أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علا مجد الدين عبد النور - الخروج من اللعبة (5)














المزيد.....

الخروج من اللعبة (5)


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8528 - 2025 / 11 / 16 - 12:01
المحور: الادب والفن
    


ملخص الأجزاء الأربعة السابقة

بعد أن جفَّ النيل عام 2050 وانقسمت مصر إلى مخيمين؛ واحد للرجال وآخر للنساء، ظنّ الجميع أنهم بهذه القوانين القاسية سيحفظون من بقي من الأحياء.
لكن ليلى —إحدى نساء المخيم— سقطت في حب ياسر من مخيم الرجال، حبًّا محرّمًا انتهى بحمل سرّي، ثم ولادة وحشية في الصحراء.
حاول ياسر قتلها وطفلهما فور الولادة، لكنها نجت بمعجزة، وهرب هو كجبان.
وضعت طفلها الرضيع على حدود مخيم الرجال، تاركةً رسالة كشفت فيها حقيقتها… ثم اختفت.
عثر الرجال على الصغير، فأصدر الشيخ محمد حكمه الصارم:
"يومان… إن لم يعترف الأب، يُقتل الطفل!"


عطشى و وحيدة ....
استيقظت ليلى في الكهف، الرمال حولها هادئة، صامتة، كما لو أن العالم كله توقف عن التنفس. تتخيل وقع كلماتها على الست مريم وعلى ياسر الجبان قاتل ابنه، ثدييها يلحان طلبا للصغير ورحمها ينقبض مذكراً إياها أن عليها أن تنهض وتتعافى .
تحاملت على نفسها وخرجت من الكهف تستطلع الوقت الذي ضاع تحت طبقات من الغيوم الكثيفة ... ابتسمت إلى السماء وقالت : يبدو أنك أيضاً توافقني الرأي !.

الرسالة
جلست الست مريم تقرأ رسالة ليلى المخضبه بالدماء أمام الشيخ محمد وقد الجمته الصدمة :
الست مريم الحبيبة .. أمنا التي لم نعرف غيرها سنداً وقلباً يسع الجميع ..
لا أعرف لو أنني كنت حية أو ميتة وقت قراءتك هذه الرسالة ولكن دعينا نفترض أن من تحدثك ميتة ففرص نجاتي وحدي في الصحراء تكاد تكون معدومة ، ولكنه قدري الذي صنعته واتحمله بطيب نفس .
لقد أحببت رجلاً من مخيم الرجال .. وحملت بطفلي الحبيب الذي لم اره سوى ليوم واحد ..
نعم طفلي موسى وأنا أمه .
أما أبوه فقد حاول قتلنا فور ولادتي لموسى وفر هارباً كالفئران! ، لن أفصح عن اسمه .. سأترك له الحرية أن يكون رجلاً ويعترف بما فعل، أو ليعيش بذنب إبنه طالما بقي حياً .
ست مريم ..
القوانين التي فرضتموها لضمان بقاء الإنسان حولتنا جميعًا إلى آلات… إلى شيء بلا روح، شيء أقل من الحيوان، ولم تمنع قلبي أن يعشق ولن تمنع غيري أن يحب .. ربما كان عليكم أن تجدوا طريقة أخرى .. سبيلا لحياة طبيعية قدر الإمكان .
لقد تركت الرضيع عند معسكر الرجال ولتفعلوا به ما تشاؤون ولكنني أطلب منك، أن ترى الصغير ولو لمرة واحدة قبل أن تصدروا حكمكم عليه .

نكس الشيخ محمد رأسه في اسى قائلاً : ليرحمها الله .. ولينتقم من هذا الأب الجبان .
ودعها بخيبة أمل وانصرف .

ليل طويل!
جلس ياسر عند طرف المخيم، يحدّق في الخيمة التي وُضع فيها الطفل.
كان الليل ثقيلاً… والصمت أكثر ثِقلاً.
سمع بكاء الصغير يخترق سمعه كإبرة حارّة، فشدّ على أسنانه، ثم نهض دون أن يدري كيف وصلت قدماه إلى باب الخيمة.

أزاح الستار قليلاً… رأى الطفل ملفوفًا بقطعة قماش خشنة، يتحرك بضعف، يبحث عن حضن لا يعرفه ، ارتجفت يد ياسر.
تمتم بغيظ حارق:
"لِمَ جئتِ به إليّ يا ليلى؟… لماذا وضعتِ عاري أمامي؟"

اقترب خطوة… ثم تراجع خطوتين.
شيء ما شدّه للداخل، وشيء أكبر دفعه للخروج.
ظل متجمّدًا، محشورًا بين جسده وقلبه.

