|
هلاوس في عنبر العقلاء ..(ليلة رأس السنة)
علا مجد الدين عبد النور
كاتبة
(Ola Magdeldeen)
الحوار المتمدن-العدد: 7840 - 2023 / 12 / 29 - 10:08
المحور:
الادب والفن
" بلوتو "
شقة صغيرة تضم أثاثاً متواضعاً عدا شاشة التلفزيون الضخمة المعلقة على الحائط بسخط على قدر ساقها إلى هذا البيت . وسيدة خمسينية بشعر أبيض لم تعد تهتم بصبغه في تحدي لتقدم الزمن الذي انتصر في نهاية الأمر ، ترتدي فستان اسود بسيط وتفوح منها رائحة عطر رشته بسخاء ، تحمل في يدها كوب شوكولا ساخنة ، أغلقت أضواء الشقة مكتفية بضوء شاشة التلفزيون و الومضات الصادره عن الشجرة المزينة التي تصر على وضعها كل عام ، إحتفالاً بعيد الميلاد ، رغم كل الانتقادات التي تواجهها بسبب هذه العادة ، والتعليقات الساخرة : "شجرة الكريسماس!! وإن شاء الله هتدقي الصليب امتى؟!!" . لو انهم يعلمون أن على الجميع وضع هذه الشجرة المضيئة في منازلهم كما يضعون عروسة المولد والحصان ، إنها تحتفل بمولد النبي عيسى كما تحتفل بمولد النبي محمد ، "وكل من له نبي يصلي عليه!" .
تمددت على الكنبة و بحثت في القنوات عن أي سهرة غنائية ، كعادة القنوات التلفزيونية المحتفلة بالعام الجديد ، وبعد جولة إستقرت على برنامج لعمرو أديب ، أشعلت سيجارة وراحت تتمايل على الأغاني ، يجب عليها أن تقتل الوقت بتفاؤل مصطنع ، وحيدة هي تستقبل العام الجديد ، بعد أن سافر ابنها باحثاً عن فرصة أفضل بالخارج .
حدثت نفسها : ألم يكن من الأفضل لك أن ترضي بزواجه من ثانية ، في نهاية الأمر إنه"حلال ربنا" ، أنت تعلمين أكثر من غيرك أن زواجه الثاني كان ضرورة لا مفر منها ، فالوفاق بينكم معدوم ومع ذلك أراد هو أن يبقيك على ذمته ، أنت من أصر على الطلاق ، دفعك كبريائك إلى تركه و الانغماس في العناد حتى النهاية . تلك الحمقاء المراهقة ، إستمتعت بسرقة رجل وهدم بيت كان قائماً ، لمجرد أن تحظى بفرصة للعيش في العاصمة و التفاخر وسط أقاربها "الصعايدة" أنها أصبحت "قاهرية" ، لا يا هناء هي لم تسرقه ، النساء لا يسرقن الرجال ، الرجل يبتعد بإرادته ، يخون بإرادته ويختار الجنب "اللي يريحه لينام عليه" . و اليوم تستقلبين العام الجديد وحيدة ، بلا مؤنس لهذه الوحشة القاتلة . نفضت الفكره عن رأسها بسخرية ، وهي تردد : حتى لو كنت على زمته يا"فالحة" لكان أختار قضاء ليلة رأس السنة مع الغندورة ! .
سكت المطرب و بدأت فقرتها المحببة مع خبيرة الأبراج التي راحت تتحدث عن حظ كل برج في العام الجديد ، أشعلت سيجارة جديدة وجلست تتابع بحماس ، انطلقت الخبيرة تشرح بالتفصيل تأثير خروج كوكب بلوتو من برج الجدي بعد أن مكث فيه 16 سنة ، وكيف أنه سيدخل لبرج الدلو حاملاً معه الكثير من الفرح والتغيير والثروات . الخبيرة :ياحظك يا مولود الدلو. هي: يا حظك يا هناء ! تابعت الخبيرة ، كثير من السفر بانتظار مولود الدلو هذا العام وتحولات كبيرة على صعيد الحب والعمل .
عاد المطرب ليشدو من جديد ، "عليّ صوتَك بالغنا ..لسه الأغاني ممكنة".
