أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علا مجد الدين عبد النور - مدينة بلا آلهه - الجزء الثالث














المزيد.....

مدينة بلا آلهه - الجزء الثالث


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 02:55
المحور: الادب والفن
    


قبل ثلاث سنوات... كانت الشمس تميل نحو الغروب حين توقفت أمام جدارٍ نصف مَهْدَم، تبحث تحته عن شيء صالحٍ للمقايضة.
من بعيد لمحها موسى، فاقترب بخطواتٍ حذرة، وصوته مازجٌ بمازحٍ: — بتدوري ولا بتخفِي حاجة لنفسك؟
التفتت إليه، وعيناها تشبهان أفقًا بلا حدود.
ابتسمت: — لقيت اللعبة دي، أظن إنّي هآخدها لنفسي.
جلس إلى جوارها دون أن يسأل، وراح ينظر إلى الخطوط المتكسرة على الجدار.
— دي لعبة على شكل "بيت"؟ يعني مكان نرجع له؟
ضحكت بخفوت: — لأ، يعني حضن.
طَال صمت موسى، ثم قال: — ماكنتش أعرف إن للحضن شكل.
— ولا أنا... بس يمكن لو عشت في بيت تقدر تفهمني.
مدّ يده مصافحًا: — أنا موسى، وإنتي؟
— ديجا... اسمي ديجا.
كانت المسافة بينهما قصيرة كأنها تنهيدة.
في تلك اللحظة لم يكن في المدينة دينٌ ولا لغة، ولا حتى ذاكرة. كان هناك فقط شاب وفتاة، يجلسان فوق رماد العالم، يحاولان أن يتذكّرا كيف يبدأ الإنسان من جديد.

الباحثون عن الله

المدينة امتلأت بالوشوشات: "أحدهم وجد نسخة من الكتب المقدَّسة." خرجت ماريا لتتمشى في السوق، تتابع سير الإشاعات بنفسها، وتخاف أن ينكشف سرها.
في الساحات الصغيرة بدأت طقوس بدائية تظهر من جديد؛ في زقاقٍ ضيّق اجتمع بعض الناس يحكون قصصًا عن العدل والرحمة، كأنهم يستدعون نَفَسًا قديمًا من بين الرماد — نفسًا يذكرهم بأنهم "شعب الله المختار".
وفي الساحة الكبرى، راح آخرون يتهامسون ويرشّمون الصليب بأصابعٍ مؤمنة؛ ذلك الصليب الذي كان يُرشَّمه الجميع جلبًا للحظِّ والتوفيق، صار حكرًا على فريقٍ بعينه.
بينما اجتمع ثالثون في أطراف المدينة يتأملون آياتٍ قصيرة من كلامٍ مقدَّس يُدعى القرآن، آخِر ما تكلم به الرب قبل أن يصمت حتى اليوم، يتناقشون بهدوءٍ محاولين فهم الحكمة بلا وساطةٍ أو سلطة.
كانت ماريا تراقبهم من بعيد. لم ترَ فيهم مؤمنين أو كافرين، بل بشرًا عطشى للمعنى. ربما لم تكن الحاجة إلى "الكتب" بقدر ما كانت إلى "الصوت" — إلى طقسٍ يربط الإنسان بشيء أعظم، بأملٍ في غدٍ أفضل حتى ولو كان ذلك بعد الموت.
عادت ماريا إلى منزلها فوجدت رسالة: "رئيس المدينة يطلبك حالًا."

حب ممنوع بأمر الإله!

جلست ديجا وموسى أمام مبنى رئاسة المدينة؛ منعهما الأمن من مرافقة ماريا فاقتصر انتظارهما خارجًا. نظر موسى إلى الأفق وقال:
— عارفة، كنت أظن الخراب علَّمنا نكره... بس يمكن علَّمنا نحب بطريقة تانية.
ابتسمت ديجا: — الحب هنا شبه المدينة: مكسور لكنه عايش.
اقترب منها قليلًا وداعب خصلات شعرها المتسخّ بالتراب. همس: — لو رجع الزمن، كنت أختِرك قبل أي شيء.
— ومين قال إن الزمن راح؟ إحنا لسه عايشين أهو.
ساد صمتٌ خفيفٌ قطعته ديجا: — تفتكر هيصدّقوها؟ ولا رئيس المدينة هيحبسها؟
لم يُجب؛ أخرج من جيبه قطعة قماشٍ عليها نجمة داوود. نظرت إليها طويلاً، لم تفهم المغزى أولًا، ثم قال بخفوت: — دي بتاعت أمي... أنا أهلي يهود، يا ديجا.
— وأنا خديجة، يا موسى.
مدّت يدها، وضعتها فوق يده وقالت ببطء: — يمكن كانوا شايفين نفس الإله... بس كل واحد سماه بطريقته.
— ماكانوش يحاربوا بعض يا ديجا... كل فريق كان مؤمن إنه "شعب الله" المكلف بنشر رسالته.
أتمم: — أتمنى ألا تتكلم ماريا. لو تركوها ترحل الآن، سنحرق هذه الكتب في المساء.

يتبع...



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة بلا آلهه -الجزء الثاني
- مدينة بلا آلهة
- اول مفاوض في التاريخ
- حسني مبارك المغتال تاريخياً
- لماذا نكتب ؟
- إلحاد بدون تكوين
- هكذا يحتفلون باليوم العالمي للمرأة
- تعالوا إلي يا جميع المتعبين (2)
- ( تعالوا إلي يا جميع المتعبين )(1)
- هلاوس في عنبر العقلاء(٨)
- هل يحتفل العالم بميلاد شخصية أسطورية ؟!
- وقت مناسب
- هلاوس في عنبر العقلاء ..(ليلة رأس السنة)
- صفحات نسوية مشرقة في سجل العام الأسوأ على المرأة العربية 202 ...
- في وداع العام الأسوأ للمرأة العربية 2023
- من أجل فشل زيكو !!
- عنف يتصاعد بعد 512 يوم من مناهضة العنف ضد النساء!!!
- حواء المكرمة -أحياناً-
- هلاوس في عنبر العقلاء (قسم النساء)
- هلاوس في عنبر العقلاء (٧)


المزيد.....




- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علا مجد الدين عبد النور - مدينة بلا آلهه - الجزء الثالث