أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - الفقر بين شح الموارد وسوء الأدارة قرأة في التجارب العالمية وواقع العراق المعاصر














المزيد.....

الفقر بين شح الموارد وسوء الأدارة قرأة في التجارب العالمية وواقع العراق المعاصر


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:22
المحور: المجتمع المدني
    


الفقر والجوع وظهور الجماعات الهشّة في المجتمع ليست ظواهر ناتجة عن سبب واحد، بل هي محصلة معقدة لجملة من العوامل الاقتصادية والبيئية والسياسية التي تختلف من بلد لآخر، ومن المهم هنا التفريق بين الشعوب الفقيرة والدول الفقيرة لأن الخلط بينهما يؤدي إلى سوء فهم لطبيعة المشكلة وطرق معالجتها؛ فهناك شعوب تعيش في دول فقيرة الموارد أصلًا، لا تملك من الثروات الطبيعية ما يمكّنها من توفير الحد الأدنى من احتياجات الفرد من غذاء ودواء وتعليم وسكن وبنى تحتية، وهذا النوع من الفقر يُسمّى بالفقر البنيوي أو الهيكلي الذي تنشأ جذوره من شحّ الموارد الطبيعية وتعرض البلاد لمشكلات بيئية مستمرة كالجفاف والتصحر وارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار، فمثلاً العديد من دول منطقة الساحل الأفريقي مثل النيجر وتشاد وبوركينا فاسو تعاني من ضعف شديد في الموارد المائية وقلّة الأراضي الخصبة، مما يجعل إنتاج الغذاء محدودًا ويجعل الدولة غير قادرة على توفير احتياجات السكان الأساسية رغم محاولات المجتمع الدولي دعمها، وكذلك بعض الدول كأفغانستان التي تعاني من تضاريس صعبة وبيئة قاسية أعاقت التنمية لعقود طويلة، فهنا يُعدّ الفقر نتيجة طبيعية لمحدودية الإمكانات الاقتصادية والبيئية، وليس بالضرورة نتيجة سوء إدارة أو فساد داخلي وحده وإن كان لذلك دوره. على الجانب الآخر، توجد دول ليست فقيرة من حيث الموارد بل تمتلك ثروات طبيعية كبيرة وقدرات اقتصادية واسعة، لكنها مع ذلك تضم أعدادًا هائلة من الفقراء بسبب سوء إدارة موارد الدولة وكثرة الفساد الإداري والسياسي وضعف التخطيط وغياب الرقابة، وفي هذه الحالة يكون الفقر ليس فقرًا للبلد بل فقرًا للشعب؛ فالدولة غنية لكنّ السكان فقراء، كما هو الحال في العديد من الدول التي تمتلك النفط أو الثروات المعدنية أو الموقع الاقتصادي المهم لكنها تعاني من فساد ممنهج مثل فنزويلا التي تملك واحدًا من أكبر احتياطات النفط في العالم ومع ذلك شهدت انهيارًا اقتصاديًا أدى إلى نقص الدواء والغذاء وهجرة الملايين، وكذلك نيجيريا التي تُعد من أغنى دول أفريقيا بالموارد الطبيعية وخاصة النفط ولكن نسبة الفقر فيها مرتفعة بسبب الفساد والصراعات وضعف توزيع الثروة.
وفي هذا السياق، يبرز العراق مثالًا واضحًا لدولة غنية بالموارد الطبيعية وخاصة النفط، وتمتلك موقعًا جغرافيًا مهمًا وأراضي زراعية واسعة وأيدي عاملة شابة، ومع ذلك يعيش جزء كبير من شعبه تحت خط الفقر أو قريبًا منه، والسبب الرئيسي لا يعود إلى فقر الدولة بل إلى سوء الإدارة والفساد المالي والإداري والانقسام السياسي الذي بدّد إمكانات البلد، إضافة إلى تدهور البنى التحتية، واعتماد الاقتصاد بشكل شبه كامل على النفط، وضعف القطاعين الزراعي والصناعي، وغياب الخطط التنموية طويلة الأمد، وتفشي المحاصصة التي عطّلت بناء مؤسسات قوية وقادرة على تقديم الخدمات؛ فالعراق اليوم ليس دولة فقيرة، بل هو شعب فقير في دولة غنية، وهذه المفارقة تُعدّ من أخطر المشكلات التي تواجهه، لأنها تجعل حلّ الفقر مرتبطًا بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وتفعيل الإدارة الرشيدة أكثر من ارتباطه بزيادة الموارد الاقتصادية التي هي موجودة أصلًا ولكنها غير مستغلة بالشكل الأمثل. وهكذا يتضح أن الفقر في العالم ينقسم إلى نمطين رئيسيين: فقر ناتج عن شحّ الموارد وهو ما تعانيه الشعوب في الدول الفقيرة، وفقر ناتج عن سوء الحوكمة وهو ما تعانيه الشعوب في الدول الغنية بالموارد، ويقع العراق للأسف في الفئة الثانية، مما يجعل التحديات التي يواجهها ليست تحديات اقتصادية بقدر ما هي تحديات سياسية وإدارية تتطلب إصلاحًا عميقًا وجذريًا لإعادة توجيه ثروات البلد نحو خدمة المواطنين وتحقيق تنمية حقيقية ومستدامة



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتائج الأنتخابات البرلمانية العراقية ٢٠٢&# ...
- المعارضة بين المشاركة والرقابة وأمكان نشئتها في العراق
- السياسة بين المفهوم والممارسة..قرأة في الواقع العراقي المعاص ...
- القانون يحمي الفاسدين عندما يتحول مبدأ عدم التشهير إلى غطاء ...
- الفرق بين اللقاء والاجتماع والمؤتمر والندوة
- القيادة بين الصرامة والغرور
- ترامب بين السياسة والتجارة صفات لا أتفاقات
- الوهم والأيهام بين الإدراك والتأثير الأجتماعي
- جذور الانتماء بين الغريزة والوعي من العائلة إلى الوطن
- بين الغريزة والعقل هل يضبط الأنسان سلوكه
- مفهوم الثقافة والحضارة
- السيطرة والقيادة بين الأرادة والقيم
- مستقبل الدولة الفلسطينية
- جيل Z العربي بين النهوض وضياع الهوية
- كرم الصمت
- مكارم الأخلاق والقيم عند الشعوب في عصر العولمة الحديثة
- البيروقراطية الأدارية
- التصعيد الأوربي ضد روسيا هل هو اشارة لحرب على الأبواب؟
- من بلفور إلى بلير .دولة أسرائيل الكبرى
- أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي


المزيد.....




- الأونروا: تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد تفويض ال ...
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تتبنى 5 قرارات لصالح فلسطين وتم ...
- روبيو ينتقد غرامة الاتحاد الأوروبي على منصة إكس ويصفها بالتد ...
- الأمم المتحدة: 5 اعتداءات يومية للمستوطنين على الفلسطينيين ف ...
- الأونروا: من منظمة إغاثة إلى آلية لإدامة قضية اللاجئين الفلس ...
- الأونروا: تجديد التفويض الأممي يعكس دعماً قوياً للفلسطينيين ...
- صفعة دبلوماسية لـ إسرائيل.. الأمم المتحدة تتبنى 5 قرارات لصا ...
- -نيويورك تايمز- ترفع دعوى قضائية ضد البنتاغون بسبب تقييد حري ...
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تجدد ولاية الأونروا لثلاث سنوات ...
- الأمم المتحدة تجدد ولاية الأونروا لثلاث سنوات


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - الفقر بين شح الموارد وسوء الأدارة قرأة في التجارب العالمية وواقع العراق المعاصر