أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علا مجد الدين عبد النور - العلمانية الدينية بين المستحيل والممكن..














المزيد.....

العلمانية الدينية بين المستحيل والممكن..


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 09:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وسط سيل الاتهامات المتبادلة بين العلمانيين والمتدينين ، يطفو سؤال محايد على السطح في محاولة لإيجاد منطقة رمادية تجمع الانسانية، هل يمكن لدولة أن تحكُم بالعقل، وفي الوقت نفسه تحمي روحها الدينية؟

يُعدّ مصطلح "العلمانية" من أكثر المفاهيم التي أثارت الجدل في مجتمعاتنا، فالعلمانية ليست دعوة للكفر، ولا منظومة فاسدة تنزع عن الانسان أخلاقه.
هي ببساطة رؤية لإدارة الدول تقوم على مبدأين أساسيين، أولهما مرجعية العقل والقانون، حيث تُدار الدول بالقوانين التي صاغها الإنسان على أسس عقلية ومنطقية، بعيدًا عن أي سلطة دينية مطلقة.
أما الثاني، فجعل كرامة الإنسان و حقوقه وحرياته، هي الغاية من قرار و قانون و سياسة..
في هذا الإطار، لا تمنع العلمانية أحدًا من ممارسة شعائره الدينية في بيته أو معبدِه، لكنها تحمي الجميع من أن يُجبَر على دين أو أن تساء معاملته بناء على معتقداته الدينية.

شيطنة العلمانية
ترى التيارات المعارضة للفكر العلماني -خاصة الإسلامية- في العلمانية خصمًا سياسيًا يهدد مشروعها القائم على تطبيق الشريعة. أما من يمتلكون النفوذ، فهم يخشون علمنة الدولة لما يعنيه ذلك من فقدان امتيازاتهم المكتسبة عبر التسلط باسم الدين. ومن هنا، يولد الخطاب التعبوي الذي يساوي العلمانية بالكفر.

العلمانية المتدينة

في الواقع، تطبيق العلمانية الأوروبية في الدول المتديّنة يبدو شبه مستحيل، فالحل ليس في إقصاء الدين، بل في خلق توازن دقيق بين المدنية واحترام العقائد.
هذا ما يُعرف بـ"العلمانية المتدينة" أو النموذج الوسطي، حيث دولة مدنية تحكمها مؤسسات علمية، وليس رجال دين، ومن خلال دستور قائم على الحقوق، يضمن المساواة في المواطنة لكل فرد بغض النظر عن معتقده ، مع استمرار الدين في الحياة العامة، دون أن يكون المصدر الوحيد للتشريع.
و تكتمل الصورة بدولة حيادية لا تدعم دينًا على حساب آخر، ولا تُحارب أي دين سلمي.
وقد استطاعت بعض الدول خلق هذا النموذج المتوازن كما في تونس، وماليزيا، وحتى الولايات المتحدة، حيث هناك فصل دستوري بين الدين والدولة مع حضور رمزي للدين في الحياة العامة.


الأنبياء وعقلانية الحكم

عبر التاريخ، حمل الأنبياء رسائلهم الروحية مع فهمٍ عميق لحياة البشر وواقعهم الدنيوي. لم تكن دعوتهم مجرد قواعد دينية جامدة، بل اتسمت بالمرونة والقدرة على التمييز بين ما يخص الله وما يخص الحياة اليومية، مما يجعلنا نتساءل: هل كان للأنبياء نزعة علمانية في إدارتهم للشؤون الدنيوية؟

تظهر الأمثلة الواردة في النصوص المقدسة هذا التوازن بوضوح. فقد سُئل يسوع المسيح عن جزية قيصر، فأجاب: "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله". لم يكن هذا رفضًا للالتزام الديني، بل بيانًا للفصل بين السلطة الدنيوية وواجبات الإيمان.
وبالمثل، أظهر النبي محمد صلى الله عليه وسلم حكمة عملية حين نصح قومًا بعدم تلقيح النخل ، وعندما تركوا التلقيح وفسد ثمر النخل،
قال لهم النبي: "أنتم أعلم بأمور دنياكم".
وبناءً عليه فالأنبياء لم يتجاهلوا الحياة العملية أو مصالح الناس، بل دمجوا بين الحق الإلهي وفهم الواقع البشري.

