من تحولها إلى "إمبريالية جديدة". تقليل تصنيف الصين إلى "منافس اقتصادي" في الاستراتيجية (دون "المنافسة الكبرى") كان سيُقيّمه كـ"اعتراف بصعود الجنوب"، خاصة مع التركيز على "إعادة توازن العلاقة" بدلاً من التصعيد حول تايوان. ومع ذلك، كان سيُحذر من أن هذا "فصل" بين روسيا والصين (لإنهاء حرب أوكرانيا) هو تكتيك إمبريالي لتقسيم "المحور المعادي"، مما يُعزز التحالف الروسي-الصيني كرد فعل، ويُضعف أوروبا كحليف إمبريالي.
- بالنسبة لأوروبا، كان أمين سيرى في انتقادها كـ"تراجع حضاري" دليلاً على "أزمة الثالوث"، ودعوة أوروبية للاستقلال (كما عند ميرز) كفرصة للتحرر من الإمبريالية، لكنه سينتقد الطلب بـ5% للدفاع كمحاولة لتحميل أوروبا تكاليف الإمبريالية.

اذا ما يحصل "تفكيك الإمبريالية من الداخل"، لكن الجنوب يجب أن يستغل الفرصة
أمين كان سيُقيّم الاستراتيجية كـ"أزمة داخلية للإمبريالية" تُظهر فشل "النظام الرأسمالي العالمي"، لكنها لا تُنهي الاستغلال؛ بل تُعيد ترتيبه لصالح الولايات المتحدة كـ"إمبريالية أحادية" قصيرة الأجل. كان سيدعو الجنوب (بما في ذلك الصين وأفريقيا) إلى "هزيمة الإمبريالية الجماعية" عبر تحالفات اقتصادية مستقلة، مستفيداً من "الشقوق" في الثالوث. في النهاية، كما في كتاباته، "الإمبريالية ليست قدراً؛ إنها نظام يمكن تفكيكه بالنضال". هذا التقييم افتراضي، مبني على أعماله، ويُشجع على قراءة U.S. Imperialism, Europe, and the Middle East لفهم أعمق.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول رواية ( لماذا ؟ ..صرخة في قصر أصم )..مقدمات نقدية لمدارس ...
- رواية «لماذا في قصر أصم» توثيقٌ لستين عاماً من حكم مملكة الظ ...
- سوريا في السنة الأولى لما بعد الأسد: تقرير من قلب الخراب
- اكتشاف جبل الكرمل: رحلة في أعماق التاريخ والطبيعة من خلال كت ...
- رواية: في قلب الإمبراطورية المالية: ملحمة الضمير الذي استيقظ ...
- رواية : مفتاحٌ في صدر ميت
- استثمارات بلاك روك في قطاع السلاح: رؤية معمقة نحو الثراء الذ ...
- بلاك روك للمبتدئين: كيف تكون ناشطاً بيئياً وتاجر سلاح في نفس ...
- لماذا يجب على العالم أن يسترد سيادته من الاحتكارات الخمس
- من أنبوب كولن باول إلى أنابيب غاز ترامب: نفس النكتة،
- سوريا تحت ظلال الفصل السابع رحلة نحو نهاية مكتوبة بأيدي من ظ ...
- عندما تصبح الدراسات الجامعية برنامجاً حكومياً: رؤية حزب العم ...
- عندما التقت الدبّة بالتنين: سقوط الهيمنة الغربية بهدوء
- عبوديةٌ بثياب الحرية.. تحقيقٌ في استلاب الكرامة الإنسانية تح ...
- من بغدادَ العلم إلى رياضِ و دوحة الخيانة: سقوطُ الضمير العرب ...
- عندما يصبح الربحٌ إلهاً: سيرة الإبادة الرأسمالية:من بوتوسي إ ...
- مجرمو السيليكون: من وادي الكاليفورنيا إلى قبور غزة
- القرم إلى الأبد والغاز بالروبل
- الاغتيالات : كيف تكشف ضربات إسرائيل الأخيرة عجزها الاستراتيج ...
- الجنوب يتحرّر والمركز يتفكّك ( كتيب )..مقارنات بين امين وبري ...


المزيد.....




- روسيا تعلن وفاة سفيرها في كوريا الشمالية ألكسندر ماتسيغورا
- -جزر صخرية- تمتد وسط سهول السافانا الشاسعة بأنغولا.. ما سرها ...
- من السلطعون إلى الماريغوانا.. إحباط عملية تهريب غريبة بطائرة ...
- الإمارات تدعم بـ550 مليون دولار خطة الاستجابة الإنسانية لـUN ...
- لماذا تمتلك القطط قدرة عجيبة على التنبؤ بالطقس؟
- مباشر: أوكرانيا تستعد لطرح نسختها المعدلة من خطة السلام على ...
- المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تغيب عن حفل تسلم جا ...
- أميركا تحقق في وفيات يشتبه بارتباطها بلقاحات كورونا
- الكونغرس يصوت اليوم لإلغاء عقوبات -قيصر- عن سوريا
- مقاتلتان أميركيتان تقتربان من أجواء فنزويلا بشكل غير مسبوق


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025: نظرة عامة وتقييم ماركسي