أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - إسلام حافظ - حين يتكلّم العرق وتصمت الأرباح: لماذا يُستفَز البعض من صوت اليسار؟














المزيد.....

حين يتكلّم العرق وتصمت الأرباح: لماذا يُستفَز البعض من صوت اليسار؟


إسلام حافظ
كاتب وباحث مصري

(Eslam Hafez)


الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 22:48
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


في بلد مثقوب بالعمل الإجباري المقنّن، ومشحون بفقرٍ يتحوّل من جيل إلى جيل كأنه قدر سماوي، يصبح الهجوم على اليسار طقسًا مريحًا للبعض. ليس لأن اليسار “مرعب”، بل لأنه يزيح الغطاء عن بنية كاملة قامت على استنزاف الناس، ويكشف ما لا يريد كثيرون النظر إليه: من يصنع القيمة فعلًا، ومن يجلس على القمة يعدّ مكاسب لم يصنعها بيديه.

الحقيقة بسيطة لدرجة الفضيحة: الثروة ينتجها من يعمل، من يخرج قبل الشمس ويعود محمّلًا بغبار يومه، من يحمل البلد حرفيًا فوق كتفيه. أما الذين يملكون سلطة أو ميراثًا أو شبكة نفوذ، فغالبًا ما يتعاملون مع الربح كحقّ طبيعي، ومع العرق كوقود مجاني يدير ماكينة ثرائهم.

من هنا يبدأ الضيق من اليسار. ليس ضيقًا من “أفكار” بل من مرآة. اليسار يضع المجتمع أمام صورته الحقيقية: بنية اقتصادية تجعل الشقاء قاعدة، والعدالة استثناء، وحق العامل في ثمار جهده مسألة مؤجّلة إلى أجلٍ غير مسمّى. هو صوت أولئك الذين كانوا وما زالوا على الهامش، من أصوات الورش والمصانع القديمة إلى عمّال اليوم الذين ما زالوا مقتنعين – تحت ضغط الحاجة – أن ما يحصلون عليه “قدر”، وأن ما يُسلب منهم “طبيعي”.

في جوهره، اليسار ليس شعارًا ولا تمرينًا في الخطابة. هو صوت الفئات التي دُفعت إلى الهامش، وعاشت على أطراف الرغيف، وتحمّلت تكلفة “النمو” بينما حصد غيرها الأرباح. صوت يقول إن الكرامة ليست رفاهية قابلة للتفاوض، وإن لقمة العيش ليست منحة، وإن تعب الآباء لا يجب أن يتحوّل إلى ملكية خاصة في يد من لم يحمله.

المشكلة أن هذا الصوت يفكّك الوهم الذي رسّخ لعقود طويلة: أن “الطبيعي” أن تعمل بلا ضمان، وتشيخ بلا حماية، وتمرض بلا تأمين. أن تُحاسب على كل خطأ صغير بينما يُعفى من يمتلك رأس المال من أي مساءلة. أن تُحاصر بسياسات تُعيد إنتاج الفقر، ثم يُقال لك إنها “الواقع” أو “السوق”.

لهذا يصبح اليسار مزعجًا. لأنه يسأل الأسئلة التي تُقلق البنية القائمة: لماذا تتكدّس الثروة فوق وتتوزّع المخاطر تحت؟ لماذا يتحوّل صوت العامل إلى عبء، بينما يُعامل صوت صاحب رأس المال كمرجع مقدّس؟ لماذا تبدو العدالة الاجتماعية مستحيلة فقط عندما تطال من اعتاد أن يعيش فوق الجميع؟

اليسار الحقيقي ليس دعوة رومانسية للثورة، بل مطلب بديهي: أن يحصل من يتعب على نصيبه، وأن يعيش من يبني، وأن يكون أول من يتمتع بخيرات البلد هو من صنعها، لا آخر من يصل إليها.

ومن ينزعج من هذا المنطق فليتّسع انزعاجه. لأن الحقّ يسمّع، ولأن كشف البنية الظالمة يربك من اعتاد الاستفادة منها، ولأن الصمت لم يعد خيارًا.

اليسار، ببساطته وعمقه، ليس انحيازًا أيديولوجيًا بقدر ما هو اعتراف بأن الإنسان ليس ظلًا عابرًا في اقتصاد أكبر منه… بل هو جوهره وصانعه. وهذا تحديدًا ما يخشاه من بنى قوّةً على حسابه.



#إسلام_حافظ_عبد_السلام (هاشتاغ)       Eslam_Hafez#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتكلّم العرق وتصمت الأرباح: لماذا يكره البعض صوت اليسار؟
- رائحة الموت في الفاشر… حين يختبر الله ضمير العالم
- السودان المنسيّ: وطن يُحترق بصمت، ويُذبح بالإهمال
- -ماسبيرو.. حين دهس الوطن أبناءه وسار فوق الحلم-
- -نصف المجتمع....كل المأساة-
- في مملكة الرمل… حيث يُدار الخراب بأيدٍ ناعمة
- -مصر... الجرح الذي أحببناه-
- -حين يصبح الإنسان خبراً عابراً-
- -ميزان الإنسان في عالم بلا ميزان-
- نزيف خلف القضبان
- الفاجومي: شاعر لم يركع وكلمة لا تموت
- من البشير إلى البرهان وحميدتي: حكاية وطن مختطف -4/10-
- من البشير إلى البرهان وحميدتي: حكاية وطن مختطف -3/10-
- من البشير إلى البرهان وحميدتي: حكاية وطن مختطف -2/10-
- -من البشير إلى البرهان وحميدتي: حكاية وطن مختطف -1/10-
- الإمارات والسودان: كيف ساهم المال والسلاح في تمزيق وطن؟
- البلشي صوت المقاومة في وجه دولة القمع
- ٦ ابريل من شرارة الغضب الي قلب الثورة
- العيد جانا والمعتقلين مش معانا
- مصر بين القمع السياسي والانهيار الاقتصادي: شعبٌ يدفع الثمن و ...


المزيد.....




- كلمة الأستاذة نهلة موهاج كريمة الشهيد موهاج علال، باسم أبناء ...
- إستراتيجية أمريكية جديدة تثير قلق أوروبا وتغازل اليمين المتط ...
- Converging Crises: Capitalism, Poverty, and the Failure of G ...
- We Need to Know How Corporate Democrats Made President Trump ...
- Iraq’s Sovereignty Cannot Grow While U.S. Power Only Changes ...
- Homo Stultus: The Case For Renaming Ourselves
- Socialism: Here, There, and Everywhere
- لا.. لإحالة معتقلي فلسطين للقضاء
- أزمة السكن: انحيازات الدولة وتناقضات السوق (1-2)
- اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تؤكد على وح ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - إسلام حافظ - حين يتكلّم العرق وتصمت الأرباح: لماذا يُستفَز البعض من صوت اليسار؟