نظر إلى وجه الصغير… نفس الملامح التي كان يهرب منها في مرآته.
مدّ يده ليلمس جبين الصغير… ثم سحبها بسرعة وكأنه لمس جمرة.
التفت حوله ليتأكد أن أحدًا لم يره، وتراجع للخارج محنيّ الظهر، كأن سرًا ثقيلاً يضغط على كتفيه.

رفع وجهه إلى السماء، فرأى الغيوم تتجمع كجيوش سوداء فوق المخيم.
شعر برهبة غريبة… كأن السماء تقترب منه خطوة خطوة.
قال بخوف لم يعرفه من قبل:
" هل أنت غاضب يا رب؟"
ثم جرى مبتعدًا، يهرب من الطفل… ومن نفسه.

ولمّا بزغ أول ضوء في الأفق، لم يكن ياسر قد نام لحظة واحدة، وكلما سمع بكاء الطفل كان الألم يعتصر قلبه، ما فعلته ليلى يقتله .. لم تفصح عن اسمه بنبل ولكنها وضعت ابنه أمامه في خسه، ألصقت به عاره وحملته الذنب وحده .. تمتم بغضب : أتمنى ألا تموتي سريعاً أيتها الغبية!!

العد التنازلي...
منذ أن وجد الطفل بجوار مخيم الرجال ، أصدر الشيخ محمد حكمه واضحاً جلياً :
"بعد يومين، إن لم يُعترف الأب، سيُقتل الطفل!"
كان اليوم الثاني يشارف على الانتهاء والشيخ يراقب الرجال علّ أحدهم يلتفت أو يظهر إهتماماً بذلك الصغير الباكي ليل نهار يطالب بحقه في حياة لم يخترها .
حضرت الست مريم إلى مخيمهم الخشن بالذكور متشحة بعباءة ونقاب يخفي حسنها الرافض للأفول وإن تخطت الخمسين!.
استقبلها الشيخ محمد بابتسامة فرح جاهد لاخفائها: نورت مخيمنا المتواضع يا ست الكل .
مريم بجدية: أريد أن أرى الطفل كما وصت أمه
واسرع بالرحيل .. السماء غريبة اليوم.
نظر الشيخ إلى السماء الملبدة بالغيوم وقال: سبحان الله ، لم نر غيوماً منذ سنوات .
احضر الصغير الباكي ووضعه بين يديها .. نظرت إليه بتعجب ثم نظرت إلى الشيخ وعادت تتفحص وجهه الملائكي ضمته وشمت رائحته العطره تمتمت : لم اسمع بكاء طفل منذ عقود.
إلتفتت إلى الشيخ محمد : هل ظهر الأب ؟
أومأ الشيخ بالنفي ، تابعت: كيف ترضعوه؟
الشيخ : حليب ماعز مخفف بالماء .
نام الصغير بين ذراعيها فتعجب الشيخ : لم ينم الطفل منذ وجدناه .. نام معك يا ست مريم!
لمعت عيناها بدموع جاهدت لحبسها : ماذا سنفعل؟
قاطعهما صوت تهليل الرجال خارج الخيمة ، اسرعا بالخروج ... هتفت مريم : إنها تمطر!.

رسالة السماء
خرجت ليلى تملأ قربتها وبعض العلب بماء المطر المنهمر ... شربت حتى ارتوت .. بكت واغتسلت واحتضنت المطر بفرح واطمئنان..
فكرت : لم أُجرم حين أحببت .. لم أُخطئ حين
انجبت ... كيف يريدون أن يخرجوا من لعبتك يارب دون إذنك ... لقد نفذت خطتك .. كنت سفينة نوح التي حملت من كل زوجين اثنين قبل أن تغرق الأرض بالطوفان ..
نظرت إلى السماء وعلت ضحكاتها ...


يتبع ...



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين استعراض الإيمان واستعراض الجسد… مصر تدفع ثمن التريند
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! - الجزء الثالث والاخير
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! (الجزء الثاني)
- -انتخبوني وستجدون ما يسركم-
- مدينة بلا آلهه _ الجزء السادس و الأخير
- مدينة بلا آلهه - الفصل الخامس
- مدينة بلا آلهه _ الجزء الرابع
- مدينة بلا آلهه - الجزء الثالث
- مدينة بلا آلهه -الجزء الثاني
- مدينة بلا آلهة
- اول مفاوض في التاريخ
- حسني مبارك المغتال تاريخياً
- لماذا نكتب ؟
- إلحاد بدون تكوين
- هكذا يحتفلون باليوم العالمي للمرأة
- تعالوا إلي يا جميع المتعبين (2)
- ( تعالوا إلي يا جميع المتعبين )(1)
- هلاوس في عنبر العقلاء(٨)
- هل يحتفل العالم بميلاد شخصية أسطورية ؟!


المزيد.....




- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علا مجد الدين عبد النور - الخروج من اللعبة (5)