توجهت إلى المطبخ تعد كوباً من الشاي و تستعيد ما قالته خبيرة الأبراج ، فكرت : "إيه" يا ملكة الإيجابية والإصرار ، لمَ كل هذه الدراما ، هل ستختارين دور الضحية السخيف والذي لطالما احتقرتيه لتلعبيه في آخر 10 أو 20 سنة من حياتك ، ولو بقي في حياتك يوم واحد ،لن تلعبي هذا الدور "مش لايق عليكي اصلاً".
في صباح اليوم التالي
كانت تجلس في حافلة الرحلات المتوجهه إلى "سانت كاترين" ، بشعر أحمر زادته أشعه الشمس إحمراراً وقد علت وجهها إبتسامة رضا وهي تدندن "عليّ صوتك بالغنا ... لسة الأغاني ممكنة" .
"رسالة إلى سانتا كلوز "
عزيزي سانتا كلوز تحية طيبة وبعد، أكتب إليك خطابي من فلسطين وتحديداً من غزة ، لا اعرف اذا كانت الأخبار قد وصلتك عن حرب الإبادة التي نتعرض لها منذ ثلاثة أشهر ، ولا أعرف إذا كنت ترانا مجرد حيوانات بشرية كما يقول علينا "نتنياهو" ، ولكني اقسم لك أن لا علاقة لنا بحماس ، ولم يكن أبي وعمي الذان ماتا تحت القصف من حماس . المهم ، أكتب لك اليوم من مخيم بقرب رفح ، لأننا رحلنا وتركنا غزة ، فإذا قررت أن تزورنا فلا تذهب إلى غزة ، لن تجد هناك إلا القصف والموت ، وانا اخاف عليك من أن تموت فلا نجد من توزع علينا الهدايا في كل عام ، كما أذكرك بألا تحضر ألعاب كثيرة لأن كل أصدقائي ماتوا تحت القصف ، ولكن نطلب منك أغطية ثقيلة وخيام ؛ فالجو شديد البرودة هنا ونعيش انا وأمي في بيت من أكياس البلاستيك لا يحجب عنا الشمس في النهار ولا يحمينا من صقيع المساء . اذا استطعت أن تحضر لنا طعام و أعواد الكبريت و حطب و بنزين سنسعد كثيراً ، لأن الطعام قليل ونحن الأطفال نتعب كثيراً في جمع الأوراق والحطب من أجل الطبخ والتدفئة . ملاحظة (لا تدخل من معبر رفح لأنهم يمنعون دخول البنزين). إذا كنت تلتقي الله أريدك أن تسأله ، لم يحدث لنا كل هذا ؟ واطلب منه أن ينهي هذا العذاب .
وفي الختام نحن في انتظارك و لك منا كل الحب
الطالب / فريد سامر فلسطين
(تمت)
#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)
Ola_Magdeldeen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفحات نسوية مشرقة في سجل العام الأسوأ على المرأة العربية 202
...
-
في وداع العام الأسوأ للمرأة العربية 2023
-
من أجل فشل زيكو !!
-
عنف يتصاعد بعد 512 يوم من مناهضة العنف ضد النساء!!!
-
حواء المكرمة -أحياناً-
-
هلاوس في عنبر العقلاء (قسم النساء)
-
هلاوس في عنبر العقلاء (٧)
-
هلاوس في عنبر العقلاء (٦)
-
سلاح الدعاء النووي!!
-
صراع الآلهه في فلسطين
-
اكلات عيد الغطاس في الدول العربية
-
-النسيمي- الذي رأى نور الله فقتله عشاق الظلام
-
-إنهم يقتلون النساء- في 2022
-
سياسة تلوح خلف شباك المرمى
-
شعلة العقدة
-
هاجر
-
( ويجز ونظرية الزاوية الجديدة)
-
هلاوس في عنبر العقلاء (٥)
-
هلاوس في عنبر العقلاء (٤)
-
هلاوس في عنبر العقلاء ... الجزء الثالث
المزيد.....
-
صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
-
وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
-
الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
-
الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا
...
-
البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج
...
-
شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية
...
-
-الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
-
عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
-
السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو
...
-
“مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|