قوانين يصعب تطبيقها اليوم

لقد لجأ الإنسان منذ عشرات السنوات إلى القوانين الوضعية التي تتناسب مع زمانه وواقع مجتمعه، لتلبية احتياجاته وحماية حقوقه في ظل ظروف متغيرة، وذلك لارتباط بعض العقوبات الواردة في القرآن بظروف تاريخية أو شروط صارمة جدًا يصعب تحقيقها اليوم، مثل الأحكام المتعلقة بالعبيد والإماء التي انتهت كمنظومة اجتماعية، أو حدود السرقة والزنا التي تتطلب شهودًا محددين يصعب وجودهم في الواقع الحالي. كما أن بعض الأحكام كانت مرتبطة بظروف معينة، مثل الغزوات وما يتبعها من غنائم، مما يجعل تطبيقها كنص قرآني مباشر غير ممكن في العصر الحالي.

هل العلمانية الدينية ممكنة؟

العلمانية الدينية ليست نظرية خيالية، بل مسار سياسي واجتماعي بالغ الواقعية لإنهاء الصراع بين السلطة والدين، ولخلق دولة تخدم الإنسان، وتمنحه الحق في عقلانية الحكم وحرية الروح معًا.

وفي النهاية، يبقى السؤال:
هل يمكن للإنسانية أن تسلك هذا الطريق بين العقل والروح، أم أن الصراع بينهما أبدي؟



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجدية السياسة (4): مجلس الشيوخ
- -حين يصبح التفكير تهمة.. أزمة حرية الاعتقاد في مصر”
- أربعة وثلاثون عامًا من اللاجدوى
- أبجديّة السياسة (3): -مجلس النواب-
- حرب المال والبلطجة من أجل عيون المواطن!!
- أبجدية السياسة ....-الحياة السياسية-
- لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!
- أبجديّة السياسة: لماذا يجب أن نفهم السياسة؟
- بين الجهل و التجهيل ,,متى ننضج ديمقراطياً؟!
- ولنا في الخيال حب ...حين تلمع الاغنية ويبهت الفيلم!!
- الخروج من اللعبة_ الأخيرة
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية_ سيدات السلطة2
- المرأه المصريه و حقوقها السياسيه_ (سيدات السلطة)
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية (2)
- الخروج من اللعبة (5)
- بين استعراض الإيمان واستعراض الجسد… مصر تدفع ثمن التريند
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! - الجزء الثالث والاخير
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! (الجزء الثاني)
- -انتخبوني وستجدون ما يسركم-


المزيد.....




- بابا الفاتيكان يزور موقع انفجار مرفأ بيروت في ختام زيارة إلى ...
- -مثلث خيانة الأمة-.. ضاحي خلفان يهاجم الإخوان المسلمين والحو ...
- الانطفاء المهيب.. هل انتهى العصر الذهبي لليهودية الصهيونية ف ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي: أنباء عن عملية دهس وقواتنا تهرع إلى ...
- غريب آبادي: الجمهورية الإسلامية كانت دائمًا في طليعة مكافحة ...
- البابا لاون الرابع عشر يدعو رؤساء الطوائف المسيحية والمسلمة ...
- الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في لقاء بابا الفاتيكان الأساقفة وا ...
- غرفة العمليات الحكومية تستعرض خطة الإغاثة والتعافي لوزارة ال ...
- التميمي يبحث تطوير إدارة قطاع الأراضي في محافظة سلفيت وتعزيز ...
- إسرائيل تنشر أرقاما متضاربة عن عدد اليهود بدول عربية


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علا مجد الدين عبد النور - العلمانية الدينية بين المستحيل والممكن..